المعلمون في مدارسنا

ا

هناك مثل بريطانيّ يقول:”المعلم يولد معلما” “Teacher is born”  فهل ينطبق هذا على أبنائنا وإخوتنا المدرسين؟ ويقول الباحثون التربويون أنه يجب أن تتوفر في المعلم ثلاثة أشياء هي: قوّة الشخصيّة، التحصيل العلمي والأسلوب، فاذا كان المعلم مؤهلا علميا وشخصيته ضعيفة أو لا يملك أسلوبا لايصال المعلومة للطالب، أو كلتيهما معا، فانه لن يستطيع القيام بواجبه، وإن توفرت هذه الشروط في المعلم فهل نوفّر له حياة كريمة كي يقوم بواجبه على أكمل وجه؟ فهل نحسن اختيار معلمينا؟ وهل هناك دورات متخصصة لتأهيل المعلمين؟ وهل رواتب المعلمين تفي لسدّ احتياجات أسرهم؟

في خمسينات وستينات القرن الماضي وما قبلهما كان للمعلم مكانة مرموقة، وكان دخله الشهري يفوق دخل عامل في السّنة، وكان المعلم يستطيع أن يبني بيتا، وأن يتزوج من خيرة الصبايا، ومن صبايا ذات جمال وحسب ونسب، بل إن ثقافتنا الشعبية كانت تتغنى بالمعلم، وكانت نساؤنا وأخواتنا وبناتنا يغنّين للعروس ليلة زفافها:

فوق راسك يا فلانه صحنين كزاز

يا هيبه ع عريسك هيبة استاذ

وحتى أن أمير الشعراء أحمد شوقي تغنّى بدور المعلم في قصيدته الرائعة التي أنشدها في عشرينات القرن الماضي والتي مطلعها:

قم للمعلم وفّه التبجيلا…كاد المعلم أن يكون رسولا

وكانت الأمّهات والزوجات يفاخرن بأن أبناءهن وأزواجهن يعملون مدرّسين، أمّا هذه الأيام فقد انعكست الأمور، فقد تدنّى الوضع الاجتماعيّ للمعلم، وأصبح دَخْلُ العامل أضعاف دخل المعلم، بل إنّ مداخيلل المعلمين متدنّية الى درجة تجبر بعضهم على ممارسة عمل آخر لا يتناسب ومهنته، كأن يعمل سائق سيارة فورد، وقد يحمل بعض طلابه مقابل حصوله على شاقل أو شاقلين من كلّ واحد منهم، مما يفقد المعلم هيبته أمام طلابه تحت ضغط الحاجة. ومع ذلك نطالب مدرّسينا بأن يقوموا بواجبهم على ما يرام.

وعدم مساواة أجور المعلمين بأقرانهم ممن يحملون نفس المؤهلات ويعملون في وزارات أخرى بدرجة مدير فما فوق، خلق مشاكل اجتماعية بين أفراد الأسرة الواحدة.

في حين أن رواتب المعلمين في الدول المتقدمة رواتب مجزية تفي باحتياجات المعلم، فعلى سبيل المثال فان رواتب المعلمين في اسرائيل التي تحتلنا، والتي أهلكت البلاد والعباد، ودمّرت اقتصادنا، والتي جرت مساواتها بأجور المهندسين منذ العام 1982 تساوي ثلاثة أضعاف رواتب معلمينا في مدارس الضفة الغربية وقطاع غزة.

ونتناسى بأنه يجب تقديم حوافز للمعلم حتى يستطيع القيام بواجبه، وحتى يستطيع استكمال دراسته ليعزز قدراته العلمية.

يضاف الى ذلك أن بعض المعلمين يجبرون على تعليم مواد غير المادة التي درسوها في الجامعة، وهم يقبلون ذلك حرصا منهم على الحفاظ على وظيفتهم، ولعدم استغنائهم عن الراتب الذي لا يسدّ رمقهم نهاية كل شهر. وهذا يؤثر سلبا على آداء المعلم، وينعكس سلبا أيضا على الطلبة.

19-9-2013

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات