القدس مفتاح الحرب والسلام

ا

عدم اعتراض الأجهزة الأمنية الاسرائيلية للمصلين المسلمين أمام مداخل المسجد الأقصى يوم الجمعة 14-11-2014 ليس غقلانية الحكومة الاسرائيلية، وإنما هو نتاج للوقفة البطولية للمقدسيين في الدفاع عن مقدساتهم، ونتيجة لاجتماع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مع كيري وزير خارجية أمريكا وبنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الاسرائيلية. لكن يجب الانتباه أن لا مراهنة على موقف نتنياهو وحكومته، فهم لم يكونوا عقلاء يوما ولن يكونوا، تماما مثلما أنهم لا يحترمون أيّ اتفاقات معهم أو مع غيرهم من حكومات اسرائيلية سابقة. ومع ذلك يجب التأكيد على حقيقة أن المسجد الأقصى ليس رهينة لدى الاحتلال، حتى يسمح أو لا يسمح للمسلمين بارتياده والصلاة فيه، فالأقصى مسجد اسلامي بقرار ربّاني عمّدته حادثة معراج خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.والاحتلال الذي قسّم المسجد الأقصى زمانيا، وسمح للمتطرفين اليهود ومن ضمنهم وزراء وأعضاء كنيست وزعماء أحزاب وجمعيات استيطانية وغيرها، باقتحام المسجد العظيم وتدنيسه تحت حماية الأمن الاسرائيلي الذي نكّل بالمصلين المسلمين، ومنع الآلاف منهم من دخول المسجد، كان يجري تجارب لردود الفعل العربية والاسلامية في حالة قام بتقسيم المسجد العظيم مكانيا، أو هدمه بالكامل لبناء الهيكل المزعوم مكانه، واعتمدت حكومة الاحتلال بتجاربها وامكانية نجاحها على الضّعف والهوان العربي الرسمي، وحصار القدس والمقدسيين وعزلهم عن محيطهم الفلسطيني وامتدادهم العربي، وقهر الشعب الفلسطيني بقوّة السلاح. والدعم الأمريكي اللامحدود لاسرائيل في كل الظروف والأوقات.الموقف الفلسطيني: ومع أن قادة الاحتلال يدركون جيدا أن المسجد الأقصى خط أحمر، وأن الاعتداء عليه سيشعل حروبا دينية، ستشارك فيها كل الدول والشعوب العربية والاسلامية، وستحصد أرواح ملايين البشر، وتهدّد السلم العالمي، وستغير خريطة المنطقة، إلا أن جنون القوة دفعهم إلى خوض مغامرة التجربة، فجوبهوا بأشياء لم تكن في حساباتهم، فتسابق المقدسيون وفلسطينيو الداخل الفلسطيني للدفاع عن مسجدهم وعنوان عروبتهم. ومّما أثار جنون الاحتلال أن من قاموا بعمليات الدّهس في القدس ضحوا بأرواحهم طواعية وبدافع ذاتي دفاعا عن الأقصى. وأن القيادة الفلسطينية كانت واضحة تماما في موقفها القاضي بعدم المسّ بالمسجد الأقصى، وضرورة الدفاع عنه بكل السبل المتاحة، وبالتالي فإن اشعال انتفاضة ثالثة كانت أمرا واردا، وليست بحاجة إلى قرارات من قيادة السلطة والمنظمات الفلسطينية، فالجماهير الفلسطينية متقدمة على قياداتها وتنظيماتها، ولا تنتفض “بالرّيموت” ولا بالأوامر، وهي محتقنة من جرائم الاحتلال التي يجب أن لا تمرّ دون عقاب، وما حادثة اقتحام أريئيل شارون للأقصى في سبتمبر عام 2000 وتالتي أشعلت نيران الانتفاضة الثانية ببعيدة، الموقف الأردني: كان الموقف الأردني الرّسمي واضحا وجليّا من الاعتداءات الاسرائيلية على المسجد الأقصى، ويتجاوب مع مشاعر الشعب الأردنيّ الشقيق الذي يعتبر القضية الفلسطينية قضيته الأولى، وتهديد الحكومة الأردنية بالغاء اتفاقية وادي عربة مع اسرائيل إذا ما تم المساس بدور الوصاية الأردنية على المقدسات المقدسية، هو الذي دفع الادارة الأمريكية لترتيب لقاء ثلاثي يجمع العاهل الأردني ووزير الخارجية الأمريكية، ورئيس الحكومة الاسرائيلية، والضغط على نتنياهو للاستجابة للمطالب الأردنية بخصوص الأقصى، ولأنها أي الادارة الأمريكية تدرك مصالحها ومصالح حليفتها اسرائيل أكثر من حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، وتعلم جيّدا أن الأوضاع في فلسطين تنعكس تماما عى الأردن وغيره من دول المنطقة. وفي الموقف الأردني دفاعا عن المسجد الأقصى دروس للحكومة الأردنية ولبقية الحكومات العربية بأنهم عندما يقولون “لا” بالفم الملآن لاسرائيل وحليفتها أمريكا، فإن ذلك يعطي مردودات ايجابية لصالح القضية الفلسطينية والقضايا العربية الأخرى، وأن سياسة الشجب والاستنكار غير المصحوبة بالفعل لن تردع المحتلين عن تنفيذ مخططاتهم التوسعية، وتكريس احتلالهم للأراضي العربية، لأنهم لا يؤمنون إلا بالقوة. وكما يقول المثل:”قالوا لفرعون شو فرعنك؟ فأجاب: لم أجد من يردني عن فرعنتي”.ويبقى السؤال الكبير وهو :هل سنسمع “لا لاستمرار الاحتلال” بصوت عربي رسمي، أم أن الأنظمة العربية ستبقى معتمدة على وعود ونوايا “الصديقة” أمريكا التي تشعل نيران”الفوضى الخلاقة” لتدمير الأقطار العربية وقتل شعوبها، بأيدي وتمويل عملائها في المنطقة؟15-11-2014

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات