الانفلات الاستيطاني

ا

وصف رئيس وزراء اسرائيل ايهود اولمرت الهجوم المسلح الذي شنه مستوطنو ” تسيهار ” على اهالي قرية عصيرة القبلية بأنه ” مذبحة ” وقبل ذلك بيوم قال ضابط عسكري اسرائيلي كبير بأن الجيش الاسرائيلي في منطقة نابلس غير قادر على ضبط المستوطنين ، وبعد ذلك هاجم مستوطنو مستوطنة ” يتمار ” قرى عورتا وبين فوريك، واحرقوا حقول اشجار الزيتون المثمرة والمعمرة ، وفي تقوع قرب بيت لحم استشهد فتى فلسطيني برصاص الجيش الاسرائيلي ، هذا غيض من فيض من ” النشاط ” الاستيطاني في اقل من ثلاثة ايام . وهذا الانفلات ليس عفو الخاطر ولا هو وليد الساعة ، بل هو سياسة مدروسة ومبرمجة ومحمية ، فقطعان المستوطنين يدخلون الاراضي الفلسطينية تحت حماية الجيش الاسرائيلي ، ويسيرون في شوراع التفافية تختصر لهم المسافات تحت حماية هذا الجيش ، وهم مزودون بأسلحة نارية من الجيش ، وهم يعيثون في الارض فسادا تحت حماية ودعم الجيش ، والذي يريد ان يتأكد من ذلك بنفسه ، فما عليه الا المغامرة بحياته وزيارة البؤر الاستيطانية في الخليل ليرى مدى العربدة الاستيطانية ، ومدى الارهاب الذي يمارسه المستوطنون الذين يلقون الدعم والحماية من جيش الاحتلال .

جميل ان يعترف ايهود اولمرت بأن ما جرى في عصيرة هو بمثابة مذبحة ، فهو مذبحة حقا ، سالت فيها دماء فلسطينية لسبب بسيط هو انها فلسطينية ، لكن من غير المعقول ان لا يتخذ اولمرت الذي يتربع على رأس السلطة التنفيذية في اسرائيل أية اجراءات رادعة ضد المستوطنين الارهابيين الذين ارتكبوا هذه المذبحة ولو كانت هناك اجراءات لما تجرأ مستوطنو مستوطنة ” يتمار ” المجاورة على ارتكاب جريمة ارهابية اخرى تمثلت بحرق الاف اشجار الزيتون المثمرة ، وسط اطلاق نار كثيف على القرى الفلسطينية المجاورة .

ومع ان البلطجة الاستيطانية ليست جديدة ، وليست ردات فعل غاضبة ، بل هي سياسات مستمرة ، تبدأ من تخطي قوانين السير ، والسرعة الجنونية ، في الاراضي الفلسطينية ، والتعرض لحياة الفلسطينيين بمن في ذلك الاطفال دون ان يرف لهم جفن ، ودون ان يتعرضوا لأي عقاب .

لقد سبق للمستوطنين ان مارسوا القتل والتخريب والتجريف وتدمير الممتلكات ، وترويع السكان الآمنيين قتلا وضربا وتعذيبا ، وفي حالات كثيرة جرى تصويرها وهي تحدث على مرأى ومسمع الجيش الذي لم يكتف بالمراقبة السلبية فقط ، بل كان يقوم بدور الحارس و الحامي لهؤلاء الارهابيين ، وقد كان باراك وزير الدفاع الاسرائيلي واضحا عندما قال” بأن وظيفة الجيش حماية اليهود اينما تواجدوا ”

وما الاستيطان بحد ذاته الا ارهاب دولة ، فيه خرق فاضح للقانون الدولي ، ولقرارات مجلس الامن الدولي ، ولاتفاقات جنيف الرابعة بخصوص الاراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري ، وللوائح حقوق الانسان.

وللتذكير فقط فانه في مثل هذا اليوم الخامس عشر من رمضان 1414هجري،في شباط 1992قام سيء الذكر الدكتور باروخ جولدشتاين باطلاق النار على المصلين الصائمين الركع السجود في الحرم الابراهيمي فقتل ثمانية وعشرين شخصا وأصاب المئات بجراح،وقد أقام له زملاؤه المستوطنون نصبا تذكاريا تخليدا لذكرى جرائمه التي اعتبروها بطولية، هدمه اسحق رابين لاحقا.

والاستيطان ايضا تحد خارق وأخرق للمجتمع الدولي ، الذي يقف متفرجا على ما يجري دون ان يحرك ساكنا ، بل ان كل هذه الخروقات تلقى الدعم المالي والعسكري من الدولة الاعظم في العالم .

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات