ألاعيب نتنياهو ومبادرة السّلام العربيّة

أ

تصريحات رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو التي وصف فيها مبادرة السّلام العربيّة التي أعلن عنها في بيروت عام 2002 ووصفها بأنّها” تحوي نقاطا إيجابية يمكن أن تسهم في ترميم المفاوضات مع الجانب الفلسطيني”، ليست عفويّة ولا بريئة، وإنّما هي لعبة جديدة من نتنياهو ليصطاد فيها أكثر من عصفور مرّة واحدة، فنتنياهو لم يعترف إلا ببند واحد من تلك المبادرة، وهو إقامة علاقات كاملة بين اسرائيل والدّول العربيّة والاسلاميّة، وقد تمّ له ذلك مع العديد من الدّول العربية والاسلاميّة في ظلّ تكريسه لاحتلال الأراضي العربيّة، ومواصلة الاستيطان الذي يدمّر حل الدّولتين الذي يحظى بدعم دوليّ واسع، بل تعدّى ذلك إلى تعاون أمنيّ وعسكريّ مع بعض الدّول العربيّة.

ونتنياهو الذي يعي ما يقول تماما، وضع شرطا جديدا وهو ” اجراء تعديلات على المبادرة حتى تعكس التّغيرات الكبيرة التي حصلت في المنطقة”. وهو بهذا يريد تحقيق مكاسب جديدة في ظلّ الهوان العربيّ الرّسميّ، وما يجري من تدمير وقتل في سوريّا، العراق، ليبيا، اليمن، وحتّى مصر ولبنان. وهذا لا جدال فيه، فاسرائيل هي الرّابح الرئيسيّ من الاقتتال العربيّ، الذي يتم “باسم الله” ممّن يزعمون أنّهم يملكون مفاتيح أبواب الجنّة وأبواب النّار أيضا.

ورغم ذلك فإنّ تصريحات نتنياهو حول المبادرة العربيّة، تأتي للالتفاف على المبادرة الفرنسيّة لحلّ الصّراع في المنطقة، لأنّه يدرك تماما وهو الذي أدخل اسرائيل في أزمة علاقات مع مختلف الدّول الفاعلة في السّياسة الدّوليّة، بسبب سياساته الاستيطانيّة التّوسّعيّة، وممارساته العنصريّة القمعيّة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، والتي أفرزت حملات المقاطعة لاسرائيل في أكثر من مجال، وتأتي أيضا لتبييض سياساته بعد تعيينه أفيغدور ليبرمان المعروف بعنصريّته وتطرّفه وزيرا للجيش.

وبالتّأكيد فإنّ أمريكا حامية حمى اسرائيل ستضغط على الدّول العربيّة، لأخذ تصريحات نتنياهو حول المبادرة العربيّة مأخذ الجدّ؛ لتخليص نتنياهو من الحرج الذي سيلاقيه لرفضه للمبادرة الفرنسيّة، وفي ظلّ التّردّي العربيّ الرّاهن فلن يتفاجأ أحد إذا ما وجدنا دولا عربيّة فاعلة ستستجيب للضّغوطات وستضغط على السّلة الفلسطينيّة للعودة إلى المفاوضات حسب شروط نتنياهو، التي قد تفشل المبادرة الفرنسيّة بحجّة أنّ طرفي الصّراع يرفضانها، وبعدها لن يحصل العرب من نتنياهو إلا على الاصبع الوسطى.

1 حزيران 2016

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات