زوجة الأب-حكاية شعبية

ز

يحكى أن رجلا تزوج من امرأة فولدت له إبنة وماتت، فسمى البنت(تماثيل) وأحبها حبّا جمّا، ثم تزوج أخرى فولدت له بنتا لم يحبها مثل تماثيل، لأنها كانت أقل ذكاء وفطنة منها، ولما كبرت البنتان كانت تماثيل أكثر جمالا وأدبا وأخلاقا من أختها،  فحسدتها زوجة أبيها.

وفي أحد الأيام مرّ بائع تفاح ينادي بأن التي ستأكل من تفاحه سوف تحمل وتنجب طفلا، فاشترت منه الزوجة وأطعمت تماثيل، ولم تطعم إبنتها، فحملت تماثيل المسكينة، ولما مرّ على حملها ثلاثة شهور، أخبرت زوجة أبيها أبا تماثيل بأن إبنته حامل، فلم يصدق ما سمعت أذناه، ولكنه تحقق في النهاية من صحة كلام زوجته فأراد التخلص منها، فأمر زوجته بأن تضع له من كل أنواع الطعام كالرز والعدس والسمن والزيت …. في أكياس كي يأخذ تماثيل ويضعها في مكان مقفر، ويتخلص منها، فوضعت زوجته بدلا من الرز روث أغنام، وبدل العدس حجارة صغيرة، وبدل الطحين ترابا، وبدل الزيت بولا.

وحمل إبنته وسار بها الى أن وصل الى كهف يقع في مكان مقفر، وتركها فيه بعد أن قال لها بأنه سيعود عليها بعد هنيهة، وبعد أن انصرف أبوها حضر الى الكهف شيخ أبيض اللحية والثياب، فرحبت به وفرشت له منديلها، وسألها عما يوجد في الأكياس التي بجانبها فقالت: رز، عدس، طحين … فكان الشيخ يقول: إن شاء الله وفعلا انقلبت الى  ما قالت، وأخبرها عن قصتها وسبب إتيان أبيها بها الى هذا المكان، لأنها لم تكن تعلم شيئا. وقال لها بأن هذ الكهف بيت لمجموعة من النسور وأنها تأتي اليه كل مساء، وهي تحمل نسرا هرما دخل في احدى رجليه مسمار، ولم يعد قادرا على الطيران، وطلب منها أن تخرج المسمار من رجله فور وصولهن، وأن تضمدها بقطعة من منديلها، وعندما حضرت النسور أخرجت تماثيل المسمار من رجل النسر الهرم، وضمدت له جرحه، ولفته بقطعة من منديلها، ففرحت بها النسور الأخرى، وتركت النسر الهرم عندها، وكانت تذهب وتصطاد طعاما لنفسها وتحضر طعاما للنسر الهرم ولتماثيل، ولما ولدت تماثيل أنجبت طفلا من تحت إبطها، وبقدرة قادر رُقع المكان الذي ولدت منه بقطعة من ذهب، وأتتها النسور بأحسن اللباس له، كما أحضرت لها كمية من الذهب ملأت كيسا كبيرا.

ثم طارت النسور وحلقت فوق بيت أبي تماثيل، ورأت زوجته تقوم بغربلة القمح، فهبطت لتأكل، فرفعت يدها تريد طردها فقالت:

لا هشّه ولا نشّه                      يا مقطوعة الفشـّه

حبلت تماثيـل                         من دهن العصافير

البنت اللي في العراق                جابت صبي من تحت الأباط

وارتقعت برقعة ذهب

فسمع والدها ما قالته النسور، وذهب ليرى إبنته، فرحبت به أجمل ترحيب، وحملها هي والذهب الذي وجده عندها، وعاد بها الى البيت، وأثناء عودتهما كانت تقول له بأنها نسيت مشطها، وتريد أن تعود لإحضاره، وعندما تعود كانت ترضع إبنها وتقبله ثم تتركه، ولما كررت فعلتها قال لها والدها بأنه يعرف قصتها، وأعطاها الأمان، وطلب منها أن تحضر إبنها دون خوف، ولما وصلوا الى البيت ورأت زوجة أبيها حالة السعادة التى عاشتها تماثيل، طلبت من زوجها أن يرسل إبنتها الى المكان الذي وضع تماثيل فيه، وجهزت لها رزا وعدسا وطحينا وزيتا ………. حقيقيا. وأخذها والدها الى نفس الكهف وتركها هناك وانصرف.

وهناك جاءها الشيخ ذو اللحية والملابس البيضاء فقالت له: لا أهلا ولا سهلا. وسألها عما يوجد في أكياسها فقالت له: زبل وروث وتراب، فقال الشيخ:إن شاء الله فتحول ما في الأكياس الى الذي قالته، ثم قال لها الشيخ بأن هذا البيت للنسور كما قال لأختها تماثيل وأضاف: عندما تصل تلك النسور وهي تحمل النسر الهرم انهضي واضربيه بعصاك على رأسه فور أن ينزلنه، وعندما جاءت النسور فعلت بالنسر الهرم كما قال لها الشيخ، فانقضت عليها النسور وافترستها، وبعد مدة أرسلت والدتها أباها ليحضرها فلم يجد إلا عظامها.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات