النّمل والبقرة-قصّة للأطفال

ا

منشورات دار إيلياءحور-أبو ديس-القدس2019.
خرجتِ الأبقارُ من حظيرتِها إلى المرعى، التهمتِ الكثيرَ من الأعشابِ حتّى امتلأت بطونُها.
عند الظّهيرةِ أوردَها الرّاعي نبعَ الماءِ، فشربتْ حتّى ارتوتْ.
ثمّ انطلقتِ الأبقارُ إلى المرعى مرّةً ثانيةً في البطاحِ القريبةِ من النّبعِ.
بعضُ الأبقارِ عادَ يرعى الأعشابَ الخضراءَ مرّةً أخرى.
والبعضُ الآخرُ وقف يجترُّ ما في معدتِه.
بقرةٌ حلوبٌ شعرتْ بِثقلِ ضرعها الممتلئةِ بالحليبِ، فقرّرتْ أنْ تجلسَ على الأرضِ؛ لترتاحَ، اختارتْ مكانًا سهلا لا حِجارةَ فيه، وجدت هناك قريةً للنّمل، نظرتْ بازدراءٍ للنّملِ الذي يُعَدُّ بالآلاف، ثنتْ قوائمَها وجلستْ عليها بكبرياء، وشرعتْ تجترُّ الأعشابَ التي في مَعِدَتِها بعد أن هَرِسَ جسدُها الثّقيلُ مئاتٍ من النّملِ دونَ رحمة.
حاولَ النّملُ الذي جلستِ البقرةُ على بيوتِه أنْ يخرجَ، لكنَّهُ وجدَ أبوابَ البيوتِ مُغلقةً، استمرَّ في محاولاتِه للخروجِ دونَ جدوى، لم ييأسِ النّملُ وواصلَ محاولاتِه بهمّةٍ لا تلين.
خرجتْ مجموعاتُ نملٍ من البيوتِ الأخرى التي لم تجلسْ عليها البقرةُ. انطلقتْ كلُّ مجموعةٍ في اتّجاهٍ تبحثُ عن طعامِها، وعن مؤونتِها التي تجمعُها وتُخزّنُها في بيوتها، مشتْ في صفوفٍ منتظمةٍ.
انتبهتْ مجموعةُ النّملِ المحاربةِ للبقرةِ التي جلستْ على جزءٍ من قريتِها. فغضبتْ من البقرةِ.
قرّرتْ مجموعةُ النّملِ المحاربةُ الغاضبةُ في اجتماعٍ عاجلٍ لها تأديبَ البقرةِ المعتديةِ وطردَها.
حسبَ خطَةٍ محكمةٍ زحفَ جزءٌ من مجموعةِ النّملِ المحاربةِ إلى ضَرْعِ البقرة، أخذَتْ كلُّ واحدة من النّملِ تطبقُ بفكّيْها الحادّينِ عليها، في حين تسلّقَ جزءٌ من المجموعةِ ما بينَ فخذي البقرةِ حيثُ لا ينمو عليها الشَّعَرُ، وعددٌ آخرُ من مجموعة النّملِ تسلّق إلى فمِ البقرةِ وأنفِها وجفونِ عينيها، وأطبقتْ بأفواهِها على جلدِ البقرةِ.
شعرتِ البقرةُ بالألمِ، فهزّت ذيلَها لتطردَ النّملَ من بينِ فخذيْها، وعن ضَرْعِها، لطمتْ وجهَها بأذنيها كالمجانين، أخرجتْ لسانَها تذودُ به عن فمِها وأنفِها لكن دون جدوى.
قامتِ البقرةُ من جلستِها مذعورةً، هربتْ كالمجانين تعدو دونَ وعيٍ، فجفلتْ زميلاتُها البقراتُ الأخرياتُ معها.
وقفَ الرّاعي وثورُ القطيعِ ينظران إلى كلِّ الجهاتِ، يستطلعانِ أمرَ هروبِ الأبقارِ. فقد ظنّا أنّ حيوانا مفترسًا يحاولُ الاعتداء على قطيعِ الأبقار، لكنّهما لم يريا شيئًا، فلحقا بالقطيعِ.
شعرتْ مجموعةُ النّملِ المحاربةُ بنشوةِ النّصرِ، فضحكتْ وهي تتساقطُ عن جسدِ البقرةِ المعتديةِ.
عادتْ مجموعةُ النّمل المحاربةُ إلى قريتِها فرحةً سعيدةً، قدّمتْ ما نهشتْهُ من لحمِ البقرةِ هديّة لزميلاتِها، اللواتي أغلقتِ البقرةُ أبوابَ بيوتِها عندما جلستْ عليها.
في اليومِ التّالي لم تسمحِ البقرةُ لعجلِها الصّغيرِ أن يقتربَ من قريةِ النّمل خوفا عليه منها، وكلّما حاولَ العجلُ الاقترابَ من بيت النّملِ كانت أمُّهُ البقرةُ تدفعُهُ برأسِها وتبعدُه عن المكان، بينما كانَ حُرّاسُ قريةِ النّملِ يراقبون مستعدّين؛ لِصَدِّ أيّ عدوانٍ قد تتعرّضُ له قريتُهم.
3-3-2018

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات