من يراقب ممارسات الاحتلال الاسرائيلي على أرض الواقع من استيطان، وجدران عنصرية ومصادرات أراضٍ، وانفلات المستوطنين بدعم جيش الاحتلال، والموقف الرسمي لحكومة نتنياهو الرافض لمتطلبات السلام، والرافض أيضا لما أقرته حكومات اسرائيلية سابقة، خصوصا حكومة أولمرت، من خلال الاصرار على العودة الى نقطة البداية، والرافض لقرارات الشرعية الدولية، والمستخف بما تطلبه الرباعية الدولية، والدعم الأمريكي الأعمى واللا محدود لهذه السياسة، لا يحتاج الى كثير من الذكاء كي يفهم بأن حكومة نتنياهو تعمل على وأد فكرة اقامة دولة فلسطينية بجانب اسرائيل، والذي يعرف الأراضي الفلسطينية المحتلة في حرب حزيران 1967 يدرك تماما أن المستوطنات السرطانية في القدس وبقية أجزاء الضفة الغربية المحتلة تجعل الحديث عن اقامة دولة فلسطينية ضربا من ضروب الخيال.
ونتنياهو الذي يعمل جاهدا لتطبيق المشروع الصهيوني طويل المدى ربما لن يكتفي بأراضي فلسطين التاريخية-من النهر الى البحر-لدولة اسرائيل، بل يتعداها الى شرق النهر حتى تطل على جزيرة العرب، وتصل نهر دجلة في العراق والنيل في مصر…وليس أدل على ذلك من رفض حكومته الإجابة على سؤال الرباعية حول الحدود ما بين اسرائيل ودولة فلسطين العتيدة….اضافة الى أعماله على الأرض.
فالى أين يسير الصراع؟ وما الذي تريده اسرائيل الرسمية التي تمثلها حكومة نتنياهو في هذه المرحلة؟ وفي الواقع لم يبق الا خيارات محدودة منها العقلاني، ومنها الجنوني الذي سيدخل المنطقة في صراعات دموية لا يعلم الا الله متى ستخرج منها، ومن الحلول العقلانية هو اعلان اسرائيل ضمّها للأراضي المحتلة، وبالتالي اعطاء الفلسطينيين حق المواطنة والمشاركة في انتخابات البرلمان-الكنيست وغيره، وهذا ما ترفضه اسرائيل تماما، لأنها تعلم أن الأغلبية ستكون للفلسطينيين إن لم يكن الآن ففي المستقبل القريب جدا، أو حرمان الفلسطينيين من حقوقهم، وبالتالي الاعلان عن اسرائيل كدولة عنصرية مما يحرجها أمام حلفائها في أمريكا الذين يروجونها كـ”واحة الديموقراطية في الشرق الأوسط” وبما أن اسرائيل دولة قائمة على التوسع، وانكار حقوق الغير، وتعيش شبه عزلة دولية نتيجة سياساتها، وما يصاحب ذلك من أزمة اقتصادية سستتفجر لاحقا، فانه من الممكن أن تلجأ الى الخروج من أزمتها باشعال حرب اقليمية، سيكون شعارها تدمير المشروع النووي الايراني،-مستغلة عدم استقرار الأوضاع في الدول العربية خصوصا مصر وسوريا- وبالتالي ستستغل هذه الحرب للقيام بعملية طرد جماعي-ترانسفير- وبقوة السلاح لأبناء الشعب الفلسطيني المقيمين على ترابهم الوطني، والعمل على بناء “الوطن البديل” في الأردن، وهذا ما لم يُخفِه نتنياهو في كتابه الصادر بدايات تسعينات القرن الماضي، وترجم الى العربية بعنوان”مكان بين الأمم” وهذا يخدم مشروع نتنياهو بإعلان اسرائيل”دولة يهودية”.
1ديسمبر-كانون أول- 2011