القدس: 29-11-2018 ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوكني الفلسطيني في القدس كتاب “ملامح من السرد الحديث – قراءات في الرواية” للكاتب فراس حج محمد.
الكتاب الذي يقع في ٢٤٨ صفحة من القطع المتوسط من منشورات مكتبة كل شيء الحيفاوية وتصميم ومونتاج شربل الياس.
بدأت النقاش ديمة جمعة السمان، فأثنت على الكتاب وتحدّثت عن بعض أساليب النقد.
وقالت رفيقة عثمان:
قدّم الكاتب فراس حج محمد، كتابا يحتوي على مئتين وثمانٍ وأربعين صفحة من القطع الكبيرة؛ عبارة عن قراءات متعددة لروايات سردية معاصرة؛ تخلّل في معظمها كتّاب فلسطينيّون، منهم محليون؛ وكتاب آخرون عرب.
الكتاب عبارة عن بحث علمي، ركّز فيه الكاتب جهوده في تحليل الروايات تحليلا نقديا، من وجهة نظر رؤيته للسرد، والفن السردي للروايات؛ من حيث: المواضيع، والشخصيات، والرواة، واللغة، والحبكة، ورموز السرد، كذلك من حيث المكان والزمان.
تناول الكاتب ستّا وعشرين رواية، لدراسته النقديّة؛ منها: أهل الجبل للكاتب ابراهيم جوهر، وارواح كليمنجارو للروائي ابراهيم نصر الله، رواية صيادون في شارع ضيق، للروائي جبرا ابراهيم جبرا، رواية النزوح للقمر للكاتب عيسى القواسمي؛ كلام مريم للأديب محمود شقير، رواية الخنفشاري للروائي نافذ الرفاعي، مملكة الفراشات للكاتب واسيني الاعرج، رواية رغبات ذاك الخريف للكاتبة ليلى الأطرش، ورواية السماء قريبة جدا للكاتب زيدون الرفاعي، ورواية عالم صوفي، للكاتب – جوستيان غاردر.
تعمّق الكاتب في تحليله للروايات الآنفة الذكر، تحليلا ذاتيا، في البناء الفنية واللغوي للروايات، في معظمها تعبر عن آرائه الخاصّة؛ معتمدا على الأقوال الواردة والتغريدات من صفحات الفيس بوك؛ بالإضافة إلى استخدام المصادر التي ساهمت في النقد لتلك الروايات احيانا.
لاحظت من خلال قراءتي للكتاب، بأن الكاتب اهتم في إبراز مكانة المرأة في الروايات؛ تكرر النقد في عدة روايات مثلا: كما رواية “النزوح نحو القمر” للكاتب عيسى القواسمي؛ أظهر صورة المراة بصورة سلبية؛ كما ورد صفحة 114 ” لم تسند الرواية لأيّ شخصية نسائية دورا قياديا في الأحداث، وظلت تابعة للرجل في الحدث، لم تصنع الفكرة، ولم تشارك فيها، وظلت على النقيض مع الفعل الذكوري الروائي”؛ بينما رواية الروائي جبرا ابراهيم جبرا “صيادون في شارع ضيق”، أعطت الرواية مكانة خاصة للمرأة بهذا العمل الروائي الذي جعل الخيوط كلها تتجمع بيد امرأة ؛ لتستحق التكريم وتصل إلى قصر الأليزيه في فرنسا..” كما ورد في صفحة 152 . اتسمت المرأة بالشخصيّة المستديرة كما ذكرها الكاتب في رواية الروائي جبرا، صفحة 96، “ان سلافة وهي الشخصية المستديرة شخصية نموذجية، توضح .. وان كانت فكرة الرواية، وهي تحريرالمرأة من الهيمنة الاجتماعية…”؛ كما ذكر صفحة 130، استند الكاتب إلى قراءة الكاتب عزيز العصا، حيث أبرز دور المرأة في الرواية، خاصة رواية “السماء قريبة جدا” للكاتب مشهور البطران. كذلك في رواية “أهل الجبل” للكاتب ابراهيم جوهر، لوصفه النساء في رام الله يختلفن تماما عن نساء الجبل؛ حيث وصف النساء في رام الله بالهشاشة، إنعكاسا للمرحلة التي تعيشها المدينة التي تعاني من الهشاشة؛ كما ورد صفحة47 ، ” تبدو المرأة هنا فكريا نموذجا إنسانيا هشا، لأنها تعبر عن مرحلة ومدينة تعانيان من الهشاشة أصلا، فصار الاسم يدل دلالة عكسية على حقيقته”.
كما وحظيت المرأة على مكانة في رواية باسم خندقجي في روايتي “مسك الكفاية، ونرجس العزلة”؛ كما ذكر الكاتب أنّ من أكثر القضايا التي حضرت في الرواية قضية المرأة؛… لأن المرأة كيان إنساني كامل الأهلية، كالرجل تماما، فولدت حرة،…”. شكلت المرأة رمزا مكثفا في الرواية، وضح الكاتب بأن “الرمز اكتسب دلالات فكرية عامة وعصرية، غير محصورة بفكر المؤلف، وهنا يكون المؤلف قد تحرر نوعا ما من سيطرة الفكرة الخاصة على الفكرة العامة إنسانية أرحب وأعمق”. صفحة 65. أثار اعجابي اهتمام الكاتب بتوضيح دور النساء في معظم الروايات المختارة.
تطرق الكاتب للأدب الأيروتيكي، وصرح بضرورة استخدام الأدب الأيروتيكي، بطريقة متزنة، وغير منفرة أو مستفزة، ضمن سياق طبيعي دون إثارة نوازع الشر أو سوء النية، مدعيا بأن مجتمعنا العربي متخوف من البوح في الموضوعات الجنسية، ويشوبه التضليل؛ وأشار الكاتب بأن روايات نجيب محفوظ ناقشت قضية الجنس دون إقحام أو ابتذال، كذلك في روايات واسيني الأعرج “أصابع لوليتا” أو “مملكة الفراش”.
تأثر الكاتب بشكل شخصي برواية “أرواح كليمنجارو” للكاتب الفلسطيني ابراهيم نصر الله؛ والتي تحدّث فيها عن تجربة حقيقية لصعود الجبل، برحلة قام بها الكاتب مع متطوعين في صعود أطفال فلسطينيين فقدوا بعض أطرافهم برصاص الجيش الاسرائيلي، في نهاية المطاف نجح الصاعدون في الوصول إلى قمة الجبل العالي، تحديا لكل الإعاقات، أراد الكاتب أن يرسل رسالة هامة؛ “ان في داخل كل انسان قمة يتوجب عليه صعودها، وإلا بقي في قاع الجبل. يبدو بأن الكتاب وجد في نفسه القدرة القوية نحو الصعود إلى القمة؛ كما ورد صفحة 57، ” كما أنني أوّل ما قرأتها كتبت رسالة للكاتب، بينت فيها أثر الرواية فيّ على نحو شخصي، باعتباري أعاني من الإعاقة، وأحسست أنها لامست شيئا من ذاتي وخاصة ذلك البعد الإنساني والالتفات لقضية إنسانية المعاق، وحساسيته المبالغ فيها وخاصة فيما يقدم له من مساعدة، على اعتبار أنه “إنسان ناقص” يحتاج المساعدة أو ينظر عليه بعين الشفقة.” لا بد من الوقوف هنا؛ على جرأة الكاتب فراس؛ في تعبيره عن ذاته، من خلال الرواية، وتضامنه مع أحداث الرواية، كما عبر عن ذلك عدة مرات: ورد في صفحة 59 “”أرواح كليمنجارو” ليست كأي رواية قرأتها، وما تزال في النفس شئ من حتى، لعل الظروف والأحوال تساعدني لأكتب فيها ما أطمح اليه”. حسب رأيي ممكن اعتبار هذه الرواية من الروايات العلاجية نفسيا الببليوترابيا.”
لا شك بأن مجهود الكاتب فراس الحج يحيى، يستحق الثناء، وأرى بأن الكتاب يضيف قيمة للمكتبة العربيّة، إضافة جديدة للنقد السردي العربي؛ لكن أجد بأنه لو تخصّص بقراءات متخصصة في الروايات الفلسطينية فقط؛ كي يتسنى له إجراء المقارنات الأدبيّة بينها، وإضافة التجديدات الحاصلة على الرواية الفلسطينية؛ ومن ثم الإشارة للسلبيات فيها؛ لتصبح منهجا موضوعيا للطلبة، وللكتّاب في النصوص المكتوبة، ممكن الإشادة بالعمل، واعتباره بحثا علميّا ممنهجا؛ لكن الاعتماد على المقولات الفيسبوكية، والآراء الذاتية تخفف من أهمية البحث.
استعمل الكاتب لغة بليغة صحيحة، تتناسب مع انسياب النصوص، في النقد والتحليل؛ ويجدر الإشارة إليه بأن الكاتب لم، يهتم بإيجاد علاقات هامة بين الروايات المختلفة؛ وإبراز الروابط المتشابهة والمختلفة بينها؛ من حيث: البناء والتركيب الفني، واللغة، كافة مكونات الرواية.
وقالت رائدة أبو الصوي:
استطاع الكاتب فراس الحج محمد ان يضع الخطوط العريضة لشروط كتابة الرواية السليمة .الكاتب حالة نادرة تستحق الاحترام والتقدير، تعمق وغاص في هذا البحر من الأدب .الكتابة والتخصص بالنقد ليست عملية سهلة . الناقد الجيد كالجراح يبيّن الغثّ من السّمين.
هو كالبستجي الذي يهذب الأزهار في البستان؛ ليقدم لنا أجمل الأزهار بأجمل الألوان. أزهار تسر الناظر وتسعد فؤاده وترسل العنان لخياله .
وكتب الدّكتور عزالدين أبو ميزر:
لأسباب خارجة عن إرادتي قرأت الكتاب على عجل، وقد وجدت فيه معلومات كثيرة وقيّمة، كنت انا شخصيا بحاجة ماسة لمثلها، وأغلب من يحضرون ندوة اليوم السابع بحاجة لمثل هذه المعلومات، فليس منّا من هو ناقد ومؤهّل لذلك.
بالنّسبة لي اعترضتني اصطلاحات لم أكن مطلعا على مقصود معناها سابقا، وعليه فلا أريد الاسترسال ولا أن أهرف بما لا أعرف، ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه في حالات معيّنة ومحدودة، ولا أقلل من قدر نفسي في أمور وأمور.
لذا فإنني لا أستطيع القول في هذا الكتاب وأن أعطيه حقه لعلمي الأكيد أنّه بحاجة إلى قراءة متأنّية وعميقة، وهذا ما لم يحصل لي. وهذا من الصّدق والأمانة العلميّة من جانبي.
ولكنّني استفدت كثيرا من قراءتي الأولى، وأرجو أن أن أستزيد كثيرا -وهذا أكيد- من قراءتي الثانية المتأنّية أكثر وأكثر، ولا أشكّ في ذلك أبدا. ويظل الإنسان دائما بحاجة إلى المزيد المزيد من المعرفة والثّقافة.
وقالت نزهة أبو غوش:
تناول المؤلّف ستا وعشرين رواية؛ نقدها وحلّلها وناقشها بمنهجيّة خاصّة، جعلني كقارئة أستمتع وأستفيد بهذا النّوع من الكتابة النّقديّة إن لم أُخطئ بالتعريف.
أعجبني قول الكاتب في مستهلّ كتابه: ” النّقد عمليّة تقوم على الشّكّ، وليس لها من واقع اليقين إِلا المجاز المحض، ولأنّ العمل الأدبي الممتع هو العمل المقلق للنّاقد فكرا وتحليلا وكشفا وتأويلا، وليس واصفا وحسب”
بهذه الكلمات رأيت أنّ الكاتب قد لخّص ما أراد عمله مع الرّوايات الستّة عشر. ووقفت مليّا عند كلمة” الشّك” و “القلق” فعرفت أنهما سرّ العملية النّقديّة في الأدب، وعرفت ذلك من خلال قراءتي لما كتب في نصوصه، وأبدع، وشعرت بأنّني أمام ناقد فذّ متمكّن يمكن أن نرصد كتابه كمرجع مهمّ للأدباء وغيرهم من الدّارسين لأُصول الرّواية.
سوف أُحاول في قراءتي عن ملامح الفنّ المعاصر أن أُلقي نظرة واعية لبعض الرّوايات. وأكتب ما أُلاحظه من خلال منهجيّة الكاتب فراس.
رأيت بأنّ الكاتب عمد في نقده للشّرح المفصّل أحيانا نحو تفسيره ل” لا يمكنك أن تلتقط لأيّ انسان صورتين متشابهتين أبدا …إلخ ص 60.
شرح الكاتب بالتفصيل عن عملية تصوير الأحداث، وقارن ما بين المصوّر وبين الرّاوي من وجهة التقائهما باقتناص الأحداث الواقعيّة، فالمصوّر يؤطّر صورته غير المكرّرة، والرّوائي يضيف فلسفته على الحدث ويشرح رسالته.
أرى هنا بأنّ المقارنة لم تكن متكافئة ما بين التقاط صورة ونسج رواية بكلّ ما تحمله من ثقل فكري وفلسفي وسياسي واجتماعي …؛ فلو قارن ما بين فنّ الرّسم مثلا لكان أنجح، حيث ما يميّز الفنّ الرّسم عن التّصوير هو إضافة ملامح ورؤية ووجهة نظر على الصّورة الحقيقيّة بعكس ما تلتقطه آلة التّصوير.
عمد المؤلف أن يحلّل التّعبيرات المجازيّة في الرّواية حسب رؤيته الثّاقبة وربطها بالواقع الفلسطيني المعاش، فمثلا قال في صفحة 54 عن رواية “أرواح كلمنغارو” ” عندما فقدت الكاميرا طاقتها وأضحت ” كعين مطفأة” …..”تجد السّارد قد ربط بين انطفاء عين الكاميرا( اميل) وانطفاء عين غسّان، وكذلك ما أصاب سهام المصريّة من عمى مؤقّت.”
هنا نلحظ مدى قدرة النّاقد على التّحليل الّذي يرى ما خلف الكلمات؛ ولا أعرف إِذا ما الكاتب ابراهيم نصر الله قد قصد فعلا هذا المعنى، فهنا أرى بأنّ النّاقد المحلّل فراس قد أضاف بعدا فلسفيا عميقا على المعنى.
ربط الكاتب في تحليله ومناقشته للرّوايات ما بين الأشياء المستخدمة كوسيلة؛ لربط الأحداث بالاحتلال والمقامة، مثل الكاميرا الّتي كانت وسيلة لإِيصال رسالة التّحدّيّ في رواية “أرواح كلمنجارو”. كذلك ربط الكاتب الأحداث بهموم الوطن نحو ربط الصّعود إِلى الجبل يعادل رحلة الشّعب الفلسطيني نحو التّحرّر، هذه تعتبر رؤية عميقة للكاتب، تبتعد عن السّطحيّة تماما، وتعزّز من مدى عمق رسالة الكاتب ابراهيم نصر الله في روايته” أرواح كلمنجارو”.
في رواية مسك الكفاية للكاتب باسم خندقجي.
تحدّث الكاتب فراس حج محمد في البداية عن أدب السّجون والأسرة وعن الظّروف القاسية، الّتي يعيش بها الأديب الأسير وسط أجواء مزدحمة ومتوترة وصاخبة، كذلك قلّة المصادر الّتي يجب توفّرها، من أجل أن يخرج برواية مثل هذه الرّواية ” “مسك الكفاية” الّتي احتاجت الكثير من الصّبر والتّعمّق والتّعبير عن الأفكار والرؤية وادخال الفلسفة، وتوصيل رسالته للقارئ، والّتي يصبو اليها هو نفسه، ألا وهي الحريّة.
بحث حج محمّد عن الرّمزيّات في رواية مسك الكفاية.
الرّمز الأوّل كانت العباءة، الّتي تعني بمفهومها الرّمزي “عباءة الخلافة والخليفة والأمير، بمعنى أنّها تشكّل الرّمز السّلطوي المتجبّر، وما يحمله هذا المعنى من دلالة سياسيّة أو فكريّة” ص 63
ثم رمز الصّحراء الّتي تحمل الأفكار الاشتراكيّة والمساواة بين البشر تماما بعكس البيئة الحضريّة ذات التّفرقة الاجتماعيّة، كما أن الكاتب أبرز دور المرأة كرمز له دلالات خاصّة وعامّة، كما دخل في تحليل عميق حول المرأة وشخصيّة المقّاء ” لأنّها جسّدت الإرادة الحرّة، وحقّقت ما تصبو إليه. لقد أوعز الكاتب فراس سبب جعل المقّاء امرأة في الظّل إِلى أنّ الكاتب خندقجي أراد أن يراعي الحقبة التّاريخيّة في العصر العبّاسي. هنا أتساءل وهل كان الكاتب سيُحاسب لو جعل من بطلة روايته امرأة أمام الشّمس بدل الظّل؟
أرى بأنّ الكاتب دخل من هذا الباب إِلى الانسانيّة البحتة الّتي نُسجت بالرواية.
نصح الكاتب فراس الكتّاب والأُدباء بأن يتوجّهوا لمثل هذا النّوع من الكتابة، روايات عن التّاريخ العربي القديم.
أمّا في رواية ” النّزوح نحو القمر، للكاتب عيسى القواسمي فقد نقد الكاتب البنية النّصيّة للرّواية، ثمّ حلّل الشّخصيّات الرّئيسيّة وأصدر عليها الأحكام: شخصيّة سليم” شخصيّة غير واقعيّة،” شخصيّة سامية، لم تحمل بعدا فنّيّا روائيّا مؤثّرا بالأحداث”
حلّل الكاتب فراس شخصيّة المرأة في الرّواية واعتبر بأنّها وجدت في الرّواية؛ من أجل الحبّ والجنس.
كتب فراس حج محمد عن تدخّل الكاتب في المتن الرّوائي ولا يكتفي بالسّرد المحايد. لقد أعطى الكاتب أمثلة على ذلك، وقد اقتنعت ببعضها؛ لكنّي أرى رأيا آخر في هذا المثال ص 116.
” أجابها صوت خفي في أعماقها: ” أنت تحبينه وليس في ذلك تنازل عن كبريائك” ص 116. يقول الكاتب فراس حول هذا المثال : ” إِنّ هذا الصّوت الخفيّ ما هو إِلا استرسال الكاتب – عيسى القواسمي- لتبرير أفعال شخصيّاته، لتظهر بمظهر حسن” ص117.
أنا لا أرى هنا أيّ تدخّل للكاتب، حيث أنّه جعل الحديث على لسان الصّوت الخفي، كما أنّ ادّعاء الكاتب فراس بأنّ الكاتب القواسمي في روايته ” النزوح نحو القمر” أراد أن يظهر شخصيّاته بمظهر حسن. أتساءل هنا: أين الخطأ وما العيب بأن يحسّن الكاتب أو يسيء لشخصيّته، هذه أفكاره بمقدوره أن يحرّكها كما يشاء إِذا كانت ستخدم فكرته.
كتب فراس حج محمد عن التّناقضات في رواية عيسى القواسمي” وأعطى أمثلة:
” لقد ميّز الله الإِنسان عن باقي المخلوقات والكائنات بالفكر” ص33 ثم ينفي تحقّق العدل بعد عدّة أسطر: ” لأنّ الشّر نقيض العدل والمساواة، والشّر من صفات البشر”
أرى بأنّه ليس هناك أيّ وجه شبه للمقارنة بين المثالين؛ لأن الأوّل يتحدّث عن ميّزة الانسان عن باقي المخلوقات، وهذا اختيار ربّاني ليس له علاقة بالعدل، والثّاني تحدّث عن الشّر وتناقضه وعن العدل كلمة( للمقارنة) بعد وجه شبه.
في صفحة118 يقول الكاتب فراس ” عندما كفر سليم بأفكاره، وأخذ يرى بعيني نفسِه نفسَه” فأنا أشعر بأنّني أسبّب الألم لكلّ إِنسان ألقاه….” يعلّق الكاتب فراس:” فماذا يبقى من أثر الشّخصيّة إِذا كانت ترى نفسها بهذا الشّكل المقيت، لا سيّما وأنّ (سليم) هو عمدة الرّواية”
لا أحد يقول بأنّ الشّخصيّات يجب أن تكون مثاليّة، هذا هو الإنسان متقلّب المشاعر حسب ما تمليه عليه ظروف الحياة، بل بالعكس يرى النّقاد بأنّ التّعدد في وصف صفات الشّخصيّة في الرّواية من كلّ جوانبها – الايجابيّة والسّلبيّة- تكون أصدق وأكمل.
وشارك في النقاش عدد من الحضور.