جمعة السمان:
1- بداية كان يجب أن يكون اسم الرواية ” ذكّر إن نفعت الذّكرى”.. والسبب أنها كتبت من أجل فلسطين ..وكل كلمة.. بل كل حرف يذكّر بأحداث فلسطين.
2- للتاريخ لغة يعرفها الجميع منذ مئات السنين..إلا أن الكاتب استحدث للتاريخ لغة أكثر تشويقا..وأبقى في الذاكرة لعشّاق التاريخ “لغة الحوار السياسي”..الذي لا يقتصر على كبار السياسيين..بل وعلى هذيان العامة من المدّعين المخطئ منهم أو المصيب..ويبعث اليقظة والصحوة حارة في دماء شبابنا، ويكون له الصدى الأكبر في نفوس القادم من أجيالنا.
3- أبدع الكاتب حين جمع خيوط القضية الفلسطينية والعربية..ووضعها على لسان أشخاص كل واحد من هؤلاء يمثّل شريحة من شرائح الشعب وقناعاته وتحاليله وميوله واستنتاجاته..فبات القارئ كأنه يجلس في مضافة..فيها المتعلم الفاهم..والمدّعي الجاهل ..والشريف الصادق..والعميل الخائن، كل يكشف عن نفسه..وعن نواياه هو ومن هم على شاكلته..أو من يحذون حذوه..ويقتدون برأيه..فما كان على من يريد أن يدرس القضية الفلسطينية إلا أن يشرب فنجان قهوة في هذه المضافة مع هؤلاء مختلفي الثقافة والمبادئ والآراء..ليخرج بتقرير شاف واف شامل لأحداث وتفاصيل القضية الفلسطينية والعربية..دون أن يحشر نفسه في بطون الكتب والمراجع..أو الإطلاع على آراء بعض شرائح الشعب المختلفة ..التي لا بدّ أن تكون قد تاهت عن بعض الأحداث والقضايا مع طول الزمن..ولا شك أنها ستكون مرجعا موثقا لمن أراد أن يدرس أو أن يكتب عن القضية الفلسطينية..إذا غابت عنه أحداث تلك الحقبة من الزمن
4- دعم الروح المعنوية للمعاق..وشحذ إرادته كما ظهر في معاملة الشرطي الأردني والضابط لخليل الأكتع..المعاملة الإنسانية الراقية ورفع روحه المعنوية..أثر كبير في نفس القارئ..بحيث بات يشعر أنه لا يوجد في هذه الدنيا شئ اسمه إعاقة..وكان في هذا دعما لكل معاق..أن يعمل وينتج ويحارب ويجاهد..فكان خليل نموذجا للثقة بالنفس..والعيش والتعامل مع الواقع.
5- الحياة الإقتصادية للشعب الفلسطيني:
*لم يغفل الكاتب عن ذكر الأحوال الإقتصادية السيئة للشعب الفلسطيني في تلك الآونة..مما دفع الشباب الى الإلتحاق بمؤسستي الشرطة والجيش حماية وبعدا عن الذلّ ومدّ اليد.
*التعريف بالأماكن الدينية والتراثية مثل المسجد الأقصى الشريف وغيره من المساجد.. وكنيسة القيامة..وغيرها كثير من الكنائس والأديرة..وكذلك الأسواق القديمة والطرق..كما أنه لم يغفل عن ذكرالأماكن التراثية والأسواق القديمة والطرق داخل الخط الأخضر.. التي ترزح تحت الإحتلال الإسرائيلي.. مثل مدينة الناصرة وقراها.
6- وصف الحرب والإقتحامات الإسرائيلية ونتائجها المأساوية بدقة وتفصيل وتوضيح..الذي كان مهما من أجل إدانة الإسرائيليين..والتذكير بجرائمهم.
7- حكمة جمع العقارب ومتابعتها ومراقبتها مع الأستاذ خليل..لا أدري إذا كان الكاتب يقصد منها إدانة جهل الدول العربية..ودخولها حربا غير مدروسة الذي نتج عنها الهزيمة الكبرى.
8- لم تخلُ الرواية من الحكم السياسية..وكان ذلك على لسان الأستاذ داوود..يا جماعه ..الحرب معركة سياسيةعنيفة..لا تندلع من أجل القتل والتدمير..بل من أجل تحقيق هدف سياسي.
9- كان الحوار العربي الإسرائيلي بين خليل ومحمد ورحيل وسارة جيدا استغله الكاتب وأوضح أهداف إسرائيل وأطماعها في الأرض الفلسطينية ..على اعتبار أنها أرض آبائهم وأجدادهم.
10- أبدع الكاتب في الحوار بين العميل أبو سالم والمحقق النمرود..الذي كان فيه التحذير والترهيب والتنبيه من الإستسلام والوقوع في براثن المخابرات الإسرائيلية..كما أنه دقّ ناقوس الخطر..وجعل كل من توسوس له نفسه أن يصادق مثل الفتاة المومس تسيبورا أن يخاف ويتراجع.
11- لم تخلّ الرواية من المثل “شرّ البلية ما يضحك”..حين كانت أول مقاومة نسائية في باب السلسلة، ثورة النساء وهجومهن على الجنود الإسرائيلين..وصفعهم بالأحذية تعلو اًصواتهن
الله وأكبر عليكم تشربون الخمر في هذا المكان المقدّس..ممّا أدى الى هزيمتهم وانسحابهم.
12- أبدع الكاتب في دقة وصف الأساليب المذلة المهينة التي تستخدمها المخابرات الإسرائيلية في إيقاع الغافل الساذج من خلال أساليبهم الشيطانية..غير الإنسانية للوصول الى أهدافهم..وكان ذلك في شخصية النمرود المحقق الداهية..والجاهل الساذج الوجيه أبو سالم.
13- الجنس في رواية ” هوان النعيم”:-
لا شكّ ّن في كل كلمة قالها الكاتب في هذا المجال ..كان فيها ثورة إستفزاز غريزية عارمة..فالكلمة كانت تقطر بثورة جنسية وحشية..وثوران بركان للعواطف.
لا يمكن لإنسان غافل ساذج مثل أبو سالم أن يقاومها..أمّا الصور المرسومة بكلمات الجنس..فكانت واضحة جدا..لا يشوبها ضباب يغشي العين..أو يعطّل الرؤية..تهرب بالقارئ الى عالم الخيال بجناح وحش جامح..أمّا الأسلوب فكان روائيا بحتا في هذه الجزئية من الرواية..لا يشوبه أيّ نوع من أغراض الأدب الأخرى.
أخيرا هذه الرواية ..وبرغم ما فيها من إبداعات فنية..إلا أنه كان التوثيق والسرد التاريخي..يطلّ برأسه بين الفينة والأخرى مثبتا لوجوده.. بالمحصلة أرى أن هذا الأسلوب جيد ومفيد ومشوّق لأنه سهل ممتنع يستقطب القارئ..ويخلد في ثنايا الذاكرة ليبقى ناقوسا..ذات صوت عال ..يذكّر بالقضية الفلسطينية..خصوصا الناشئة والأجيال القادمة.