بداية احترت في أمر هذا العنوان”كنت هناك” حيث شعرت أنه يميل أكثر الى المذكرات.. أو سفير النوايا الحسنة.. أو دعوة الى إحياء التراث.أمسكت الكتاب أقلبه.. الأردن،
السعودية،مصر،أمريكا،قبرص، الإتحاد السوفيتي،سوريا،لبنان.. الى أن وصلت الى آخر صفحاته والعدّ 263.. فقلت أحادث نفسي أي خطأ أوقع فيه أخي الكاتب نفسه..؟؟
إذ أن كل ما تصفحته قرأناه في المدارس والجامعات.. وسمعناه في الإذاعات وشاهدناه على شاشة التلفزيونات..أو حتى أن الكثيرين منا عاشه.. وقد يكون ما زال في جسده أثر جرح.. أو إصابة.. فما الجديد الذي سيعطينا إياه الكاتب وخصوصا أننا أبناء وطن واحد.. والجميع يعرف كل شئ ذكر عن هذه البلاد.
هي صفحات فقط.. إذا بي أتراجع وألوم نفسي أنني تسرعت في الحكم على الكاتب والكتاب.. حين وجدت نفسي أمام “حدوثة”لا يمكنني الفكاك منها.
وأبدع الكاتب حين اختار لهذا النص أسلوب الحدوثة شديدة التشويق.. كثيرة المفاجآت.. غنيّة المعلومات..فيها الصدفة والمخاطرة والأمل واليأس وانقطاع الرجاء.. بحيث كان الكتاب “بوصلة” حدّدت لنا موقعنا.. وأسلوب تعاملنا مع بعضنا.. وأين نحن من عالم آخر يتفوق علينا حضارة وعلما وثقافة عشرات السنوات.
1:أمريكا كم كنت فرحا حين سمعت هؤلاء الذين نغبطهم على علمهم وحضارتهم وتفوقهم علينا في كثير من نواحي الحياة .. أنهم يغبطوننا ويحسدوننا أننا نتفوق عليهم “كإنسان”.. أسرة وأخلاق وطاعة والدين وتماسك وإرتباط..
بروفسور يتبرأ من ولده ويطلب أن يتبنى ولدا عربيا.. أليس في هذا اعتراف..؟؟
لا شك أنه اعتراف جعلني أحقد على كل عربي جاهل يشتمني ويشتم نفسه ويشتم عروبته.. بأقذع الشتائم والألفاظ للدرجة التي أفقدتنا ثقتنا ببعضنا وفي أنفسنا..
وأنستنا أننا سادة شعوب العالم حضارة وخلقا وإنسانية واحتراما.. وهذا باعتراف سيدة لها خبرة في معظم شعوب العالم التي تتعامل معهم بصفتها موظفة تعمل في قلم التسجيل في جامعة من أعرق جامعات الولايات المتحدة.
لقد كان لهذا المديح تأثير.. أحيى عراقة وأصالة العربي في نفسي.. مما جعلني أبدأ الحديث عن علماء.. وأهل فكر يمدحوننا بما نسيناه عن أجمل ما يكون في أنفسنا.ٍ
2: فلسطين والأردن ومدينة عمان الذي يعشقها الكاتب جعلني أنسب له لقب “سفير النوايا الحسنة” بين الشعبين.. كان في حديثه من المحبة ما جعلني أشتاق الى أخي الأردني الذي هو نسيبي وصهري أكثر.. وكذلك بالنسبة لفلسطين وبالرغم أنني ابن فلسطين ومن تراب قدسها حفيدا وأبا وجدا.. ولكن قلم الكاتب جعلني أعشق فلسطيني وقدسي أكثر.
3: السعودية وطن كل مسلم .. وبيت لكل عربي أينما وجد على خارطة بلاد العرب
جميعنا يعرف تقريبا كل مهم عن الديار الحجازية.. إلا أن الكاتب صال وجال.. وعرفنا على كل جديد فيها من علم حديث وبناء وحضارة.. والأجمل من كل هذا أنه شوقنا الى لقاء ومعرفة هؤلاء الإخوة الكرماء الأكارم .. الذين ما زالوا يتحلون بأخلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. وحبهم للقدس وفلسطين، حيث انه اختلطت الدموع تأسفا وحسرةعلى وضع القدس وفلسطين.
4: مصر.. أمّ الدنيا.. رجل بسيط يعمل شرطيا.. يتعرف على شابين من مدينة القدس.. وكان الليل قد شارف على آخره.. يصر أن يحضنهما ويستضيفهما في بيته دون معرفة سابقة.. لا يشفع لهما سوى أنهما من مدينة القدس.. أي خلق عربي كريم هذا؟ .. وأيّ محبة لك يا قدس في قلوب الأمة العربية..؟؟
5: الإتحاد السوفييتي.. لقد طغى على كل ما قرأت عن تلك البلاد محبة الإخوة
العرب وتعاونهم وطوفان شوقهم لبلادهم، ولسماع كل ما يخص القدس وأسرهم.. ولهفة آذانهم لسماع كل ما يخص القدس وفلسطين قبل السؤال عن أهلهم وذويهم.
6: سوريا وكرم أهلها.. وسعة صدرها.. واحتضان الفلسطيني.. وتيسير سبل الحياة له.. ليعيش حياة حرة كريمة.
كان في قلم الكاتب اعتراف بالجميل عن كل مهاجر عاش في الأراضي السورية.
6: لبنان: ولفت نظر الدولة على مأساة الفلسطيني الذي يعيش علىأرضها.
وتنتهي أل 263 ضفحة لأقول للكاتب أبدعت في جديدك الجميل الذي فاجأتنا به من
جمالية اللغة.. وإبداع الحرف والكلمة وترتيب النقلة من حدث الى حدث.. ولا أشك أبدا أن التفوق في رواياتك القادمة سيكون لجمالية اللغة وإبداع الحرف والكلمة.