القدس:15-4-2010من جميل السلحوت:ناقشت ندوة اليوم السابع الدورية الاسبوعية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس هذا المساء رواية(امرأة من هذا العصر) للأديبة السورية هيفاء البيطار، تقع الرواية الصادرة عن دار الساقي في بيروت عام 2004 في 214 صفحة من الحجم المتوسط.
بدأ النقاش مشرف الندوة جميل السلحوت فقال:
هذه هي المرة الأولى التي أقرأ فيها للأديبة هيفاء البيطار، وقد وجدت نفسي أمام روائية تملك ناصية الكلمة،ومتمكنه من الفن الروائي، فقد رسمت لنا بلغة أدبية جميلة(بانوراما) فنية تأسر القلوب، فتجعل القارىء يحلق عالياً في سماء لغتنا الجميلة، وقدمت لنا عملاً روائياً متكاملاً يطغى عليه عنصر التشويق، فلغتها الانسيابية وعدم التصنع في السرد الروائي والجرأة في طرح(الموضوع) وضعتنا أمام ابداع متكامل.
عنوان الرواية:
(امرأة من هذا العصر)واضح أن المؤلفة اختارت عنوان عملها الابداعي هذا بعناية فائقة، فنحن أمام امرأة نكرة، ولم تُعَرِّفها كي لا ينسحب نموذج هذه المرأة على النساء جميعهن، وهي من هذا العصر، وفي هذا استثناء للنساء جميعهن في العصور السابقة، وربما في العصور القادمة.
أهداف الرواية:
تحمل الرواية في ثناياها رسالة حبّ، فالحبّ غذاء للروح والجسد والعقل، وهو العلاج السحري للعلاقات بين البشر، تماماً مثلما هو وصفة لاستتاب العلاقة الزوجية وبناء الأسرة السوية، وحبّ الحياة ، وحتى علاج الأمراض بما فيه المستعصية.
” لماذا يجب أن نتحلى بالشجاعة دوماً لمواجهة الأزمات والمشاكل والموت، لم لا يُستعمل هذا المفهوم لحبّ الحياة .. ألا يحتاج الحبّ الى شجاعة “ص11
وفي الرواية نقد صريح لقضية اشتراط عذرية المرأة عند الزواج” مسكين وجيه كم يتعذب، اذ يفتتن بامرأة ذات شخصية قوية، متعلمة، مثقفة،وذكية، لكنه يريدها في الوقت نفسه عذراء، وليس لها تجارب عاطفية … يبدو أنه لا يعرف أن هذه المعادلة يستحيل أن تتحقق لأن لا شيء يصقل الشخصية الا كل التجارب “ص56
كما أنها تنتقد بشدة العلاقات الاجتماعية ومنها علاقة الرجل بالمرأة أو العلاقات العائلية في الموروث الثقافي الشرقي.
وموقفها من قضية(عذرية) الفتاة ، والعادات والتقاليد الشرقية نابع من تأثرها بالثقافات الغربية التي ترفض كل ما هو شرقي .
الأنثوية:
(امرأة من هذا العصر) رواية أنثوية بامتياز، وعامودها الفقري هو العلاقة بين المرأة والرجل، علاقة انجذاب الجنس للجنس الآخر،علاقة الحب،علاقة الجنس، علاقة الزمالة .. الصداقة .. الأمومة .. الأخوة، لكن بيت القصيد هو علاقة الحب والجنس، والرواية تطرح بجرأة متناهية ما تريده المرأة من الرجل، وتكشف بصورة فاضحة فجاجة وقسوة الرجل في علاقته مع المرأة، فالمرأة على حق دائماً، والرجل مدان في هذه العلاقة بشكل شبه دائم .
شخصيات الرواية: مريم هي الشخصية الرئيسة في الرواية، وهي الساردة أو الراوية من ألف الرواية الى نهايتها، تتكلم بلغة الأنا، تبوح، تتحرك، تعمل،تمارس، تضغط ، تهجر ، تعفّ ، وتعهر ، تحب وتكره ، تشفق وتقسو ، تعدل وتظلم ، تتشاجع وتجبن، ترحل وتقيم، تعلم وتجهل، وهذه الضدية في شخصيتها التي حاولت المؤلفة أن تجعلها سوية، هي التي تجعل القارىء يحبها أكثر من أن يكرهها، ويتعاطف معها أكثر مما يقسو عليها، ويضيع في خبايا نفسيتها، وهي الشخصية المحورية في الرواية، أما رجالها الذين أحبتهم وما لبثت أن كرهتهم،ومن كرهتهم. وحتى النساء الأخريات، فكلهم كانوا يدورون في فلكها تحركهم كيفما ووقتما وأينما تشاء، وتسكنهم أو تحطمهم متى شاءت أيضاً ,
أحداث الرواية:
تدور أحداث الرواية حول امرأة مهندسة-مريم- أصيبت بسرطان الثدي، واستأصله لها طبيب مختص، فتعيش صراعات نفسية حول كيفية امكانية عيشها بثدي واحد، مع ما يمثله الثديان بالنسبة للمرأة،وبالنسبة لعلاقتها مع الرجل، تدرك فداحة خسارة ثديها، الذي تحاوره قبل أن تدخل غرفة الجراحة لاستئصالة، وتصل الى ما تعتبره حكمة بأن(ذاكرة المرأة في نهدها) ص9، فعلاقتها بالرجل مرتبطة بالثديين اللذين هما جزء هام من العلاقة الحميمية بينهما، حتى أن هذه العلاقة هي التي طغت على تفكيرها في اليوم السابق للعملية:”ستكون نهاية ثديي نهاية الرجل في حياتي .. لن أجرؤ بعد اليوم أن أحبّ رجلاً وأنا بثدي واحد” ص15
وبعد استئصال الثدي المتسرطن يبدأ العلاج الكيماوي، وهو علاج مرهق للمريض الذي يتعاطاه، ولكي تتغلب الراوية مريم المريضة على ألمها، فإنها قررت أن تستعيد ذكرياتها في علاقاتها مع الرجال، وفي الجلسة الأولى استذكرت ذلك البخيل الذي”كان رجلاً جميلاً وذكياً، ذا ثقافة استعراضية، ثقافة لم تمسّه في العمق بل تلزمه حين يكون وسط جماعة من الأصحاب والمفكرين” ص32
وهذا البخيل”كان الزواج بالنسبه اليه صيداً أو صفقة .. بينما الحبّ أمر تافه في الزواج “ص34 وعندما تتذكر علاقاتها الجنسية مع ذلك البخيل، فإنها تعتبرها ذكرى مؤلمة في حياتها.
ومريم تبرر علاقتها بالبخيل بتساؤلها:”هل انا ضحية التركيز الاعلامي على الجنس كقيمة عليا تثبت لي أني متحررة ولديّ شهية للحياة؟أحسّ بالكره للرجل الذي سأسلمه جسدي من دون حب حقيقي،لكن لطالما تساءلت ان لم نصادف الحب في حياتنا فهل نعيش في قحط عاطفي؟”ص43ويتضح هنا أن الغاية تبرر الوسيلة،فان لم يتوفر الحب فان العلاقة الجنسية مع البخيل مع كل مسلكياته المنفرة هي الهدف لاشباع الرغبات الجنسية.
وبعد استذكار العلاقة مع البخيل تعود لتستذكر علاقتها مع وجيه الذي تعرفت عليه في الباخرة اثناء سفرها الى اليونان، وأحب كل منهما الآخر من النظرة الأولى”فقد تشابكت روحانا من النظرة الأولى في حميمية غامضة”ص51فكلاهما عاش تجربة حب فاشلة،هي مع البخيل ووجيه مع خطيبته التي كذبت عليه وكانت تراسل شابا مغتربا في كندا وتحبه، غير انه لم يوافق على الزواج من مريم التي عشقها واعتبرها ساحرة الجمال لأنه”لا يمكنني الزواج من امرأة ضاجعها العديد من الرجال”ص55ولأنها ليست بكرا فالعذرية”عقدة كل رجل عربي،ومخادع من يدعي العكس”.ص55لكنها تعتبره مسكينا في تفكيره وفي نظرته للمرأة لأن مواصفات المرأة التي يحلم بالزواج منها ان تكون متعلمة ومثقفة وذكية وعذراء في نفس الوقت”معادلة يستحيل ان تتحقق لأن لا شيء يصقل الشخصية الا تلك التجارب”والمقصود التجارب الجنسية طبعا.
وفي جلسة العلاج الكيماوي استذكرت علاقتها بطليقها احمد، ووالد ابنها الوحيد لؤي،وكيف تعرفت عليه في المستشفى عند اجراء عملية جراحية لها لاستئصال الزائدة الدودية،وأحبته وأخلصت له ووافقت على الزواج منه، رغم معارضة والدته التي تريد لابنها زوجة من”طينتها”وهو تعبير شعبي في الثقافة الشعبية العربية”من طين بلادك لُطُّ خدودك” ولحبها له فقد استجابت لطلبه بارتداء الحجاب وان ترتدي ملابس مثل ملابس والدته،وتركت عملها كمهندسة،”الزوجة الصالحة جنتها بيتها،ثم اننا أثرياء ولسنا بحاجة الى راتبك الهزيل”ص69هكذا خاطبها،ومع انها انجبت منه طفلها الوحيد الا انه”بدأ حربا جديدة معي،صار يحاربني بابني،فكل صباح يأخذ لؤي الى أمّه، ولا يعود به الا مساء”ص70ومشكلة احمد هي ضعفه امام والدته”ما أصعب أن تحب انسانا ضعيفا”!وفي غفلة طلقها احمد بدون سابق انذار مع انه يحبها ويشتهيها”الى حد الهوس والجنون”ص75ولم تُجدِ محاولاتها مع احمد للتراجع عن الطلاق شيئا،ومما فاقم الموقف هو وضع طفلها رهينة عند جدته لأبيه وحرمانها من رؤيته،وهي ترى في الطلاق وحرمانها من الأمومة موتا”فالرجل الذي أحببته قدم إلي حبا عظيما وموتا عظيما،أيضا،ترى هل الحب والموت وجهان لعملة واحدة”؟ص85.
وفي الجلسة الثالثة تتذكر كيف أقامت علاقات جنسية مع نادل في مطعم،لم تسأل عن الحب ولا عن قيود المجتمع الذي يعتبر”الانفعالات العاطفية والعلاقات الحميمة تدخل ضمن اطار المحرمات”ص92وتنتقد المجتمع بشدة،لأنه يتغاضى عن ممارسة الرجال للجنس بينما هو جريمة بالنسبة للنساء،”حسدت الرجال،فالرجل مهما تكن طبقته يحق له أن يضاجع خادمة من دون أن يحس بالدونية أو تأنيب الضمير”ص97.
في الجلسة الرابعة للعلاج الكيماوي تعرفت على طبيب للأمراض النفسية ورئيس لعدد من المؤسسات،منها جمعية”مناضلات”للدفاع عن حقوق المرأة وهامت به غراما،وسعت كثيرا للقاء غرامي معه،وعندما تحقق لها ذلك وجدته عنينا-لا ينفع النساء-.
وفي جلسة العلاج الخامسة تذكرت “سامح”رئيس الشركة الهندسية التي أحبها ولم تحبه،مع انها ضاجعته،وعندما سافر للعمل في باريس افتقدته وشرعت تتحسر عليه.
وفي الجلسة السادسة استذكرت ذلك المهندس الحاصل على شهادة الدكتوراة من امريكا،والذي تزوج قبلها من المانية وانجبت منه طفلا وطلقته لعقدة اليتم التي يعانيها، فقد توفي والداه وهوطفل،كان سيء الطباع بذيء اللسان يحتاج الى حنان الأمومة الذي افتقده طفلا، ويحاول ان يجده في زوجته،مما ذكرها بطفلها الوحيد لؤي.
وتتواصل ذكرياتها في كل جلسة علاج ،حيث تذكرت علاقتها بالطبيب الذي يمارس الاجهاض وتضاجعه مع انها لم تحبه،وتتذكر كيف زارها ابنها وهي في جلسة العلاج الثامنة،وكان على ابواب انهاء مرحلة الدراسة الثانوية تمهيدا لسفره للدراسة في بريطانيا، وكيف سعدت به وبلقائه،ووجدت فيه حبها الصادق،كما تتذكر خالد شقيق صديقتها فدوى والمتزوج من امرأة مهووسة، لكنه لم يطلقها رغم تعاسة حياته الزوجية،وبعد ذلك اعجابها بالطبيب الجراح الذي استأصل ثديها،والذي سبق له وان تزوج انجليزية،انجبت منه طفلة وتطلقت بعد عشر سنوات وهربت بابنتها.
وتختتم روايتها بالحديث عن آمال التي زارتها في المستشفى لمواساتها،بعد استئصال ثدييها المصابين بالسرطان،وكيف ان زوجها طلقها بعد مرضها،كما تحدثت عن ميول ابنها لنورا بنت خاله وهي من جيله،ولتموت آمال وحيدة ويموت معها طائر الحب.
الهروب من الفشل:
هربت الساردة مرتين خارج بلدها،مرة في رحلة استجمام الى اليونان لتتطهر من علاقتها مع البخيل،ومرة الى استراليا حيث اخوها المغترب يعيش هناك بعد طلاقها من زوجها الطبيب احمد،وحرمانها من رؤية طفلها الوحيد لؤي،ويبدو هنا ان هذا الهروب جاء استجابة لما يقوله أطباء الامراض والعلوم النفسية والاجتماعية،بأن السفر الى الخارج بعيدا عن ساحة الحدث،يعتبر علاجا نفسيا ويجلب الراحة النفسية للمسافر.
الأمومة:دافعت الساردة –مريم- في الرواية عن حقها في الأمومة،بل انها وجدت في زيارة ابنها لؤي لها اثناء احدى جلسات العلاج الكيماوي متنفسا لها أنساها آلامها،ووجدت فيه متعة ولهوا أكثر بكثير من ذكرياتها عن علاقاتها الغرامية مع الرجال،وهي رأت أن حبها الذي لا يتزعزع هو حبها لابنها،لكن في البناء الروائي لم ينضج هذا الحب تجاه الابن وهو في المهد صبيا،فعندما كان ابوه يأخذه الى جدته صباحا ولا يعيده الأ مساء،لم نلاحظ مقاومة الأمّ لذلك، مع أنها تركت عملها وبقيت في البيت للعناية بزوجها،فهل آثرت حب الزوج على حب الابن؟وبعد طلاقها وحرمانها من رؤية ابنها لم تحاول أن تستعيده،وهي المرأة المتعلمة والمثقفة والعاملة،مع أن حق حضانة الأم للطفل هو حق للأم حسب الشرائع السماوية والقوانين الوضعية،فلماذا لم تتطرق الرواية الى هذه النقطة؟أم أنه مقصود من المؤلفة لتترك الأم حرة في البحث عن علاقات جديدة لها مع رجال جدد؟
وماذا بعد؟
تعتبرهذه الرواية ثورة على الموروث الديني والثقافي والاجتماعي العربي،واعتقد انها غير مسبوقة من ناحية الجرأة في المضمون،ويبدو ان الكاتبة واسعة الاطلاع في علم النفس وعلم الاجتماع،قد جمعت نماذج مختلفة لتجارب حياتية لبضع نساء وطرحتها في قالب روائي بطلته امرأة واحدة.
وقال محمد موسى سويلم:
امرأة من هذا العصر
رواية مكامن النفس البشرية
ما اضيع اليوم الذي مر بي*** من غير ان اهوى وان اعشق
رواية(امرأة من هذا العصر)للأديبة السورية هيفاء البيطار،الصادرة عام 2004عن دار الساقي في بيروت رواية فلسفية،عبرت فيها الى مكامن النفس البشرية خاصة في عالم المرأة التي تعتبر اكبر خزان للأسرار الأسرية و الذاتية، وأكثر قدرة على تحمل صعاب الحياة، وأكثر لغزا محيرا لكل معاناة النفس،رواية لها علاقة بعلم الاجتماع الأسري والخدمة الاجتماعية العلاجية،فقد أبحرت في عالم الغرائز والحاجات التي تعتبر من أصعب ما تعانية الفتاة الآن في مجتمع أوكل حل مشاكلة الى المنظرين والباحثين عن هواجس الحلول المصطنعة،أوالمكتوبة في نظريات وأطروحات من سموهم المصلحين، ومن يدعون المدنية والحضارة .
غاصت الكاتبة في دهاليز الطب النفسي وتحاليل سيجموند فرويد الجنسية، وكانت في نظرية الشك واليقين، وبافلوف وثورنديك بنظرية التعزتز والانطفاء و ماسلو وسلم الحاجيات .
رواية بحثت في أعقد مشاكل العصر الذي نراه ونسمعه، ونعيشه في اللا توازن واللا معقول، رواية كشفت فيها أغوار(اعماق )النفس البشرية في رائعة من روائع النص الادبي بأسلوب مقروء وسهل،وكأنك تقرأ لاحسان عبد القدوس روايتة الوسادة الخالية، أو نجيب محفوظ في(الثلاثية)أو لسحر خليفة روايتها ربيع حار، أو احلام مستغانمي روايتها عابر سرير .
هي كاتبة نعم وهي في نظري رسامة، فقد رسمت بقلمها مجموعة من الصور للفتاة الشرقية بكثير من الدقة من مناظر(المرض…العري…الجمال…اللباس والمكياج) صورة للمرأة صورة للرجل .
روت عذابات المرأة المطلقة … المريضة التي فقدت ابنها أو تركت ابنها أو تنازلت عن ابنها …………… الخ من أجل حريتها، من أجل أن تكون قوية في قرارها،لا أدري ماذا تعمل أو عملت الكاتبة،ولا أدري ماذا درست،ولكنني اظن أنها عاملة أو باحثة اجتماعية،وأن هذه الرواية لامرأة من ذوات القضايا التي مرت على الكاتبة لطلب المساعدة من المعاناة التي تشعر بها.
( مسكين وجيه كم يتعذب، انه يفتن بامرأة ذات شخصية قوية متعلمة مثقفة وذكية، لكنه يريدها عذراء وليس لها أيّ تجارب عاطفية، يبدو أنه لايعرف أن هذا يستحيل أن يتحقق، لأنه لا شئ يصقل الشخصية الا تلك التجارب)ص56 أتساءل هل هذا صحيح؟ وهل هذا يعني فعلا أن العذراوات غير مثقفات وغير متعلمات، وأن التجارب العاطفية هي من يصقل الشخصية؟ وهل هذه المعادلة التي أوردتها الكاتبة هي فعلا مستحيلة؟وأنه يجب على الفتاة المرور بتجارب عاطفية لصقل شخصيتها. (لأنك لست من طينتنا)ص65 هل هناك طينة بشرية مختلفة أم عدنا للطبقية البغيضة التي هى سبب تخلفنا؟متى نعود الى الله ونؤمن بقوله تعالى(ان أكرمكم عند الله أتقاكم ) ؟
الطلاق والفراق والغربة وكيف تركت ابنها؟ لِمَ لَمْ تحتضنه؟ وهل طلب منها التنازل عنه؟هنا حلقة مفقودة في ذكريات الكاتبة.. طلاق مفاجئ يا عونة الله …… تنازل عن الطفل أو تركه دون مبررات أو ذكر الأسباب أم أن البيوت أسرار،هناك شيء مفقود، والمعلوم أن الطفل لأمّه في السنوات الأولى، فما بالك بالأشهر الاولى من عمره؟ مرحلة زمنية مفقودة في الرواية.
(من مسلمات تفكير المجتمع الشرقي)ص92 هل هناك ما يعيب تفكير المجتمع الشرقي؟ وهل ذكورية المجتمع الشرقي وصمة عار؟ وهل المجتمع الشرقي متخلف فكريا ودينيا وعقليا واجتماعيا؟ وهل يجب ابادتة بمبيد سام؟ أم ماذا يجب ان نفعل لهذا المجتمع؟ اللهم ارحم والطف (الجنس في هذا البلد امتياز للرجل)ص95هذا في زمن الانحطاط، ولكن الجنس خارج العلاقة الزوجية هو عار على الرجل كما هو على المرأة، فالجنس هو الجنس لكلا الطرفين. ( انت امرأة شاذة لاتحبين الا الرجل الذي يذلك)ص118( يا لوقاحة الرجل حين يشبع غريزتة! قبل ان يحصل على المرأة يلهث وراءها ككلب وبعد نيله مراده يحتقرها)ص141 هذا اللي طلع معك يا ست هيفاء يعني صدق المثل(يا مؤمنه الرجال يا مؤمنه الميه في الغربال) طيب اسمعي هالمثل:(لا تؤمن للنساء ولو صرن أنبياء) في جلسات النساء(كنت أشعر كيف يحرقهن الفضول ليعرفن أن كان لدي عشاق وأتقبل(نصائحهن)وأنا أضحك عيشي حياتك لا تزالين شابة)ص159 نعم صدق الشاعرحين قال :-
عن المرء لاتسل وسل عن قرينه فكل قرين بالقرين يقتدي
والأهم يا ست هيفاء حديث الرسول صلى الله عية وسلم حين قال(جليس الخير وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إمّا ان تبتاع منه أو تجد منه ريحا طيبا، ونافخ الكير إمّا ان يؤذيك وإمّا ان يحرق ثيابك) في الجلسة التاسعة أصبحت تدافعين عن الرجل، فهذا خالد التعيس في زواجه، والظلم الواقع عليه، ولكن في النهاية تتهمينه بالجبن، لأنه اختار التعاسة مع زوجته، من أجل أولاده، يا لعبث الأقدار! لماذا هذا التقلب من ساعة لساعة؟ألا يستحق الأولاد التضحية؟ (تعالي نشرب كأس الفشل)ص209ألم تعرفي أن المرض هو ابتلاء من الله؟ألم تعرفي أن المؤمنين أشد بلوى؟ألم تعرفي ان الله اذا أحب عبدا ابتلاه؟ألم تسمعي فريد الأطرش حين قال الحياه حلوه بس نفهمها .
امرأة من هذا العصر رائعة من روائع الادب العربي، حسب رأيي الشخصي، لغة سهلة بسيطة غير معقدة، سهلة الفهم والتعبير،علاوة على أنها رائعة من روائع علم الاجتماع البشري، ومشكلة من المشاكل الاجتماعية التي تمر بها كل نساء العالم المتحضر،وحتى العالم الثالث في الصفحة الثانية من اصدارات الكاتبة أجد:- امرأة من طابقين(رواية)يوميات مطلقة(رواية)الساقطة(قصص)ضجيج الجسد(قصص) ثم الرواية التي انا بصددها امرأة من هذا العصر، ما هذا يا أديبتنا؟ أمتخصصة في عالم المرأة أم ان مشاكل المرأة هى الطاغية هذه الايام؟
الرواية تستحق القراءة لما لها من واقع معاش،وتداخل في الكثير من الرؤى خاصة اولئك الذين لا يعرفون قيمة المرأة، ويعتبرون أن المرأة مجرد( جسد .. وعاء ..سلعة …الخ ) لا يا أخت هيفاء المرأة أعظم بكثير فهى مكرمة من الله قبل كل شيء ورسله ثم من كثير من العظماء، وأصحاب العقول والضمائر والناس المحترمين.
الله تعالى يقول(هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) الرسول صلى الله عليه وسلم يقول حين سئل،أيّ الناس أحق بصحبتي؟ قال أمّك، ثم من؟ قال: أمّك، ثم من؟ قال أمّك ثم من؟ قال:أبوك ) وهذا حافظ يقول:
– الأمّ مدرسة اذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق
وهذا نابليون يقول ان المرأة التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها
وأخيرا أغبط الكاتبة على هذه الجرأة والصراحة والوضوح في طرح مثل هذه المشاكل دون حرج.
وقال موسى ابو دويح:
كما يظهر من الرواية ومن الورقة الأولى فيها أنّ للكاتبة باعًا طويلا في كتابة الرواية.
على الغلاف صورة امرأة محطّمة شبه عارية، وتحت الصّورة كتب اسم الرّواية (امرأة من هذا العصر)، أي من هذا العصر الرديء المضطرب الفوضويّ، العصر الّذي تكثر فيه الخيانة والظلم والقهر والعهر، العصر الذي يتباهى فيه الرجل بخيانة زوجته، وتنزع فيه المرأة ثوب الحياء أوتقطع عرق الحياء من بين عينيها، وتعرض نفسها عرضًا رخيصًا على أيّ رجل ينزو عليها كما ينزو التّيس على العنز، أو كما ينزو العَير على الأتان.
هذا العصر الذي فقد كلّ قيمة من القيم الإنسانيّة،ويسمّونه عصر الحرّيّة والديمقراطيّة أي عصر الانحلال والانفلات، وغيبة الإسلام عن تنظيم العلاقات فيه،وتطهير المجتمع من أدرانه وأرجاسه، عصر الجنس والخمر والسّفور وعرض الأجساد عارية رخيصة لمن يريد، والنفس أمّارة بالسوء إلا من رحم ربي،وتسلّح بإيمان راسخ وعقيدة ثابتة، فعرف الحلال والحرام، فترك الحرام خوفًا من الله، ووقف عند حدود الحلال استجابة لأمر الله.
فعندما كان نظام الإسلام مطبّقًا في المجتمع،كان يفرض الحلال ويمنع الحرام، ولا يضيره أن يفعل الحرام سرّا، لا يجاهر به أحد ولا يباهي به أحد، ولا كشف للعورات ولا مجاهرة بالمحرمات، فلكلّ مخالفة عقوية، فمن لم يردعه دينه وإيمانه وخوفه من ربّه زجره سيف العقوبة، فكلّ ما نراه اليوم من فساد في المجتمعات، إن هو إلا لغياب الإسلام عن التطبيق.
والرواية التي بين أيدينا تصّور واقعنا اليوم تصويرًا دقيقًا، حيث صار الزّنى ظاهرة رائجة في المجتمعات، وصار شرب الخمر وكلّ المسكرات كشرب الماء، وصارت المرأة تعرض نفسها على الرجل وتسافر من أجل لذّة محرّمة مع رجل فاجر ساعات وساعات.
وبطلة الرواية (مريم) تتزوج مرّتين، وينتهي كلّ زواج بالطلاق، وتعاشر العشرات من الرجال، ظنا منها أنها تشبع رغباتها،وتقضي شهوتها وتستقرّ حياتها وما درت أن حياتها تزداد سوءً ومرارة وتعقيدًا وكآبة وحزنّا وضياعًا، وأنّها بعملها المشين هذا تفقد كلّ شيء: تفقد شرفها وخلقها ودينها وكرامتها وإنسانيّتها، فتصبح كحيوان الغاب.
اتصفت الكاتبة في روايتها بالصدق فيما كتبت،ولو كلّفها ذلك الكثير، فقد اعترفتبطلة الرواية مريم لزوجها بأنّها كانت لها علاقة مع شابّ قبله، وكان بينهما مداعبات وقبلات، وقالت له صراحة إنّه كان يداعبها مداعبات غير سطحيّة وأنّه داعب جسدها وقبله وهي عارية تماما(ص71)، ولهذا طلقها زوجها أحمد.
في الرواية دعوة إلى التحرّر والانخلاع من كلّ خلق ودين وشرف وحياء واضحة صريحة في قولها في (ص40) (كان قراري عقليا بحتا أن يكون لديّ عشيق،وأنا أخطو بخطوات ثابتة نحو الأربعين، كنت أؤمن بحقوق النّفس والجسد، وأرفض أمراض الكبت تحت ستار الأخلاق،هل تعني الأخلاق الاكتئاب والتّعاسة؟ أنا أفهم العكس، وقد أردت أن أختار الرجل الذي سيكون عشيقي كما أختار ثيابي، كنت أرفض العلاقة مع متزوج فأنا لا أريد مشاكل مع زوجة).
فضحت الكاتبة مؤسسات ومنظمات ومؤتمرات الدّفاع عن المرأة الدّاعية إلى تحريرها من واقعها الذي تعيشه، حينما تحدّثت في (الجلسة الرّابعة) من الرّواية عن رئيس عدد من المؤسسات الذي أسس جمعية(مناضلات) -وهدفها الرئيس الدفاع عن حقوق المرأة- ذات الشهرة العالميّة، وهو رئيس الجمعية الطبية للأطباء الّنفسانيّين، صاحب المؤلفات المهمّة التي تدرس في العديد من الجامعات، وهو خبير بالأمراض النفسية للمرأة العربيّة،وله برامج في التلفزيون والإذاعة يتلقى فيها شكاوى من معذَّبين مجهولين،ويعطي آراء عميقة ومبتكرة فيها، والذي رأس مؤتمرا في عمّان في(فندق الهوليدي إن) فيه أكثر من مئتين وعشرين مشاركة ومشاركا وباحثة وباحثا ومفكرة ومفكرا في المؤتمر العالمي للمرأة. هذا الرئيس سحب مريم من خصرها عندما زارته في مكتبه، والصق شفتيه بشفتيها في قبلة إلهية، قبلة لها مذاق الخلود، قبلة تعجز مريم عن وصفها، هذا الرئيس الذي يدعو ويعمل جاهدًا لتحرير المرأة يزور مريم في غرفتها(رقم 723) في الفندق منتصف الليل، ويتحرّر من ثيابه بلحظه ويجبرها على أن تتعرى ويتحسس جسدها براحتيه النّهمتين، ويتحسس نهديها –قبل أن تجري عملية استئصال الثدي- مع أنّه عنين،تقول عنه الكاتبة على لسان مريم ص111: (أهذا هو المدافع الغيور عن حقوق المرأة؟هل يفهم نفسيّة المرأة حقّا؟ هل يحترم فيها الإنسان؟أم إنّ المرأة عنده مجرد لافتة عريضة ليبرز من خلالها شهرته.
علّمني هذا الرجل درسًا مهمًّا عن خيانة السلطة، عن السّلوك الخائن والمزيّف للرجال المهمين المتمتعين بسلطة على الآخرين وخاصة النساء الوحيدات.
شعرت بأنّ كلّ ما كتبه واستمر في كتابته وترويجه لا قيمة له،لأنه لا يصدر عن روحه، بل مجرد كلمات طنانة وأفكار براقة لا يؤمن بها في العمق. وكم أميل إلى تصديق أنّه في كلّ مؤتمر من مؤتمراته خاصة تلك الدّاعية إلى تحرير المرأة، يصطاد امرأة تثيره فيستغلها، ويمارس عليها سطوة فحولته النّاقصة، ويذلّها في الفراش لمرة واحدة، ثم يهملها عن عمد مستمتعا بأن سلطته تذل المرأة المثقّفة التي تؤمن بالمساواة، بينما لا يدل سلوكه سوى عن رفضه العميق للمساواة بين الجنسين،وكم كان يفجعني أن جميع النّساء المطعونات في حقوقهن وكرامتهن لن يتمكن من فضح رمز من الرّموز الثقافية الفاسدة مثله.) من صفحة 111 بتصرّف.
الكاتبة تجيد كتابة الرّواية بل هي مبدعة فيها، وليتها جعلت كتابتها دعوة للخير والحقّ والفضيلة بدل دعوتها للشر والفساد والرّذيلة،وهي أيضًا متمكنة من ناصية اللغة العربيّة بقلم سيّال وأسلوب ممتع.
وقالت روض حسين:
امرأة من هذا العصر – للروائية هيفاء البيطار
في بداية الرواية أبدعت الكاتبة في ترجمة مشاعر وآلام امرأة مصابة بسرطان الثدي وما تمر به من احباطاتٍ واضطراباتٍ نفسية صعبة وأنها باتت امرأة منقوصة الأنوثة. ثم تنتقل بنا في رحلة ملتهبة من غراميات محرمة لبطلتها مريم نافيةً خلال هذه الرحلة أي أخلاق أو تقاليد أو عرف، تنتقد الالتزام والتضحية والنسق الاجتماعي وتُسميه تعقيدات، تعتقد الخيانة في كل رجل وامرأة.
تُؤمن بتحرير المرأة وهي عبدة لشهواتها.
تُجل الرجل لدرجة التأليه ليس تقديراً واحتراماً، ولكنه مُلبٍ لرغباتها، لهذا تقول له إلهي وأعبدك (عند المغازلة).
تبث السم بالمجتمع وتتوقع العطف والتقبل.
جعلت تجربة زواجها الفاشل (وهي السبب فيه طبعاً) شماعة لأخطائها.
إنسانة غير مسئولة تعيث فساداً في المجتمع, نصبت نفسها العارفة والفاهمة لنفسية الآخر، هي ضمن فئة موجودة في المجتمع لا ينكرها ذا نظر وهي إفراز طبيعي بكل مجتمع, يجب الانتباه لها ومنها.
للكاتبة أتوجه وأقول:
لديك قدرة وكم من الخبرة والإبداع في الكتابة لا تُهدريها بطريقة رخيصة ليس لها عمر، فهي كعود الكبريت. فكتابك هذا وكتبك الأخرى تؤكد على أنك تسيرين على درب وطريق تتخذه بعض المثقفات مثل نوال سعداوي من مصر، أحلام مستغانمي من الجزائر وابتهال الخطيب من الكويت وأخريات تنادين وتتشدقن بحرية وتحرير المرأة وأنتن عابدات لشهواتكن، من نصب أحدكن على أن تكون سفيرة المرأة في الوطن العربي وأنتن والله عارٌ على جنس النساء الطاهر الوفي.
ملاحظة:
الكتاب هو قراءة تفصيلية لأفكار ومعتقد وتوجه الكاتب … أنا لا أفصل الكاتب عن الكتاب فهو من بنات أفكاره.
تناقضات:
- تَرثى لحال الزوجة الصالحة الصابرة والأم المضحية، وهي في النهاية تُشيد بهذا الدور لنفسها.
- تشتكي من زوجها الثاني بأنه حرمها من التدخين مع أنها قالت في بداية الرواية أنها لا تدخن، لكنها أخذت سيجارة من الطبيب لأنها حسب قولها اللحظة تتطلب سيجارة وهذا أيضاً تناقض آخر.
- ملاحظة – لدى الكاتبة مفهوم ذاتي منحرف … جعلت من بطلتها صائدة رجال (أسف أشباه رجال) وهي وظيفة الذكر ولهذا كانت هي تبدأ العلاقة والرجل يقوم بإنهائها، ولديها أيضاً خطأ متكرر وهو العطاء الساذج وكأن بها مسٌ.
- وعجبي:
إن تكلمنا عن الوطنية كقيمة في المجتمع…فرّطنا وهمّشنا الأخلاق وكأنها شيءٌ ثانوي في الحياة، وهي الأساس.
وإن تكلمنا عن الحرية والديمقراطية والمساواة…تفرّدنا بالشهوات وجعلنا الأخلاق هي العدو المُحارب.
وإن اخترنا الدين والالتزام…تطرفنا وقمنا فقط بالعبادات وجعلنا الأخلاق من الكماليات.
والعجيب فعلاً في هذا الزمان بأن الفساد يدخل في بيوتنا وقلوبنا بسلاسة أدبية راقية الطر،, ةفي النهاية نصفق لهذا العمل … وعجبي .
روض حسين