جميل السلحوت:بدون مؤاخذة- في سوريا ينجرّون الى الذبح مختارين
قرار ما يسمى اجتماع وزراء خارجية أصدقاء سوريا الذي أنهى أعماله قبل يومين في الدوحة بقرار تزويد المعارضة السورية بالأسلحة المتطورة لعمل توازن على الأرض مع جيش النظام، من أجل تحقيق السلام على ارض سوريا، وترك كل دولة بارسال أسلحتها بطريقتها الخاصة، يحمل في طياته تدويل الحرب في سوريا بشكل رسمي وعلني، بعد أن كان بطرق سرية، وهذا يعني أن الدول التي ستشارك في تقديم السلاح ستتدخل بجيوشها وأذرعتها الأمنية في الشأن الداخلي السوري، وستزيد نار القتل والدمار في سوريا اشتعالا، لن ينجو من نارها طرفا الصراع المتقاتلين، خصوصا اذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن هناك دولا مثل روسيا والصين وايران تمدّ النظام بالمال والسلاح، وتوفر له غطاء سياسيا، واذا ما أقرنا ذلك بتدخل حزب الله اللبناني وبعض المليشيات الشيعية العراقية عسكريا في لبنان، وما قابلها من فتاوي لمن يسمون أنفسهم هيئة علماء المسلمين لفتح باب”الجهاد” في سوريا، فاننا لا نحتاج الى كثير من الذكاء بأن كل ذلك يصب في خانة تهيئة الأجواء لاستمرارية القتل والدمار في سوريا، وقد تمتد نار الفتنة الى دول مجاورة، وقد امتدت فعلا الى لبنان وفي صيدا تحديدا هذا اليوم بمليشيات احمد الأسير، التي تُجيّش أهل السنة في لبنان لمحاربة حزب الله والشيعة، والاصطدام مع الجيش اللبناني، ومحاولة زجّ المخيمات الفلسطينية في هذا الصراع الكارثي. بدعم من تيار المستقبل اللبناني ودول عربية.ولن ينجح مؤتمر جنيف المزمع عقده في الأيام أو الأسابيع القادمة النظام في انهاء الحرب القذرة التي أهلكت البشر والشجر والحجر في سوريا. بل سيزيدها اشتعالا.ومن يدّعون الحرص على سوريا وعلى شعبها يثبتون يوميا أن أفعالهم عكس أقوالهم تماما، سواء كان النظام أو ما يسمى الجيش الحرّ، ويتضح أن قرار الحرب أو السلام ليس في أيدي النظام ولا معارضيه، بل في أيد أجنبية تحارب من أجل مصالحها في المنطقة، ونجحت في أن تجعل وقود هذا الصراع من دماء العربان والمتأسلمين، بعد تأجيج الصراع بين الشيعة والسنة، وقبلت نعاج القطيع أن تمد رقابها لسكاكين جلاديها، لكن الخاسر الوحيد هو سوريا وشعبها، والمنطقة برمتها، وأمّة العربان برمتها…وستجري تصفية القضية الفلسطينية لصالح المشروع الصهيوني، كما ستجري اعادة تقسيم المنطقة حسب ما يرتئيه الطامعون فيها.ومن المحزن أن النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد، لا يزال يتمسك بالحكم رغم اهدار أرواح حوالي مئة الف سوري سواء كانوا من الجيش والأجهزة الأمنية، أو من قوى المعارضة، ومن الشعب الذي ما عاد آمنا. تماما مثلما أن المعارضة المسلحة لم تدرك أنها تدمر وطنها وتقتل شعبها، وأن من يسمون أنفسهم”مجاهدين” من الدول العربية والاسلامية، الذين يقاتلون سوريا وشعبها لم يدركوا هم الآخرون أن عدوهم ليس سوريا وشعبها. ولم يتعظوا من سابقيهم الذين تطوعوا للقتال في الحرب البوسنية في تسعينات القرن الماضي، وعندما انتهت الحرب وقامت دولة البوسنا”المسلمة” قتلت واعتقلت من بقي من “متطوعي” العربان، أو قامت بتسليمهم الى دولهم ليقضوا ما تبقى لهم من عمر في السجون.ولو كان هناك عقلاء في النظام، أو في المعارضة المسلحة، وحريصون فعلا على ما ومن تبقى من سوريا، لاعتزلوا هذه الحرب الكارثية، ولعملوا على طرد كل الأجانب المحاربين من سوريا، ولعملوا على بناء حكومة وفاق وطني مؤقتة للاعداد لانتخابات ديموقراطية، يقرر فيها الشعب السوري من سيحكمونه وطبيعة النظام الذي يريده.23-6-2013