الأطماع الاسرائيلية في المسجد الأقصى ليست خافية على أحد، والحكومة الاسرائيلية تنشرها على الملأ، والتقسيم الزّماني للمسجد بدأ بشكل معلن لا لبس فيه تمهيدا للتقسيم المكانيّ، واقتحامات المتطرّفين اليهود للمسجد تتمّ تحت حماية أذرع الأمن الاسرائيلية المختلفة، وقد شارك في بعض هذه الاقتحامات وزراء اسرائيليّون، ورئيس الحكومة الاسرائيليّة بنيامين نتنياهو الذي يقدح الزّناد لاشعال حرب دينيّة في المنطقة، من خلال المسّ بالمسجد الأقصى، لم يرفّ له جفن وهو يحمّل مسؤوليّة ردود الفعل المقدسيّة للرئيس محمود عبّاس وحركة حماس، ونتنياهو المعروف بالتّهريج الاعلامي وتزييف الحقائق يريد بهذا تبرئة نفسه ممّا تقترفه سياسته من موبقات ومخالفات للقانون الدّولي ولحريّة العبادة، ولاتفاقات جنيف الرّابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكريّ، وللوائح حقوق الانسان وحرّيّة المعتقد والعبادة.
والسّياسة الاسرائيلية في المسجد الأقصى وهو مسجد اسلامي خالص، وجزء من عقيدة المسلمين، تشكلّ ارهاب دولة بكلّ المقاييس، فالأمن الاسرائيليّ يوفر الحماية لكلّ يهوديّ يريد دخول المسجد وتدنيسه، بينما يقوم بالاعتداء على المصلّين المسلمين من نساء وأطفال وشباب وشيوخ، ويعتقل بعضهم، ويصدر أوامر منع ضد بعضهم يمنعهم من دخول مسجدهم لفترات متفاوتة. ومنع المصلين المسلمين ممّن هم دون سنّ الأربعين من دخول المسجد.
واذا كانت سياسة نتنياهو بخصوص الاستيطان والمسجد الأقصى قد فاحت رائحتها العفنة، – مع الاحترام لأشقائنا اللبنانيّين الذين رفعوا شعار “طلعت ريحتكم” احتجاجا على أطنان الزبالة التي تملأ شوارع بيروت-، فقد زادت هذه الرّائحة عفونة باقرار نشر القنّاصين لاصطياد الفتيان الفلسطينيّين الذين يلقون الحجارة على شرطة الاحتلال، وفرض غرامات باهظة على ذوي الأطفال منهم، وهذه عملية ترخيص للقتل نشرت على الملأ، ولا يمكن تفسير قرارات نتنياهو هذه إلا بالضّربات اليائسة لثور هرم ما عاد يستطيع الصّمود في حلبة الصّراع، وما كان يجرؤ هو وحكومته اليمينيّة المتطرّفة على اتّخاذ هكذا قرارات، لولا الانشقاق على السّاحة الفلسطينيّة الذي قامت بها حركة حماس في قطاع غزّة، وما يصاحب ذلك من هوان وضعف النّظام العربيّ الرّسميّ الذي أخرج الأمّة العربيّة من التّاريخ مهزومة ذليلة. وهذا ما يشجّع السّياسة الأمريكيّة الدّاعمة لاسرائيل في كلّ المجالات، والتي بات فيها الحزبان الأمريكيّان يتسابقان على تقديم الدّعم اللامحدود لاسرائيل طمعا في أصوات اللوبي اليهودي في الانتخابات، حتى ولو كان ذلك على حساب رئيس الدّولة الأعظم الذي تلقى من نتنياهو أكثر من إهانة.
ونتنياهو مستمرّ في سياساته الاستيطانيّة التّوسّعيّة وتهويد القدس، وتقسيم المسجد الأقصى، لكنّه يضطرّ أحيانا لتهدئة اللعب بناء على ردود الفعل التي يواجهها، ويخطئ من يصدّق نتنياهو “بأن لا تغيير على الوضع القائم في المسجد الأقصى” مع ما يعنيه هذا التطمين”
بأنّ اقتحام المتطرّفين للمسجد الأقصى ستبقى كما هي عليه الآن، أي أنّها لن تتوقّف.
22-9-2015