يواصل الأسير المقدسي سامر العيساوي معركة الأمعاء الخاوية منذ بداية شهر آب –أغسطس- من العام الماضي، وقد سبقه في الاضراب الطويل عدد من الأسرى منهم خضر عدنان وهناء شلبي، وأيمن شراونه، وآخرون، والاضراب عن الطعام هو الوسيلة النضالية التي يملكها الأسرى للاحتجاج على الظروف اللا انسانية التي يعيشونها.
وقد سبق للحركة الأسيرة في سجون الاحتلال أن خاضت اضرابات طويلة بشكل جماعي، وارتقى عدد منهم سلّم المجد شهداء أحياء عند ربهم يرزقون جراء ذلك.
وسامر العيساوي يخوض معركته دفاعا عن حريته، فهو أسير محرر في صفقة تبادل الأسرى التي تمت بين حماس واسرائيل في اكتوبر 2011، والتي تم بموجبها اطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، وتمت الصفقة بوساطة وضمانة مصرية، غير أن اسرائيل التي لا تلتزم بأي اتفاقات ومعاهدات، تماما مثلما تتجاهل القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وترمي لوائح حقوق الانسان عرض الحائط، أعادت اعتقال سامر العيساوي وعدد آخر من الأسرى الذين تم تحريرهم بموجب صفقة تبادل الأسرى، وحجة اسرائيل هي الأمن، وهي حجة فضفاضة ولا ضوابط لها. وقد تشن اسرائيل حروبا غير مبررة تحت هذه الذريعة.
علما أن اسرائيل تهدد أمن الشعب الفلسطيني بشكل يومي ومستمر ومتواصل، كما تهدد أمن وشعوب المنطقة برمتها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو : أين الدولة الضامنة لاتفاق تبادل الأسرى؟ وماذا عملت من أجل حماية مصداقيتها وهيبتها كدولة ضامنة؟ واذا نشطت دبلوماسيا فلماذا لا يظهر نشاطها الى حيز التنفيذ؟ فالخطر حقيقي على حياة سامر العيساوي وغيره من الأسرى المضربين عن الطعام.
والأمر المريب هو صمت الدول التي تملك ما تستطيع فعله في هذا المجال، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية، ولماذا لا تقوم منظمات حقوق الانسان في مختلف دول العالم بالضغط على اسرائيل لانقاذ حياة الأسير العيساوي وصحبه؟ أم أن حقوق الانسان تتوقف عندما تصل حدود اسرائيل؟ لكن المريب أكثر هو الصمت العربي الرسمي تجاه قضية الأسرى الفلسطينيين.
والأسير العيساوي المهددة حياته بالخطر الحقيقي لا يعشق الموت، ولا يريده، لكنه يعشق حريته التي سلبها منه المحتل….وهو يدافع عنها وعن انسانيته بالوسائل التي يملكها، وهو على استعداد لدفع حياته ثمنا لحريته، وهذا ما لا يريد الاحتلال فهمه واستيعابه.
وبالتأكيد فان الاحتلال يعرف البيئة والبيت اللذين تربى فيهما سامر العيساوي، ويعرف جيدا أنه شقيق الشهيد فادي، وابن شقيق الشهيد أسامة، وحفيد القائد الوطني الراحل احمد علي العيساوي الذي قارع الانتداب البريطاني، وتصدى للهجرات اليهودية الى فلسطين.
وبيت الأسير العيساوي يطل على قرية “باب الشمس” التي خيّم فيها مئات الشباب الفلسطيني بطريقة حضارية يتصدون فيها لغول الاستيطان الاسرائيلي الذي يهدد السلام في المنطقة برمتها، وقد تكون عائلة العيساوي مالكة لأراض في المنطقة المعنية كون الأرض ملكية خاصة لأبناء قريتهم العيساوية، احدى قرى القدس الشريف.
واذا كان العيساوي وصحبه يضحكون من عنجهية الاحتلال وبطشه، فان حياتهم تتطلب الدعوة العاجلة لاجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، لاستصدار قرار يلزم اسرائيل بالحفاظ على حياة الأسرى المحتجزين لديها وعددهم يزيد على الـ 4500 شخص، وأن تلغي قراراتها بحجز المعتقلين بدون محاكمات وبدون تهم، تحت قانون ما يسمى “الاعتقال الاداري” هذا القانون الذي وصفه حاييم شابيرا وزير العدل الاسرائيلي الأسبق، عندما اعتقله البريطانيون بموجبه عام 1946 لابأنه “يمثل شريعة الغاب”.
16-1-2013