عندما اختلف الإمام عليّ كرّم الله وجهه مع معاوية وتحاربا، حكّما بينهما الصحابي الجليل أبا موسى الأشعريّ ممثلا للامام عليّ، في حين كان عمرو بن العاص ممثلا لمعاوية، وما يهمنا هو صدق نوايا الصحابيّ أبي موسى الأشعريّ رضي الله عنه، وليس غدر عمرو بن العاص، وما قاله أبو موسى الأشعريّ أمام حشد المسلمين من مؤيدي الطرفين هو:
“أيها الناس.. انا قد نظرنا فيما يجمع الله به ألفة هذه الأمّة، ويُصلح أمرها، فلم نرَ شيئا أبلغ من خَلْعِ الرجلين عليّ ومعاوية، وجعلها شورى يختار الناس لأنفسهم من يرونه لها..وإنّي قد خلعت عليّا ومعاوية..فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من أحببتم”.
والحرب القذرة الدائرة في سوريا منذ آذار 2013 وحصدت أرواح أكثر من سبعين الف مواطن بينهم أطفال ونساء وشيوخ ومواطنون عزل أبرياء، إضافة الى مئات آلاف الجرحى والمعاقين، ودمرت المدن والبلدات والقرى في سوريا، وشرّدت الملايين من أبناء الشعب السوري، يجب أن تتوقف فورا اذا ما كان في هذه الأمّة عقلاء، فيكفي ما جرى من قتل وتدمير وتخريب وتشريد، وهذا يتطلب طاولة حوار يشارك فيها أطراف الصراع كافة، من نظام ومعارضة، ومستقلين ذوي فكر ورأي من أبناء الشعب السوري، وهذا يتطلب وقف الحرب الدامية فورا، وتشكيل حكومة وحدة وطنية أفضل من يشارك فيها قادة فكر مستقلون، للاعداد لانتخابات ديموقراطية، تفرز رئيسا وممثلين للشعب. والشعب السوري أدرى بمصالحه وقادته الذين يمثلونه.
وقياسا على رأي الصحابيّ الجليل أبي موسى الأشعريّ فان النظام القائم ما عاد صالحا للحكم بعد أن قصف مدن وبلدات وقرى بلاده بالطائرات والصواريخ والمدفعية ودمّرها، وما ألحق بمواطنيه من ضحايا بين قتيل وجريح، وهذا ما دعا عددا من قادته العسكريين الى التخلي عنه والهروب من سوريا لينجو بحياتهم، أمثال اللواء الركن مناف طلاس صديق العمر للرئيس بشار الأسد، وابن اللواء الراحل مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري في عهد الرئيس حافظ الأسد. وكذلك المعارضة المسلحة وما قامت به هي الأخرى من قتل وتدمير لا تصلح لحكم البلاد، فمن يقتل شعبه غير مؤهل لحكمه سواء كان من النظام أو من المعارضة، وسوريا ليست عاقرا، فلديها أعداد كبيرة من الكفاءات التي لم تتلطخ أيديها بدماء شعبها، وهي القادرة على حكم البلاد والنهوض بها، والشعب السوري قادر على اختيار قياداته من خلال انتخابات حرّة ونزيهة، اذا ما تحقق له ذلك، وعلى الأحزاب والجماعات بما فيها الحزب الحاكم أن تقتنع بضرورة تبادل السلطة من خلال العملية الديموقراطية، وأن تنبذ العنف بأشكاله المختلفة، وعلى الجميع أن يقتنع بحرية الرأي والابتعاد عن سياسة الضلال القائلة بأن من ليس معي فهو ضدي، فالخلاف لا يفسد في الودّ قضية. كما أن على الجميع أن يعي ويقتنع بأن الوطن للجميع، وأن الطائفية الدينية والنعرات القومية لا تقود إلا الى الهلاك.
إنّ حرب تصفية حسابات اقليمية ودولية المشتعلة على الأرض السورية- اذا ما استمرت- لن تقتصر على سوريا وحدها، بل ستتعدّاها الى دول الجوار ودول الاقليم، وها هي اسرائيل تتربص بالجميع. لذا يجب وقفها فورا، ولا يمكن قبول مزاعم طرفي الصراع بأن كلّ واحد منهما يدافع عن سوريا وشعبها، بل بالعكس انهما يستمران في تدمير سوريا وقتل وتشريد شعبها.
ونسأل الله السلامة لسوريا وشعبها،
23-5-2013