لن أذهب في هذه العجالة إلى الاجتهادات حول وحدة المطالع أو عدمها حسب اختلاف المطالع من مكان لآخر في الكرة الأرضيّة، لكنّني فوجئت كما غيري بإعلان إحدى الأحزاب الدّينيّة في الأردنّ وفلسطين وغيرهما عن يوم الثّلاثاء الرّابع من حزيران 2019 عيد الفطر، مخالفين بذلك دور الافتاء في هذين البلدين وفي غيرهما من البلدان الاسلاميّة، ودعا أتباعه ومناصريه إلى التّكبير والتّهليل وإقامة صلاة العيد، وهذا يترتّب عليه عدم صيام هذا اليوم، فهل يأتي هذا الإعلان عبادة لله، أم أنّ هناك أهدافا أخرى غير معلنة؟ ولن أخوض في النّوايا التي لا يعلمها إلا الله وقيادات الحزب التي اتّخذت هكذا قرار، ومع الاحترام لكلّ الاجتهادات إلا أنّ هذا التّصرّف يثير اجتهادات وتساؤلات أخرى. وفي نظرة سريعة إلى الدّول التي أعلنت يوم الثّلاثاء عيدا للفطر وتعداد سكّانها، سنجد أنّ أقلّ من 15% من المسلمين قد اعتمدوا يوم الثّلاثاء عيدا لهم، لكنّ السّؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يجوز لحزب أو جماعة أو تيّار دينيّ أن يقرّر يوم عيد الفطر في خروج لا لبس فيه على الدّولة أو الدّول التي يعيش فيها؟ وهل يجوز لهم أن يكونوا نشازا عن شعوبهم؟ وهل يشكّل هذا النّشاز “مفارقا للجماعة”؟ وهل هذا الحزب الذي يدعو إلى وحدة المسلمين في دولة إسلاميّة “على نهج الخلافة الرّاشدة” مخلص في دعوته هذه ما دام ينشقّ عن الإجماع في دولته وعن غالبيّة المسلمين؟
وهل اعتبار يوم الثّلاثاء عيدا يأتي في إطار عبادة الله وتقواه أم أنّ هناك أهدافا حزبيّة ضيّقة؟ وهل يكون الاجتهاد في “الخروج على الجماعة”؟ وهل هذا “الخروج” يخدم الإسلام والمسلمين؟ والسّؤال الأكبر هو: من المؤهّل للإعلان عن ثبوت رؤية هلال شوّال وحلول عيد الفطر؟ هل هو الإمام أم أنّ لكل جماعة في المجتمع الواحد إماما؟ وهل يجوز “الخروج” على إمام الدّولة واتّباع إمام في دولة أخرى؟ وهل هذا الخروج عبادة خالصة لله أم إثارة فتنة دينيّة بين أبناء الشّعب الواحد؟ وهل أحزاب الإسلام السّياسيّ عامل وحدة أم فرقة؟ وهناك أسئلة أخرى تطرح نفسها.
6-6-2019