يحتجز المحتلّون الاسرائيليّون عشرات الجثامين لشهداء فلسطينيّين، واتّخذوا قرارا بهدم بيوت ذويهم، وهذا انتهاك فاضح لحقوق الانسان، واعتداء على العقائد الدّينيّة، فمن حقّ الشّهداء وحقّ ذويهم وحق الانسانيّة أن يتمّ دفن جثامين الشّهداء حسب معتقداتهم الدّينيّة، وما احتجاز الجثامين وسياسة هدم البيوت إلّا عقاب جماعيّ للأحياء، وهذا خرق فاضح لحقوق الانسان، وللقانون الدّوليّ، ويمكن ادراجه في نطاق جرائم الحرب، ويأتي بنتائج عكس التي يتوخّاها الاحتلال، فسياسات الاحتلال الاستيطانيّة التّوسعيّة، والجرائم التي يرتكبها بما فيها القتل العمد للفلسطينيّين، واطلاق قطعان المستوطنين ليرتكبوا جرائمهم في الأراض الفلسطينيّة المحتلة، والتي تستهدف البشر والشّجر والحجر، وانتهاك حرمة المقدّسات واستمراريّة الاحتلال هي التي تجلب العنف، وتؤجّج الصّراع، وما كان الاحتلال الاسرائيلي ليستمرّ بهذه الغطرسة لولا الدّعم الأمريكيّ اللامحدود، وتخاذل النّظام العربيّ الرّسميّ، فأمريكا تمنع أيّ ادانة للسّياسات الاسرائيلية المخالفة لحقوق الانسان وللقانون الدّولي في المحافل الدّوليّة، وفي مقدّمتها مجلس الأمن الدّوليّ. والمستوطنات تبنى على أراضي الفلسطينيّين بأموال التّبرعات الأمريكيّة.
إن جزءا كبيرا من الجثامين المحتجزة تمّ قتل أصحابها دون أن يرتكبوا أيّ عمل، وقتلوا بدم بارد لاشباع شهوة القتل عند من تربّوا على العنصريّة والحقد الأسود، ولنا أن نتصوّر مثلا سكوت الحكومة الاسرائيلية على احتفال المستوطنين المتزمّتين القتلة في أحد الأعراس عندما قاموا بوضع صورة الطفل الرّضيع على دوابشة الذي أحرقوه حتّى الموت هو ووالديه، وشقيقه الذي لا يزال يعاني من آثار الحروق، لتكون هدفا لطعناتهم، وهذا يعني التهديد بقتل المزيد من الأطفال الفلسطينيّين حرقا، لكن الأجهزة الأمنية الاسرائيليّة لم تعتقل المحتفلين، ولم تغلق مداخل مستوطناتهم، ولم توقف احتفالهم الهمجيّ، تماما مثلما لم تهدم بيوت قتلة الطفل محمد أبو خضير حرقا حتى الموت. أمّا بيوت ذوي الشّهداء الفلسطينيّين فإنّ جزءا منها هدم، والجزء الثّاني صدرت بحقّه قرارات هدم، والمحكمة الاسرائيليّة العليا ردّت دعاوي الاعتراض على هدم البيوت الفلسطينيّة.
وهدم البيوت يعني أن المئات بل الآلاف من الفلسطينيّين سيصبحون في العراء بدون مأوى، وسياسة هدم البيوت الفلسطينيّة ليست جديدة على السّياسة الأسرائيليّة، وعدد البيوت الفلسطينيّة المهدومة يقارب الخمسة وعشرين ألف بيت منذ عام 1967، أيّ ما يعادل بيوت مدينة كبيرة.
وبما أنّ اسرائيل تدير ظهرها للقانون الدّولي ولقرارات الشّرعيّة الدّوليّة وللوائح حقوق الانسان العالميّة، فإنّ هدم البيوت واحتجاز جثامين الشّهداء، تستدعي من الدبلوماسيّة الفلسطينيّة ومن الجامعة العربيّة النّشاط سياسيا في المحافل الدّولية، والعمل على عقد مؤتمر دولي، تحضره الدّول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدّولي وبعض الدول الفاعلة مثل المانيا واليابان ودول الطوق العربيّة؛ لايجاد حلّ عادل ودائم للصّراع، يضمن قيام دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشريف، وايجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيّين حسب قرارات الشّرعية الدّولية.
29-12-2015