وممّا جاء في حكاياتنا الشعبيّة، أنّ أحد أبناء إحدى القبائل كان يطبّب الحيوانات التي تمرض، أو تُكسر إحدى قوائمها، وبذا استحق لقب طبيب بجدارة! وأصبح ذا مهابة، فعشقته إمرأة متزوّجة من أحد الأنذال وعشقها، وصار يعاشرها كما الأزواج، وذات يوم اتّفق معها على خطّة يعاشرها فيها أمام زوجها وبطلب منه، وذلك بأن تدّعي المرض أثناء مشيها هي وزوجها في طريق خال من المارّة، وتصيح ألما، وفي هذه الأثناء يمرّ “الطّبيب” فيستنجد به الزّوج لعلاج زوجته، وهذا ما كان.
فحص “الطبيب” الزوجة وقال: هذه مصابة بمرض “البلاليط”.
وهذا المرض يسمّى”خناق الخيول” وهو “مرض حاد تُصاب الخيول والبغال والحمير خلاله بخمول وارتفاع في درجة الحرارة ، كما تقل شهيتها للطعام، مع التهاب الغشاء المخاطي ورشح من فتحتي الأنف، ويكون أثناء ذلك لون المخاط أخضر أو أخضر مصفر لزجا سميكا. ويتبع ذلك تورّم مؤلم في غدد الفك الأسفل اللمفاوية، وبعد بضعة أيام يزول الورم، بعد فتحه من تلقاء نفسه أو خلال عملية جراحية تخرج منه الصديد والقيح الغني بالجراثيم المسبّبة للمرض.”
وكان “طبيب القبيلة” يسمّي هذا المرض “بلاليط”، ويعالجه بأن يأتي بقضيب معدنيّ يضعه في النّار إلى درجة الاحمرار، ثم يدخله بطريقة سريعة وحشيّة في أنف الدّابة، فيتورّم أنفها ويتقرّح ثم تشفى مع مرور الزّمن.
طلب الزّوج المخدوع من الطبيب أن يرفع “بلاليط زوجته” لتشفى، فضاجعها “الطبيب” وهي تضع رأسها في حضن زوجها الذي ينظر إليهما ويقول:
“والله لولا إنه ترفيع بلاليط لقلت أنه تعريس في عزّ الظّهيرة.”
وهذه الحكاية ليست حكاية جنسيّة بمقدار ما تحمله من سخرية قاتلة في طيّاتها حكمة كبيرة، وفي زماننا هذا فإنّ اسرائيل تتنكّر للحقوق المشروعة للشّعب الفلسطينيّ، وترسّخ احتلالها للأراض العربيّة المحتلة بتكثيف الاستيطان، وقسّمت المسجد الأقصى زمانيّا وتمهّد لتقسيمه مكانيّا، وفي نفس الوقت فإنّ دولا عربيّة تقيم معها علاقات تجاريّة وتنسّق معها أمنيّا، وتتحالف معها عسكريّا، وكذلك يجري تدمير سوريّا، العراق، ليبيا، اليمن وغيرها وقتل وتشريد شعوبها، والعمل على تقسيمها بدماء وأموال عربيّة، وتحت شعارات دينيّة، بناء على نصائح وليّ الأمر الأمريكيّ، ويروّج النّظام العربيّ الرّسميّ أن ذلك يصبّ في خانة مصلحة الشّعوب والأوطان، وقضايا الأمّتين العربيّة والاسلاميّة! ومن هذه المنطلقات، فإنّ ما يجري من دمار ماحق، يندرج تحت باب الخيانة على رؤوس الأشهاد لولا “أنّه يصبّ في مصلحة الشّعب الفلسطيني وقضايا الأمّة!”
24-8-2016