لقدس: 3-1-2019 ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس قصّة الأطفال ( الدّجاجة المذعورة) للأديبة نزهة أبو غوش.
وتقع القصّة التي تأتي سلسلة الحيوانات الصّديقة في الحديقة في ٢٩ صفحة من الورق المصقول الملوّن والمصور برسومات جميلة ومغرية للأطفال بريشة الفنانة منار نعيرات، وصدرت عن منشورات (دار الهدى والنشر كريم ٢٠٠١) في كفر قرع.
افتتحت الأمسية ديمة جمعة السمان فقالت:
يعتبر أدب الأطفال من أصعب ألوان الأدب، فهناك شروط يجب أن يتقيد بها الكاتب قبل أن يخط أيّ قصة، فلا يكفي أن تكون القصّة مزركشة وملوّنة لتكون عامل إغراء للطفل، ولا يكفي عنصر التّشويق والأحداث الجميلة، ولا يكفي الخيال الذي يحمل الطفل إلى عالم غير العالم، فهناك مسؤولية كبيرة تقع على كاتب قصّة الأطفال، لا بد أن يكون هناك هدف واضح للقصة، ولا بد من أن تحمل شيئا من المعرفة، تضيف للطفل معلومات تفيده في حياته اليومية، كما أنه يجب على القصّة أن تحتوي على القيم، يبثّها الكاتب بذكاء لتصل الطفل بنعومة وسلاسة دون أن يشعر أنها نصائح مباشرة تكون نتيجتها الرّفض.
فهل حقّقت الكاتبة أبو غوش في قصّتها الموجهة للأطفال ( الدّجاجة المذعورة) هذه الشّروط؟
أولا: القصّة جاءت على لسان الحيوان، وهذا بحد ذاته يكسر حاجز (الرفض) بين الكاتب والطفل، فتصل الرّسالة براحة دون أن يكون هناك مقاومة من الطفل، فيكون تأثيرها عليه أكبر.
ثانيا: اعتمدت الكاتبة لغة سهلة، لا تثقل على الطفل القارىء.
ثالثا: إخراج القصّة موفّق، والورق مصقول ومقوى.. والرّسومات متقنة ومغرية للطفل.
رابعا: طرحت الكاتبة موضوع العنف اللفظيّ والجسديّ، وأظهرت مدى بشاعته، لدرجة أنّ الطفل كره الكلب فوكسي الذي تصرّف بعنف مع الدّيك والدّجاجة، وشعر أنّه منبوذ من الحيوانات الأخرى.
خامسا: لم تسكت الدّجاجة وحاولت أن تدافع عن الديك عندما تعرض للعنف اللفظي من الكلب فوكسي، ، فلم تكبت كلمة الحق، ولكن كان عليها أن تكون أكثر ذكاء طالما أنّها على دراية بشخصية فوكسي الشّرسة العدوانيّة. ربّما كان عليها أن تتّبع أسلوبا آخر يحفظ لها سلامتها.. وبذات الوقت يرد للدّيك اعتباره.
وهذا ما قد يسأله الطفل لنفسه.. كيف كان عليها أن تتصرّف؟ قد يثير هذا الموقف جدلا بين الأطفال، ليعلمهم كيفية التصرّف في الحالات المشابهة.
سادسا: تصرّف الدّيك بذكاء عندما صاح في غير موعده طالبا مساعدة الحيوانات الأخرى، ليقفوا جميعا ضد فوكسي الذي يمثل ” القوى الظالمة” مستندين على القانون الذي يضمن حقّ سلامة الفرد.
وهي دعوة من الكاتبة .. كوننا مجتمع عشائريّ، يؤمن بالثّأر.. لا يعترف بسيادة القانون، بأنّ على الفرد أن يبعد عن العنف، وعليه اللجوء إلى القانون، في حالة تعرّضه للأذى، إذ أن القانون يضمن حق المواطن ويطبّق العدالة، إذا ما تمّ اعتماده وتطبيقه على الجميع.
رسالة القصة واضحة للطفل ومفيدة له، خاصّة في ظل العنف المستشري في مجتمعنا، والذي يتعمق يوما بعد يوم، ويتعزّز عند شبابنا الذين ما عادوا يؤمنون بالقانون وعدالته.
وقالت سهير زلوم:
تتحدّث القصّة عن بعض التصرفات الخاطئة الواجب على أطفالنا عدم التعود عليها، مثل العنف الجسدي والعنف اللفظي، لما لها من أثر سلبي في تربية الأطفال. أعتقد أن القصّة أدت الهدف المرجو منها، ونقلت الصورة إلى الأطفال بلغة بسيطة وصور واضحة وجميلة ذات ألوان واقعية.
لكن هناك العديد من الملاحظات لا بدّ من الحديث عنها، رغم القيمة الكبيرة للكتاب. أولا: المكان في القصّة غير واضح المعالم، أهو في غابة أم في أحد الحقول والمراعي؛ فالحيوانات في القصة متنوّعة فهناك الفيل والزّرافة التي عادة تعيش في الغابة، بينما باقي الحيوانات أليفة تعيش مع الإنسان في الحقول. ثانيا: الكلب في القصة ملقّب بِفوكسي، وهي صفة للثعلب، الذي تغلب عليه صفة المكر بينما يعرف الكلب بصفة الوفاء. ثالثا: تتحدّث القصة عن القانون والالتزام به، لكن عن أي قانون تتحدّث الكاتبة! أهو الالتزام بالعرف وقوانين الأسرة والمجتمع، أم الالتزام بقوانين الاحتلال، خاصة في التربية والتّعليم، والتي قد لا تكون الأفض للطفل أو للمعلّم؟ أم القانون هو قانون الغاب؟
وقال سامي قرة:
مقدمة: الكاتب والطفل
العلاقة بين الكاتب والقارئ الطفل في أدب الأطفال علاقة غير متوازنة؛ لأنّ الكبار يكتبون للصغار، وهذا من شأنه أن يحول الأطفال إلى متلقين عاجزين. (أنظر حنان يعقوب عيسى، توظيف التراث الشعبي في أدب الأطفال الفلسطيني، 2018، مكتبة كل شيء، حيفا). كان عالم النفس السلوكي الأمريكي جون واطسون يقول: “لو وُضع تحت تصرفي اثنا عشر طفلا رضيعا يتمتعون بصحة جيدة وبنية سليمة، وطُلب منّي أن أعلمهم بالطريقة التي أعتقد أنها المثلى للتعلم، فإنني قادر على تعليم أي من هؤلاء الأطفال بطريقتي هذه. بحيث يصبح مختصًا في المجال الذي أختاره له … بغض النظر عن مواهبه وميوله ونزعاته وقدراته وحرفته وعرق أجداده”.
وعملية التواصل بين الكاتب والطفل غير متكافئة؛ لأن الكبار أكثر قدرة على استخدام اللغة والتعبير عن خبراتهم وتجاربهم في الحياة. ومن أجل التقريب بين كاتب أدب الأطفال والقارئ الطفل، ياخذ الكاتب بعين الاعتبار قدرات الطفل عن طريق ملاءمة اللغة والموضوع والأفكار؛ كي تتوافق مع الفئة العمرية للطفل. (تذكر الكاتبة صباح بشيرفي مقالة لها بعنوان “قصة الدجاجة المذعورة للأطفال ومفهوم العنف” (رأي اليوم، 26 كانون الثاني 2018) نقطة هامة جدًا فيما يتعلق بالفئة العمرية وتقول أن القصة تفتقر “إلى تحديد المرحلة العمرية لها، وهذا مع الأسف موجود في معظم القصص التي تُطرح لأطفالنا في العالم العربي حيث يتم إهمال ذكر المرحلة العمرية لكل قصة”).
على الرغم من أن أدب الأطفال يستهدف الطفل إلا أنه في الواقع يعكس عالم الكبار وما يريد أن ينقله الكبار للصغار، وينطبق هذا أساسًا على أدب الأطفال الفلسطيني؛ لأنه متأثر إلى حد كبير بالجغرافيا السياسية في فلسطين، (أنظر د. جهينة الخطيب، أدب الأطفال الفلسطيني بين البناء الفني والبعد التربوي، 2018، مكتبة كل شيء، حيفا). فنرى الكتاب والشعراء الفلسطينيون يشددّون على المضمون السياسي في أدب الأطفال الفلسطيني أكثر من المضامين الأخرى الاجتماعية والنفسية والتربوية. ومن أهم خصائص أدب الأطفال في فلسطين التأكيد على الهوية الفلسطينية والأخطار التي يتعرض لها الطفل الفلسطيني، الذي يعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي.
أهمية أدب الأطفال
لا شك أن تعليم القراءة للأطفال هام جدا كي يصبحوا أفرادا ناجحين في حياتهم ومثمرين في مجتمعاتهم، ولذلك نرى الآباء والمربّين يشدّدون على أهمية القراءة للأطفال من أجل نموّهم العقلي والاجتماعي والنفسي.
تشكل الكلمات (المقروءة والمسموعة) أساس حياتنا، وهي العمود الفقري للمسلك الذي نسلكه والسلوك الذي نتبعه. وباستخدام الكلمات نستطيع أن نتواصل مع الآخرين ونشعر أننا جزء من النسيج البشري. فعندما يقرأ الأطفال كتابا فإنهم يتعاملون مباشرة مع أهم مكوّنات الحياة ألا وهي الكلمات أو اللغة. وللكلمات وقع خاص في نفوسهم قد يدوم أثرها مدى الحياة. فالكتاب مرآة العالم وعندما يقف الأطفال أمام تلك المرآة يرون أنفسهم في ذلك العالم. فالقراءة تفتح نوافذ واسعة أمام الأطفال، يطلون عبرها على ثقافتهم والثقافات الأخرى في العالم، وعلى القيم والمبادئ الإنسانية التي تربطهم بهذا العالم، وهذا يساعدهم على تطوير مواقف إيجابية نحو ثقافتهم وثقافة الآخرين، ويساعد في صقل مزاياهم الفردية وتطوير مهاراتهم الاجتماعية.
تساعد قراءة القصص للأطفال على التحصيل العلمي، إذ أن القراءة أساس من أسس التفوق الأكاديمي. يتفق الباحثون على أن قراءة القصص للأطفال تساعدهم في تحسين تحصيلهم الدراسي وثروتهم اللغوية، وقد أظهرت بعض الأبحاث أن للقراءة أثرا أكبر وأكثر أهمية على التحصيل الدراسي للطلاب من أثر الآباء.
إضافة إلى ذلك، توفر القراءة الفرصة للأطفال؛ كي يستجيبوا لما يقرأون ويُكوّنوا رأيهم الخاص عمّا يقرأون، وهذا يقوّي من قدراتهم العقلية والتحليلة. وحتى كتب الأطفال المصوّرة التي لا تحتوي على كلمات تشكل حافزا هاما للأطفال للكتابة والمحاورة اللفظية.
يساعد الأدب الأطفال على تطوير ذكائهم العاطفي؛ لأن في القصص فيتامينات يحتاجها الطفل لنموه العاطفي والأخلاقي. تحتوي قصص الأطفال على مواقف تضطر فيها الشخصيات إلى اتخاذ قرار معيّن، والتأمل في الأسباب التي دعتهم لاتخاذ قرارهم. ففي قصة “الدجاجة المذعورة” (دار الهدي، 2018) للمؤلفة القديرة نزهة أبو غوش نجد أن الديك يتخذ قرارا بضرورة معاقبة الكلب على ملاحقته للدجاجة، ونتف بعضًا من ريشاتها، فيدعو مجلس الحيوانات إلى الاجتماع كي يقرروا معاقبة الكلب حسب القانون.
من أهمية أدب الأطفال أنه يساعد على الحفاظ على التقاليد والقيم الاجتماعية، وبالتالي على استمرارية المجتمعات والحفاظ على العلاقات الجيدة بين الأفراد. فعن طريق الكتابة للأطفال يمكن للكاتب نقل الموروث الثقافي للطفل ومساعدته على الاندماج فيه. تعلمنا قصة “الدجاجة المذعورة” أن من القيم الإنسانية احترام رأي الغير وعدم الإساءة إلى الضعفاء واحترام القانون.
الدّجاجة المذعورة
تشكل قصة الدجاجة المذعورة مثالا جيدا عن قصة الحيوان التي تهدف إلى ترفيه الطفل، وإكسابه قيما ودروسا هامة للعيش بسلام مع ذاته ومع الآخرين. أمّا الترفيه فيجده الطفل في سلوك الحيوانات التي تتصرف مثل الإنسان، فهي تتكلم وتغضب وتتحاور وتخاف وتتقاتل وتفرح. وتضفي الرسومات بألوانها الزاهية نوعا من البهجة على نفسية القارئ الطفل، وهي تقدّم صورا بصرية للكلمة المطبوعة؛ لكنها لا تتعدى كونها صورا توضيحية؛ تساعد القارئ الطفل على فهم المقروء، ولا تترك له مساحة واسعة من التخيّل والتأمل. ويجدر الإشارة هنا إلى أن الرسّامة منار نعيرات قد نجحت في إظهار انفعالات الحيوانات ومشاعرها على وجوهها، فأتت وجوه الحيوانات جميعها معبرّة.
والدروس التي يتعلمها الأطفال من قصة “الدجاجة المذعورة” عديدة. أولا: يتعلم الأطفال أهمية الاستيقاظ من النوم باكرا والاستعداد للقيام بالمهام اليومية بنشاط والابتعاد عن الكسل. ثانيا: يتعلم الأطفال مساعدة الضعيف كما يساعد الديك الدجاجة ويدافع عنها. ثالثا: يتعلم الطفل أن يكون عضوا فاعلا في مجتمعه، ويشعر بالإنتماء مثل الزرافة التي تدعو أصدقاءها الحيوانات لحضور مجلس الحديقة والمشاركة فيه. رابعا: يتعلم الأطفال نبذ العنف اللفظي والجسدي. وأخيرا: أن القانون فوق الجميع، وأنه الطريقة الفضلى لحل الخلافات هي عن طريق القانون (وليس “الزعرنة” كما يفعل الكلب).
تساعد قصص الحيوان الأطفال على زيادة محبتهم للحيوانات وتعلقهم بها، ولعل حب الأطفال والبالغين لاقتناء كلب او قطة أو غيرها من الحيوانات في البيت نابعة أصلا من قصص الحيوانات.
قصص الحيوانات والنقد الاجتماعي والسياسي
يستخدم الكثير من المؤلفين قصص الحيوان في سبيل توجيه النقد الاجتماعي أو السياسي أو انتقاد ممارسات الأشخاص. فمثلا يقول الكاتب عبد الجبار نوري واصفا كتاب كليلة ودمنة في مقال له نشرت في الحوار المتمدن بتاريخ 21 تشرين الثاني 2013: “ليست الشخصيات الحيوانية في كتاب (كليلة ودمنة) إلا وسيلة فنية وظفها ابن المقفع لنقد الواقع الفكري والأخلاقي والسياسي، وسعى الى إصلاحه بطريقة مباشرة متوسّلا بالشخصيات الحيوانية كرموز للحدث”. وكذلك الأمر بالنسبة للكاتب البريطاني جورج أورويل في كتابه مزرعة الحيوان، فهو يستخدم قصة الحيوانات كي ينتقد بشدة ما آلت إليه الثورة البلشفية بعد فشلها في تحقيق العدالة الاجتماعية تحت حكم ستالين.
وفي قصة الدجاجة المذعورة أعتقد أن هنالك نقدا ضمنيا للطريقة التي يلجأ فيها الكثير في مجتمعنا لحل النزاعات فيما بينهم، إذ أن اللجوء إلى القوة و”الزعرنة” هي الطريقة الغالبة التي نراها منتشرة بين الناس لحل المشاكل. وكما يقول الكاتب جميل السلحوت في مقالته “الدجاجة المذعورة وسيادة القانون” (الحوار المتمدن، 24 كانون الأول 2018) أن الهدف الذي تتوخاه الكاتبة من وراء قصتها هو “ترسيخ سيادة القانون، الذي يحفظ لكل ذي حقه مهما كان ضعيفا”.
الخلاصة
قصص الحيوان أداة مفيدة لتعليم الأطفال ولكن عند قراءتها ينبغي على الوالدين المشاركة في قراءتها مع أطفالهم ومساعدتهم على الربط بين العالم الخيالي للقصة والواقع الذي يعيشون فيه. هنالك بعض الدراسات التي اثبتت أن الطفل يتفاعل مع الشخصية الطبيعية في القصة أكثر من الشخصية الحيوانية؛ لأن الشخصية الطبيعية أقرب إلى شخصيته. ففي نهاية المطاف فإن الهدف من تعليم الأطفال هو التأقلم مع العالم الواقعي وإكسابهم السلوك الاجتماعي الإنساني.
وقال جميل السلحوت:
بداية لا بدّ من التّنويه بأنّ الأدب الذي يُكتب على لسان الحيوان ليس جديدا على الأدب العربيّ والعالميّ، فهو معروف منذ القدم، ولعلّ كتاب “كليلة ودمنة” الذي ترجمه ابن المقفّع إلى العربيّة من أشهر ما كتب في هذا المجال، وعودة إلى قصّة “الدّجاجة المذعورة” التي نحن بصددها، فالقصّة تتحدّث عن كلب هدّد ديكا يقف متبخترا على سور، ويصيح منبئا بقدوم الصّباح، ومعروف أنّه من طباع الدّيكة أن تصيح عند انبلاج الفجر، وصياحه هذا في الثّقافة الشّعبيّة يشكّل دعوة للإنسان كي يستيقظ استعدادا لبدء يومه العمليّ. لكنّ صياح الدّيك شكّل ازعاجا للكلب الذي أمر الدّيك غاضبا بالنّزول وعدم الصّياح، ممّا أغضب الدّجاجة التي احتجّت على تصرّف الكلب قائلة:” صَوْتُ الدِّيكِ أَجْمَلُ صَوْتٍ بَيْنَ كُلِّ الطُّيُورِ، وَشَكْلُهُ الْمُلَوَّنُ جَمِيلٌ جِدًّا. وَلَوْلَا صًوْتُهُ؛ لَظَلَّتْ كُلُّ الْحَيْوَانَاتِ نَائِمَةً كَسُولَةً.” وهنا اعتدى الكلب على الدّجاجة ونتف بعض ريشها، ولولا هروبها بالطّيران والحطّ فوق شجرة لألحق بها أذى كبيرا، وهنا رافقها الدّيك مهدّئا من روعها ورافقها في العودة إلى القنّ، وبسبب صياح الدّيك اجتمعت الحيوانات لبحث ما جرى، واتّخذت عدّة قرارات لردع الكلب معلنة رفضها للعنف الكلاميّ أو الجسديّ، وضرورة معاقبة الكلب –حسب القانون-، وهنا ما عادت الدّجاجة خائفة؛ لأنّ القانون يحميها! في حين هتفت بقيّة الحيوانات:
“يَحْيَا.. يَحْيَا… يَحْيَا الْقَانُونُ”.
والسّؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الهدف الذي تتوخّاه الكاتبة من هذه القصّة؟
والجواب هو: أنّها تريد ترسيخ سيادة القانون، الذي يحفظ لكلّ ذي حقّ حقّه مهما كان ضعيفا. لكنّ القصّة حملت في طيّاتها مفاهيم أخرى منها: اعتزاز كلّ جنس حيوانيّ بجنسه، كما شاهدنا الدّجاجة فخورة بجمال شكل الدّيك وجمال صوته.
ويلاحظ أنّ القصّة تحمل هدفا سياسيّا أيضا، فالعلاقات بين الدّول تحكمها القوّة، ويغيب فيها القانون، وحتّى الصّراعات داخل المجتمع الواحد تأخذ أبعادا خطيرة إذا لم تكن السّيادة للقانون في الدّولة. وقد لاحظنا في القصّة الفيل وهو من الحيوانات القويّة كيف التزم الحياد، ” وَقَفَ الْفِيلُ وَسَطَ الْحَدِيقَةِ مُحَايِدًا، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا؛ لكنَّهُ هَزَّ ذَيْلَهُ، وَخُرْطُومَهُ.” وفي تقديري أنّ هذا يحمل في طيّاته عتبا ولومًا للدّول العظمى التي تتغاضى عن الصّراعات بين الدّول الضّعيفة، ولا تحاول إيقافها من خلال حماية القانون الدّولي وتطبيقه.
ويؤخذ على القصّة أنّها ترسّخ العقليّة الذّكوريّة في ذهن الأطفال الذين يقرأونها، ويلاحظ ذلك من خلال مرافقة الدّيك للدّجاجة أثناء عودتها إلى القنّ، وكأنّها عادت في حمايته، علما أنّه لا هو ولا هي قادران على مواجهة الكلب، كما يلاحظ أنّ الدّيك هو من تكلّم طارحا قضيّته وقضيّة الدّجاجة أمام الحيوانات الأخرى :” هَزَّ الدِّيكُ عُرْفَهُ الْأَحْمَر، وَقَالَ: أَنَا شَخْصِيًّا، أُرِيدُ حَقَّيَ كَامِلًا مِنَ الْكَلْبِ (فُوكْسِي)، وَحَقَّ الدَّجَاجَةِ الْحَمْراءَ.” فهل الدّجاجة عاجزة عن قول ذلك؟
وهناك ملاحظة لغوية أخرى، فقد ورد في القصّة:” مَدَّ الدِّيْكُ يَدَهُ حاَمِلًا الرِّيشَاتِ الْخّمْسِ” والصّحيح هو الخمسةَ بالنّصب؛ لأنّها صفة للرّيشات المنصوبة بالكسر نيابة عن الفتحة؛ لأنّها مفعول به، والصّفة تطابق الموصوف في جنسه وإعرابه وعدده وتنكيره وتعريفه.
وكتب عبدالله دعيس:
ربما كان الخيال العامل الأهم في قصص الأطفال، والذي يأخذ الطفل إلى عوالم أخرى، يجد فيها المتعة، ويعود منها بالفائدة والدّروس والعبر. وقد كان عالم الحيوان دوما هو الذي يلج منه كتّاب قصص الأطفال؛ ليحلّقوا بالطفل إلى عالم الخيال الذي يستهويه. فالحيوانات بألوانها وحركاتها وسلوكها الغريزيّ كانت دوما مصدر معرفة للإنسان، خاصّة الأطفال.
والكاتبة نزهة أبو غوش، تلج من هذا الباب في قصّتها الجديدة للأطفال (الدجاجة المذعورة) ضمن سلسلة (الحيوانات الصديقة في الحديقة)، وتصطحب الطفل إلى حديقة خياليّة فيها الحيوان الأليف والبرّيّ؛ ليعيش مع هذه الحيوانات يومها، ينبهر بسحرها، ولتصل به إلى الدروس والعبر المرجوّة من قصتها دون أن يفقد دهشة الخيال ومتعته.
والحديقة فيها الحيوان الذي يتصرّف بفطرته ويقوم بواجبه، كالدّيك الذي يصيح صباحا؛ ليوقظ بقية الحيوانات عند بزوغ الشمس، وفيها من يقف بشجاعة ليقول كلمة الحقّ، كالدّجاجة التي تدافع عن تصرّف الدّيك السّليم. وفيها المعتدي الذي يخرج عن الدّور المنوط به والفطرة السليمة، ويمارس العدوان، مستغلا قوّته وسلطته، فالكلب الذي استاء من تصرّف الدّيك، هاجم الدّجاجة الضّعيفة التي انبرت للدّفاع عنه، وآذاها. وعندها يؤازر الديك والدجاجة بعضهما وينجوان من غضب الكلب الجامح.
وهنا يعبّر الدّيك عن رفضه لعدوان الكلب، ويعلو صوته بالصياح، بدل أن يستكين ويذل ويختبئ، ويحذر غضب الكلب، ويصدح بالحقّ، ويجمع الحيوانات في مظاهرة عارمة ضدّ الظلم والعدوان. وهنا يكون التّصرّف السليم: يجتمع مجلس الحديقة للتّحقيق والتّشاور وإعادة الأمور إلى نصابها. أمّا الكلب، فعندما يرى تكتّل الحيوانات، ويعلم أنّ أنيابه الحادّة لن تعطيه الحقّ في العدوان، ينسحب مذعورا مدحورا. وتظهر هنا قوّة الحيوانات حسب وقوفها مع الحقّ، وتآزرها ضد الباطل، وليس حسب حجمها أو قوّة أنيابها: فالفيل مثلا، رغم كبر حجمه، يبدو سلبيا ولا يستطيع التأثير، بينما السلحفاة مع صغر حجمها وضعفها تبدو قويّة وهي تقف في صفّ الحقّ وتنافح عنه. وتبدو الشّورى والعمل الجماعي، والقرار الجماعي بعيدا عن هيمنة الفرد هي مصدر القوّة في الحديقة.
فإذا تأملنا هذه القصّة جيدا سنرى فيها الكثير الكثير من الدّروس والعبر، التي قد تفيد الطفل النّاشئ، وتبني لديه شخصيّة الإنسان الذي يؤمن بالعمل الجماعيّ والشّورى، وقدرة الأفراد على التّغيير، وينفّر من العدوان. لكنّ الكاتبة استخدمت بعض التعبيرات في نهاية القصّة التي، برأيي، لا تفيد الأطفال وقد لا يفهمون المقصود منها. فاستخدمت لفظ (العنف الجسدي) و(العنف اللفظي) و(القانون)، وهذه الألفاظ تستخدم كثيرا في البيئة المدرسيّة، ولكنّها لا تؤتي أكلها، ولا تفيد الطلبة بشيء. فلو استغنت الكاتبة عنها واستمرّت في رموزها من حيوانات الحديقة لكن أفضل.
وكتبت رائدة أبو الصوي:
قصة رمزية، نحن في هذا الزمن نشبه الدجاجة المذعورة، أقصد الشعوب العربية.
نحن عطشى لسيادة القانون، والعيش بسلام، ولكن للأسف الشديد فقدنا البوصلة.
القصة لا تقتصر على الأطفال بل هي للكبار أيضا. رؤيا للواقع ترجمتها الكاتبة مع غصة وألم. عندما قرأت القصة تذكرت القصة اليابانية المترجمة للعربية ( سنان) عرضت على المحطات الفضائية. سلسلة قصص هادفة للأطفال، المسلسل الذي تدور احداثه في قرية وسط غابة.
انيميشن. أبطال المسلسل حيوانات، الغابة كانت تدعى غابة الصنوبر، شخصيات خيالية من الحيوانات، وحمل المسلسل في طياته الكثير من العبر والقيم السامية .
أبطال القصة التي أصدرتها الكاتبة، الديك والدجاجة الحمراء والكلب فوكس والحصان والزرافة والسلحفاة والفيل .
عندي تحفظ من اختيار الزّرافة؛ لتكون الشخصية القيادية في القصة، فالزّرافة التي تدل على الهيبة في الظاهر والغباء في الداخل، ما سبب اختيار الكاتبة للزرافة لتحكم المجموعة؟ هل ترمز الى ميزان العدالة المائل وغياب الرجل المناسب.
القصة جميلة وممتعة، وتعطي مساحة للتأمل والخيال.
وقالت هدى عثمان أبو غوش:
قصّة للأطفال جرت أحداثها في حديقة للحيوانات، وقد جاءت الشّخصيّات بلسان الحيوانات .(الدّجاجة ، الكلب ، الدّيك، الفيل ، الزرافة، السّلحفاة، الحصان). محور المشكلة في القصّة هو تعرض الدّجاجة لنتف بعض ريشاتها من قبل الكلب (فوكسي) الذّي أزعجه تدخلها ومباهاتها بجمال وصوت الدّيك، حين صاح في الصّباح وأيقظ الحيوانات. الأمر الذّي استفزّ الدّيك وبعض الحيوانات، إلاّ أنّ حلّ المشكلة جاء عن طريق قرار الزّرافة بوجوب نبذ العنف الجسدي والكلامي والتّمسك بالقانون الذّي سيحمينا.
وقد طرحت الكاتبة مصطلح العنف بأشكاله موضّحة شكل العنف”نتف خمس ريشات، هذا عنف جسدي”
“أيّها الدّيك الأحمق” ، “هذا عنف كلامي”. وبالرّغم من أهميّة هذه المصطلحات المتداولة في المجتمع، حبّذا لو تناولتها الكاتبة بكلمات أخفّ، تتناسب أكثر مع الطفل. أو لو طرحت كلّ مصطلح في قصّة.
وصفت الكاتبة الدّيك بشكل تدريجيّ من أجل إيصال المعلومة لدى الطفل وإستيعابها، فقد وصفته في البدايّه بأنّه فصيح، ثم ذكرت فيما بعد على لسان الدّجاجة بأنّه يمتلك صوتا وشكلا جميلا، وثمّ في مراحل القصّة تمّ ذكر عرفه الأحمر.
كما وصفت الدّجاجة أنّها حمراء، ثم فيما بعد ذكرت ريشها.
ذكرت الكاتبة من خلال القصّة أنّ الدّجاجة فردت جناحيها وطارت فوق شجرة الكرز، وهنا يطرح السّؤال هل يطير الدّجاج؟
فالدّجاج قصير الجناحين، وهو لا يستطيع الطيران.
ويعود ذلك إلى أنّ طول أجنحتها لا تتناسب مع قوّة وحجم عضلات الطيران وهي عضلات الصّدر، أمّا ارتفاع شجرة الكرز فتصل حوالي ما بين 8-10 أمتار، وعليه فإنّ الدّجاج لا يستطيع الطيران.
جاءت الرّسومات جميلة، متناسقة مع سرد القصّة.
تكرّر ذكر” يا سيّدتي”أربعة مرّات، للإشارة إلى الزّرافة، وهنا أرى لو استبدلتها بكلمة “جميلتي” أو “صديقتي”، فهي تتناسب مع الحيونات الصّديقة؛ لأنّ كلمة سيّدتي حجمها أكبر من مفردات الطفل الصّغير.
وكتبت صباح بشير:
يحب الأطفال القصص، ويستمتعون بها بما فيها من حوار وعوامل جذب وسرد شيّق، فهي عمل فني متكامل يستثير اهتمامهم، خيالهم ومشاعرهم، يستمتعون بها ويتعلمون منها فتمنحهم الشعور بالمتعة الانفعالية والجمالية.
وسأتحدث اليوم عن قصَّة “الدجاجة المذعورة” للكاتبة نزهة أبو غوش.
كُتبت هذه القصة بلغة سهلة حيث تتحدث باختصار عن خلاف يقع في حديقة للحيوانات، بين الديك الذي صعد في بداية القصة فوق السور، وأخذ يصيح كعادته، نتفاجأ بشخصية الكلب الغضبان (فوكسي) الذي بدأ يشتُم الديك ويهدده، فتقاطعه الدجاجة مدافعة عن الديك، مما أثار غضب الكلب، فأخذ يلاحق الدجاجة وينتف بعضا من ريشها! هنا غضب الديك الذي استنجدت به الدجاجة، فأخذ يصيح مرة أخرى، تجمعت الحيوانات حول الديك الذي أوضح لهم بدوره ما حدث، فاتفق الجميع أن هذا عنف جسدي ولفظي مرفوض في حديقتهم، تمضي الأحداث مسرعة وفي النهاية وبعد مداولة الأمر تمّ الاتفاق على وضع القانون الذي سيحمي الجميع من العنف، ثم هتف الجميع : يحيا القانون ) .
أهمُّ ما يميز هذه القصة هو لغتها السلسة المستمدة من عالم الطفل ومعجمه، حتى يستخلص منها أهمية وجود القانون لحماية البشر من العنف. القصة غير متعبة للقارئ الصَّغير وبإمكانه استيعابها بسهولة، وبإمكانه أيضا فهم النماذج الموجودة فيها ببساطة؛ ليسقطها على نماذج موجودة في محيطه الصغير، فهي تُعنى في الجانب التهذيبي للسلوك والتصرفات، من خلال لغة مُيسرة سهلة الفهم، لكن .. لي بعض الملاحظات حول القصة بشكل عام أرجو تقبلها مع كل الاحترام .
العنوان: حملت القصة بين طياتها فكرة نبذ العنف وغياب القانون، وهي فكرة قيّمة يجب أن نعلمها لأطفالنا، خاصة وأن العنف بدأ يستشري بشكل واضح في مجتمعاتنا لكن العنوان”الدجاجة المذعورة” لم يخدم الفكرة، فقد كان بوسع الكاتبة اختيار عنوان شيّق آخر يخدم المحتوى بشكل أفضل .
مع الأسف تفتقر القصة لعنصر الترغيب والتشويق خلال أحداثها، كما وضعت الكاتبة سلوك وتصرف الكلب العدواني في بداية القصة دون تبرير واضح مُفسر للطفل، فبدا وكأنه شرّ غير مفهوم أو غير مبرر! فقد يتساءل الطفل ما سرّ هذا التصرف السيء؟ إذ لم تحتوي القصة على إجابة واضحة تفسر سبب تصرف الكلب أو تشرحه.
تخدم القصة الجانب الاجتماعي اللطيف الذي صورته الكاتبة عبر تجمع الحيوانات في الحديقة، ونقاشها حول سن القانون اللازم لحمايتها من العنف، لكن، في النهاية لم توضح الكاتبة ما هو هذا القانون الذي تم الاتفاق عليه؟ وكيف يعمل؟ وما هي عقوبة من يقوم باختراقه؟ نعم هي قصة بسيطة لكن الطفل بدوره يفكر، ثم سيتساءل ما هو القانون؟ وماذا سيحصل حين يخترق أحدهم هذا القانون؟ هنا ..تكون الكاتبة قد تركت النهاية مبهمة غير واضحة بالنسبة للطفل الصغير، الفضولي بطبعه المتعطش للمعرفة، مفترضة أن الحيوانات قد وجدت الحل السحري الذي سيُقنع تفكير الطفل وعقله، فيكتفي بهذا القدر من المعلومة، أتصور أن الاطفال أذكياء ويكثرون من طرح الأسئلة، هنا افترضتُ أني قد أكون مخطئة، فقمت بإعطاء القصة لابن أخي (7سنوات)، وطلبت منه قراءة القصة، قرأها ثم أعادها إليّ مجددا، فسألته هل أعجبتك القصة؟ أجاب: نعم، ثم سألني على الفور: ماذا سيحصل للكلب حين عودته إلى الحديقة؟ كيف سيُعاقب؟ وكيف سيعيد القانون حق الدجاجة؟ فبدأت بتبسيط الموضوع وشرحه له باختصار.
لا أخفي إعجابي بالفكرة إلا أنّها تحتاج لبعض المعالجة، بحيث ترضي الطفل وشغفه في تلقي المعلومة، ثم بعد ذلك تطرح الكاتبة نهاية مقنعة أكثر من خلال السياق، مما سيساعد الطفل على الاستنتاج وتنمية تفكيره وخياله معا.
ملاحظة أخرى، فقد افتقرت القصة إلى تحديد المرحلة العمرية لها، وهذا مع الأسف موجود في معظم القصص التي تُطرح لأطفالنا في العالم العربي، حيث يتم إهمال ذكر المرحلة العمرية لكل قصة. وبعيدا عن قصة الدجاجة المذعورة فمن خلال تحديد الفئة العمرية للقصة بشكل عام، يتمكن الكاتب من تحديد النص لتلك المرحلة التي يكتب لها، وذلك لإشباع احتياجاتها النفسية، اهتماماتها، ميولها ومتطلباتها، كل ذلك يُمكّن الكاتب من ادراك ملكة التذوق الفنية والجمالية لدى الطفل الذي يكتب له، فيساهم بذلك في توسيع مداركه. كما أن عدم تحديد الفئة العمرية للقصة يؤدي الى ارباك وتردد المربي في اختيار ما يناسب الطفل من القصص. بالطبع نحن نلتمس العذر لكتابنا وكاتباتنا حول هذا الموضوع بسبب افتقارنا لهذه الدراسات وللأدوات المعرفية الحديثة المتعلقة بهذا الشأن في عالمنا العربي بصورة عامة، لكن .. هذا لا يعفي الكاتب من محاولة البحث ما أمكن قبل الشروع في الكتابة، فمن المهم أن يمتلك الكاتب الوعي والمعرفة؛ ليتمكن بذلك من معالجة فكرته التي يطرحها عبر قصته، والتي تناسب عمر الطفل وطريقة تفكيره، كما تتناسب مع البيئة والمحيط من حوله، فالقصص والحكايات التي كانت تقصها علينا الجدات لم تعد تصلح لهذا العصر، لأن الطفل ابن جيله وعصره وزمنه، وأرجو هنا عدم الخلط بين هذه الملاحظة وبين الحكايات الشعبية التي تحفظ التراث من خلالها، فذلك شأن آخر لن أتطرق إليه هنا.
نحن اليوم لا نستطيع إنكار هذا الكمّ من المعلومات والصور التي تتدفق من حولنا عبر الانترنت، فيراها أطفالنا، وهم على اطلاع مستمر بما يحيط بهم، فهذا عصر التقنيات وتكنولوجيا المعلومات، بالتالي يجب أن لا نغفل عن كل تلك الادوات المتوفرة والتي تحرك رغبة الطفل في التعلم والتطور، هنا نستشعر مدى حاجة أطفالنا إلى القراءة الممتعة المفيدة التي يجب أن تجتذبهم من أضرر ألعاب الإنترنت .. لذا علينا حث أطفالنا على قراءة القصص والتعلم منها، لكن على أن تحتوي هذه القصص على المتعة والفائدة، ومن ثم العبرة التي يستنبطها الطفل من خلال القراءة، فتساهم في بناء شخصيته وغرس القيم الانسانية به.
تمتلئ مكتباتنا بالقصص، منها الجيد ومنها ما دون ذلك، المطلوب منا أن لا نقوم بإعادة إنتاج وتقليد الحكايات المتوفرة في المكتبات كمصادر لأدب الأطفال مع إضافة بعض التحديث، فالعالم من حولنا مُتغير مُتجدد، ونحن لا نريد التكرار لأطفالنا، نحتاج للاختلاف الخلاّق الذي يغرس الاتجاهات الإيجابية في نفوسهم، وذلك لبناء جيل مختلف مبدع يكون امتدادا لنا .. يحضرني هنا بعض ما سطره الأديب العربي الكبير جبران خليل جبران حيث قال:”أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أولاد الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم.. أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم.. ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم أفكاركم؛ لأن لهم أفكارا خاصة بهم.. نفوسهم لا تقطن في مساكنكم، فهي تقطن في مسكن الغد الذي لا تستطيعون أن تزوروه حتى ولا في أحلامكم.”
وقالت هدى خوجا:
احتوت القصّة على كلمات متناسقة؛ تتوافق مع الأطفال، وفيها نغمة موسيقيّة رنّانة جميلة، واشتملت على مرادفات للكلمات وأضداد للكلمات المعهودة باللغة العربيّة المستخدمة في دروس اللغة العربية للطلبة.
ركّزت الكاتبة على علاقة الأصدقاء الحميدة والابتعاد عن التّشاجر والخصام والعنف الجسدي واللفظي الكلامي، الاحتكام للقانون والنّظام وعدم الفوضى، الاحترام المتبادل بين الأصدقاء.
كان اختيار أنواع وأسماء الحيوانات موفّقا، من الدّجاجة، الدّيك، الحصان، الفيل، السّلحفاة، الزّرافة والكلب.
الرّسومات موفّقة ومتناسقة مع نصوص القصّة.
اتّسمت الكاتبة بالدّقة في اختيار الكلمات والصّفات؛ فاختارت المذعورة بدل الخائفة، وكانت الكلمات مشكّلة بالحركات الفتحة والضّمة والكسرة والتّنوين والشّدّة مع وضوح الطّباعة، والحجم واللّون الأسود لطباعة الكلمات بدقّة.
ولكن في ص 20 تتناسب الصورة مع النّص في ص22
” مدّ الدّيك يده حاملا الرّيشات الخمس: هذا هو الدّليل ياسيّدتي ” ص 22
القصّة جميلة وذات مغزى متوافق مع المرحلة العمرية؛ الّتي كتبت لها
لغة صحيحة ورسومات جميلة، وورق مناسب، وحجم القصّة ملائم مع التّركيز على القانون، والابتعاد عن العنف اللفظي والجسدي بأسلوب جذّاب وشيّق.
وكتبت رفيقة عثمان:
وفق تربية الأطفال السليمة من الضروري غرس القيم الإنسانية، في نفوس الأطفال خاصة عند تنشئتهم في السنين الأولى من حياتهم؛ لأن هذه المرحلة هي المهمّة جدا لإكسابهم مفاهيم، وقيما، ومعلومات تنغرس في أذهانهم بسهولة، ومن الصعب نسيانها لاحقا، وبالحري ستكون النتيجة أنجع، عن طريق سرد القصص الهادفة، ذات المغزى التربوي، الذي يحمل معاني القيم التربوية الإنسانيّة.
تناولت الكاتبة نزهة أبوغوش في قصّتها “الدّجاجة المذعورة” ظاهرة العنف المنتشرة بين الأطفال والكبار، فوجدت القصة وسيلة علاجية لهذه الظاهرة؛ سواء كان العنف جسديّا أم كلاميّا؛ كما ظهر في القصة عندما استخدم الكلب العنف بنتفه لريشات الدجاجة، وحاول إيذاءها، واستخدامه للعنف الكلامي: ” انزل عن السّور أيّها الدّيك المغرور” ممّا جرح شعور الدّيك.
اختارت الكاتبة أبطال شخصيات القصّة من الحيوانات المختلفة، وهي اِلمُحببة على قلوب الأطفال، كما واستخدمت السرد والحوار على لسان الحيوانات الّتي من خلالها يمكن التّوصّل إلى عقولهم وقلوبهم.
من خلال هذه القصة، بإمكان الطّفل تذوّت معنى القانون، ومعرفة وجود نطام يحكم الحياة، وأن لكل ذنب يوجد عقاب. الحياة تسير وفق أنظمة وقوانين تحكمها العدالة، وإلا سوف تعمّ الفوضى، ويحكمنا قانون الغاب.
هذه الصورة المصغرة لحياة الحيوانات بالحديقة، تشابه حياة الإنسان، وصراعاته على هذه الأرض تمثل الصراعات بين بني البشر؛ والبقاء للأقوى. إنّ مفهوم القانون عند الأطفال يعتبر مفهوما مجردا، ويصعب فهمه؛ لكن عن طريق القصة يوضح المفهوم، بشكل تدريجي. كما أوضحت الكاتبة في نهاية القصة أهمية وجود القانون، قالت الدجاجة :”انا لست خائفة؛ لأنّ القانون يحميني” بالقانون يشعر الإنسان بالأمان، والطمأنينة.
كذلك قال الدّيك على سبيل المزاح: ” لولا القانون؛ لعرفت كيف أعلّم الكلب ( فوكسي) درسا لن ينساه في حياته.”. هنا عبّر الدّيك عن أنّ معرفتة بالقانون ردع الديك من استخدام العنف.
من خلال القصة نجد مفهوم التعاون المتبادل، والتعاطف، بين الحيوانات، وخاصّة الدّيك الّذي أظهر حنانه للدّجاجة، وأشعرها بالأمان؛ كذلك تضامن باقي الحيوانات مع الدّجاجة، حين علموا بعنف الكلب وتسلّطه على الدّجاجة، ونتفه بعض من ريشاتها.
أكّدت الكاتبة على ضرورة الحوار والاستشارة في القرارات وعدم التّفرّد بها، ترمي به إِلى حياة الدّيمقراطيّة المرجوّة في عالمنا العربيّ. من خلال مجلس الحديقة” بعد أن اجتمعت الحيوانات الصديقة في الحديقة، وبعد التشاور والتحاور وجدت القانون”.
عبّرت القصة عن المشاعر والعواطف المختلفة: مثل الذّعر، والخوف عندما قالت الدجاجة “أنا خائفة جدا”، كذلك عبرت عن مشاعر الغضب ” غضب الكلب غضبا شديدا، ثم عض على أسنانه وراح يلاحق الدجاجة الحمراء”. صفحة 8. كذلك صفحة 17، ” الديك ثار غاضبا” بالإضافة للتعبير عن الفرح ” رفرفت الدجاجة بجناحيها، وهتفت بفرح، كذلك الحنان والرأفة الصادر عن الدّيك وحيوانات الحديقة. ..”. إن التعبير عن المشاعر، تساهم في التنفيس عن الذات لدى الأطفال، هذا أمر مهم من النّاحية التّربويّة؛ كي يتفاعل الأطفال، وتتحرك مشاعرهم، وهنا فرصة ؛ لمنح الأطفال المساحة الكافية للتعبير عن الذات، من خلال سماع القصة وتمثيله، والحديث عنها.
في الحقيقة أجد هذه القصة تنطبق على حياة البالغين أيضا، لو تناولنا أبعادها في التفكير.
لغة القصة سهلة تناسب الأطفال من خمس سنوات للسابعة تقريبا، احتوت على كلمات جديدة تثري القاموس اللغوي للأطفال؛ كما وردت مثل: (مذعورة – عنف كلامي -عنف جسدي – نتف – دليل – ذُهلت – هتف – مستغرب – أحمق – مغرور -كسولة – يلاحق – يلهث -يتدلى بين فكيه – تملصت – فردت جناحيها – ارتعبت – قِن – المتساقطة – نفش ريشه – خطير – مجلس الحديقة – تجمعت – مستغربة – اعتدى- ذهلت – حقي – جزاء – فعلة شنيعة – محايدا – القانون – التشاور – يعاقب – حسب القانون – رفرفت – يحيا ).
كانت شخصيّات القصّة متميّزة؛ حيث لعبت الزرافة الأنثى دور القاضي في مجلس الحديقة، من الجميل أن تكون الأنثى قاضية؛ لتصبح نموذجًا للصغيرات يُحتذى بها..
بالنسبة للحيوانات الصغيرة فقد لعبت دورا هامًا، مثل: السلحفاة الصغيرة والتي عبّرت عن رأيها بصراحة، ودون خوف على الرغم من وجود الفيل الضخم، الّذي ظلّ محايدا، ولم يعبّر عن رأيه فقالت: ” نريد أن يأخذ الكلب (فوكسي) جزاءه، بسبب فعلته الشنيعة.”. هذا الموقف في القصة، يشجع الأطفال ويتيح لهم الفرصة للتعبير عن الرأي في المواقف المناسبة. كذلك الدجاجة المذعورة فقد حاولت الدفاع عن الديك حيث قالت: “صوت الديك أجمل صوت بين كل الطيور، وشكله الملون جميل جدا.
لعب الكلب دور القوّة واستغلّها ضدّ الضّعفاء ، وترمز هذه الشخصيّة للقوة التي تستخدم في مجتمعاتنا ضدّ لضعفاء، وخاصة الإناث.
تميّزت الرّسومات في القصة بحركاتها الفنية المطابقة للأحداث وتطوّرها. الّتي رسمتها الفنّانة، منار نعيرات.
الإخراج الفني للقصة متقن من ناحية حجم الخط، والصفحات، وسمك الصفحات، والفقرات مجزّأة، ولكل فقرة ترافقها صورة معبرة.
وقالت سهاد عثمان:
توجيه معلّمات رياض الأطفّال لتقييم قصّة الأطفال، وقد تناولت قصّة” الدّجاجة المذعورة” كنموذج للكاتبة المقدسيّة.
على المعلّمة أن تهمّ بثلاث نواح أساسيّة عند اختيارها قصة مناسبة للأطفال:
• النّاحية اللغويّة، والنّاحية النّفسية الاجتماعيّة، والنّاحية التّعليميّة التربويّة؛ فإِذا استوفت القصّة معظم هذه النّواحي فبإمكان المعلّمة قراءتها للأطفال.
بالنّسبة للقصّة المذكورة أعلاه” الدّجاجة المذعورة”، إِذا تناولنا النّاحية اللغويّة في القصّة، فقد وجدت بأنّها غنيّة بالكلمات النّحوية الّتي بامكانها أن تثري لغة الطّفل؛ لذلك على المعلّمة أن تقرأ القصّة باللغة الفصحى، ولا حاجة لتفسيرها باللهجة العاميّة، وإِذا وجدت بأنّ هناك كلمة صعبة على الأطفال، فبامكانها أن تشرحها من خلال لغة الجسد، أو تغيير نبرة الصّوت، أو استخدام الدّمى، بذلك يمكن للطّفل أن يفهم الكلمة، ويضيفها لقاموسه اللغوي.
مثال على ذلك: ” راح الدّيك يتبختر على السّور” ص2
هنا يمكن أن تتبختر المعلّمة في مشيتها أمام الطّلاب، ويمكن أن يقلّدها الأطفال مع تكرار الكلمة” يتبختر”.
القصّة تحتوي على مفاهيم جميلة ومهمّة للطّفل، حيث استخدمت أصوات الحيوانات من خلال رموز نحو( كو كو كو كو) نسبة لصوت الدّيك مثلا، كذلك صوت الدّجاجة ( واق واق).
ركّزت الكاتبة أيضا على مفهوم المذكّر والمؤنّث: الدّيك، الدّجاجة، الفيل، الزّرافة، الحصان، السّلحفاة….
الكلمات الّتي عبّرت عن العواطف والمشاعر نحو: مذعورة/ خائفة /ارتعبت ؛ هنا نلحظ التّفاوت في المشاعر، سوف يفهمها الطّالب من خلال السّياق الّذي وقعت به الكلمة.
من خلال تسلسل الأحداث سلّطت الكاتبة على النّاحية الاجتماعيّة في القصّة، وذلك من خلال ادخالها مفهوم الصّداقة بين الحيوانات، وموضوع التّعاون فيما بينها، والتّضامن مع الحقّ، ونبذ العنف بشكل جماعي. بإمكان المربّية مثلا أن تأخذ موضوع الصّداقة وتنقاشه مع الأطفال، كذلك موضوع اتّخاذ القرارات بشكل جماعي، والإعتماد على التّشاور وعدم أخذ القرارات الفرديّة.
أمّا بالنّسبة للأهداف التّربويّة التّعليميّة، فعلى المربّية أن تختارها من خلال القصّة؛ من أجل تمريرها بالشكل الصّحيح والسّليم للأطفال.
في قصّة الدّجاجة المذعورة، هناك مفاهيم تعليميّة وتربويّة منها: أهميّة وجود القانون في حياتنا؛ من أجل حمايتنا والّذي من خلاله يمكننا أخذ حقّنا من الّذين أخطأوا بحقّنا.
هدف آخر في التّربية، ألا وهو رفض ونبذ العنف كقيمة سيّئة في المجتمع.
في قصّة الدّجاجة أكّدت الكاتبة على أهميّة القانون؛ من أجل العقاب المناسب للمذنب، ولم تذكر ما هو نوع العقاب. الكاتبة أبو غوش أعطت الفرصة هنا للأطفال؛ من أجل مناقشة نوع العقاب مع المربّية، كذلك يمكن صياغة نصّ قانون جديد ملائم للأحداث. بهذه الطّريقة نجحت الكاتبة أن تشرك المعلّمة أو المربّية مع الطّفل في العمليّة التّعليميّة سويّا، كذلك نجحت في تأليف قصّة ينمّي بها الطّفل عمليّة التّفكير للاستنتاج والاستنباط، وهذا ما تصبو إليه التّربيّة الحديثة في عصرنا.
أمّا من النّاحية النّفسيّة، فقد ساهمت القصّة في إعطاء الشّرعيّة للشّعور بالخوف والرّعب والذّعر عند الضّرورة، ومهمّة المربّية هنا التّوقّف، وإعطاء الطّفل الفرصة للتعبيرعن مخاوفه المختلفة.
لقد فرّقت القصّة بين نوعين من الغضب: الأوّل الغضب غير الشّرعيّ الّذي غضبه الكلب( فوكسي) نتيجته تسبّب بالعنف نحو الدّجاجة عندما دافعت عن الدّيك؛ لأنّه صاح عند الفجر.
والغضب الثّاني هو الغضب الشّرعي للدّجاجة وأصدقاء الحديقة الّذين غضبوا من أعمال الكلب( فوكسي) العنيفة.
وقال عزالدين السعد:
قرأت القصة الرائعة كطفل يستمتع بكل جوارحه بما يحدث في عالم الحيوان، متعجبا مندهشا من الحركة والحوار والألوان التي تبهر العين وتخلب اللب، وتأخذ بي طفلاً أتعلق بما يحدث وتسلسله. كنت أسمع وأرى الأحداث في الصور، أتخيّل الأصوات من صياح الديك وقرقرة الدجاجة الذي ترجمته الكاتبة لكلام بشر، نجحت الكاتبة بنقل الأحداث متسلسلة متدرجة بشكل ممتع، ومنحت الثقل للفكرة الأساسية بقوة الوحدة وتوحيد الكلمة وطلب المساعدة عند الحاجة للنجاة والتوجه للمشورة واستقطاب الآراء .
في القصة عبر كثيرة ترشد الناشئة على أدوار لكل حي في الحياة، وعلى أسلوب إيجاد الحلول، فهي توظف مجموعة حيوانات الحديقة مستأنسة بآرائها حول مسألة هامة تحدث مع الأطفال، من تدخل وتعد ومضايقات من أترابهم. اعتمدت الكاتبة كما ذكرت آنفاً على وحدة المجموعة وسمتها مجلسا، والإصغاء لأطراف الحدث وتقديم الشواهد المادية والمعنوية ( نتفش الكلب ” فوكسي ” خمس ريشات من ريش الدجاجة ) وقدمها الديك دليلا، ولكنه تحدث عن الخوف والذعر وهي أحاسيس معنوية تنتج عن حدث فيه عنف جسدي، مضيفاً لذلك نعته من قبل الكلب بالأحمق المغرور وهو العنف الكلامي .
إن تعريف هذه المصطلحات في محله لجيل الأطفال؛ لكثرة ما يتردد هذان المصطلحان في كل محيط يقصدانه، وهو أمر سيتطلب شرح من يسرد القصة للتعمق في أشكال ومعاني العنف هذه، وتوالت الأحداث في طرح الآراء، فالديك يريد حقه وحق الدجاجة من الكلب والسلحفاة تؤيد ذلك، فيما لم يبد الفيل رأيا، وكانت الزرافة رئيسة الجلسة ومن يديرها، وحضر الحصان أيضا، يعلم الطفل ذلك تباين الآراء والاجتهاد بالبحث عن حلول، فكان البحث عن القانون وهو مصطلح إضافي طالما سمع به أطفالنا، ووجب أن يكون بين أيديهم، ثم تقرأ الزرافة نصا في منع العنف الكلامي والعنف الجسدي، فهذا يصبح المرجع والتصريح بأن العقاب حسب القانون، وهو أمر جيد – لكن لم تعط الكاتبة أي اقتراحات لأنواع العقاب حسب هذا القانون –
كانت النهاية السعيدة جميلة لوجود من يحمي وهو توجيه مفيد وناجع للطفل بوجود القانون. فالأمور ليست فوضى بوجود القانون .
ثلاثة مآخذ علي أن أذكرها: أولا – عدم توافق السرد مع بعض الصور أو الرسوم مثل ( السور- ولم يكن كذلك.)
ثانيا: القول أن الدجاجة تطير فوق شجرة الكرز – الطيران والكرز.
ثالثا: لولا القانون لعرفت كيف أعلم الكلب درسا لن ينساه …. فهل القانون لن يعلمه درسا؟
وهو ما ذكرته سابقا بعدم طرح نوع العقاب الذي سيفرضه القانون .
وكتبت ميسون التميمي:
م عودتنا الكاتبه نزهه ابو غوش على الابداع والتجديد، وتطل علينا بقصه جميلة للأطفال تحمل مبادئ وقوانين وقيما تلفت انتباه الأطفال لها بشكل مبسط وعلى ألسنة الحيوانات الأليفة، التي يألفها الأطفال، وتجذب انتباههم، فالديك هو الزوج أو الرجل المسؤول عن حماية المرأة والدجاجة هي الزوجة التي تستنجد وتحتمي بالزوج عندما يلم بها خطر، أو تشعر بالخوف. في قصة الدجاجة المذعورة تجسد الكاتبه بعض القوانين، وتلفت الانتباه لها بشكل مبسط وجميل على ألسنة الحيوانات، وهي العنف الكلامي والعنف الجسدي، والقانون وكيفية التعامل معه، وأنه لا يجوز لأيّ شخص كان أن يأخذ حقه بيده، فالقانو ن هو من يقتص من الجاني، وإذا التزم الأشخاص بالقانون يعمّ السلام والأمن، وتصبح الحياة آمنة خالية من الخوف والظلم، وتشير الكاتبة أيضا إلى مبدأ مهمّ في التعامل، وهو مبدأ المشورة وتبادل الآراء والأفكار في اتخاذ القرارات، وبهذه الطريقة يعمّ الأمن والسلام، ولايُظلم أحد.
ميسون التميمي