القدس: 03/01/2008
ناقشت ندوة اليوم السابع الاسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس كتاب “إمارة حماس” لنعيم الأشهب الصادر في أواسط تشرين ثاني 2007 عن منشورات دار التنوير للنشر و الترجمة و التوزيع في رام الله. و الكتاب الذي قام بمنتجته و تصميم غلافه دار البيرق العربي في رام الله في 91 صفحة من الحجم المتوسط.
بدأ النقاش موسى أبو دويح فقال:
كتب نعيم الأشهب كتابا سمّاه ” إمارة حماس” جاء في مقدمة و أربعة عشر عنوانا. منها: الانقلاب العسكري في القطاع، الصراع على الأجهزة الأمنية، الخيار الأردني، خلط الأوراق و التضليل في الإعلام الإسرائيلي والأمريكي، هل شهد فكر حماس تحولات أيديولوجيته؟ الإسلام هو الحل، و غيرها.
يظهر من قراءة الكتاب- انحياز الكاتب لحركة فتح ووقوفه ضد حركة حماس. فهو يقول في الصفحة السابقة عن نجاح حماس في الانتخابات “هذا الشعب العظيم، الذي وإن أساء الاختيار في لحظة نزف وضيق من جرائم الاحتلال في الأساس. ومن سلوك بعض الفاسدين، فانه في طريق العودة إلى الحقيقة، والسعي للتكفير عن خطأ اختياره”.
و الكاتب يحمل حملة على الإسلام السياسي، أسمعه يقول في الصفحة الثامنة ” إن الإسلام السياسي ليس فقط لن يحل المشاكل المزمنة، بل يزيدها تعقيدا ، ويرى الكاتب أن الخلاص ” بالعودة إلى طريق النضال السوي والثوري ضد الاحتلالات الإسرائيلية والأمريكية والهيمنة الإمبريالية، و ضد عسف حكامها المدعومين من قوى خارجية وضد فسادهم”. فهل جاء محمد عليه السلام بغير الإسلام السياسي؟ و هل خلفاؤه من بعده غير سياسيين ساسوا العالم خير سياسة؟ وهذا ما أظهرته الدولة الإسلامية في مختلف عصورها الزاهدة، حيث كانت هي الدولة الأولى في العالم: قوّة وعلما ونظاما وعدلا. حتى الدولة العثمانية العليّة الذي أطلق عليها أعداؤها في آخر عهودها – الرجل المريض- كانت الدولة الأولى في العالم وصلت حدودها إلى فينّا، و كانت الدول المتصارعة تخطب ودّها. ولولا بعض المجرمين العملاء من العرب الثريين وضعوا أيديهم بأيدي الانجليز، و تآمروا على دولتهم وقضوا عليها، ما وصلنا إلى اليوم ومنذ مطلع القرن العشرين من الاستقلالات المزعومة، والتحرّر الكاذب، و ضياع البلاد والعباد.
ولا أدري لماذا ينحاز الكاتب إلى فتح، و هو الذي يقول عنها: “لقد هرب قادتها، و راحوا يصدرون الأوامر من الغرف المكيفة من فنادق القاهرة ورام الله”. و كذلك من بيروت فهو يقول:”حينها أيضا هرب معظم القادة المبدئيين من مواقعهم دون قتال”. وكذلك يقول في الصفحة التاسعة عشرة، لقد تشكلت لهذه الشرعية من البيروقراطية العسكرية مصالحها الخاصة، منذ أن كانت في جنوب لبنان ، تتصرف في الدوائر الجغرافية المسؤولة عنها عسكريا، كإقطاعيات خاصة بها ، و يقول: ” وما يقال عن فساد هذه الشرعية من البيروقراطية العسكرية، يمكن أن يقال عن البيروقراطية المدنية أيضا، و هي بدورها من فتح في الأساس”
أنا هنا لست من المدافعين عن حماس، و حماس – في رأيي- لا تمثل الإسلام ولا المسلمين، وإن كانت قد رفعت شعار الإسلام، فحماس شاركت في الانتخابات التشريعية ووصلت إلى السلطة وحوصرت اقتصاديا، وخرجوا فيما بعد بوثيقة الأسرى والدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، أو حكومة كفاءات.
إن ما يحصل الآن في فلسطين من قتل أو اختطافات أو سجن أو تعدّ على الممتلكات والمؤسسات هو عمل حرام، يحرم على أي مسلم القيام به، وما يحصل الآن في فلسطين في القطاع وفي الضفة جريمة نكراء ترتكب بحق أهل فلسطين خاصّة، و أبناء الأمة الإسلامية عامّة، وأرض الإسراء المباركة. ويجب الصراع بالحق والنهي عن المنكر، وأن ترتفع الأصوات بأن فلسطين أرض إسلامية ، خراجيه من نهرها إلى بحرها، ودعوة جيوش المسلمين القابعة في معسكراتها في الأردن ومصر وسوريا ولبنان بالتحرك لتحريرها من أيدي اليهود، والساكت عن الحق شيطان أخرس. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: “” لا يحقرن أحدكم نفسه، قيل وكيف يحقّر أحدنا نفسه يا رسول الله؟ قال: أن يكون لله عليه مقالة فيقول: ما منعك من أن تقول في كذا و كذا؟ فيقول: خشية الناس. فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى”.
فحماس وفتح أداتان طيّعان في يد أمريكا، تسيرهما كيفما تشاء، فتارة تستعملهما لترويض اليهود للقبول بمبدأ الدولتين اليهودية والفلسطينية، و تارة أخرى تجعلهم يرفعون السلاح على بعضهم البعض، لتكون خاتمة الصراع بينهما هي الاعتراف بإسرائيل دولة شرعية على أرض فلسطين.
أما ما كتبه الكاتب تحت عنوان الخيار الأردني فهو رأي صحيح، وهو ما ينسجم مع الواقع في هذه الأيام.
و ختاما فإن الكاتب يتمتع بالوعي السياسي إلى حد كبير، و عنده قدرة على تفسير الأحداث تفسيرا صحيحا، لولا هجمته الظالمة على الإسلام، وهو والكثيرون غيره يرى أن الإسلام تمثله حماس أو حزب الله أو أسامة بن لادن أو السعودية أو الأفغان أو الإخوان المسلمون.
و الصحيح أن الإسلام اليوم لا يمثله أحد، و هو غير موجود أو مطبق في أي بقعة من الأرض. وهو نظام عالمي، إن قدّر الله له العودة على أيدي رجال مخلصين سياسيين، فسيرى العالم الخير والعدل والصدق والأمانة و حسن المعاملة، وسيكون حربا على السوء والظلم والعدوان.
أما لغة الكاتب فهي لغة سليمة، حتى ليكاد يخلو الكتاب من الأخطاء إلا لفظة واحدة جاءت في الصفحة الثالثة والعشرين، و هي لفظة “إياها” في قوله: كما ذكرت الصحيفة إياها والصحيح نفسها أو عينها لأن إيّا ضمير نصب و ليس ضمير رفع.
وبعده جرى نقاش مطول شارك فيه كل من جميل السلحوت وحذام العربي ود.وائل أبو عرفة وخليل سموم وهالة البكري.