القدس 8-5-2025 من ديمة جمعة السمان
ناقشت ندوة اليوم السابع رواية الكاتبة نزهة أبو غوش الموجهة للفتيان: “لعبة الزمن” والتي صدرت طبعتها الأولى عام 2024 عن دار الهدى للطباعة والنشر كريم2001 م.ض. في كفر قرع.
الرواية تقع في 69 صفحة من القطع المتوسط، ورسوماتها بريشة الفنانة منار الهرم.
افتتحت الندوة مديرتها ديمة جمعة السمان، قالت:
في روايتها *لعبة الزمن*، تخوض الكاتبة الفلسطينية نزهة أبو غوش مغامرة أدبية طموحة تمزج بين الخيال العلمي والواقع الفلسطيني المعاش، ضمن عمل موجه لليافعين، لكنه يتناول قضايا بالغة العمق والتعقيد: فقد الأحبة، الاحتلال، الانقسام المجتمعي، التقدّم التّقني، واختراق الخصوصيّة البشريّة.
الرّواية تنطلق من مأساة شخصيّة يعيشها طفل صغير، لكنها تتشعّب لتغطّي طيفًا واسعًا من القضايا، ما يجعلها نصًا زاخرًا بالأفكار، لكنه يعاني من تشتت سردي واضح وضعف في الحبكة.
تبدأ الرواية بحادث مأساوي: غرق الطفلة ياسمين، أخت ربيع، في النّهر، وتحوّل هذا الحدث إلى نقطة مفصلية تؤثر على توازن الطفل النفسي. تبحث الأسرة عن وسائل لاحتوائه، فيظهر رجل الإلكترونيات، الذي يستخدم تقنية الهولوغرام لاستحضار صورة ياسمين ومساعدة ربيع على تجاوز الصدمة. غير أن هذا الحل غير المألوف يُقابل بالرفض من سكان القرية الذين يتهمون التقنية بالشعوذة والسحر، فيطردون الرجل.
هنا تبدأ رحلة جديدة لربيع – مليئة بالتيه والضياع – لكنها تتكشف أيضًا عن تفكك في الحبكة وتراكم عشوائي في الأحداث.
يقرر ربيع الهرب من منزله للبحث عن رجل الإلكترونيات، الذي رأى فيه بصيص أمل لشفاء جرحه. لكنه يضيع في الطريق، ويقع فريسة عصابة تستغلّه في ترويج المخدرات، في تحوّل مفاجئ وغير ممهَّد له سرديًا.
تنتهي هذه الأزمة بحل سريع، يتمكن أهلُه من العثور عليه بمساعدة شريحة مزروعة في ذراع العم “حسن”. هذا الحل يكشف عن وجود منظومة مراقبة خفيّة تسيطر على حياة الناس من قبل الاحتلال، الذي يسعى إلى مراقبة المواطنين والتحكم في تصرفاتهم.
كما تطرح الرواية أكثر من مشهد ينتمي إلى عالم الخيال العلمي، أبرزها المسرحية التي يشاهدها الأطفال، وفيها يعلن “روبوت” عن مستقبل يصبح فيه العالم قرية صغيرة، بلا حدود ولا عملات، وكل شيء يتم بكبسة زر الخ .
رغم جاذبية هذه العناصر، إلا أن استخدامها في الرواية جاء مقطّعًا وغير متسق مع البناء السردي العام، مما أضعف تأثيرها، وجعلها تبدو كأفكار جيدة لكن غير موظفة توظيفًا دراميًا فاعلًا.
ومن الجدير ذكره أنّ الرواية لا تغفل عن التطرق إلى الواقع السياسي، حيث تُبرز مظاهر الاحتلال الإسرائيلي في القدس، مثل منع التجمعات حتى في مناسبات الأعراس، وزرع الحواجز لإفساد أفراح الناس. تسرد الكاتبة هذه الانتهاكات بلغة بسيطة تُناسب الوعي الناشئ، لكنها تُسلّط الضوء على القهر الممنهج الذي يطال الحياة اليومية للفلسطينيين.
كما تطرح الرواية رسالة رمزية عن أهمية الوحدة والتكافل في مواجهة التمزق الداخلي والخارجي، إذ أنّ الخلاف بين قريتي وجه الشمس ووجه القمر تسبّب بالعديد من المشاكل، بل وزاد في تفاقمها، إلا أنّه تم التصالح بينهما في نهاية الأمر.
تعاني الرواية من تعدد في الشخوص دون أن يكون لذلك دور بنائي واضح، مما يترك أثرًا سطحيًا لبعض الشخصيات.
في الختام، رواية ” لعبة الزّمن” غنية من حيث الأفكار، تتناسب وجيل التكنولوجيا والعالم الافتراضي الذي نعيشه، اقتحم حياتنا دون استئذان، وبات يسيطر عليها.
وقال محمود شقير:
1
رواية جيدة، لغتها جميلة مناسبة لجيل الفتيات والفتيان، والسرد لا يخلو من تشويق وتتخلّله بعض الأغاني الشعبية والوطنية الشائعة في المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال، وفيها مزج بين الواقعي والخيالي على نحو موفّق، واستخدام مقنع ومباغت لتجليّات الذكاء الاصطناعي وتقنية الهولوغرام، وهو الأمر الذي لم أعهده في أي رواية فلسطينية أو عربية مما قرأت، بحيث استطاع ربيع بطل الرواية أن يشاهد شقيقته ياسمين التي غرقت في ماء النهر مدة ثلاث دقائق كل نهار، بتدبير من سالم، رجل الألكترونيات الذي جاء إلى قرية وجه القمر ليقيم فيها، وبالطبع، وكما جاء في الرواية فإن هذه الإقامة كانت سببًا في انقسام أهل القرية بين مؤيد للعلم وللانفتاح على كل جديد، وبين المتزمتين الذين يرفضون كل جديد، ظنًّا منهم أن سالمًا قد أخضع الطفل ربيع إلى تأثير السحر، ما دفعهم إلى نبذ سالم وترحيله من القرية.
2
لا تكتفي الرواية بذلك، بل إنها تتشعّب وتضع القارئ الطفل أمام وفرة من القضايا؛ هناك العلاقة بين المعلم وتلاميذه وموقف الأهل مما ينقله التلاميذ لأهلهم عن بعض أفكار المعلمين، حيث يصبح قول أحد المعلمين إن الإنسان يخلق المعجزات سببًا في اتهامه بالإلحاد.
وهناك الصراع بين القريتين الجارتين وجه القمر ووجه الشمس والقسمة غير المنصفة بينهما المرتبطة بملكية كل منهما لجزء من النهر الذي يفصل بين القريتين.
هناك موضوعة الاتجار بالمخدرات، وهي المشكلة التي وقع فيها ربيع مرغمًا حين اختطفته عصابة وأرغمته على بيع الحبوب المخدرة بخدعة مفادها أنها حبوب للذكاء، وتحذير ربيع من الهرب وإن حاول ذلك فسوف يُقتل.
وهناك المشكلة النفسية التي تعرضت لها زينة، فاضطر أهلها إلى إرسالها إلى حي الشيخ جراح عند قريبة لها، لعلها تشفى من الصدمة التي أصابتها بعد خصامها مع ربيع، وتأثرها بسبب غرق صديقتها ياسمين، شقيقة ربيع.
هناك مشكلة زينة الخاصة بالسر الذي يخفيه أبوها عنها وتخفيه أمها، الذي تكشف في النهاية عن شقيق لزينة اسمه حازم، أصيب برصاصة من جنود الاحتلال الإسرائيلي حين كان طفلًا، فلم يستشهد لكنه عاش بإعاقة صعبة، وما كان على الأهل أن يخفوا هذا الأمر على زينة.
وهناك مشكلة زرع شريحة في ساعد المواطن الفلسطيني، وهي التي شاعت في زمن انتشار وباء كوفيد 19 ورفض الناس لهذه الشريحة.
هناك الصراع مع الاحتلال الذي يهدّد أهالي الشيخ جراح الفلسطينيين بترحيلهم من بيوتهم وتسليمها للمستوطنين بحجة أن ملكيتها تعود لليهود. وهناك الحواجز التي ينصبها جيش الاحتلال في الشوارع لمنع وصول عريس إلى عروسه، ما يعني تنغيص حياة الناس ومنعهم من مجرد الشعور بالفرح ولو ليوم أو أكثر.
3
لعل عرض هذه التفاصيل والموضوعات يشير إلى ما في الرواية من وفرة في مضمونها ومن غنى الأفكار الواردة فيها، وهو من جهة موازية قد يكون في غير صالح الرواية بسبب كثرة هذه التفاصيل، علاوة على كثرة أسماء الشخوص التي ترتبت على كثرة الموضوعات، وهو الأمر الذي قد يربك القارئ الطفل وهو يتابع هذه التفاصيل وتلك الأسماء.
ثم إن كون المجتمع المرصود وهو المجتمع الفلسطيني يعيش تحت وطأة الاحتلال وتنغيصه حياة الفلسطينيين فإنه لا يستقيم من ناحية فنية ومن وجهة نظر الأدب الرافض للاحتلال، وهذه الرواية من ضمن هذا الأدب بالتأكيد، أن يستعين الناس برجال الشرطة الإسرائيليين للتحقيق في ما جرى لربيع، ولملاحقة عصابة مروجي المخدرات وإلقاء القبض عليهم، علمًا بأن الوقائع على الأرض وعلى ما يعانيه شعبنا في الناصرة وشفا عمرو وحيفا واللد والرملة وراهط يشير إلى العكس تمامًا، حيث القتل بدم بارد وفرض الخاوة الذي تمارسه عصابات المافيا ضد الناس من دون أن تفعل الشرطة شيئًا يذكر لمعاقبة المجرمين.
4
مع ذلك هناك جهد واضح من الكاتبة للملمة خيوط روايتها المتشابكة، فتخلص من كل ذلك إلى نتائج إيجابية وذلك بعقد راية الصلح بين القريتين المتخاصمتين.
كذلك فإنها تتخيل نهاية مفتوحة على توقعات مذهلة لما سيكون عليه مستقبل البشرية، ومن ضمنها فلسطين التي ستكون مستقلة حرّة.
كل التقدير للأديبة المجتهدة نزهة أبو غوش.
وقالت د. روز اليوسف شعبان:
رواية لعبة الزمن هي رواية لليافعين، وقد حوت عدّة ثيمات منها:
1.الخلاف والانشقاق بين أبناء الشعب الواحد، وانفصال كل فئة عن الأخرى. فئة تسكن في منطقة تسمّى وجه القمر والأخرى في منطقة تسمّى وجه الشمس. مختار بلدة أهل القمر ضعيف، بينما مختار بلدة وجه الشمس قويّ ومدعوم من قوى خارجيّة.
استئثار شيخ وجه الشمس، الشيخ عبد الباقي بالحصّة الأكبر من النهر، وانتهاجه سياسة غير عادلة. نتيجة لضيق النهر في منطقة عين القمر؛ غرقت ياسمين أخت ربيع، بعد أن رأت الشيخ يعدو على حصانه؛ فأـصابها الذعر وسقطت في النهر، ولم يتمكّن ربيع من إنقاذها. عن ذلك يقول الفتى ربيع:” لو كنت مثل الشيخ عبد الباقي الذي قسّم النهر بين الفريقين وقرّر أن تكون الجهة الضيّقة في حدود قريتنا لما وقعت ياسمين. لو كنت رجلًا لقلت للشيخ: نريد أن تكون حصّتنا مثل حصتكم. لماذا تأخذون المساحة الأوسع؟ تسقون مواشيكم ومزروعاتكم ولم تتركوا لنا إلّا هذا الرافد الصغير. انتهزتم الفرصة لأنّ شيخنا عبد الخالق ضعيف ليس له ظهر ولا سند مثلكم”. في هذا الخلاف والانشقاق رمزيّة لما آل إليه الشعب الفلسطينيّ من انقسام.
2. معاناة سكّان البلدتين من المستوطنين، فتح المياه العادمة على أراضيهم ومزروعاتهم، قطع الأشجار وغيرها من الأعمال التخريبيّة، دون احتجاج من قبل المختاريْن أو من سكّان البلدتين.
3.الحواجز العسكريّة، ونقاط التفتيش، ومضايقة السكّان خاصّة سكان لفتا؛ بهدف إخراجهم والاستيلاء على أراضيهم. هذا الأمر وصل إلى حدّ حرمان سكّان لفتا من الفرح، ومنعهم من الخروج من البلدة لإحضار العروس من حيّ الشيخ جرّاح.
4.عودة الأمل بعد الوحدة بين سكّان البلدتين وجه الشمس ووجه القمر، بعد ازدياد الاعتداءات عليهم:” والله يا شيخ إنّا كُنّا غلطانين في حقّ بعض. نحن شعب واحد وانقسامنا من تسبّب بطمع الآخرين بنا. يجب أن نقف وقفة رجل واحد لمجابهة المحتلّ” (ص 43).
5. تدمير الشباب وخاصّة طلاب المدارس ببيعهم حبوب المخدّرات وخداعهم بأنّ هذه الحبوب تزيد من ذكائهم ونجاحهم في الامتحانات. وقد وقع ربيع فريسة لهؤلاء التجّار إذ استخدموه في بيع الحبوب للطلّاب. لكنّ والده وصديق والده أنقذاه من هذا العمل المشين. تمّ القبض على تجّار المخدّرات وقام ربيع وزينة برسم لوحات تعبّر عن خطورة تعاطي هذه الحبوب وساهما في توعية الطلّاب. تساءل ربيع:” هل ما يحصل في المدينة هو شيء مخطّط له يهدف إلى تدميرنا نحن الشباب؟”
6. استخدام جنود الاحتلال الرصاص الحيّ في تفريق المظاهرات بين الشباب الفلسطينيّين، وإصابة الأطفال دون محاكمة الجناة من قبل المحاكم الإسرائيليّة.
7. الذكاء الاصطناعيّ واستغلاله في الكثير من الأمور منها عدسة الهولوجرام وتستخدم في الطبّ، وفي تقنيّة الزوم والحياة الاجتماعيّة وغيرها. ووضع شرائح في يد الإنسان بحيث تصوّر وتوثّق كل شيء عنه وعن المكان الذي يتواجد فيه، الأمر الذي يساعد في كشف الجناة، وإيجاد المفقودين وغير ذلك.
8. ثورة الشباب على الظلم. تمثّل هذه الثورة الشابّة زينة والشاب ربيع. تحتجّ زينة على صمت الناس، وخنوعهم وقبولهم للذُلّ. قالت زينة للجندي الذي رفع البندقيّة في وجه الحاجّ:” هذه بيوتنا وأرضنا هناك محاكم فلينتظروا. أقسم بأني سأفضحهم في كلّ المحافل الدوليّة.
آلة الزمن وهي إشارة إلى التطوّر التكنولوجيّ، تمكنّنا هذه الآلة من توقّع المستقبل. هذه الآلة تتوقّع أن يتنقل الناس في مركبات فضائيّة، فقط يكبسون على زرّ. لا حدود ولا جوازات سفر، لا رحمة ولا عاطفة، فقط تشغيل الدماغ والذكاء الاصطناعيّ.9
10. الأمل بغد أفضل للفتيات والفتيان. تقول الآلة:” لا تقلق سيصبح مستقبلكم مشرقا مضيئًا، ستصبح الحياة أكثر وضوحًا وأكثر استقرارًا، وسوف تبنون حياتكم الأفضل، ويصبح عالمكم نظيفًا نقيًّا خاليًا من الشوائب.
كتبت الرواية بلغة تناسب اليافعين، تخللتها حوارات خارجيّة وبعض الحوارات الداخليّة إضافة إلى العديد من الجمل المحكيّة لتعبّر بصدق عن الواقع. جاء السرد بلسان الغائب وهو السارد العليم، يحرّك أبطال روايته وفق ما يريد، بهدف تبليغ الرسائل التي ينوي إيصالها للقرّاء.
تحمل هذه الرواية رسائل توعويّة تثقيفيّة وتربويّة لليافعين منها حماية الأرض، عدم الرضوخ للاحتلال والظلم، الابتعاد عن المخدّرات، الوحدة بين أبناء الشعب الواحد، ومواكبة العلم والتطوّر التكنولوجيّ والذكاء الاصطناعيّ.
ورغم أهميّة هذه المواضيع، إلّا أنّني أرى أنّ تعدّدها وكثرتها، قد يفقدها بعضًا من قيمتها، خاصّة أنّ هذه المواضيع مجتمعة قد تساهم في تشتيت فكر اليافعين.
وقالت هدى أبو غوش:
هي رواية لليافعين تدور أحداثها في المجتمع الفلسطيني،وخاصة في مدينة القدس.رواية تأخذ القارىء إلى ما تعانيه الأسرة المقدسيّة في ظلّ الإحتلال،وإلى ما معنى أن تكون مقدسيّا مقهوراً،وكيف يكون اليافع شاهدا على وطنه وهو يتألم،وكيف لا تهدأ روحه عندما يرى مجتمعه ينزف بالخلافات والنزاعات،هي رواية بمثابة صرخة عالية نحو السّلام الداخلي الآمن،ليترفع المجتمع عن رياح الشّر،وهي رواية تكشف عن النّواحي السّلبية في المجتمع،تتأرجح الرّواية بين الواقع والخيال لتنسج روايتها “لعبة الزّمن”.
العنوان”لعبة الزّمن”يحمل اسم المسرحية التي مثلها الطلاب في نهاية الرّواية،وقد تكرّر ذكر الزمن ولعبته في الرّواية.
المضمون – بطل الرّواية اليافع ربيع الذي ينجذب إلى تقنية الهولوجرام(الهولوجرام هو تقنية تستخدم لإنشاء صورثلاثية الأبعاد تبدو وكأنّها حقيقيّة)،التي تعرف عليها من قبل رجل الإلكترونيات العم سالم،والذي بدوره أرشده إلى تلك التقنية؛ ليخرجه من أزمته النفسية بعد غرق أخته ياسمين.”أمي أنا أشاهد أختي ياسمين كلّ يوم لمدّة ثلاث دقائق،أحدثها وتحدثني ونضحك ونلعب معا كلّ يوم”
تتوالى الأحداث المختلفة في هذه الرّواية ونحن نتابع التطورات التي حدثت مع ربيع وتعرضه للخطر من قبل تجار المخدرات،وتتداخل مع الهمّ الفلسطيني ،حيث يأخذنا قلم الأديبة نزهة أبوغوش إلى الوجع الفلسطيني،وذاكرته التّي لا تنسى في عام 1948 النكبة.وإلى الإنقسام الداخلي في المجتمع وتطرقت إلى العنف السّياسي وصور الاعتداءات،وتعرض الفلسطيني للقتل،والعنف في المجتمع،بالإضافة إلى الأفكار التي تتعلّق بالسّحر.تنتهي الرّواية بالنهاية السّعيدة،وبطرح أسئلة تتعلّق بالزّمان وأثره على الإنسان،”الزمن يا ستّي بتلاعب فينا،أنا بقول إنّا راح نتغلّب عليه في اللعبة ..لازم نتغلّب”على لسان ربيع وهو يذكر ما قالت له جدّته.
الأسلوب- استخدمت الأديبة أبوغوش عدّة أساليب لتبرز المشاكل الهامّة التي تقلق المجتمع،وقد جاءت الرّواية بلسان الغائب.
أسلوب التقنيات -حيث استخدمت عدسة الهولوجرام لمواساة ربيع،وأثارت هذه التّقنية جدلا حول الحلال والحرّام في استخدامها.
أسلوب- توثيق الذاكرة الفلسطينية عند اليافعين وطلاب المدارس،في رسالة إلى أن الذاكرة لم ولن تمحى بل تتوارث عبر الأجيال .حيث نجد أن ربيع يستشهد بأقوال جدّته عمّا حدثنه إياه عن النكبة.
الأسلوب الواقعي -حيث صورت الظلم الذي تعرّض له حيّ الشّيخ جرّاح في القدس من قبل الإحتلال والمستوطنين،
مثال-إعتداء المستوطنين على حازم والتّسبب بإعاقته.
وحفر قبور الميتين،والإستيلاء على المنازل الفلسطينية.
أسلوب المفاجأة-سرّ الصندوق،فالقارىء يتساءل بشغف ماذا يوجد في الصندوق؟ولماذا كلّ هذا الحرص عليه؟ليتضح فيما بعد أنّ عائلة زينة تحتفظ بصور ابنها المعاق الذي يرقد في مؤسسة خاصة بعد أن أصابه أحد الجنود دون أن يحاسب.
أسلوب الاسترجاع الفني،وذلك من خلال سرد الرّواية منذ الطفولة،الرّجوع للخلف.”ربيع اليوم شاب يافع،لكن طفولته ما زالت تلاحقه،والأحداث تلاحقه تباعا في صحوه ونومه”.
الأسلوب الرّمزي -استخدمت الرّمزيّة في الرّواية،حيث لم تذكر اسم البلدتين.بل وأشارت إليهما برمز “وجه القمر”و”وجه الشّمس”.وربما يأتي اختيار هذا الرّمز بالتحديد لأنّ القمر والشّمس يتعاقبان في حركة الكون،وكلّ منهما مكملّ للآخر،وعليه فإنّ أفراد المجتمع يكملون بعضهم البعض في اتّخادهم.
جاء اسم القرية الذي لعب فيها الفريقان بشكل رمزي،بلدة”بيت الفرح”.للإشارة أن الأحداث تحدث في المجتمع عامّة.
أسلوب توثيق الأماكن-وثقت أسماء القرى المهجرّة عام 1948مثل لفتا،القسطل.
وتوثيق الأماكن عبر تمريرها للأجيال عن طريق المحادثة بين أفراد المجتمع.
كما وذكرت شارع صلاح الدّين في القدس.
توثيق التّراث الفلسطيني من خلال عرس زينةـالدبكة،والكوفية.
وفي سياق آخر ذكرت الصابون النابلسي،الأغاني الوطنية”موطني”و”بكتب اسمك يا بلادي”.
الإستعانة بالأساليب المتطورة وعدم جهلها في سبيل الغاية،فقد استخدمت عائلة ربيع الواتس آب،والإنستجرام كي يتواصلوا في البحث عن ربيع.
أسلوب نقدي – كانت عدسة الأديبة تبرز بعض الجوانب السّلبية في المجتمع بأسلوب نقدي،فنقرأ من بين السّطور النقد تجاه طريقة تفكير البعض حين تعرضه لأزمة ما،ففي الرّواية تمّ ربط ما يجري لربيع بعلاقة السّحر.
يقول أبو ربيع
“يا الهي؛ابني ربيع كان يتعرّض كلّ يوم لعمل السّحر من قبل ذلك الرّجل”.
“يا حسرتي علينا،اتاري الولد كائن مسحور،واحنا مش داريين عن حالنا”.على لسان جدّة أم ربيع.
وأيضا نجد العين الناقدة في مسألة الصمت عند أفراد المجتمع في عدم مجابهة الحقيقة،وهو يرمز أيضا للصمت العام في عالمنا الظالم.
وأيضا انتقدت الإشاعات في المجتمع من خلال الرّواية في مشهد الأقاويل التي قيلت عن مكان اختفاء ربيع.
أسلوب التّناص القرآني.،استخدام المثل الشّعبي.”بنقول ثور،بقولوا احلبوه”.
استخدمت النشاط المسرحي في نهاية الرّواية في رسالة هادفة للتعبير عن استخدام العقل دائما،والنظر للتطور.
استخدام الحوار الدّاخلي(المونولوج)بشكل عميق لتبرز الأثر النفسي عند الشخصيات ومدى القلق التي يجتاحها.كما واستخدمت الحوار العام باللّغة الفصحى وأيضا بالعامية باللّهجة القروية.”على شو قاعدين بتنطوا؟يا حيف عليكم!”.
صورت الأديبة أبوغوش علاقة الفلسطيني بالأرض من خلال السّيدة زهوة التي كانت تهتم بالنباتات في ساحة بيتها بل وتحاكيهم كأنهم أحد أفراد أسرتها.
استخدمت أسلوب المناجاة والأسلوب الإنشائي عند مناجاة النّجوم في البحث عن ربيع،وعامّة استخدمت المناداة وأسلوب الرّجاء.
برزت أهمية الموهبة،فلولا موهبة ربيع لما تعرّفوا على المجرمين.ربيع كان يمتلك موهبة الرّسم.
الصراع في الرّواية-
جاء الصراع في الرّواية عميقا،حيث صورت الأديبة الناحية النفسية عند الشّخصيات والتّي تبرز مدى القلق النفسي، وحاجتها للأمان الداخلي،والعام.
القلق النفسي عند ربيع- بدأت النّاحية النفسية عنده منذ صغره بعد غرق أخته ياسمين،حيث بدأ بلوم نفسه وكأنه هو المسؤول عن غرقها.
وثمّ تطورت بعد تعرّفه على الهولوجرام،رغم سعادته في البداية إلاّ أن القلق كان يجتاحه خاصة عندما قال له رجل الإلكترونيات”عليك أن تحفظ هذا السّر”.ومن هنا ازداد قلقه وأصبح وحيدا في عالمه حتى انفجر صمته بكشفه السّر لوالديه.
حالة الغضب انتابته بسبب طرد رجل الإلكترونيات،ممّا جعلته عاصفا بأقواله مصرّا على البحث عنه.
الخوف الذي انتاب ربيع عندما وقع في أيدي عصابة المخدرات،فقاموا باستغلالها لترويج بضاعتهم لطلاب المدارس.
وقد ظلّ القلق يلازمه حتى حينما أصبح شابا،نفسيته غير مستقرّة بسبب الأحداث التي مرّت عليه وبسبب ظروفه كمقدسي يقبع تحت الإحتلال.
القلق النفسي عند والد ربيع،حيث برز قلقه من خلال الحوار الداخلي بينه وبين نفسه،وهو في مرحلة بحثه عن ولده ربيع،”هل سأراه من خلال الشّريحة ؟يا الهي كم أنا متعب!”
والجدير بالذكر أن الأديبة اسهبت في الحوار الدّاخلي عند والد ربيع؛لإبراز ليس فقط الحالة النفسية بل لتكشف برمزيةعن دور الإحتلال في تسهيل ضياع الأبناء بتعاطي بالمخدرات خاصّة في مدينة القدس.”من صنع بك هذا،يا مدينة الإسراء،ومدينة الأنبياء؟إلى متى ستظلّين تئنّين ؟كم يوجعني أنينك،ويرهقني حصارك؛إلى متى؟”.
حالة الانفعال عندما رأى ابنه في مأزق من خلال الشّريحة.
القلق النفسي عند أم ربيع-كان جليا من خلال مشاعر الأم التّي تبحث عن ابنها،فعبرّت عن قلقها بمناجاتها للنجوم وبمشاعرها الإيمانية وبمناجاتها لله.وقد انتابتها أيضا مشاعر الخوف .
القلق النفسي عند زينةـبرز القلق النفسي عند زينة عند حادثة غرق ياسمين،حيث أصابها الخوف والهلع،والصدمة النفسية.
“ألم تعرف ؟لقد أُصيبت زينة بصدمة نفسية حادّة،ونصحنا الطبيب بأن نبعدها عن المكان والبيئة التّي صار بها الحادث”.
وكذلك كان القلق عندما ازداد تغيّب والدتها عن البيت.
وقد أخذ القلق النفسي عند زينة حين كبرت بقلقها العام على مستقبل بلدها،من تعرضهم للقتل والبيوت المهدّدة بالهدم والإخلاء.
مبارك للأديبة نزهة أبوغوش على مجهودها في هذه الرّواية القيّمة.
وقال نزهة الرملاوي:
بأسلوب سلس وشائق، أخذتنا الكاتبة لعمل روائي امتاز بالعمق العاطفي، والتأملات العلمية والمشاعر الإنسانية.
الفكرة الرئيسة للرواية:
الرفض الشعبي للتكنولوجيا، تحديدًا لأدوات طبية حديثة كالـ”هولوجرام”، نتيجة الخوف من المجهول، وسوء الفهم، والخلط بين الدين والعلم.
1. الشخصيات
*ربيع: شخصية شديدة الحساسية، يظهر تأثره بالواقع والتكنولوجيا الحديثة، ولكنه يحنّ إلى الطفولة والبراءة.
*سـالم: رجل الإلكترونيات شخصية ترمز إلى التقدم التكنولوجي، لكنها تُقدَّم بشكل بارد ومجرد، كأنه يفتقر إلى الإحساس، ويمثل التقدم العلمي والتقني. يتم طرده رغم فائدته، مما يكشف عن التسرع في الحكم عليه.
*الشيخ محمود: يمثل الموقف الديني المتشدد نوعًا ما، إذ يخلط بين الإيمان والجهل بالعلم، ويُظهر ذلك في رفضه “التجسس”.
*الشيخ عبد الحق ى تمثل الشخصية المسيطرة والأوامر الصارمة،
*الأستاذ عثمان: شخصية حكيمة تمثل الاعتدال، يحاول تهدئة الموقف وفتح النقاش بعقلانية.
*الطبيب الجراح: شخصية واقعية وعملية، يوضح بالأدلة كيف أن التكنولوجيا ساهمت في تحسين حياة الناس.
*الجدة زهوة: تمثل الخير والحكمة، في دعوتها إلى وقف الاقتتال ومنع النزاع والخلافات، ودعوتها إلى عدم السماح للزمن بان يتلاعب بنا، وتذكر ان النزاعات تطمع الآخرين فينا.
*زينة: تمثل البراءة والمرح والاحساس الفني، وهي محور عاطفي لربيع، إذ تعيد له شيئًا من الفرح، وتمثل النقاء والعودة إلى الجذور الإنسانية في مواجهة المادية الجافة.
*الأب أبو حسن، يمثل شخصية الأب الشرقي الباحث عن حقيقة اختفاء ولده مهما كلف الثمن.
*ياسمين: تمثل الفقد والحزن والحدث المثير نتيجة الخلافات.
2. الثيمات (الأفكار التي طرحت في القصة):
*التكنولوجيا والدين: النص يطرح تساؤلًا ضمنيًا حول حدود تدخل العلم في الحياة، وهل يُعد ذلك تعديًا على الإرادة الإلهية أم لا؟
*الخوف من المجهول: يظهر في صراخ الشيخ محمود واستغراب الناس من العدسة الهولوجرامية.
*أهمية الحوار والعقلانية: تتجلى في دعوة عثمان لشرب القهوة والنقاش، وفي كلمة الطبيب التي تحمل بُعدًا توعويًا وتنويريًا.
*الدهشة تظهر وتعبر عن حالة داخلية يعيشها البطل بين الانبهار بالتكنولوجيا والشعور بفقدان المعنى.
*التكنولوجيا مقابل الإنسانية: هناك صراع بين الحنين إلى البساطة والدهشة التي تأتي من الأجهزة، وبين الفراغ العاطفي الذي تخلفه.
*الخوف والقلق: تتجسّد في مشاعر الأب تجاه ياسمين بعد فقدان ابنته.
* المخدرات: تأثير المخدرات على المجتمع عامة والفئة الشبابية خاصة.
*التهجير والاستبداد: أشارت إلى بعض الأساليب المتبعة في تهجير الإنسان من أرضه، والتسلط عليه وإبقائه في حالة من عدم الاستقرار والأمن.
3. اللغة والأسلوب
*تميز أسلوب الكاتبة بالكثير من التشبيهات والصور البلاغية والتفصيلات والأسئلة المثيرة للتأمل والجدل.
*أكثرت من استعمال المفردات التكنولوجية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي.
*أكثرت الكاتبة من الحوار الداخلي والخارجي الذي يعزز التوتر النفسي ويقرب القارئ من معاناة الشخصيات.
*توظيف الأسئلة الوجودية: مثل: “ماذا سيقول إن عرف بما يفعله رجل الإلكترونيات؟” وهي تفتح بابًا للتأمل الفلسفي.
*لغة الرواية جمعت بين السرد والحوار: ما يعزز التوتر الدرامي ويجعل النص حيًا.
*أظهرت الكاتبة نبرة تصاعدية: تبدأ بغضب شعبي، ثم تدخل شخصية تهدئ وتفسّر، ثم تنتهي بموقف عقلاني.
*أكثرت الكاتبة من ذكر الأماكن التي تعزز وتثري الحدث، وانتقلت بنا من البلدان الرمزية إلى المدينة إلى القرى المهجرة إلى القدس، زهرة كل المدائن، والضوء الساطع فوق الدروب، تلك المدينة التي يوجعنا أنينها، ويرهقنا حصارها.
4. الرموز
*عدسة الهولوجرام: ترمز إلى التقدم الذي يخترق الخصوصية والخيال.يرمز للتكنولوجيا المتقدمة التي تُقابل بالريبة رغم فائدتها.
*القرية: ترمز إلى البيئة التقليدية الرافضة للتغيير.
*بلدة نور الشمس ونور القمر: ترمزان إلى الواقع والاقتتال الداخلي في المجتمع الفلسطيني.
*فنجان القهوة: رمز للحوار والتفاهم.
*العاطفة: تباينت من خلال الشخصيات العواطف والأحاسيس حيث أبرزت دفقان من الشعور بالفقد والحزن، والفرح والأمل، والغضب، القلق والاشمئزاز، والخوف، والحزن، وظهر عنصر المفاجأة في مواقع عدة من الرواية:
* رؤية ياسمين بعد موتها والتحدث معها من خلال عدسة الهولوجرام.
*اختفاء سالم رجل الإلكترونيات. *هروب ربيع من البلدة للبحث عن سالم.
* إجبار ربيع على بيع المخدرات لطلاب المدارس.
* ظهور أخ معاق لزينة.
* نبذ الفرقة والتصالح بين بلدتي وجه القمر ووجه الشمس.
السرد:
*عالج النص في الصفحة المعنونة بـ “القرار الصعب” صراعًا بين العلم الحديث والتقاليد، وركز على المواجهة بين العقلية الرافضة للتكنولوجيا والابتكار، والعقلية المنفتحة على العلم وتطبيقاته.
*يدعو النص إلى عدم رفض التقدم العلمي دون فهم حقيقي له، ويشدد على ضرورة التوازن بين الإيمان والعقل. كما يوضح أن التكنولوجيا ليست عدوًا، بل وسيلة يمكن أن تنقذ الأرواح إذا استُخدمت بحكمة.
* النص المعنون (سرّ الشريحة) أخذتنا الكاتبة في رحلة بحث قام بها الوالد عن ابنه ربيع، الذي خرج للبحث عن رجل الالكترونيات سالم، ذلك الرجل الذي أعطاه الأمل برؤية أخته التي جرفتها مياه النهر الفاصل بين بلدة الشمس وبلدة القمر، وضاع أثناء بحثه عنه، وتسلط عليه شابان، أجبروه على بيع المخدرات لطلبة المدارس، على أنها حبوب ذكاء تعين على الدراسة والحفظ.
*تجولت بنا الكاتبة في أسواق القدس القديمة، وشوارعها، والباعة وأصواتهم، وصورت جمال القدس بكلمات نادية.
*أثارت الكاتبة قضايا وطنية، منها قضية تهجير الناس، واقامة الحواجز، وقمع المظاهرات وهدم البيوت… فقد اشارت إلى بلدة لفتا المهجرة، والحواجز المقامة هنا وهناك، والتي تحدّ من الفرح ولم شمل العائلات، وذلك من خلال تصوير مشاهد حفلة زفاف أحاطتها المخاطر من قبل الاحتلال الذي يقمع تجمع الأهل والأحبة ويصادر سعادتهم.
*صورت الكاتبة مشهد حقيقي مؤلم، وهو خروج العروس باكية من حارتها ومن بين أهلها وجيرانها، اسمعتنا أغاني نساء الحيّ زغاريدهن، وتسليم العروس لأهل العريس خلف الحاجز العسكري.
*تخيل الكاتبة زرع شرائح في سواعد للمواطنين، تراقب خطواتهم وافكارهم، تعمل ضد مصالحهم الوطنية والمجتمعية، ومعرفة كل صغيرة وكبيرة عنهم لمحاسبتهم،
وهنا تشير إلى فقد الشعور بالأمان، والاحساس بالقلق نتيجة التجسس على الناس.
*الرسالة السامية التي تنبه اليها الكاتبة هي الوحدة ونبذ الخلافات، والوقوف في وجه العدوّ، والعمل بقوة على توحيد الصفوف.
*أبرزت الكاتبة مواجهة الجدة وموقفها من التقنيات الحديثة وثباتها، وعدم خضوعها لتقنية
( الذكاء الاصطناعي) المتمثل بزرع شريحة لها ونجاحها في عدم قبولها، وذلك هو التحدي الحقيقي.
*دعت الكاتبة في النّص المُعنون ب(الرسالة) إلى مراجعة علاقتنا بالتكنولوجيا، والتّنبيه إلى ما يمكن أن تسبّبه من جفاف إنساني، ودعت للعودة إلى المشاعر الأصيلة والحبّ والدهشة الحقيقية.
*نوّهت إلى الأخلاق الحميدة وأشارت إلى وجوب التحلي بها، كالوفاء، والانتماء، والصبر، ونبذ الفرقة والتعاون وذلك من خلال نجاح الشباب في بلدتي وجه الشمس والقمر في إعادة بناء الجسر المدمّر بينهما وإصلاحه، وتآلفهم وترك الخلافات بينهم ليصدوا الأعداء. وأشارت إلى مشاركة الفتيات في تزيين المكان وتعليق الأضواء، وتعليق لوحة السلام التي رسمها ربيع وزينة، والتي تظهر جمال البلدين مع منظر النهر العذب الذي يجري بينهما.
*بثّت الأديبة روح الأمل والفرح في نفس ربيع وزينة، حينما علموا أن الشرطة قبضت على تجّار المخدرات، وكشفت الأساليب التي يُعمل بها لفطام الشباب عن المخدّرات، وتوعية الأهل وتشكيل لجان مجتمعية لتوعية الناس.
في النص المعنون (الكشف عن الأسرار)
أصرّت زينة أن تبحث عن الحقيقة التي يخفيها والداها عنها، إلا أنها صُدمت حينما تفاجأت من وجود أخ لها اسمه حازم يكبرها بخمس سنوات، أصيب برصاصة مطاطية في رأسه أثناء مظاهرة شبابية لم يشترك بها، مما جعله معاقا عقليا لا يدرك شيئا من حوله، نجح الأهل في وضعه في مؤسسة في شمال البلاد للمعالجة، ولم ينجحوا في إدانة الجنديّ.
★أظهرت الكاتبة من خلال شخوص روايتها مقارنة مهمة بين الآلة وعقل الانسان، أثارت فيها جدلية تقبل الواقع والخوف من المستقبل المجهول والذكاء الاصطناعي ورؤيته للمستقبل، وبين تفكير الإنسان وأحاسيسه وشعوره، وبينت من خلال المحاكاة للآلة أن الوضع سيكون كارثيا، وأن مستقبل الأرض سيكون خرابا لا مياه ولا طعام، لحيث يقل عدد سكان الأرض بسبب الحروب والكوارث، والسؤال الذي طرح وبقوة هل ستنتصر الآلة على الإنسان؟
والجواب الأسمى كان لا، لماذا؟ لأن الآلة من صنع الإنسان الذي ميّزه الله بعقل يصنع ويبحث ويجرّب، ويتمتع بشعور إنساني وأحاسيس جياشة، لذا لا داعي للقلق والخوف.
أيها الإنسان، كُن مع الله ولا تبالي، ولا تقنط من رحمة الله، وتذكر أن النهاية قادمة والموت محقق، فلم الاقتتال والتنازع؟
مهما عظم شأن الآلة، تبقى الأضعف أمام صنع الله الذي ميّز الإنسان بعقله الذي ابتكرها.
أيها المطالب بحقك، لا بدّ للقيد أن ينكسر أمام عدالة الله وثبات الحقّ، ولا بدّ للظلم من زوال.
★النهاية:
ختمت الكاتبة روايتها، بنهاية مبهجة كلها امل وفرح، وذلك من خلال احتفالية مصالحة أقامتها البلدتان وجه القمر وبلدة وجه الشمس.
سؤال:
★اشارت الكاتبة إلى موت ياسمين وغرقها في النهر، وفي نفس الوقت تقول أن الشيخ عبد الحق لم يكن عادلا في تقسيم الأرض والنهر، فقد كانت حصة بلدة وجه القمر
(بلدة ياسمين) من النهر رافد شحيح، فكيف غرقت ياسمين فيه؟
★لم اختارت الكاتبة صناعة التماثيل الطّينية، كهواية للطفلة زينة ولم تختر غيرها؟
لماذا أحسّت زينة بالظلم وقالت لربيع: سوف يضعك الله في النار لأنك حطمت تماثيلي، وكيف اعتبرت ما صنعته من أعضاء تناسلية للتماثيل من خلق الله؟
وقالت وفاء داري:
“لعبة الزمن” الموجهة أساسًا للفتيان، تنتمي الرواية إلى نوع أدب اليافعين كما تم التصريح به صراحة في سرديه النص في الرواية . تتناول موضوعات فقدان الأحبة، الغربة، التكنولوجيا، السحر، الهوية، والانتماء، وهي عناصر شائعة في هذا النوع.
تنتمي إلى أدب الخيال الاجتماعي المعاصر، وتستخدم سردًا دراميًا مدعومًا بعناصر رمزية وتكنولوجية ذات أبعاد فكرية وإنسانية
العمل عبارة عن رواية سردية خيالية تجمع بين الواقعية والخيال العلمي الجزئي، من خلال توظيف (التقنية المتخيلة) وعناصر الغموض والسفر الزمني أو الاسترجاع الذهني المدعوم بالتقنيات، وذلك في إطار درامي-إنساني اجتماعي. ذات الطابع النفسي والواقعي الرمزي. مع وجود عناصر رمزية وأنثوية ووجدانية عميقة، إلى جانب الطابع التعليمي والتربوي، يعزز أن الجمهور الأنثوي هو الفئة المقصودة أساسًا
تتمحور الرواية حول ثيمات الفقدان، الزمن، الذاكرة، والخيال، والتصالح مع الألم. وتطرح تساؤلات فلسفية عميقة بلغة قريبة من اليافعين: هل يمكن استرجاع من نحب؟ وهل يمكن للذكريات أن تُنقذ القلب من الغياب؟
الأسلوب الادبي: تتبنّى الكاتبة نزهة أبو غوش في “سباق مع الزمن” أسلوبًا سرديًا تأمليًا رمزيًا، يتقاطع فيه الواقعي بالخيالي، والذاتي بالوجودي، في بنية لغوية شاعرية لكنها منضبطة بالبساطة التربوية اللازمة لأدب اليافعين. الأسلوب قائم على الإيحاء أكثر من التصريح، ما يمنح القارئ مساحة للانفعال والتأويل.
النص يحقق كل شروط الرواية: الحبكة متماسكة.الشخصيات متعددة ومتطورة.الزمن والمكان حاضران بشكل روائي واضح.اللغة سردية أدبية متينة.البنية مقسّمة إلى فصول.
وقالت د. رفيقة أبو غوش:
هدفت الكاتبة من الرّواية، أن توصل عددًا من القيم التّربويّة المختلفة من أهمّها: نشر الوعي بين اليافعين حول موضوع انتشار حبوب المُخدّرات، والحذر من المُروّجين لها؛ وحمايتهم منها، ومن ثمّ الابتعاد عنها؛ والهدف الآخر هو النّظر للخلافات وحلّها بالطّرق السّلميّة، والابتعاد عن العنف والكراهيّة؛ كذلك بالإتّحاد تُصنع القوّة؛ لمواجهة الأعداء؛ وأخيرًا إكساب اليافعين قيمة الانتماء للوطن، والصّمود والتّشبّث به. “الحاج سليمان رفض الرّحيل عام 1948م قائلًا: “سأظلّ في أرضي وبيتي مهما حصل لي، حتّى لو حرقوني، وحرقوا بيتي وأرضي”. صفحة22.
اختارت الكاتبة عددّا من الشّخصيّات البطوليّة، وأهمّها شخصيّة اليافعين زينة وربيع، وعائلتهما، وسالم رجل الإلكترونيّات؛ حرّكت الكاتبة تلك الشّخصيّات وفق تطوّر الأحداث المتسلسلة في الرّواية.
حاكت هذه الرّواية رغبات اليافعين؛ باستخدام الذّكاء الاصطناعي، للتّوصّل لحلول بعض الاحداث الغامضة، خاصّةً عند اختفاء الفتى ربيع عندما ضاع أثناء بحثه عن رجل الإلكترونيّات الّذي ساهم بتخفيف مشاعر حزنه على وفاة أخته؛ بواسطة استعمال عدسة الهيلوغرام، عند عرض صور حيّة لأخت ربيع؛ وقع فريسة لتجّار المخدّرات، وأصبح واحدًا من بائعي حبوب الذّكاء. بواسطة الشّريحة المغروسة في ذراع العم حسن (أبوزينة) توصّلت العائلة لمكان وجود ربيع.
إنّ استخدام الكاتبة للذّكاء الاصطناعي، ووسائل التّواصل الإلكترونيّة الاجتماعية الحديثة مثل: الواتس أب، والإنستغرام، والفيسبوك؛ كلّها أضفت تشوّقًا في متابعة قراءة السّرد القصصي، ودخول عالم الفتيان الافتراضي من أوسع أبوابه.
هذا الاستخدام يواكب مدارك ومشاعر الفتيان في مرحلة جيل المراهقة؛ برأيي الشّخصي: إنّ الكاتبة نزهة أبوغوش لم تكرّر نفسها؛ بل أدخلت عنصر التجديد في السّرد الرّوائي، بالدّخول لعالم الفتيان المُعاصر، والغوص بفكرهم العميق ومشاعرهم أيضًا. فأصبح السّرد بعيدًا عن السّرد التّقليدي. برأيي هذا التّوجّه يحترم قدرات وشغف المراهقين؛ ممّا يساهم في ارتقاء طموحاتهم وإنجازاتهم نحو المستقبل، في عالم مفعم بالتغييرات والتّجديدات اليوميّة، والّتي تتطلّب من الفتيان مواكبة هذه التغيّرات ومواكبتها دائمًا.
الزّمنكيّة في الرّواية: تمحورت أحداث الرّواية في عدّة أماكن أساسيّة في فلسطين، واهمّها مدينة القدس، يشمل حي الشّيخ جرّاح، وحي وادي الجوز، وقرية لفتا المُهجّرة، والقسطل. إنّ التّمحور في مكان واحد، يساهم في تسليط الضّوء على مدينة القدس؛ وما تمر بها من أحداث.
عند قراءة الرذوية، من المُلاحظ عدم ذكر زمن أحداث الرّواية؛ إلّا أنّه من الممكن استتنتاج الزّمن من استخدام الوسائل الإلكترونيّة الحديثة أثناء السّرد؛ فالكاتبة رمزت للزّمن الحاضر.
حظيت مدينة القدس وصفًا جميلًا، وتمجيدًا رائعًا، مع وصف الوجع والألم الّذي لاقته وما تزال تلاقيه من حصار، ومضايقات المواطنين من قِبل المستوطنين “ما أروعك يا مدينة القدس” صفحة 25. “هذا هو وجهك الآخر يا مدينتي، إلى متى ستظلّين تئنّين؟ كم يوجعني ألم القدس، ويرهقني حصارك”. “هل ما يحصل في المدينة هو شيء مخطّط له؟ يهدف إلى تدميرنا نحن الشّبّان؟”.صفحة 32. خاطبت الكاتبة مدين القدس، كأنّها تخاطب امرأة جميلة، مُحاصرة وتتألّم من وهل المصائب الّتي تعانيها.
استخدمت الكاتبة نزهة بعض الكلمات والمصطلحات، الّتي من الممكن الاستدلال بها كسيميائيّة أدبيّة (الرّموز الأدبيّة في النّص)؛ يُمثّل النهر الجاري الفاصل بين مدينتي الشّمس والقمر، كرمز للتغيير والانتقال من مرحلة إلى أخرى، فهو يرمز إلى النّقاء والتّجدّد. هذا التّغيير قصدت به الكاتبة، هو تغيير عجلة الزّمن ما بين القديم والحاضر؛ ممّا وضع الفتيان أمام مرحلة تحدً جديدة من الحياة، والتّطلّع نحو مستقبل مشرق، ومواكبة التّطوّرات المتلاحقة في العالم التّكنولوجي.
إنّ تسمية مدينتي الشّمس والقمر، ممكن اعتبارهما رمزًا للوعي والنّهوض والأمل، والتّجدد الدّاخلي؛ والصّحوة الفكريّة بعد صراع طويل. تجلّى هذا الأمر في نهاية الرّواية؛ عندما تمّت المُصالحة بين بلدتي الشّمس والقمر، بمبادرة مختاري البلدة، واتّحادهما معًا أمام العدو ومجابهته. ربّما ترمز هذه الرّواية لبعد فكري عميق، تهدف لرأب الصّدع بين خلافات الدّول العربيّة فيما بيها، وعدم وحدتها، وتناشد الوحدة بينهم وهي قوّة للانتصار.
بالإضافة لِما سبق، مثّلت الفتاة زينة الشخصيّة القويّة، كرمز لمدينة القدس الصّامدة؛ عندما وقفت أمام المستوطنين والشّرطة مُدافعة عن بيوت حي الشّيخ جرّاح من الإخلاء والمضايقات.
تخلّلت الرّواية عددًا من الصّراعات بأشكالها، فهي صراعات داخليّة، وصراعات خارجيّة؛ انعكست هذه الصّراعات في الاختلافات على الحدود بين بلدتي الشّمس والقمر الّذي يفصل بينهما النّهر؛ ممّا وضع أهل القرية في حالة خلاف ومصادمات بينهم بشكل دائم. تمثّل الصّراع في مكافحة توزيع حبوب المخدّرات؛ والتّرويج لها بين أبناء القدس، والتّصدّي لهذه الحملة الهادفة؛ لإسقاط الشبيبة في مرحلة عمرهم الحرِجة. ظهرت والصّراعات السّياسيّة أيضًا مع الشّرطة، عندما أقامت الحواجز ومنعت عبور المحتفلين بزفاف المعلمة سيدرة في حي لشّيخ جرّاح، بذريعة التّجمع وخلق الفوضى؛ وعلى الرّغم من الحواجز استمر الحفل ” يا إلهي إنّهم يدبكون ويغنّون خلف الحاجز، اتّحدت الأصوات أمام الحاجز وخلفه، وراحت الألحان تتراقص في الهواء بحرّية مطلقة“.صفحة 39. انتصرت الكاتبة على الصّراعات المُفتعلة؛ لصالح أبناء مدينة القدس، بالإرادة والتّحدّي.
لم تخلّ الصّراعات في الرّواية من الصّراعات الدّاخليّة، كما حدث مع الفتى ربيع؛ عدما فقد اخته نسرين، كذلك الصّراعات الّتي اختلجت داخل نفس الفتاة زينة؛ عندما عاشت حياة ملفوفة بالأسرار؛ بما يخص أخاها الّذي أصيب أثناء مصادمات مع الشّبان برصاصة طائشة في رأسه، ممّا سبّب له إعاقة دماغيّة. كذلك صراعات نفسيّة واجهت الاهل، حول البحث عن ربيع المختفي. عبّرت الكاتبة عن هذه الصّراعات باسلوب الحوارات الخارجيّة والدّاخليّة. كما ورد صفحة 39 “نحن الفتيان نعيش في صراع دائم ما بين الحاضر وما سيؤول عليه المستقبل، وهل سينتصر علينا الزّمن؟”. ” لو أنّ أحدًا يساعدني بالإجابة، هل هذه التّجارة ممنوعة، أم مسموحة؟ ماذا سيفعلون بي، يوم عرفت الإجابة، هل سيضعونني بالسّجن؟”.صفحة 22.
“لعبة الزّمن” اختارته الكاتبة عنوانًا لروايتها؛ نظرًا للتغيّرات المتأمّلة عبر الزّمن، في حياة البشر؛ كما ذكرت الكاتبة: ” لم ينسَ ربيع جملة قالتها له جدّته: “الزّمن يا ستّي بتلاعب فينا،أنا بقول إنّا رح نتغلّب عليه في اللّعبة … لازم نتغّلب عليه”. ” لكن هل الزّمن هو من يتحكّم فينا، أم نحن الّذين نتحكّم به؟” صفحة 41. “العالم سيتغيّر، لا شيء سيبقى على حاله.. العالم سيصبح بلدًا واحدًا”. صفحة 50. لم تدع الكاتبة الزّمن يتحكّم في مصائر البشر؛ بل هدفت بأن يكون الإنسان هو المُتخكّم بالزّمن، مهما يتطوّر الذّكاء الاصطناعي، فعلى الإنسان أن يكون هو القائد للتغيير والتّجديد، باعلعقل والعلم ومواكبة المستجدّات بالعالم، وأن يكون الإنسان مشاركًا في صنع الحياة الناجحة والفُضلى. وُفّقت الكاتبة باختيار العنوان، والّذي يجعل القارئ البحث عن محتواه.
انهت الكاتبة روايتها، بمسرحيّة هادفة قدّمها الفتيان، بعرض بمناسبة الاحتفال بالمصالحة بين بلدتي الشّمس والقمر، وبمناسبة القبض على تجّار المخدّرات؛ هذه النهاية حملت في طيّاتها تطلّعات نحو الأمل لخلق مستقبل أفضل ” نريد مجتمعًا نظيفًا، وعقولًا نظيفة نقيّة تصنع الحياة الأفضل، لا داعي للحروب ومضيعة للوقت وللإنسان.”. صفحة 50.
هنا وضحت رموز الرّواية أعلاه، حيث تحقّقت رؤية الكاتبة نحو تطلّعاتها بمستقبل مشرق للفتيان، وحياة ملؤها المحبّة والسّلام “سيصبح مستقبلكم مشرقًا ومضيئًا.. ستصبح الحياة أكثر وضوحًا ، وأكثر استقرارًا، وسوف تبنون حياتكم الأفضل”.
اتّسمت لغة الرّواية بلغة فصحى مناسبة للفتيان والكبار معًا، ولغة سلسة؛ تخلّلتها اللّهجة العاميّة أحيانًا؛ غير المُبالغ فيها من امثال وغيرها؛ ممّا أضفت مصداقيّة وتشويقًا للقراءة.
رواية “لعبة الزّمن” هي رواية حديثة، ذات فكر عميق، ترتقي بقدرات اليافين عقليّا وعاطفيًّا؛ يوصى بتوزيعها على المكتبات المدرسيّة؛ إلكترونيًّا وورقيًّا؛ نظرًا لشح القصص والرّوايات المُوجّهة لليافعين باللّغة العربيّة.
هنيئًا للكاتبة نزهة أبوغوش، والمزيد من العطاء.
وقال عبد الله دعيس:
أرادت الكاتبة نزهة أبو غوش أن تحمل في روايتها لليافعين (لعبة الزّمن) عدّة قضايا وأن تطرحها على اليافعين بلغة عصرهم، وأن تشدّهم للقراءة، وتوصل إليهم الفكرة دون ملل، وبعنصر تشويق عالٍ، فكان لها ما أرادت، ونجحت في ذلك إلى حدّ بعيد.
فقد استغلّت الكاتبة معطيات العصر والتّقدّم الكبير في تكنولوجيا الذّكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي، لتطرح العديد من القضايا الاجتماعيّة والمشكلات التي يواجهها الفلسطينيّون، وخاصّة الشّبان، في ظلّ الاحتلال. فتطرّقت لمشكلة المخدّرات، والاستيلاء على البيوت، والتّضيق على سكّان القدس في مناسباتهم وأفراحهم والتّنغيص عليهم والتنكيل بهم، وكذلك مشكلة الجهل والفجوة الكبيرة بين جيل الآباء والأبناء.
تدور أحداث الرّواية في قريتين افتراضيتين متجاورتين، هما (وجه الشّمس) و (وجه القمر)، وهما يرمزان لفئتين من أبناء الشّعب. كلا الاسمين جميل وكلا المكانين جميل، مع ما بينهما من خلاف وشقاق، وهي دعوة إلى الوحدة والتعاضد ونبذ الخلاف، وتنتهي الرّواية بإعادة بناء الجسر الذي يربط بين القريتين وانتهاء الخلاف بينهما.
لكنّ الأحداث أيضا تدور في أماكن حقيقيّة مألوفة للقارئ مثل مدينة القدس، وتذكر الكاتبة أن القريتين قريبتين من المدينة، والقريتان كما وصفتهما الكاتبة، لا تشبهان قرى القدس، فهما تقعان على ضفتي نهر تخيّليّ. كانت المراوحة بين الأماكن التّخيّلية في الرواية وبين الأماكن الحقيقيّة مربكة نوعا ما للقارئ.
والزمان في الرّواية مربك أيضا، فهو يتأثّر بالواقع الافتراضي الذي فرضه جوّ الرواية، فربيع يعيش في زمن ظهر فيه الذّكاء الاصطناعيّ، واستخدمت فيه نظّارات الواقع الافتراضي، وهو ما يدل أنّه يعيش طفلا في وقتنا الحاضر، تمرّ السّنوات، ولا يوجد أي تغيير يذكر على طريقة الحياة في المدينة والقرية، وكأنّ الزّمن توقّف أو عاد إلى الوراء، رغم التّسارع الكبير في التطوّر التكنولوجي. وبعد مرور السّنين، وعندما يصبح ربيع شابّا، من المفترض أن يعيش في المستقبل، لكنّه يعود إلى الحاضر، ويصبح الحديث عن التطوّر التكنولوجي وكأنّه خيال علميّ في المستقبل مع أنّه كان حقيقة في بداية الرّواية.
موضوع الشّريحة التي زرعت في ذراع الأشخاص، يبدو غير واقعيّ وغير ضروريّ، رغم أنّه يضفي نوعا من الإثارة على أحداث الرّواية، خصوصا مع وجود آلات التّصوير الذّكيّة التي تتعرّف على الوجوه وتجمع المعلومات في كلّ مكان.
الرّواية بشكل عام مدهشة وجميلة ومختلفة، وفيها كثير من الإبداع والجمال والفائدة.
وقال بسام داوود:
الرواية جميلة تربوية توعوية موجهة لليافعين باسلوب جميل ولغة سهلة
تطرقت الى عدة قضايا ومواضيع هامة:
-موضوع الانقسام وتمثل ذلك بالخلاف بين بلدة وجه القمر ووجه الشمس وهذا الخلاف لا يخدم الا العدو واشارت الى دور الشباب في انهاء هذا الخلاف بما قام به الشاب ربيع والشابة زينه.
-وقد اقتدى ربيع بجدته زهوه ذات الشخصية المميزة التي تدعو الى الصلح ونبذ الخلافات كذلك زينة الغيورة على الوطن تدعو للوقوف صفا واحدا امام الاحتلال وطلبت من مختار قريتهم وجه القمر ان يعمل شيئا ودعت للتحرك الان وليس غدا واستجاب لها المختار ووجه الدعوة لمختار بلدة وجه الشمس للحضور لبلدته من اجل اتمام عملية الصلح وانهاء الخلافات وقد حضر الجميع واحتفلوا بالصلح وعفا الله عما سلف وقام الشباب باعادت ترميم الجسر بين البلدين وزرع الاشجار والورود وتعليق لافتة السلام
-دور الشباب في محاربة افة المخدرات التي بدات بالانتشار على ايدي عصابات مجرمة لاسقاط الشباب خاصة طلاب المداس حيث قام ربيع وزينة للتطوع لمكافحة هذه الظاهرة بين الشباب في المدارس من خلال وضع خطة عمل اشتملت على تعليق لوحات توعوية القاء محاضرات تثقيف وارشاد وتشكيل لجان مصغرة للمتابعة وتوجيه الشباب الى دروب الحياة الصحية السليمة استطاعوا بهذا العمل الحد من انتشار المخدرات والحد من العنف وحماية الشباب من عملية الاسقاط من اجل الوصول لمجتمع نظيف.
-الذكاء الاصطناعي والعالم الافتراضي:
بعد ان قام الرجل الالكتروني باستخدام عدسة الهولوجرام والعالم الافتراضي ليجعل ربيع يشاهد اخته الميتة ويتحدث اليها لعدة دقائق مما ادى لاختلاف نظرة الناس لما حصل
-البعض رفض الفكرة واعتبرها نوعا من السحر
-البعض اعتبرها ابداع علمي
-البعض طلب عدم التسرع بالحكم
-الطبيب تدخل وقال الاختراعات الحديثة ساعدت في الكثير من العمليات الجراحية الناتجة عن التطور العلمي.
الهولوجرام ساعد كثيرا في العمليات الجراحية يظهر الابعاد الثلاثية للاعضاء الداخلية اثناء اجراء العمليات الجراحية.
البعض يقول تفيد في الاعلانات التجارية والتواصل من خلال الزوم.
-على كل هي عملية ابداع علمي تعتمد على مبدا تشتيت الضوء وتوجيهه بشكل محدد لانشاء صورة ثلاثية الابعاد وهناك الليزر والعدسات لتوجيه الضوء وتشتيته بطريقة تخلق تاثير العمق والواقعية وهذا هو العالم الافتراضي.
– الشريحة الصغيره هويتنا الذكية :
تتخيل الرواية تركيب شريحه في ذراع الانسان بطول 3 ملم لتقوم بتسجيل كل التحركات وما يحيط به في بيئته بمعنى اخر تتبع الانسان اينما يذهب.
-اشارت الرواية ان الاحتلال ينغص على حياة المواطنين ولا يترك مناسبة الا ويستغلها كما حصل في عرس المعلمة سدره والمعلم فرح ووضع الحواجز العسكرية لمنع تحرك الناس ومنع العريس من الوصول الى عروسه وقتل فرحة العروسين اضافة لما يقوم به المستوطنون من ازعاج للمواطنين لارغامهم لترك بيوتهم من خلال ارسال رسائل تحذير وتهديد لتركها والاستيلاء عليها كما حصل في حي الشيخ سراج
-الاختلاف في التفكير بين تفكير الاباء والابناء:
يتذكر ربيع ما قاله معلم الاحياء ان الانسان يصنع المعجزات بينما والده يقول ان الله سبحانه وتعالى من يصنع المعجزات ويخاطب ابنه ويقول معلمك انسان ملحد لا يعترف بقدرة الله ويتسائل ربيع ماذا سيكون موقف ابي لو علم بما يفعله سالم رجل الالكترونيات بتعامله مع العالم الافتراضي فوالده وابناء جيله يعتبروا ان ما يقوم به سالم هو نوع من السحر وجدته زهوة تدعو له وتستغفر الله وتقرا المعوذتين وتنشر البخور.
-اشارت الرواية الى عيادات الفطام التي تعالج ضحايا عصابات المخدرات وبالمناسبة نحن نعاني من نقص هذه العيادات على سبيل المثال لا يوجد عندنا في منطقة الجنوب التي تشمل الخليل وبيت لحم الا عيادة واحدة في بيت لحم عدد اسرتها 36 سريرا علما ان اعداد المدمنين واعداد المتعاطين كثير جدا فنحن بحاجة لمزيد من هذه العيادات.
-التخيلات التي جاءت في الرواية لمستقبل العالم:
-نقول الله سبحانه وتعالى يعلم ما سيحدث لكن حسب الالة الذكية فهي تدرس المصطلحات الموجودة في الواقع تشرحها تحللها تقارنها بتاريخ الشعوب ومن ثم تستخلص النتائج.
الفضاء سيمتلئ بمراكب فضائية يركبها شخص ويطير بها تحوم كما يحوم النحل سيصبح الفضاء بلا حدود بلا جوازات بلا نقود يصبح عصر الارقام هو المسيطر تتسائل الرواية هل ستتغلب الالة على الانسان علما انا الانسان هو من صنعها هل ستزول الدول الكبرى ودول عدم الانحياز ودول اوبك هل سيصبح العالم دولة واحدة يعيش الناس ضمن نظام محدد ويقل عددهم لكن الكرة الارضية سيعمها الجفاف وسيعمل العلماء على ايجاد بدائل للحصول على المياه والتحدي هو مواجهة الكوارث الطبيعة وشح المياه والتطور نحو الحياة الافضل.
وقال عبد الشويكي:
أود أن أقدم لكم ملخصًا نقديًا لرواية “لعبة الزمن” للكاتبة نزهة أبو غوش، وهي رواية موجهة لليافعين، تمتاز بأسلوبها السردي السلس وفكرتها المبتكرة التي تمزج بين الواقع والخيال.
تدور الرواية حول فكرة السفر عبر الزمن، حيث ينتقل البطل بين محطات من التاريخ الفلسطيني، فيعايش أحداثًا مهمة تُعمّق وعيه بقضايا الوطن، وتكشف له جذور الظلم والاحتلال، مما يعيد تشكيل نظرته إلى الواقع. وقد نجحت الكاتبة في توظيف هذا الأسلوب لإيصال رسالة هادفة، مفادها أن فهم التاريخ شرط أساسي لفهم الحاضر وبناء المستقبل.
تميزت الرواية بلغتها البسيطة، وسردها المناسب للفئة العمرية المستهدفة، كما طرحت تساؤلات فلسفية مهمة تتعلق بالهوية، والانتماء، والحرية. إلا أن بعض النقاط كانت بحاجة إلى تعميق أكثر، مثل بطء تطور الشخصيات أو التسرع في بعض الانتقالات الزمنية، وأيضًا الاعتماد الكبير على السرد على حساب الحوار.
ورغم هذه الملاحظات، تبقى لعبة الزمن رواية ذات قيمة تربوية وفكرية، وتفتح مجالًا جديدًا للرواية الفلسطينية بأسلوب مشوق ومؤثر.
وقالت جمان نمر:
تأتي رواية ” سباق مع الزمن” للكاتبة نزهة أبو غوش كعمل ادبي يحمل طابعا تعليميا تأمليا وتبحر عبر عوالم متشابكة من الزمان والمكان ومن التجربة الشخصية الى تأملات إنسانية في عمل أدبي مكون من 69 صفحة ويتوزع على 21 عنوانا رئيسيا ما يجعل من بنية الرواية تجربة غنية بالتنوع والتجديد .
تنسج حكاية تتجاوز الشكل التقليدي للسرد لتقدم مغامرة فكرية ونفسية تلامس جوهر الانسان في علاقته بالزمن والذاكرة والمصير.
تمزج بين الجانب التربوي والتشويقي بأسلوب سردي يجمع بين المتعة الفكرية والعاطفية من خلال فتح أبواب التأمل في معاني النضج، القيم الإنسانية والانتماء للمجتمع الوطني.
تعتمد الكاتبة أسلوبا لغويا سهلا وواضحا مما يسهل على القارئ التفاعل مع النص والانخراط في عالمه الا ان هذه البساطة لا تلغي العمق التأملي في السرد حيث تركز الكاتبة على الاحاسيس الداخلية اكثر من الخارجية ما يمنح الرواية بعدا نفسيا مؤثرا.
تستخدم الحوارات بشكل فاعل ليس مجرد وسيلة للتواصل وليست مجرد أدوات للحبكة وانما كأداة لكشف أعماق الشخصيات وتطورها حيث تمثل هذه الشخصيات رموزا نفسية وروحية حية ومتعددة كالإرادة ، التغيير، المسؤولية ، الامل، الذاكرة المرجعية الأخلاقية والتحولات الشخصية التي تعكس نضوجا نفسيا إنسانيا معقدا.
تتناول الرواية تجارب إنسانية صادمة تؤثر في مسارات الشخصيات بدء من براءة الطفولة مرورا بخيبات الامل ولوعة الفقدان وصولا الى مواجهة القرارات المصيرية .
تسرد الكاتبة تلك التجارب من خلال تصاعد درامي تتخلله مشاهد حركية وتقلبات نفسية تعبر عن صراع داخلي وخارجي في آن ويظهر الكبار في الرواية كصوت الحكمة بينما تمثل الشخصيات الأخرى قلقا وجوديا حول فقدان السيطرة على العالم في آن آخر.
تتجلى الرسالة التربوية من خلال دعوة الكاتبة للتوازن بين التقدم العلمي والأخلاق والحفاظ على الإنسانية والروابط الاجتماعية كما تؤمن الرواية بقدرة الجيل الجديد على احداث التغيير من خلال المعرفة والضمير في دعوة الى التعاون وصنع مستقبل اكثر عدلا وإنسانية.
اما المغامرات التي تتوزع على ازمنة مختلفة فقد استخدمتها الكاتبة كأداة لاكتشاف موضوعات مثل النضج والمسؤولية وفهم الذات مما يدفع الشخصيات نحو النمو والتطور في ظل تحديات تتطلب الشجاعة والحكمة والتضحية.
الوصف في الرواية غني ومشحون برموز حسية عميقة تزيد من التأثر العاطفي والتشويق النفسي “فالطين” ربما يرمز الى الابداع و”التمثال” يرمز الى الجسد المرفوض والمعاقب اما “الشيخ” فيمثل السلطة الدينية مما يخلق مفارقة سردية بينما “الدموع ” تعبر عن الحزن او الخذلان او صدمة الطفولة ما يعكس حساسية الكاتبة تجاه القضايا النفسية العميقة.
كما يلاحظ في الرواية شعور دائم بالغموض والقلق والحنين مع تداخل واضح بين الحاضر والماضي وبين الحلم والواقع ما يمنحها طابعا فلسفيا وتأمليا وتفتح نافذه حول المسؤولية والتغيير الاجتماعي من خلال نقاشات بين شخصيتي زينة وحسن مثلا تنتهي بمحاولة لفهم الواقع والتأمل فيه مما يخلق قلقا من المستقبل ويثير تساؤلات عميقة يدخلهم في عالم يموج بالتحولات.
ختام الرواية يأتي بعنوان ” العام الجديد” في نهاية مفتوحة تعبر عن امل متجدد في مستقبل اكثر عدلا وإنسانية وتجسد رؤية أدبية فلسفية تتطلع الى الغد بعين التأمل والإرادة وبصمة امل على عتبة غموض. مما تترك القارئ امام مفترق طرق بين ما كان وما سيكون، بين الندم على ما فات والتطلع الى عالم اكثر عدلا وإنسانية.
ان رواية ” سباق مع الزمن” ليست مجرد رواية بل انها تجربة فكرية وعاطفية تجعل القارئ يواجه اسئلته الداخلية ويعيد التفكير في علاقته بالعالم من حوله .
عمل ادبي يحمل قيمة نفسية واجتماعية وانسانية كبيرة، تقدم من خلاله الكاتبة نزهة أبو غوش رؤية ذات ابعاد داخلية معقدة، وشخصيات تبحث عن الحقيقة والانتماء وهو ما يمنح الرواية طابعا أدبيا خاصا يستحق التأمل والقراءة.