أبارك من قلبي وعقلي لبناتنا وأبنائنا الذين اجتازوا امتحان الثّانويّة العامّة-التّوجيهي- بنجاح، وأتمنّى حظّا أوفر ونجاحا لاحقا لمن لم يحالفهم الحظّ بالنّجاح.
ورغم البطالة القاتلة التي يعيشها مئات آلاف الخريجين الجامعيّين في وطننا الذّبيح، بسبب الاحتلال وموبقاته، إلا أنّني أتمنّى أن تواصل بناتنا وأبناؤنا تعليمهم الجامعيّ ما استطاعوا ذلك. وبعيدا عن التّنظير فإنّ الجهل هو أساس وقاعدة مشاكلنا وهزائمنا المتلاحقة، والعلم هو طريق النّصر والنجاح الوحيد في كل شيء.
وأنا هنا أغبط بناتنا وأبناءنا النّاجحين المتفوّقين رغم المحبطات المتراكمة التي تحيط بالعملية التّربويّة والتّعليميّة.
ورغم هذا النّجاح الباهر لهذا الجيل الجديد، إلا أنّه لا بدّ لنا من الإعتراف بأنّنا هُزمنا ورسبنا في امتحان الإنتصار على ثقافة “الطّخطخة” و”تفحيط السّيّارات” و”إغلاق الشوارع” التي صاحبت الاحتفالات بالنّاجحين في الثّانويّة العامّة، والتي هي مجرّد محو أمّيّة في عصرنا هذا الذي تغزو فيه الشّعوب المتحضّرة الكواكب الأخرى، ولا تؤهّل صاحبها إلا للحصول على رخصة قيادة سيّارة عموميّة! فمئات ملايين الشّواقل صرفت على مفرقعات تُصنع في مستوطنات تقوم على أراضينا المحتلّة! وكما صرّح النّاطق بلسان الشّرطة الفلسطينيّة فإنّ عشرة أشخاص على الأقلّ دخلوا المستشفيات وأحدهم فقد أصابع يده جرّاء إصاباتهم من هذه المفرقعات! عدا عن الضّجيج الذي يزعج جميع البشر، ويرعب الأطفال، ويسلب المرضى راحتهم. فمتى نتخلّص من هذه العادة القبيحة والسّيّئة.
وبما أنّ صفحات التّواصل الاجتماعي قد ساوت بين العالم والجاهل، فقد لاحظنا كثيرين يتساءلون مستنكرين عن سبب المعدلات المرتفعة! والتي يصل بعضها إلى 99.8%، وأخذ البعض “يُفتي” و”يتقوّل” ويهرف بما لا يعرف حول ذلك. وهنا لا بدّ من الاعتراف بأنّ وزارة التّربية والتّعليم قد راعت مشكورة الظّروف الصّعبة التي مرّ بها الطّلبة وذووهم مثل الحرب على قطاع غزّة في شهر مايو الماضي، والهجمة الاحتلاليّة على القدس خصوصا الأقصى الشّريف، وحيّ الشّيخ جرّاح وبلدة سلوان، وبقيّة أجزاء الضّفّة الغربيّة خصوصا قرى شرق وجنوب مدينة نابلس. وكذلك جائحة كورونا التي غزتنا كما غزّت بقيّة أرجاء العالم.
ولو اطّلعنا على تجارب الشّعوب والأمم الأخرى التي تقف على رأس الهرم التّعليميّ في العالم، وتوفّر لأبنائها الطّلبة كلّ أسباب النّجاح والتّفوّق، مثل أوروبّا والولايات المتّحدة الأمريكيّة، لوجدنا خرّيجي الثّانويّة العامّة عندهم يحصل المتفوّقون منهم على علامات تزيد على 100%، كأن يحصل بعضهم ما بين 110-130%، وهذه تؤهّلهم للدّراسة في أرقى جامعات العالم. فما الدّاعي لاستغراب تفوّق البعض من أبنائنا؟ وهنا لا بدّ أن نستذكر مقولة العالم المصريّ الرّاحل أحمد زويل:”الفرق بيننا وبين الغرب أنّهم يدعمون الفاشل حتّى ينجح، بينما نحن نحبط النّاجح حتّى يفشل!” وهذا رسوب آخر لنا في التّعامل مع نجاح وتفوّق أبنائنا! فمتى سنتحرّر من عقدة الخوف من التّفوّق، ومن ثقافة “الطّخطخة الهمجيّة”؟
4-8-2021