نعق النّاعي بأنّ الحاجّ خلف العبيدي قد مات! يقول تعالى:” كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ “. ومع إيماننا المطلق بأنّ الموت حقّ، وأنّ نهاية الأحياء هي الموت المحتوم، إلا أنّ المرء لا يكاد يصدّق أنّ الحاجّ خلف العبيدي قد غيّبه الموت بسرعة لم يتوقّعها ولم يصدّقها أحد.
لقد عرفنا الحاجّ خلف العبيدي كرجل إصلاح عشائريّ، نقيّ السّيرة والسّريرة، عرفناه رجلا نبيلا شهما كريما صادقا أمينا، لا يخشى في قول الحقّ لومة لائم. لكنّ الموت سنّة الحياة التي لا مهرب منها.
آخر مرّة التقينا الرّاحل الكبير مساء الخميس 13-اغسطس الماضي في سهرة عرس حفيده خلف، كان كما عهدناه يتمتّع بخفّة ونشاط ومرح، يستقبل هذا ويودّع ذاك بابتسامة لا تفارق محيّاه، وعندما عدنا ظهر يوم الجمعة لتناول طعام الغداء لم نجده، وأسرّ لي ابنه البكر محمد والد العريس بأنّهم قد نقلوه إلى المستشفى في ساعات الصّباح الأولى، وهو يعاني من مشاكل في الرّئتين وفي القلب سببهما فيروس كوفيد 19 اللعين، هاتفته صباح السّبت فردّ عليّ ناصحا:
خذ احتياطاتك من هذا الوباء اللعين، لا تخرج من بيتك ولا تشارك في أيّ مناسبة، ولا تستقبل أحدا في بيتك، فالفيروس ليس مزحة بل هو قاتل. عانى الفقيد فجأة من نقص في أكسجين الدّم وما لبث أن أصيب بعد أسبوع بجلطة قلبيّة نجا منها، ثمّ أصيب بجلطة قلبيّة حادّة أخرى يوم الأربعاء 9 سبتمبر الحالي. لم تكن زيارته مسموحة فهو في قسم الحجر الصّحّي في مستشفى شعاري تصيدق.
كثيرون تمنّوا الشّفاء للحاج خلف، لكنّ الدّعاء لا ينفع مع القدر المحتوم، فهل سيغادرنا الحاجّ خلف إلى غير رجعة؟ أنا لا أصدّق ذلك!
سيترك الحاجّ خلف وراءه فراغا لن يستطيع أحد إشغاله بعده، وها هو يغادرنا عزيزا كريما كما عاش عزيزا كريما. وغيابه أبكى بواكيا.
ويبدو أنّ الحاجّ خلف الذي عرفته منذ سنوات طويلة كان يستشعر الموت، فقد تحدّث معي للمرّة الأولى والأخيرة حول الموت قبل دخوله المستشفى بخمسة أيّام، وتساءل عمّن سيخلفه في ديوانه العامر!
ورغم غياب الحاجّ خلف جسدا إلا أنّ ذكراه ستبقى خالدة، وعزاؤنا أنّه ترك أبناء من خيرة الشّباب سيحملون اسمه مفاخرين بأنّهم أبناء وورثة لصاحب السّيرة العطرة.
فأعزّي نفسي وأعزّي ذوي الفقيد وأعزّي كلّ من عرفوه بفقدان رجّل سيفتقده كلّ من عرفوه، ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
14-9-2020