“أشواك البراري” في ندوة اليوم السابع
القدس- ١٢٧٢٠١٨ المسرح الوطني الفلسطيني:من ديمة جمعة السمان
ناقشت ندوة اليوم السابع كتاب ” اشواك البراري-طفولتي ” الصادر مؤخرا عن مكتبة كل شيء الحيفاوية للكاتب جميل السلحوت. الكتاب يقع في 214 صفحة من القطع المتوسط، أما غلافه فيحمل لوحة للفنان التشكيلي محمد نصر الله وصممه شربل الياس.
ابتدأت الحديث مديرة الندوة ديمة جمعة السمان، فقالت:
“أشواك البراري” سيرة ذاتية لطفولة ذبيحة وثقّها صاحبها الأديب جميل السلحوت بحروف مبللة بالدّموع.
تردّد الكاتب بتوثيقها وجمع أبرز محطاتها.. ربما لأنها طفولة غير عادية.. نمت تماما كأشواك البراري دون رعاية ولا عناية، ما جاء فيها يفوق الخيال، قد يتهمه البعض بالمبالغة أو باختلاق بعض القصص لتشويق القارىء كما يفعل بعض الكتاب. ولكن وعي الكاتب بأهمية الكتابة عن مرحلة لم يتم توثيقها تتعلق بعرب السواحرة وانتقالهم من حياة البداوة إلى حياة التمدن.. جعلته يتجاوز هذه المخاوف وأصر أن يسجلها بدقّة، ويوثقها بطريقته وأسلوبه الجميل، الذي يتناول تفاصيل التفاصيل دون أن يشعر القارىء بالملل. فكل ما جاء في السيرة كان إضافة لمعرفة القارىء. لم يفكر السّلحوت أن يكتب بهدف الأنا، ولكنه جنّد (الخاص) لإعطاء صورة واضحة عن (العام)، من خلال تسجيل قصة طفولته التي أذهلت كل من قرأها، وجعلته يتساءل إن كان من الممكن أن يعيش أيّ طفل كان في ظل ذاك الواقع الأليم البشع، الذي كان يقوده ويسيطر عليه الجهل والفقر والخرافات. كما أنني علمت من الكاتب أنه حذف بعض القصص التي يصعب على القارىء تصديق أنها حدثت بالفعل، إذ أن قساوة وبشاعة المرحلة تفوق الخيال.
السلحوت معروف أنه كاتب يجيد التوثيق، كما أنه يتمتع بذاكرة حديدية، ولا زال، على الرغم من أنه دخل عقده السابع من عمره المديد، فهو يمتلك قدرة غير عادية على حفظ الأرقام واسترجاع الأحداث بتفاصيلها مع الوصف الدقيق الذي يشعرك أنّك تجلس أمام (حكواتي).
” أشواك البراري” هي بمثابة (رسالة أمل وتفاؤل)، بثّها الكاتب عبر السطور لكل من سيطر عليه اليأس نتيجة ظروف صعبة يمر بها، فحواها: (لا تيأس، ستحقق حلمك بإرادتك إن شئت، لا يوجد شيء اسمه مستحيل، احلم.. كن طموحا، ستصل إلى غايتك بجهدك وكدّك وتعبك، ولكن ليس قبل أن تحدّد هدفك، وتختار وجهتك، فالنجاح أساسه الفلاح.. والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
وقال ابراهيم حوهر:
من عمق الجهل وحياة البداوة الشقية والفقر والتآمر ينبثق المستقبل بالإصرار على الحياة بمعناها الحقيقي…
يكتب الكاتب “جميل السلحوت” في كتاب طفولته جزءا من سيرته الذاتية وسيرة مجتمعه الذي انتقل من البداوة بقسوة بيئتها ومفاهيمها إلى نوع من التّحضّر بفعل القرب من المدينة وزيادة التعليم والتعلّم بين أفراد المجتمع.
إنه لا يكتفي بسرد سيرته الذاتية التي تنبثق من واقع اجتماعي يمكن للأحداث أن تشير إليه بل يفرد عناوين وصفحات لحياة الناس والواقع ويعرّج بتفصيل على ألعاب الطفولة وأناشيد الأطفال البريئة.
“أشواك البراري” يجمع بين الذاتي والعام وهو يوثّق لمرحلة انتقالية في سيرة بلدة بأكملها ويقدّم للدّارس المهتم نماذج من الحياة بمفاهيم ناسها الثقافية ويرسم خريطة المكان: صحراء القدس والقدس نفسها ومدن بيت ساحور وبيت لحم وبعض مدن الأردن.
آمل في الجزء الثاني لهذه الأشواك الذي سيبدأ بعد نكسة حزيران الأليمة أن يكتب الكاتب بأسلوب السيرة الذاتية بعيدا عن السرعة في نقل الحدث، وأرجو التريّث بالتعبير الأدبي لأن السيرة بأسلوبها الأدبي شقيقة .
وقال سامي قرّة:
قرأت السيرة الذاتية بعنوان أشواك البراري-طفولتي، لمؤلفه الكاتب جميل السلحوت. من ناحية فإن جذور أدب السيرة الذاتية كما يقول سليم تماري وآخرون في كتاب دراسات في التاريخ الاجتماعي لبلاد الشام (2007) ضاربة في التراث الفلسطيني والعربي، ومن ناحية أخرى تحقق السيرة الذاتية غاية تاريخية لأنها بحسب الأستاذ إحسان عباس في كتابه فن السيرة (1956) تقدّم الشخصية الرئيسية في سياقها الاجتماعي والسياسي، وتكون أعماله متصلة بالأحداث العامة، أو منعكسة منها، أو متأثرة بها. وهذا ما نجده في كتاب أشواك البراري إذ لا ينقل المؤلف جميل السلحوت معاناته الشخصية فقط بل يكتب أيضًا كما يقول في تقديمه للكتاب “عن واقع اجتماعي عاشه الملايين من أبناء شعبي وأمتي” (ص 6).
لكن اثناء قراءتي للكتاب أثار اهتمامي بشكل خاص وصف الكتاب كونه سيرة ذاتية وليس مذكرات. ومن الفروقات الهامة بين هذين الجنسين أو النوعين من الأدب أنه في حين أن السيرة الذاتية هي رواية يكتبها الفرد عن نفسه بنفسه مع التركيز على البعد الذاتي والشخصي، فإن المذكرات أوسع من ذلك لأنها تعنى بما هو خارجي أو واقعي أو موضوعي من أحداث ووقائع والحرص على إيضاحها وتفسيرها. وعلى الرغم من الجوانب الذاتية للمؤلف التي تظهر مبعثرة ضمن الرواية، نجد أن الجوانب الموضوعية والأحداث والوقائع التي عايشها وشارك بها ما هي سوى محاور تُبعد الرواية عن نوع السيرة الذاتية، وتقربها أكثر إلى المذكرات. ودون إغفال الجوانب الذاتية في الرواية، فالجوانب الموضوعية هي الأكثر حضورا حتى أنه يمكننا اعتبار الرواية وصفا اجتماعيا وسياسيا لحياة المجتمع الفلسطيني في القرن العشرين. ففي الرواية قلما يصف المؤلف ذاته؛ فالوصف الخارجي للأحداث والوقائع يسود الرواية. وإذا نظرنا إلى عناوين بعض فصول الرواية وما تتحدث عنه تلك الفصول سنجد أنها لا تمت بصلة إلى شخصية المؤلف، كما أن المؤلف لا يبيّن كيف أن تلك الأحداث أثرت على نموّه وفكره، مثل “التهريب بين الأردن وفلسطين”، “المرأة”، “زواج البدل”، زواج الأقارب”، “مظاهرة ضد حلف بغداد”، “صيد الحيوانات لأكل لحومها”، “حائط البراق”، “أغاني الأطفال” وغيرها. لكن من جهة أخرى، هنالك بعض الفصول التي تتحدث عن شخصية المؤلف والأحداث التي يمّر بها وتأثره بها مثل الفصول التي تحمل العناوين التالية “كيف فقدت عيني؟”، “يوم كُسرت يدي اليسرى”، “رعي الأغنام في مطار قلنديا”، و”إلى المعهد العلمي الإسلامي”.
ما الهدف من كتابة السيرة الذاتية؟ فيما يلي سأحاول أن أبيّن الأهداف أو الأسباب التي تدفع الفرد إلى كتابة السيرة الذاتية مع تقديم الحجة عن مدى تحقيق الكاتب جميل السلحوت هذه الأهداف.
يسعى الكاتب من وراء كتابة سيرته الذاتية أن يسرد قصة نموّه وتكوّنه حتى أصبح ما هو عليه الآن. يركز الكاتب جميل السلحوت على سرد صفحات من تاريخ حياته منذ ولادته حتى بلوغه سن الثامنة عشر فقط، أي وبالتحديد منذ عام 1949 حتى عام 1967 عندما تقدم لامتحان التوجيهي الحكومي. فلذلك لا يتتبع كتاب اشواك البراري مسيرة حياة الكاتب برمتها ولا يقدّم للقارئ الكثير عن تجارب الكاتب التي ساهمت في صقل شخصيته وفكره حتى أصبح من أبرز الأدباء الفلسطينيين.
تسمح السيرة الذاتية للقارئ بأن يشارك كاتبها انتصاراته وإخفاقاته وأفراحه وأحزانه وتجاربه، وهذا ما ينجح كاتبنا جميل السلحوت في تحقيقه، إذ يعرّف القارئ المعاصر على حقبة تاريخية لم يعهدها، لكنه يشعر بأنه يحياها، ولذلك وخاصة في اشواك البراري تمكن الكاتب جميل السلحوت من بناء جسور بين الماضي والحاضر. يتعرف القارئ الفلسطيني على تاريخه وعادات مجتمعه التي سادت في النصف الأول من القرن الماضي، لكنه في نفس الوقت لا يتوانى أن يتعاطف مع التجارب الشخصية التي يمر بها الكاتب لا سيما في الفقرة التي يتحدث فيها الكاتب عن فقدانه لبصره في عينه اليسرى، أو في الفقرة التي تعبر عن خوفه وقلقه من أن يجبره أبوه على ترك المدرسة والتعليم.
يختار الفرد أن يكتب سيرته الذاتية لأنه يريد أن يشارك القارئ حكمة أو درسا ما كان قد تعلمه في حياته من خلال التجربة والخطأ؛ كي لا تقع الأجيال الصغيرة في نفس الخطأ. يرغب الكثير من المؤلفين في كتابة سيرتهم الذاتية لأنهم يعتقدون أنه بحوزتهم قصصا تفيد غيرهم، ويطمحون إلى مشاركتهم إياها. يتساءل الكاتب في تقديمه للكتاب عن الفائدة المرجوّة من نشر سيرته ويجيب: “في النهاية قررت الكتابة والنشر، لعل في ذلك ما يمكن أن يستفيد منه جيل أبنائنا المحرومين أيضا من طفولتهم؛ بسبب الاحتلال الذي أهلك البشر والشجر والحجر” (6).
وأخيرا يجتهد بعض المؤلفين لكتابة سيرتهم الذاتية كي يتركوا وراءهم إرثا أدبيا وذكرى تدوم. وفي هذا لا يمكنني إلا القول بأن الكاتب جميل السلحوت وكتاباته جميعها أصبحت جزءا هامّا من الأدب الفلسطيني، وهي صديقة للقارئ لما تعالجه من مواضيع بأسلوب شيّق بليغ يخلو من التصنع. وقد صنع الكاتب جميل السلحوت له اسما واكتسب شهرة يستحقها.
على المرء أن يختار إمّا أن يعيش على هامش التاريخ أو أن يجد لنفسه الفرصة أن يصبح جزءا من التاريخ ويخترق حدود المكان والزمان. فكتابة السيرة الذاتية والمذكرات توفر فرصة لترك بصماتنا على جدران الوجود الإنساني، وهي إحدى الوسائل التي نصرخ من خلالها ونقول للعالم أننا هنا وأننا موجودون. فالأديب جميل السلحوت يقدم نفسه ومجتمعه وتاريخه .
وكتبت نزهة أبو غوش:
عرف عن الكثير من الأدباء والعلماء والمشاهير من السّياسيين كتابة سيرتهم الذّاتيّة وتفصيل مسيرتهم الحياتيّة وتجاربهم المميّزة نحو: مذكّراتي لنجيب محفوظ، رحيق العمر لحيدر أمين، مذكّرات نجيب الرّيحاني، أنا للعقّاد، حياتي لأحمد أمين، سجن العمر لتوفيق الحكيم، والأيام لطه حسين، مسيرة نحو الحريّة لنلسون منديلا، السادات البحث عن الذّات. وغيرهم الكثير.
في سيرته الذّاتيّة أدخلنا الكاتب المقدسي إِلى مجتمع البداوة الّذي عاشه سنوات الخمسينات في أكناف بيت المقدس.
تعتبر السّيرة الذّاتيّة في ” أشواك البراري” ملحقا توثيقيّا لحقبة زمنيّة معيّنة – بعد انسحاب الانتداب البريطاني من البلاد، وتولّي الحكم الأردني على الجزء الشّرقي من فلسطين .
عندما تقرأ في سيرة الأديب السلحوت تشعر وكأنّك تعيش في عالم غريب عنك، عالم من الخيال نسجه الكاتب بمحض خيال يبعد كثيرا عن الواقع الّذي كان يحياه العالم؛ حيث شبع من الحربين العالميّة الأولى والثانية، صنع الدّبابات والطّائرات والذّرّة والمدمّرات الحربيّة والألكترونيّات ورفع البنيان ودّمّره وبناه من جديد؛ ونحن نقرأ عن صور غريبة يحياها العربيّ في منطقة القدس، وخاصّة البدوي الّذي يركض خلف قطيع من الغنم لا يعرف ما يحيط به من حضارة، ولا يعرف شيئا عن الوسائل الحديثة في ذلك الوقت. نقرأ عن امرأة تضع جنينها في صيرة للأغنام، تترك مولودها وتسرح في البراري خلف قطيع الأغنام، وهمّ الرّجل أن يكون له عزوة كبيرة من الأولاد الذّكور.
التّعليم هو آخر، بل أبعد الاحتمالات الّتي يفكّر بها البدوي. انعدمت لديهم أيّة وسيلة للرّفاهية وجودة للحياة، لم يؤمنوا بالطّبّ الحديث، فربّما لم يسمعوا عنه؛ لذلك لم يلجأوا اليه، حتّى في أصعب ظروفهم، أفضل مثال على ذلك إصابة الكاتب بعينه ولجوئهم إِلى الفتّاحين والوصفات الشّعبيّة الّتي سبّبت له الأذى مدى الحياة.
غلبت على أحداث السّيرة الذّاتيّة عواطف الحزن، والألم، والقهر، سواء في مرحلة طفولة الكاتب، أو مراهقته، أو بداية شبابه.
اعترت حياة الكاتب جميل السّلحوت حالة نفسيّة لازمته خلال طفولته، إِثر معاملته بأنّه انسان معاق؛ بسبب فقدان عينه.
في السّيرة نرى كيف سيطر الفقر على مجتمع أو طبقة تجري ليل نهار لكسب عيشها بمختلف الوسائل وسط أوضاع سياسيّة مكهربة، كان أغلب الحذر من الشّباب المثقّفين أن يلجأوا إِلى الأحزاب الشّيوعيّة، من خلال قراءتنا النّاقدة والواعيّة لنصوص الكاتب نشعر كيف استطاع هذا الرّجل، وهذا الطّفل أن يخرج ذاته إِلى الحياة رغم العقبات ورغم المعيقات، ورغم الجهل والانحطاط الفكري والاجتماعي؛ كيف استطاع أن ينفذ بجلده وينسلخ كما الأفعى؛ ليصنع لنفسه جلدا جديدا يحميه من عثرات الزّمن. تمسّك بكل قوّته بشيء اسمه العلم والمعرفة. أعطى لنفسه حقًا من حقوقها؛ بل اغتصب هذا الحقّ وتحدّى نفسه قبل أن يتحدّى عائلته وبالأخصّ والده.
في ” أشواك البراري” صنع الكاتب لنفسه عالما خاصّا دون أن يبتعد عن أهله، بل جارى التّيّار واستطاع أن يساير الأمور؛ كي تسير الحياة ببعض من السّلاسة الّتي تمنّاها. لم تعرف روحه اليأس أبدا، دائما كان لديه طموح نحو مستقبل أفضل وسعى كي يحقّق هذا الطّموح بواسطة اكماله للتّعليم الجامعيّ.
الحريّة كانت أوّل همّه؛ لأنه عرف معنى الظلم وقسوة الحياة وجفافها. قرّر أن يعطي من حياته وجهده ووقته ما استطاع.
لغة السّيرة كانت سهلة تصل القارئ بمدى السّلاسة دون جهد أو عناء.
أرى بأنّ عنوان السّيرة كان ملائمًا للأحداث. أشواك البراري ذكّرتني بشجر (العوسج) الّذي تحدّث عنه شعراء الجاهليّة.
هذه هي سيرة الكاتب الّذي تحلّى بالجرأة والصّراحة.
وكتبت منى أبو الصبعات:
تناول الكتاب طفولة الاستاذ جميل السلحوت التي كانت بعيدة أشد البعد عن طفولة يحتاجها كل طفل للنمو بصحة نفسية وجسدية جيدة. نلاحظ من هذا الكتاب طغيان الجهل والعادات القبلية على نمط الحياة الذي كان سائدا في تلك الحقبة ما بعد النكبة حتى النكسة 1949-1967). تلك العادات الإجتماعية ترسبت في وجدان وذاكرة الكاتب لدرجة انه قام بوصفها وصفا دقيقا ، وسردها بتفاصيلها التي قد تغيب عن الأذهان، ولكنها لم تغب عن ذهنه ووجدانه، كانت تلك الحياة مليئة بالأشواك كل شوكة هي حكاية من حكاياته، وحدث مُر مَر به الكاتب. قد يتذكر الطفل في طفولته الحلويات التي كانت تقدم له كهدية أو مكافأة لإجتهاده في المدرسة ، لكن ما حصل في طفولة الكاتب هو العكس، فقد كان يعاقب بسبب إجتهاده ، ولم يصدقه المعلم وهو في الصف الرابع حين كتب موضوعاً في الإنشاء واتهمه بالكذب، وانهال عليه بالضرب. أما الأهل فلم يكن اهتمامهم مصبوبا إلا بمحاولة تزويجه لأنثى قوية حتى لو كانت أكبر منه لتحميه بسبب فقدانه عينه نتيجة جهل وشعوذة كان يعيشها والداه ومحيطه. الأشواك الأكثر وجعا وألما كانت تلك حين رفض والده أن يدفع له رسوم المدرسة وقام المدير بطرده، ولكنه لم يستسلم، فقد وجد بالصدفة طالبا هاربا من الصف من المدرسة الإسلامية تلك المدرسة لم تكن تجمع الرسوم من الطلبة، ولكن تعطيهم راتبا مقابل التعليم، وكان قدر جميل أن يكمل تعليمه فيها الى أن وصل التوجيهي.
شوكة الخوف من الأهل أنساه يده المكسورة التي كسرت حين وقع عن البغل حين كان مع أحد أقربائه لإحضار الماء للبيت؛ ذلك الخوف جعله يختبئ تحت الكنبة في المنزل ، ليقابل بالشتائم من العائلة بعد اكتشافهم ما حلّ بيده.
هذه القصة التي بدأت حين فقد عينه في فرح أخيه نتيجة الحسد كما أشار أبوه. ولكن في الحقيقة لم يكن الحجر وحده هو من أفقده عينه وإنما الجهل والعقول المتحجرة التي تركت آثار ا مؤلمة لا يمكن أن تُمسح من ذاكرة طفل لم يعش من الطفولة إلا اسمها.
لكنه مع قساوة الصحراء وقساوة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، استطاع الكاتب ان يتغلب على جميع الأشواك ليكون ألمها حافزاا له للنجاح في حياته المثقلة بالهموم والمتعاب.
إن ما يربطني في الكاتب ذلك الجبل الذي عشت فيه طفولتي والألعاب الطفولية التي لم يتنازل عنها وذكرها في تفاصيلها في حوالي عشرين صفحة، نعم انه جبل المكبر جبل الأحرار ، ذلك الجبل احتضن براءة الكاتب، ولكنه لم يرسم في غلافه إلا الجانب الصحراوي من ذلك الجبل على الرغم من وجود الخضرة، قد يكون الجانب الصحراوي الرمز لتلك الطفولة البائسة التي عاشها الكاتب، ولكن إيمانه بذاته جعله يعبر تلك الصحراء ليصل بر الامان.
نشكر الكاتب جميل السلحوت على هذه الإضاءة علها تكون رسالة إجتماعية ودرسا من دروس الحياة .
وقالت رفيقة عثمان:
كتاب أشواك البراري يحتوي على 222 صفحة، يحمل بين طيّاته، سيرة ذاتيّة لطفولة الكاتب نفسه؛ لقارئ هذه السيرة الذّاتيّة يستكشف مدى صراحة الكاتب، في غرض وكشف كل مراحل الطفولة من معاناتها، وانعكاس لقسوة الحياة السائدة في حقبة زمنيّة معيّنة، وفي منطقة جغرافيّة محدّدة من حياة الكاتب. تنعكس في هذا الكتاب حياة البداوة، وكيفيّة التعايش مع الأوضاع الاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والسياسيّة.
من معرفتي للكاتب شخصيّا، لم أتصور مدى المعاناة التي واجهها هذا الإنسان، وعلى الرغم من ذلك نجح في تحقيق ما تصب إليه نفسه؛ بفضل الإصرار والعزيمة، والقوّة، وغالبا بفعل الحظ.
استطاع بطل السيرة الذاتيّة الأليمة، أن يصنع من المعاناة أملا، للأجيال الناشئة، وعبرة لبناء الشخصيّة الصلبة والطموحة.
في طيّات السيرة الذاتيّة، أشواك وبراري، كشفت لنا أسرار الحياة الاجتماعيّة ، وحضارتها، من عادات وتقاليد غير مألوفة في عصرنا الحاضر؛ من ولادة، وعمل، وزواج، وخلافات، وما الى ذلك.
خلال عرض مجموعة لا بأس بها من الأغاني الشعبيّة، التي تردّدت على ألسن النساء والرجال، في كل مناسبة، سواء كانت مفرحة او محزنة؛ إلا أنَّني أجد اكتظاطا مبالغا في هذا الجانب، وأرى بأنه لو تمّ رصد كل هذه الأغاني والترويدات في كتاب منفرد عن السيرة الذّاتيّة؛ لتصبح مصدرا للتوثيق.
اختار الكاتب عنوانا، مناسبا للأحداث القاسية في المعيشة لحياة البدو، ومواجهتها بقوَة، حيث صوّر الحياة بالأشواك الموخزة وهذا تشبيه قريب لهذه الحياة؛ لا شك أنّ الكاتب كان موفَّقا في اختياره للعنوان.
ظهرت صورة النّساء في الكتاب، بصورة بائسة وحزينة، لا ينظر اليها المجتمع بصورة مساوية للرجل؛ بل بصورة دونيّة جدّا؛ لكن بنفس الوقت اتّصفت بقوّة الشخصيّة، والتضحية، والأمومة، ومناصفة الرجل في سير الحياة القاسية، بالإضافة على معاناتها كأنثى لها احتياجاتها الخاصّة، بل عانت المرأة ضعف الرجل في المرحلة منذ عام 1948- 1967. مثال على ذلك، كيفيَة الإنجاب في العراء كما ورد صفحة 148.
من هذه السيرة فهمت لماذا لقِب الأديب بالشيخ؛ على الرغم من عدم تناغم أفكاره الدينيَة، فسَر الكاتب سبب الكنيَة ؛ بسبب ارتداء الجبَة والعمامة في المعهد العلمي الإسلامي. كما ورد صفحة 163.
لا شكَ ان الكاتب السلحوت أراد ان يصنع الحياة بشكل جميل كاسمه، ووضع المعانة وقساوة الحياة جانبا، كما يقول المثل: من المعاناة يولد الشعر. لعلَ هذه السيرة الذَاتيَة، تصبح درسا للأجيال القادمة؛ خاصّة من يعيشون برفاهية ، ولا يحصدون النجاح.
وكتب محمود شقير:
سيرة الطفولة التي نشرها جميل السلحوت في كتاب، تدلل على ذاكرة متوقّدة؛ قادرة على استحضار أدقّ التفاصيل التي عاشها الكاتب في طفولته أو لاحظها في محيطه الذي كان يتسم بالقسوة والشقاء وصعوبة العيش.
هذه السيرة؛ مثل غيرها من السير التي كتبها فلسطينيون من الأدباء أو من رجال السياسة، تسهم في تعزيز أدب السيرة الذي ما زلنا بحاجة إلى مزيد منه؛ لتعزيز روايتنا عن علاقتنا المتجذّرة بأرضنا وبوطننا؛ خلافًا لما تدّعيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي الطامعة في الأرض، الساعية لتهويدها عبر مختلف الممارسات.
ورغم ما في هذه السيرة من تصوير صادق لقسوة الحياة التي عاشها الكاتب وغيره ممن عايشهم في محيطه، إلا أنها تصف بتجرّد وصدق؛ إصراره هو وأفراد أسرته ومجايليه وغيرهم من أبناء شعبه على الصمود في وجه الصعاب، وعلى مواصلة الحياة رغم الفقر والجوع بكرامة وشرف، وكذلك على مواصلة التحصيل العلمي الذي يشكل ميزة يتميّز بها الفلسطينيون.
ورغم ما اشتملت عليه السيرة من تشويق، ومن لغة سهلة سلسة؛ إلا أنها لم تكن تخلو من مشاهد مكتوبة بشكل تقريري إخباري، ومن تكرار لبعض التفاصيل، مثلاً: الحديث عن بيت الشيخ حسين ابراهيم شقير الذي هدمه المحتلون بعد هزيمة حزيران 1967 ، وغير ذلك.
كذلك؛ رغم القيمة التوثيقية التي انطوت عليها الأغاني الشعبية الواردة في الكتاب، وكذلك التعريف بألعاب الأطفال في البيئة الشعبية، فإن هذا التوثيق يأتي على حساب السياق الفني للسيرة، وكان يمكن الاقتصار على أمثلة محدودة وشروحات مختصرة؛ لكي يبقى المتلقي في أجواء السيرة ولا يخرج منها إلى سواها.
مع ذلك؛ تظل هذه السيرة ذات تميّز خاص، وتحية لكاتبها جميل السلحوت.
ومن جنين كتبت اسراء عبوشي:
لأول مرة أرى منّ يلصق للطفولة صفة الذّبح بقوله ” طفولتي الذَبيحة” كان ذلك عندما شرفني الأديب: جميل السلحوت بالحديث عن سيرته الأدبية في حفل توقيع كتابي، بحضور الأديبة ” ديمة السمان”، كان يسرد سيرته الأليمة بأسلوب هزلي مدهش، أثار إعجاب الحضور ، يدلّ على أنه تخطى تلك المرحلة وخرج منها منتصرا.
ذبح طفولته في معركة الحياة ليعيش وعي المرحلة، ويسرد جهل وتخلف ومرارة ذلك الزّمن، يعيش وما الموت -كما ذكر- إلا نجاة من واقع أشد مرارة من الموت.
في ( أشواك البراري) أثبت الأديب جميل السلحوت لمن يعرفه، ومن لا يعرفه قدرته على تخطي الجراح ومدى قوّته، فكل منّ عاش حياة أليمة يعزف عن الكلام عنها، حيث أن الألم أحيانا أصعب من أن يقال، وتذكّر ما تجاوزه المرء يعيد بعثه في النّفس من جديد، فهل شفي كاتبنا من جرحه، حين يتكلم عنه بروح طلقة تركض في البراري ، رغم الأشواك ؟
أم أن الكاتب ملك للنّاس، لم يكن كالماس ثمينا إلا بعد أن صهرته الحياة، وشكّلته جوهرة يتناولها القاريء فتبرق في عينيه.
أم من ناحية إنسانيّة ومهنيّة، يجب أن يوثّق ككاتب مرحلة مضت من حياة الشّعب الفلسطينيّ، سياسيّا، اجتماعيّا، اقتصاديّا وتراثيّا.
بأسلوب مشوّق تحفّه البساطة سرد الأحداث، وتنقّل من حدث لآخر بترابط وسلاسة، انتقى الكلمات البسيطة وأدرجها في عمق المعنى، فكان لكلمة ” إمبو” ولأنين العمّ خضر وقع الصّاعقة على القاريء، ولك أن تتخيّل ويضيق صدرك يضيق وأنت تتخيّل طفلين يجريان في البراري بلا هدى، في رحلة البحث عن حضن الأمّ التي اعتادا على النّوم في دفئه كلّ خميس، وهي العطلة الأسبوعية للمدارس، طفل لم يكمل السّنة الثّانية من عمره يرافق شقيقه ابراهيم ابن الثلاث أعوام، لوحدهما بعد أن رحل والداهما الى منطقة الكرك في ترحالهما المعتاد بحثا عم الماء والكلأ، وحين كان في الصّفّ الأوّل وشقيقه إبراهيم في الصّفّ الثّاني، ينتهي الدّوام عصر يوم الخميس ويذهبان راكضين إلى البرّيّة ليناما ليلتهما في حضن الأمّ، وعندما يعلمان برحيلها، يواصلان سيرهما راكضين عبر “واد الدّكاكين” حيث الكهوف الكثيرة، الى أن وصلا ” الزرانيق” وهي منطقة شديدة الوعورة تكثر فيها الضّباع والذّئاب، هبطا الجبال المرتفعة حتى أشرفا على “البقيعة”، إلى أن وصلا ليلا إلى خيمة رجل أشفق عليهما وأخذهما على ظهر حماره إلى أهلهما، لقضاء يوم في حضن الأمّ، والعودة إلى المدرسة في اليوم التالي، تلك القصّة التي يجب أن تُدرّس في المدارس لما تحتويه من مضامين وقيم وأخلاق وحرص على الدّوام والتّعليم.
نعم تجاوز الشّيخ الكاتب تلك الحياة محاربا العادات والتقاليد رافضا لها، منطلقا بفكر نيّر يثري الحياة ، هناك جوانب كثيرة في ” أشواك البراري” ويجب أن تُثار من خلال مضامينه الكثير من الدّراسات، ولكنها تبقى الطّفولة فقط من سيرة جميل السلحوت، فما بالكم بالشّباب حيث بداية انطلاقة الطّموح وتحقيق الأهداف؟
وكتب عبدالله دعيس:
هل (أشواك البراري) هي سيرة ذاتيّة للكاتب جميل السلحوت، أم أنّها سيرة جماعيّة وحكاية شعب في فترة مظلمة من تاريخه، كان عنوانها الجهل والهزيمة؟ وهل تخطّى هذا الشّعب تلك الحقبة ليصل إلى مرحلة جديدة من الوعي والعلم والانتصار، أم انتقل من مرحلة مظلمة إلى مرحلة حالكة الظّلمة؟
يحكي الأديب جميل السلحوت حكاية طفل خرج من رحم المعاناة ليكون رمزا للنجاح، ومن الضعف ليكون عَلَمَا من أعلام الثقافة في القدس، ومن براثن الجهل إلى نور الإبداع، حتّى أصبح مثالا يحتذى به. هذا الطفل هو السلحوت نفسه، الذي عانى كغيره من كلّ السلبيات التي خلّفتها عصور من الجهل والهزيمة، ليفقد عينه نتيجة هذا الجهل، وليعامل كطفل معاق، يفيض عليه الآخرون عطفا مصطنعا أو حقيقيّا، هذا العطف كان سيحرمه من نعمة التعليم التي توفّرت لأبناء جيله، لكنّه بإصراره ومثابرته، رغم الظروف القاسية التي كانت تحيط به، يستطيع أن يستمرّ في درب العلم ويصل إلى مرحلة الإبداع رغم جميع المعيقات التي قد تضع أي إنسان في ذاك العصر في زاوية مظلمة من بيته. هذا الإصرار العجيب، والمثابرة الدؤوبة، تعطي لهذه السّيرة قيمة تربويّة كبيرة، حبّذا لو اطلعت عليها الأجيال، لتقتبس منها شعلا تضيء لها دروب النّجاح.
كتب جميل السلحوت ذلك بلغة بسيطة سلسة مفهومة للقارئ دون الخروج عن سمة التّواضع الشّديد الذي يتّصف بها، فكان للسلبيّات في سيرته حصّة الأسد، ولم يعطِ نفسه حقّها من الوصف والتقدير، بل القارئ الحاذق هو الذي يرى قصّة النجاح كاملة، ويعجب بشخصية كاتبها؛ فكان هذا درسا آخر ومؤشّرا آخر إلى طريق الإبداع والنجاح. واستخدم الكاتب أسلوب الاستطراد، والمزج بين الخاص والعام، وأفرد صفحات كثيرة للحديث عن المرأة والعادات والتقاليد والألعاب والأغاني الشعبية، بعيدا عن حياته الشخصيّة وإنما من مشاهداته كطفل، فكان الكتاب جامعا شاملا.
يركّز الكاتب في سيرته على ثوب الجهل المطبق الذي كان يرفل به الناس في ريف وبادية القدس بعد النكبة الفلسطينية عام 1948، ويذكر كثيرا من الممارسات التي كان النّاس يقومون بها، والتي قد يظنّها القارئ الشّاب ضربا من الخيال، لكنّها كانت واقعا معاشا، وكانت سمة ملازمة لحقبة زمنية طويلة، في طول البلاد وعرضها، وبعضها ما زال يمارس حتّى هذه الأيام. ونرى خلال هذا الكتاب كيف بدأ النّاس يضعون عن أعناقهم هذا العبء الثقيل من التّقاليد، وذلك بفضل تنافسهم في تعليم أبنائهم، فكان العلم هو النّبراس الذي أضاء الطريق نحو الانعتاق من كثير من الممارسات والعادات البالية.
هذا الجهل الذي وصفه الكاتب بدقة ودون مواربة أو تستّر، قد يكون هو الذي قادنا إلى هزيمة تتلوها هزيمة، لكن، هل خرجنا من هذا الجهل فعلا أم انتقلنا من جهل إلى آخر، ومن ظلمة إلى ظلمات؟ وهل تغيّر واقع الهزيمة إلى النّصر، أم ما زلنا نركض مسرعين باتجاه هاوية الهزيمة والانحطاط؟!
تدعونا مطالعة الكتاب إلى عقد مقارنة سريعة بين ما كان والحاضر. لم يكن الناس نظيفين في ذاك الوقت، كما يقول الكاتب؛ وذلك لانعدام وسائل النظافة وندرة الماء، لكن هل نحن الآن نظيفون مع توفّر المياه ووسائل النظافة، نظرة سريعة إلى شوارعنا المكدّسة بالنفايات كفيلة بالإجابة. كان الناس جهلة لندرة المدارس، وهل نحن الآن مثقّفون ومتعلّمون مع كثرة المدارس والجامعات وكثرة مرتاديها؟ وهل أدى الإقبال على التعليم، إلى تطوّر فعليّ في مجتمعنا؟ كان النّاس منخدعين بالإعلام الموجّه، ويقعون تحت سطوة الحكومات التي تحرس مصالح المستعمر، وهل تحرّر الناس اليوم من استعباد وسائل الإعلام، وهل أصبح الوضع السّياسيّ أفضل؟ أم ما زال النّاس يقدّسون المتسلّط على رقابهم؟
يصف الكاتب جميل السلحوت طفولته بِ (الطفولة الذبيحة)، ويسهب في وصف الحياة الصعبة التي كان يحياها الأطفال، والتي لا نتخيّلها ولا نرضاها لأطفالنا. ولكن هل كانت هذه الطفولة فعلا طفولة ذبيحة؟ إن أعدت قراءة الكتاب مرة أخرى وركّزت على حياة الأطفال في الطبيعة، يتنقّلون في البراري، ويعيشون مع نباتاتها وحيواناتها بانسجام تامّ، ترى أنّ أشواك البراري، وإن كان وخزها مؤلما، إلا أنّها تهب حياة تغمرها البراءة والسّعادة. وهل يعيش أطفالنا اليوم طفولة أفضل، عندما سلبت الطبيعة منهم لتُوهب للمستوطنين الذين جاءوا من أقاصي الدنيا؟ وسلبت سعة الدنيا ورحابتها وهواءها وماءها منهم، ليعيشوا محدّقين في شاشة صغيرة تداعبها أطراف أناملهم! وتوهمهم بحريّتهم فقدوها! هل كانت طفولة السلحوت طفولة ذبيحة أم طفولة أبنائنا هي الذبيحة؟
كتاب جميل رائع يستحقّ القراءة مرّة ومرتين، يعطي صورة واضحة عن حقبة تاريخيّة، ويزخر بالمعلومات القيّمة، التي يستقيها المتلقّي دون تلقين وفي غمرة متعته وخياله الجامح في أخبار قد تعدّ من الأساطير، لكنّها كانت حقيقة عاشها آباؤنا ونقلوا إلينا حكاياتها وكأنّها قادمة من أعماق ألف ليلة وليلة.
وقالت رائدة أبو صوي:
من رحم المعاناة تولد القوة. هذا ما استنجته من خلال قراءتي للسيرة الذاتية للكاتب جميل السلحوت كتاب ( اشواك البراري .)
في البداية استوقفتني اللوحة الفنية الرائعة لوحة الفنان التشكيلي محمد نصر الله
لوحة النكبة، البحر الفضي وخيمة اللجوء، والاخشاب المحطمة امام الخيمة
التي ترمز للتعلق بالأمل، أمل العودة وتعلق الغريق بخشبة. بالقرب من الخيمة شاهد لقبر
ربما يرمز للأشخاص الذين فارقوا الحياة وهم في انتظار العودة للوطن. صورة طير الحمام ينظر للبحر أمام الخيمة وينظر للأمواج القادمة لعلها تحمل معها غصن الزيتون الأخضر.
أزاح الستار عن فترة زمنية كانت قاسية في القدس وضواحيها، خصوصا منطقة السواحرة بشقيها الشرقية والغربية، تحدث بمصداقية ووضوح .
الكاتب جميل السلحوت المولود في جبل المكبر بتاريخ ٥٦١٩٤٩،عشنا مع أحداث السيرة بانجذاب، السيرة جذابة وجاذبة، عشنا الزمن بقساوته، استطاع الكاتب ان يخرج من بين الاشواك وينطلق نحو التميز والابداع وتحقيق الذات، سيرة كفاح ونجاح . رغم الألم الا انه أضاء شمعة الأمل
استرسل الكاتب في الوصف لادق لتفاصيل حياته عن أسرته الممتدة، اخوته ٢١، تحدث عن رعي الأغنام، تحدث عن مضارب قريته وتحدث عن العادات العجيبة والغريبة،عادات لأول مرة أقرأ عنها من خلال الكتاب
مثل أكل الثعالب شرط ان يكون ويوي وليس واويا، وأكل الجانب الأيمن من الضبع والاعتقاد بانه حلال، والامتناع عن أكل الجانب الايسر لأنه حرام! وأكل القنافذ.
الكاتب رفض الانصياع لتلك العادات والتقاليد المتخلفة، كان طفلاً مختلفاً عن غيره، تحدث عن عينه التي فقدها نتيجة هذا التخلف، كان ضحية كما كان عمه خضر ضحية، عمه خضر ابن العامين الذي كووا حنجرته ليعالجوه من دمل ظهر على حنجرته، وقطعوا عنه الماء لاعتقادهم أن ذلك نوع من العلاج، ومات من العطش في بدايات القرن العشرين،مات وهو يئن ويقول ( امبو).
تلك الصورة جعلت الدموع تتساقط من عينيّ، شعور بالتعاطف مع صاحب السيرة الذاتية الذي تسبب الجهل في فقدانه لعينه ، ظلم ذوي القربى ، فقدها بسهرة . حجر أعمى أصابه عن طريق الخطأ وسبب له نزيفا داخليا. ولسوء حظه في نفس السهرة موقف رؤيته الرصاصة .
تلك الحادثة ربطوها بمعتقداتهم المتخلفة بأنه محسود ، ومارسوا عليه مختلف انواع ( الهبل) بداية بوضع حليب حمارة في عينه ونهاية في وضع خراء الحردون المخلوط بالتراب لمدة شهر .
صور كثيرة كتب عنها الكاتب، صور من الجهل، مثل علاج سماط الأطفال الرضع بالتراب واستخدام الكوفلية والعلاج بالكي خصوصا كيّ النافوخ عند الحد الفاصل بين عظم الجمجمة وعظم الرأس؛ لاعتقادهم ان هذا الفراغ لا يلتحم الا بالكيّ، والكيّ تحت اللسان
وصف العلاقة الطيبة بين المسلمين والمسيحين في تلك الفترة بسرد مواقف مع عائلة الشرطي الأردني القادم من بلدة الحصن الأردنية ابو طعمة .
صور جميلة ووصف اجمل خصوصاً مشهد الأغنام عندما اصطحبوها الى البحر الميت حتى يغسلوها قبل جز الصوف، صورة الأغنام وهي تتقدم بانتظام وتنزل الطريق بشكل لافت . لوحة فنية جميلة .
الاعشاب البرية في الطريق، الذبيح، الحويرة، المرو، الحميض، قرون الغزال، الكعفران وغيرها. تحدث عن التهريب بين الأردن وفلسطين زمن الانتداب، وعن زواج البدل وزواج الأقارب والتعليم وولادته والأدوات المستخدمة مثل الحِذل، وتحدث عن الملابس والختان،
صورة شاملة كاملة وضعها الكاتب بين أيدينا.
أعجبني الالتزام بالدوام في تلك الفترة الذي نفتقده هذه الأيام رغم توفر وسائل النقل الحديثة، الا أننا نفتقد الى الدافعية التي كان يتمتع بها أبناء تلك الفترة التي امتعنا الكاتب في الاطلاع عليها. اعجبني الوفاء في الاهداء، وفاء الكاتب لوالديه رغم بعض القسوة التي ظهرت من والده نحوه.
الاحترام والتقدير: عاش حياة قاسية جدا ولكنها صنعت منه كاتبا متميزا، يعرف أهمية ما يمتلك. عندما قرأت الأغاني الشعبية استوقفتني أغنية كانت ترددها والدتي رحمها الله في مناسباتنا السعيدة، وهذه الأغنية:
وياطوق صدري لك زمان مرحرح
عودة من الله يا الحبايب تفرح
وطل القمر من شرقا ومغزز ريش
يا الولد حبيب امه ويا ريته يعيش
والعبي يا لعيبه واعتلي يا قمر
زفي الولد يا امه تحت ظل الشجر
والعبي يا لعيبة واعتلي يا نجوم
زفي الولد يا امه تحت ظل الكروم
عندي تحفظ على أغنية مفاخرة الأمّ بابنها الذّكر، ولم اجد مبررا لوجودها . ص ١٢٥
كل الاحترام والتقدير للكاتب جميل السلحوت لاهداء المكتبة العربية هذا الكتاب القيم الذي يحافظ ع موروث ثقافي موروث يؤكد على أننا اصحاب الأرض ولنا الحق فيها .
وكتبت هدى خوجا:
يقع كتاب أشواك البراري-طفولتي في 221 صفحة من الحجم المتوسط ، وهو صادر عن مكتبة كل شيء الحيفاوية. ويحمل غلافه الأوّل لوحة للفنان التّشكيلي محمد نصر الله، وتصميم شربل الياس.
الكتاب عبارة عن سيرة ذاتية عن مرحلة الطفولة للأديب الكبير جميل السّلحوت، تناول بها عدّة مواضيع متشابكة من حيث الحدث والأهميّة والتّسلسل ؛ ولد الكاتب في عام 1949
وعاش ذلك الجيل حياة بائسة بكل المقاييس وأيضا آباؤهم كذلك. أمّا الواقع الاجتماعي والسّياسي فكان احتلال أهلك الشّجر والحجر.
بدأ الكاتب بالجذور حيث لا يمكن للمرء أن يتحدّث عن مسيرته الحياتيّة دون العودة إلى جذوره.
كانت نسبة الوفيات عالية جدا خاصّة بين الأطفال، ومعظمها ناتج عن الجهل والموروثات المبتذلة البعيدة عن الحقائق العلمية والصّحيّة.
المرأة لم يكن لها أي اعتبار في ذلك الزّمان، ولم تقتصر أدوارها على الانجاب فقط، فكانت تزرع وتحصد وتحلب الأغنام وتزيل الأشواك من الأرض، ولا يحق للمرأة أن تقول لا.
النساء والأطفال ممنوعون من إبداء الرأي ، وأيضا ممنوع أن يتكلم الأبناء بوجود الآباء والأجداد، والجدّ هو صاحب الرأي والمشورة في تزويج حفيداته.
” ابنك لك وبنتك لغيرك”ص20
تطرّق الكاتب لزواج البدل والأقارب وما نتج عنه من مشاكل اجتماعية؛ وصحيّة مثل العقم وأمراض أخرى. أمّا بالنسبة للبنات والتّعليم فقد تأخّر كثيرا عن تعليم الأبناء في مدارس السّواحرة، حيث ولد ونشأ الكاتب، والأبناء الّذين تعلّموا هم من ضغطوا لتعليم أخواتهم كما جاء في الكتاب أنّ القائد عبد القادر الحسيني حثّ على الأهالي على تعليم أبنائهم.
كانت في تلك الفترة عادات بدائية منها تبخير الأطفال الذكور خوفا من الحسد، أما الاناث فإنّهن لا يتعرضن للحسد! وكانت هنالك عدّة تعويذات ذكرها الكاتب في الكتاب ص 31-32
” عين الحسود فيها عود، وبكرا ياكلها الدّود “ص31
في الصّف الأوّل كان الكاتب التّلميذ رقم 63 ، في غرفة صفّ صغيرة وضيّقة، وبالرغم من ذلك كان الأذكى في الحارة.
تراودت القصص والأمثال الشّعبيّة والعادات والتّقاليد ما بين مد وجزر في الكتاب وكانت قصص الطفولة تجذب القارئ لتلك المرحلة.
أطفال تلك المرحلة كانوا يعملون، ومن الأعمال التي كان يقوم بها بعض الصغار بيع الأسكيمو ” البوظة”والعمل في حفريات الآثار.
وهنالك عدد من الأغاني الخاصة بالأطفال في تللك المرحالة ورد ذكرها في الكتاب ص110-129
” بكرة العيد وبنعيد…بنذبح بقرة السّيد
بكرة العيد يا مسعود…دارت الميّه في العود”ص119
وأيضا تم ذكر الألعاب الشّعبيّة للأطفال منها :
مع العقارب ومحاربة الدّبابير، وأيضا الطّابة، المباطحة، السبع صرارات حجارة والبنانير “الجلول”، الاكس، القرعة بالنقود أو بإخفاء الصرارة، القرعة بالقدم، شدّ الحبل، مطاقشة البيض، يا عمّي وين الطّريق، نطّ الحبل، عسكر وحراميّة، الحاكم اللّص، الجلّاد والمجلود، طاق طاق طاقيّة، الكال، الشّعبة وغيرها .
ركّز الكاتب على أهميّة التّعليم وشغفه بالقراءة والمطالعة والاجتهاد والتّعليم.
كان الأسلوب جميلا وشيّقا حبذا قراءتها من طلبة المدارس وأخذ العبر المنتقاة.
وقالت هدى عثمان:
يقول الشّاعر توفيق زيّاد”وأُعطي نصف عمري للذّي يجعل طفلا باكيا يضحك”. ومن هنا فلا غرابة أن يقرّر الكاتب جميل السّلحوت، أن يكتب سيرة طفولته التي رأى بها الأشواك.
“أشواك البراري ” سيرة ذاتيّة في مرحلة الطفولة للكاتب المقدسيّ جميل السّلحوت، المولود سنة 1949. أراد الكاتب أن يخصصها لمرحلة الطفولة التي عاشها في ظل المجتمع العشائري و بيئة البراري بمنطقة عرب السواحرة بالقدس، فأسهب في نقل صورة عامة عن الفترة التي عاشها أهله.
ثم انتقل بالحديث عامة عن رعاية الأطفال والطريقة غير الصحيحة في التعامل مع صحة الطفل، وكيفية التعامل مع بعض الحالات كالتعامل الصحي مع الأغنام. وقد تطرق فيما بعد إلى المشهد المؤثر في حياته في التعامل مع عينه المصابة وعلاجها بطريقة خاطئة إلى أن فقدها، وقد سلط الكاتب الضوءعلى ردة فعل الوالد لما حدث له باعتباره عاجزا أعورا مسكينا يجب أن يضمن مستقبله، وقد كان الحل في نظر أبيه أن يكون إماما لمسجد ولذا شجعه على مواصلة التعليم. لم يذكر لنا الكاتب ردة فعل الأطفال في محيطه أو في المدرسة بعد اصابته إذا ما تم تعرضه للسخريّة، حيث لم يتطرق للعاطفة هنا بشكل كاف كطفل.
كما وذكر لنا الكاتب المعتقدات والخرافات والجهل الذي كان يسود في تلك الفترة.
ولأن الكاتب ابن بيئته وقد ترعرع في البراري فلا نستغرب من ذكره لبعض الحيوانات وعلاقته بها وبالمواقف التي كانت له برفقتها، أو المعتقدات التّي تربط المجتمع بهم .فذكر( الدبابير، العقارب، العفاريت، الغيلان، الذئب، الأغنام، الأفاعي، النيص، القنفذ، الضبع والواوي). والقارئ للسيرة يلاحظ أن الطفل في المجتمع العشائري صاحب مسؤولية ومهام فالكاتب كان يرعى الأغنام والخراف وينام في البراري معها وحده ليلا.
سلط الكاتب الضوء على طفولته في المراحل الدراسية المختلفة والصعوبات التي واجهته. وقد لاحظنا تميزه بذكائه في المدرسة وإصراره وثباته من أجل إكمال تعليمه، وبرزت جرأته حين رفض الزواج بسن مبكّرة وفي عزمه لمواصلة العلم.
أظهر الكاتب أُسلوب العنف والضرب تجاه الطلاب من قبل المعلمين والظلم الذي تعرض له من قبلهم.
أشاد إلى نظرة المجتمع السلبيّة تجاه المرأة مقارنة مع الرّجل وقد أوضح ذلك من خلال الأمثال. وبيّن دورها العملي الشّاق في مساندة الزوج كرعاية الأغنام والخراف في البراري وغيابهم عن البيت.
برزت العناوين الفرعيّة في سيرته من أجل سهولة التنقل من موضوع إلى آخر، وقد جاء عنوان الكتاب مناسبا لأن طفولته مليئة بالأشواك ولم تكن سهلة إلا أنّه اجتازها بالعزيمة.
وحين نقرأ للكاتب جميل السّلحوت فإنّه كعادته في كل كتاب يذكر الأمثال المتعلقة بالحدث، وهنا في سيرته أوضح الأحداث مستشهدا بالأمثال.
بالغ الكاتب كثيرا في استشهاده للعديد من الهدهدة والأغاني في عدة صفحات وحبذا لو أنّه اختصر.
هنالك بعض الحشو الزائد في السيرة كذكره على سبيل المثال قصة الفلم السينمائي وتوبيخه من قبل والده.
أمّا بالنسبة للملحق الذّي يتعلق بتعريف ألعاب الأطفال فلا حاجة له حسب رأيي، فنحن أمام سيرة وليس بحثا.
شكرا للكاتب لأنّه أتاح لنا التّعرف على تلك السيرة ولنتعلم منها الصمود رغم الأشواك.
وقالت تالا عالمة البحار:
حياة الكاتب جميل السلحوت تعرفنا عليها من خلال كتابه الذي تناول أجزاءها من سيرته الذاتية أو اليومية والتي لخصها بكلمتي العنوان “أشواك البراري” والكلمة الوحيدة المرتبطة بضمير الأنا “طفولتي”. إمتلأت تلك الطفولة بالأشواك التي جرحت الراوي وسببت له ندوبا على أقدامه، ولكنه نجح بخلعها من الأرض قبل أن يدوس عليها بقدميه. صور لنا الكاتب طفولته ومعاناة جيله، الكاتب جميل السلحوت ولد عام ١٩٤٩، ركز الكاتب على قضايا اجتماعية من عادات زواج إلى التعامل مع المرض إلى أهمية التعليم عند الآباء وربطها بالاقتصاد والسياسة التي تطرق لها بشكل بسيط في ذلك الزمن من خلال خمس صفحات.
المرأة شغلت فصلاً كاملاً (ص١٧٢١) في بداية الكتاب يظهر لنا الكاتب دور المرأة فهيَ إنسان لا يستطيع أبداء الرأي أو أخذ دور في المجتمع أكثر من الإنجاب و العمل في الزراعة والحصاد وصنع السمن البلدي. حتى في الزواج يقول جد أو والد الفتاة ((اللحم لكم والعظم لنا)) بمعنى أن الزوج يمكنه ضرب زوجته ضرباً مبرحاً،أما كسرعظمها فهو على الأهل. تكررت هذه الجملة في الفصل الذي يلي التعليم فكان الآباء في بداية السنة التعليمية يستدعون المعلمين على وجبة طعام لكي يتأكدوا أنهم سيضربون الطلاب حتى يتعلموا ويتهذبوا بمفهومهم الخاص. يتبين لنا أن الأهل لا يفقهون بالعلم شيئاً خصوصا الأمهات، تعليم البنات لم يكن ضمن قاموس المجتمع الذي سبب أضراراً للصغار، منها تسبب بموت الأطفال ص.١١ – مات الرضيع خضر من العطش بعد ظهور دمل في حنجرته، أمه أخذت بنصيحة الناس بعدم سقيه الماء فهذا كان الحل الأنسب. الجهل لم يؤثر على الجاهل فقط ولكن أثر على جيل كامل كان ينشأ على يد الجهل أيضاً . حاول والد الراوي إيقاف مسيرته التعليمية وقام بحثه على الزواج من فتاة أكبر منه بثمانية أعوم؛ لأن أباه والمجتمع كانوا مقتنعين أن إنساناً بعين واحدة لا مستقبل له بالعلم. لم يمنع ضرب المعلمين، وأب الطفل جميل من إتمام إثني عشر عاماً دراسياً بنجاح، حتى عندما رفض والده دفع رسوم المدرسة ونتيجة لذلك طرده المدير من المدرسة، بالصدفة وجد مدرسة تحتضنه، أن في ص. ١٥٨ تقبل أبو جميل السلحوت المدرسة لأنها مدرسة دينية اوكانت تدفع النقود للطلبة حيث وقال ” فمن الممكن أن يعمل المرء إماما لمسجد إذا كان بعين واحدة أو كفيف”. المجتمع لم يكن العائق الوحيد أمامه لإتمام المدرسة حيث سلط الكاتب على الجانب السياسي من ص١٩١١٩٥ وذكر النكسة التي اندلعت مع ابتداء امتحانات التوجيهي.
الغلاف يعكس نفسية الراوي. النظرة الاولى للغلاف قد تكون غير مريحة تسبب نوعاً من الضياع ففيها عدد من الصور تتداخل في بعضها البعض. يوجد شبه خيمة قد تدل على الخلفية الأسرية التي تدل على البداوه. والألوان الباهتة تدل على الفراغ الروحي الذي مر به الكاتب. ولَم يكن له حضن يحتضنه في الصحراء التي طغى لونها الأصفر على معظم اللوحة والغلاف.
يتميز الكتاب باحتواء أغانٍ شعبيةٍ كان الأطفال يرددونها عند اللعب، وأغاني تحمل التعقيد اللفظي واللغوي، وحتى أن الكاتب ذكر ألعاب الطفولة باسمها ويصف تعليمات اللعبة بدقة. هذا يدل على ارتباطه القوي ببراءته التي حاولوا انتزاعها منه بطرق مختلفة لا يتحملها طفل ومن الأمثلة على الألعاب الطفولية ص٢٠١ لعبة ياعمي وين الطريق تبين انها ليست مجرد أغنية بل هي من ضمن الألعاب الشعبية مثل البنانير، مطاقشة البيض والسّيجة الذي كان الأطفال يبتكرونها
رغم كل التحديات والصعوبات والأشواك التي تعرض لها الكاتب من أقرب الناس إليه، أستطاع أن ينهي تعليمه وحصل على شهادة بالأدب العربي من جامعة بيروت العربية. واليوم يهدي هذا الكتاب إلى والديه اللذين كان ينبغي عليهما أن يكونا سنداً وظهراً له في تلك الصحراء منذ نعومة أظفاره.
وشارك في النقاش كل من: محمد يوسف القراعين، رانيا حاتم، وعبد الشويكي.