أجد لزاما عليّ أن أحيّي المحامي مروان السّرخي مرشّح السّواحرة والقدس وقضاها بشكل خاص، والشّعب بشكل عام لانتخابات المجلس النّيابيّ الأردنيّ التي ستجري في أواخر أيلول القادم، أحيّيه لما عرف عنه من صفات حميدة تؤهّله لأن يكون عضوا في البرلمان وممثّلا للشّعب، وأحيّيه مرّات ومرّات لفكره المستنير، ووعيه اللافت خصوصا دعوته النّساء للتسجيل والتّصويت بل والتّرشّح للمجلس النّيابي، هذا الوعي النّابع من ثقافتنا الدّينيّة والقوميّة، فثقافتنا لم تعرف عصر الحريم، وما “الحريم” إلا إرث من السلاطين العثمانيّين الذين يشهد لهم تاريخهم بمسؤوليّتهم عن تجهيل الأمّة، ومنعها من البناء على العلوم التي أورثنا إيّاها السّابقون من الآباء والأجداد، فتأخرنا ولا نزال عن الرّكب الحضاريّ لشعوب الكرة الأرضيّة.
ومرشّح الشّعب مروان السّرخي الذي يعي تماما دور المرأة العربيّة والمسلمة، لم يأتِ ببدعة بدعوته النّساء للمشاركة في الانتخابات، وإنّما يستعيد ويحيي أمجاد ماضٍ من تاريخنا، وهو يستذكر صحابيّات جليلات أمثال: أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية، وأم منيع أسماء بنت عمرو رضي الله عنهما، اللتين بايعتا الرسول صلوات الله وسلامه عليه في بيعة العقبة الثّانية،
ويستذكر أمّ المؤمنين خديجة أوّل من أسلمت من النّساء، ودعمها اللامحدود للرسول صلى الله عليه وسلم حتى آخر يوم في حياتها.
ويستذكر المرشّح السّرخي أيضا أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها :” قال عطاء بن أبي رباح : كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة. وقال هشام بن عروة عن أبيه: ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة، وقال أبو بردة بن أبي موسى عن أبيه: ما أشكل علينا أمر فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علما. وقال الزهري لو جمع علم عائشة إلى علم جميع العالمين المؤمنين وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل .”
ويستذكر أيضا نساء خالدات عفيفات شريفات وما أكثرهنّ في تاريخنا!، ويستذكر مئات النّساء الفلسطينيّات اللواتي جبلت دماؤهن بتراب فلسطين، ومن قضين ويقضين عشرات السّنين من أعمارهنّ خلف القضبان دفاعا عن شرف شعبهنّ وأمّتهنّ.
أمّا العجب العجاب فهو من أولئك المتستّرين خلف عباءة الدّين وهم يجهلونه، أو يحرّفونه خدمة لمصالح ضيّقة. وهؤلاء التّكفيريّون الذين يدعون المرأة بعدم المشاركة في الانتخابات “شفقة عليها!”، هم من أفتوا بنكاح “الجهاد” في حروبهم التدميريّة لقتل المسلمين وتدمير الأوطان، وإثارة الطائفية البغيضة، وهم من أخرجوا النّصوص الدّينيّة عن سياقها التاريخي، فعادوا إلى سياسة الرّقيق، واستباحوا الأعراض تحت مسميّات بعيدة عن الدّين.
وهؤلاء الذين يمتهنون انسانيّة المرأة، هل يقرأون التّاريخ؟ وههل يتّعظون من تجارب غيرهم؟
فماذا يقولون عن أنجيلا مركل مستشارة “رئيسة وزراء” ألمانيا الحاليّة؟ وماذا سيقولون عند نجاح هيلاري كلنتون في الانتخابات الرّئاسيّة الأمريكية القادمة، والتي ستحكم العالم كونها سترأس الدّولة الأعظم في العالم؟ وهل يتذكّرون المرأة الحديديّة مارجريت تاتشر؟ وهل يتذكرون أنديرا غاندي وبنازير بوتو؟ وهل يتذكرون كيف هزمت كلّ العنتريّات العربيّة أمام جولدة مائير رئيسة وزراء اسرائيل السّابقة؟
وقبل هذا وذاك هل يعرفون الفوارق البيولوجيّة بين الرّجل والمرأة؟ وهل يفرّقون بين الذّكورة والرّجولة؟ وهل يعون أنّهم أبناء وآباء وأزواج وأشقاء لنساء؟ وهل يحترمون انسانيّة المرأة؟
إنّ دعوتهم النّساء لمقاطعة الانتخابات هي دعوة عنصريّة تمييزيّة ستقلب السّحر على السّاحر، وستكون بمثابة تحريض لنساء الأمّة ولرجالها الشّرفاء للمشاركة رجالا ونساء في الانتخابات كما يدعو مرشّح الشّعب المحامي مروان السّرخي.
24-6-2016