عجيبة هي عقليّة العربان ونهجهم في التفكير إن فكّروا، فكلّ منّا يدّعي الكمال، ولا أحد يعترف بأخطائه، سواء كنا أفرادا أو جماعات أو تنظيمات وأحزابا وحتى حكومات، وكلّ منّا يحمّل المسؤوليّة للآخر، وهذا يندرج على كلّ مناحي حياتنا، فالتّنظيمات والأحزاب تعزو اخفاقاتها وخيباتها إلى المؤامرات الخارجيّة التي تحاك ضدّها، أمّا قياداتها فهي منزّهة عن الأخطاء! وحتى الدّول والحكومات لا تعترف بأخطائها حتى لو أضاعت الوطن والشّعب! فعلى سبيل المثال ظهر بيننا من يحمّل هزيمة حرب حزيران 1967 للاتحاد السوفييتي، المسلّح الرئيسي للجيشين المصري والسّوري، علما أنّ نفس الجيشين انتصرا بهذا السّلاح في حرب اكتوبر 1973، وانتصرت فيتنام بهذا السّلاح على أمريكا عام 1976، ولم يتحمّل مسؤوليّة تلك الهزيمة سوى الرّئيس المصريّ جمال عبد النّاصر، ووجدنا من يدّعون الفكر بيننا وقد برّأوا الرئيس عبد النّاصر ممّا اعترف به، وحمّلوا المسؤوليّة للمؤامرات الخارجيّة التي كانت تستهدفه، وتستهدف النّظام السّوري في حينه. أي في المحصّلة لم يتحمّل أحد مسؤوليّة تلك الهزيمة التي لا نزال نعاني ويلاتها وعواقبها.
وأمّا جماعات الاسلام السّياسي فانهم هم الآخرون يبرّؤون أنفسهم من أيّة اخفاقات هم سببها، معتبرين ذلك قضاء وقدرا! وإذا ما ارتكبوا جرائم قتل وتدمير بحقّ أوطانهم وشعوبهم، فانّهم يجدون نصوصا دينيّة يتمترسون خلفها، ويعتبرون القاتل مجاهدا في سبيل الله!، وإذا ما ثبت له خطأ أفعاله فانّه يعطي فرمان الشّهادة للضّحايا! وفرمان البراءة للقتلة؛ لأنّهم قتلوا اعتقادا منهم بأنّهم على حق، وبالتّالي لا إثم عليهم….فهذا قضاء الله وقدره! وهكذا.
وثقافة التبرير هذه واحدة من أسباب هزائمنا المتلاحقة. ولن نخرج من هزائمنا ما دمنا نبرّئ أنفسنا من أخطائنا، وبالتّالي لا نستفيد من تجاربنا ولا من تجارب غيرنا.
28 تمّوز 2015