جميل جدا اقتناع طرفي الانقسام على الساحة الفلسطينية بضرورة المصالحة؛ لتعزيز الموقف الوطني الفلسطيني، والتسريع في التحرر من الاحتلال الذي طال أمده، فانقلاب حماس الذي فصل قطاع غزة عن جزئه الثاني المعروف بالضفة الغربية وجوهرتها القدس الشريف، ألحق أضرارا فادحة بمسيرة الشعب الفلسطيني نحو التحرر والاستقلال، عدا ما لحق بأبناء شعبنا في قطاع غزة من ويلات نتيجة للحصار الذي يعيشونه منذ الانقلاب. واللافت أن مجرد الاعلان عن اتفاق المصالحة قد أثار ردود فعل غاضبة في اسرائيل وأمريكا، فنتنياهو الذي يتهرب من متطلبات السلام بشكل دائم، كان يبرر هروبه بتساؤل حول مع من سنتفاوض مع حكومة رام الله أم مع حكومة غزة؟ وعند الاعلان عن اتفاق المصالحة أصيب بالذعر، وأمر طاقمه التفاوضي بوقف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، لأنه يريد بقاء الانقسام ليكون أحد ذرائعه في عدم الوصول الى اتفاقات سلام دائم وعادل، يحقق للشعب الفلسطيني مصيره بإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، بعد كنس الاحتلال وكافة مخلفاته، وليستكمل مشروعه الاستيطاني السرطاني. واللافت أيضا هو ردود الفعل الأمريكية التي تتساوق مع الموقف الاسرائيلي وإن كان على حساب المصالح الأمريكية نفسها، فتصريح الناطقة بلسان الخارجية الأمريكية الذي قالت فيه: “ان الاتفاق قد لا يقوض مساعي واشنطن فحسب، بل ايضا جهود الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني لتمديد فترة المفاوضات بينهما، يؤكد من جديد الانحياز الأمريكي الأعمى للسياسة الاسرائيلية المعادية للسلام العادل. ويؤكد من جديد أيضا أن أمريكا لا يمكن أن تكون راعيا ووسيطا محايدا لعملية التفاوض. ومع كل الأضرار التي لحقت بالشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة جراء الصراع على سلطة تحت الاحتلال، إلا أن المصالحة تبقى البلسم الشافي من هذه الحالة المرضية. وهذا يتطلب عدم الرضوخ للضغوطات المعادية والتي تريد تكريس الانقسام، كما يتطلب التنفيذ الفوري لوحدة شطري الوطن. كما يتطلب من السلطة الوطنية الفلسطينية الموحدة أن تسعى الى الاعلان الرسمي للدولة الفلسطينية، ووضع حدود لهذه الدولة كي تكبح جماح التوسع الاستيطاني الاسرائيلي في أراضي الدولة الفلسطينية، وهذا سيقلب السحر على الساحر، وسيضع اسرائيل في عزلة دولية، وسيدفع أطرافا دولية مؤثرة وفاعلة الى التدخل من أجل تحقيق سلام عادل ودائم، يحفظ حقوق شعوب ودول المنطقة، حسب قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.مع الأخذ بعين الاعتبار الى ما ستتعرض له السلطة الفلسطينية من ضغوطات سياسية واقتصادية، وهذا يدعو الدول العربية الى أن لا تتخلى عن التزاماتها القومية تجاه فلسطين وشعبها، وأن توفر الدعم المالي والسياسي للسلطة الوطنية الفلسطينية حتى تستطيع الصمود أمام قوى الطغيان التي تتربص بها. كما عليها وقف التطبيع المجاني مع دولة الاحتلال، خصوصا وأن سياسة الرضوخ للضغوط الأمريكية، بناء على وعود كاذبة قد ثبت بالوجه القاطع أنها لم تأت إلا بالويلات على المنطقة برمتها. 24-4-2014