مات الأديب الفلسطيني اميل حبيبي في ايار 1996 وهو يردّد عبارة منذ بداية سبعينات القرن الماضي أن الفكر الصهيوني معاد للسلام العادل، وما يردّده قادة اسرائيل عن رغبتهم في السلام ما هو الا من باب العلاقات العامة، لكسب الرأي العام العالمي، مستغلين رفض العرب بمن فيهم الفلسطينيون الاعتراف بقرارات مجلس الأمن الدولي بخصوص الصراع الشرق اوسطي، ورفضهم التفاوض مع اسرائيل وحقها في الوجود، ولو رضخ العرب لمتطلبات السلام، لرفضها الاسرائيليون لأن الفكر الصهيوني يقوم على التوسع. وكان حبيبي ورفاقه ممن ساهموا في اقناع قيادة منظمة التحرير للاعتراف بقراري مجلس الأمن الدولي 242 و338. وأثبتت الأيام والسنون صدق ما قاله الراحل اميل حبيبي. فكلما اقترب الفلسطينيون خطوة من السلام ابتعد الاسرائيليون عنه كيلومترات، من خلال مصادرة الأراضي الفلسطينية، والاستيطان في الضفة الغربية وجوهرتها القدس. ويساعدهم في ذلك الدعم الأمريكي اللا محدود لهم، والضعف العربي الرسمي الذي ارتضى الخنوع طريقا وحيدا لحلّ الأزمة.
وبالتأكيد فان الرئيس محمود عباس أكثر الفلسطينيين والعرب وضوحا في سعيه الى السلام العادل والدائم، وارتأى أن”لا بديل للمفاوضات الا المفاوضات” وهو يرفض العنف بأشكاله كافة، ولا يرى فيه طريقا يوصل الى السلام. والرئيس عباس يتكلم باسم شعبه الذي أوصله الى الرئاسة بانتخابات ديموقراطية، كما يمثل منظمة التحرير مرجعية السلطة التي يرأس لجنتها التنفيذية، كما هو رئيس حركة فتح كبرى الفصائل الوطنية الفلسطينية. واصرار الرئيس عباس على السلام العادل يقلق قادة اسرائيل، لأنهم غير جاهزين للسلام العادل، ويريدون تحقيق مشروعهم الاستيطاني التوسعي. وفي محاولاتهم الدؤوبة للهروب من متطلبات السلام، فانهم يديرون عجلة طاحونة اعلامهم لتشويه موقف الرئيس عباس من السلام، ويقومون بحملة تحريضية غير مسبوقة ضده، مما يوحي أنهم يخططون للخلاص منه بعد التمهيد لذلك بحملات اعلامية كاذبة ومضللة. منها اتهامه بالعداء لليهود، ليتوج بقضية العداء “للسامية” وما تثيره هذه التهمة من ردود فعل في أوروبا وأمريكا خصوصا بعد الجرائم التي ارتكبتها النازية في الحرب الكونية الثانية، ويتناسى “المدافعون عن” السامية” أن العرب ساميون أيضا، وأن من يعادي السامية يعاديهم أيضا.
ولا يتورع قادة اسرائيل من اتهام السلطة الفلسطينية بوضع مناهج دراسية تغذي الكراهية ومعادية لليهود، علما أنهم يسمحون بتدريسها في مدارس القدس العربية المحتلة التي تخضع خضوعا تاما للسيادة الاسرائيلية، لعلمهم أن ما يفترونه عليها غير صحيح، بل العكس هو الصحيح، حيث أن التحريض على كراهية العرب موجودة في المناهج الاسرائيلية.
وليت السلطة تطلب تشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة لتقوم بالاطلاع على المنهاجين الدراسيين الفلسطيني والاسرائيلي لتقرّر من هو المنهاج التحريضي، والداعي الى الكراهية؟
31-1-2014