وجه الينا الأستاذ سهيل كيوان المحرر في صحيفة “كل العرب” النصراوية السؤال التالي:
ضمن “منصة صحيفة كل العرب” التي نطرح من خلالها مواضيع سياسية واجتماعية نود مشاركتكم هذا الأسبوع في موضوع العنف داخل الأسرة وخصوصا بين الزوجين!
فبعض النساء يتوجهن الى الشرطة نتيجة عنف الزوج قد تكون مرة واحدة ووحيدة ! الشرطة بدورها تتدخل فورا وتقوم بإبعاد الرجل عن بيته وأسرته وقد تسجنه وفي أحيان قد ترفض حتى تنازل المرأة عن حقها، والسبب قد يكون عنفا لسبب عادي أو غضب عابر وفي أحيان قد يكون لأنه مارس الجنس معها دون رغبتها وموافقتها وهو أمر يعتبره بعض الأزواج حقا لهم، باعتقادك هل تدخل الشرطة هو خطأ ووهو سبب تزايد المشاكل بين الأزواج، أم أنه حماية للزوجة! وهل تبقى علاقة زوجية من الحب والاحترام بعد وصول شكوى إلى الشرطة وهل يمكن لجرح كهذا ان يلتئم من جديد!أليس الطلاق افضل في حال وصول شكوى من قبل الزوجة للشرطة،أم أن الطلاق قد يدمر الأسرة والبقاء رغم العلاقة السيئة أفضل من الطلاق!
وكانت إجابتنا كالتالي:
يطلق علماء الاجتماع على الخلافات الزوجية بأنها ملح هذه الحياة، والمقصود طبعا هو الخلافات البسيطة التي قد تحدث في كل بيت، وبين كل زوجين، ويفترض أن تحل هذه الخلافات بين الزوجين بالحوار البناء على اعتبار أنهم شركاء في كل شيء، كي لا تتطور الأمور الى الأسوأ، وعلى الأبوين أن يراعيا نفسية أطفالهما، وأن لا يشغلاهما بمشاكل وخلافات قد تكون بسيطة جدا، والضرب بين الزوجين مرفوض تماما، وقد ينتج عن نزق وضعف في الشخصية وعدم قدرة على الحوار، فصراعات بين دول تحلّ من خلال المفاوضات، ومن باب أولى أن يكون الحوار هو سيّد الموقف بين الزوجين، وهما تزوجا طلبا للسكينة ولبناء أسرة، وليس للخصام وللمشاجرة، وإذا عرف كل من الزوجين واجباته تجاه شريكه وأدّاها كاملة فمن المستحيل أن يقع الخلاف، وقد يكون هذا الكلام نظريا أكثر منه واقعيا وعمليا…وأيّ تدخل من أسرتي الزوجين أحدهما أو كلاهما في الحياة الشخصية للزوجين-خصوصا الحماوات- قد يولد مشاكل هما في غنى عنها. فما بالكم بتدخل الشرطة، مع التأكيد أن لكل مجتمع عاداته وتقاليده، فما ينطبق على اليهود في اسرائيل لا ينطبق على العرب فيها، فهناك بون ثقافي شاسع بين المجتمعين، وقد يكون تدخل الشرطة نافعا في خلاف بين زوجين يهوديين ينحدران من أصول غربية، ولا يصلح بين يهود شرقيين، أعرف يهوديا وزوجته ينحدران من أصول كردية عراقية، ومتشبعان بالثقافة العربية التي تربيّا عليها، وذات يوم اختلف الزوجان، فاتصلت الزوجة بأخيها الشرطي كي يتدخل لحلّ الخلاف بينهما كونه أخا لها، فحضر بلباس الشرطة برفقة شرطي زميل له، فطلقها زوجها فورا لأنها أحضرت الشرطة لبيته، ولم يستطع أحد التوفيق بينهما، واستنجدت بي وبفلسطيني آخر للإصلاح بينهما بناء على نصيحة شقيقه له، بأن هذا لن يستطيع إقناعه بالصلح إلا عرب لأنه وهم متمسكون بنفس الثقافة، وعندما تحدثنا معه في الموضوع قال”خسارة أنكم عرب، فكيف سأرد إمرأة تحت عصمتي بعد أن جلبت الشرطة لي” وبقي مصرّا على رأيه بطلاقها علما أنه أب لأربعة شباب كان صغيرهم في حينه ابن عشرين عاما. وغالبية مجتمعنا العربي يرفضون اللجوء الى الشرطة الإسرائيلية في خلافات مع غرباء أكبر من الخلافات الزوجية، ولا يفهم من هذا أن تدخل الشرطة غير مفيد في جميع الحلات الخلافية، فهناك أزواج منحرفون ومدمنو مخدرات أو لصوص…الخ، وهؤلاء لا تحكمهم عادات ولا تقاليد، ولا يستطيع ردعهم إلّا الشرطة والمحاكم.
ولا يجوز للزوج معاشرة زوجته بدون رضاها، وهذا ما نصت عليه الديانات السماوية، وعليه أن يلاطفها حتى توافق، ولا يجوز له اغتصابها تحت ذريعة الزواج” فالاغتصاب المشروع” الذي يحميه عقد الزواج مرفوض دينيا أيضا…لكن مجرد شكوى الزوجة للشرطة حتى في الدول العربية ضدّ زوجها، فإن هذا يدخلها في مشاكل أكبر بإمكانها أن تستغني عنها. وإجراءات الشرطة بإبعاد الزوج عن بيته لمسافة محددة ومدة معينة تخلق مشاكل جديدة قد تؤدي الى الطلاق…وبإمكان العقلاء من أهله وأهلها أن يتدخلوا لحلّ الخلاف، وهذا مفيد ومجرب مرات كثيرة، في حين أن تدخل الشرطة مضر ومجرب عشرات المرات أيضا.
وإذا استعصى حلّ الخلافات بين الزوجين فإن الطلاق قد يكون حلا مع أن “أبغض الحلال عند الله الطلاق” لما يترتب عبى ذلك من تدمير للأسرة وضياع للأبناء.
22-5-2012