لا ينفك الاسرائيليون حكومة وجيشاً ووسائل الاعلام عن الحديث عمّا يسمونه ” طهارة السلاح الاسرائيلي ” مع أن هذه العبارة تحمل عكس مدلولها منذ ما قبل قيام الدولة العبرية في مذبحة دير ياسين والدوايمة وغيرهما ، مروراً بمذابح كفر قاسم ، ومدرسة بحر البقر في مصر ، ومذبحتي قانا في الجنوب اللبناني ومذبحة الحرم الابراهيمي في الخليل عام 1992 ومذابح المسجد الأقصى .. وغيرها .
اضافة الى الأعمال المشينة التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة .
ومع أنه زاد عدد الأطفال الفلسطينيين الذين ارتقوا الى السماوات العليا برصاص الجيش الاسرائيلي عن الألف طفل منذ أيلول عام 2000 وحتى الآن ، الا أن حصد أرواح ثمانية أطفال في عمر الزهور التي لم تتفتح بعد في قطاع غزة وفي أقل من 24 ساعة يوم الخميس 28\2\2008 من خلال استهدافهم بصواريخ جو أرض تقذفها الطائرات العسكرية الاسرائيلية يضع علامة سؤال كبيرة حول مفهوم ” طهارة السلاح ” ويشكل ارهاب دولة بكل المقاييس ، فلا العقل ولا المنطق يستطيع استيعاب الحقد الأعمى الذي ينصب حمماً جهنمية على رؤوس الأطفال الرضع ، فهذه جرائم ضد الانسانية لا يمكن السكوت عليها ، فالطفل محمد البرعي ابن السبعة شهور ، والذي رُزق به والداه بعد خمس سنوات من الزواج تصيبه شظايا الصواريخ في الجانب الأيمن من وجهه، وفي نفس المكان الذي كان يقبله فيه والداه الثاكلين، يلقى هذا المصير الذي أبكى منظره صريعا على شاشات التلفزة بواكيا ؟
وماذا جنى الأطفال الآخرون حتى يلقوا نفس المصير ؟؟ فهل طهارة السلاح تعني استهداف الأطفال الأبرياء ؟
لكن المذهل هو الإدانات الخجولة من الرسميين العرب والمسلمين والأوروبيين والأمريكيين ، ومن الأمم المتحدة بمجلس أمنها وهيئتها العامة اهذه المجازر ، فأين منظمات حقوق الانسان ؟ وأين منظمة ” اليونسيف ” ؟ وغيرها من المنظمات الدولية ؟؟ وأين ميثاق حقوق الأطفال وحمايتهم الذي أقرته الجمعية العمومية للأمم المتحدة ؟؟
لقد أشبعنا من يزعمون حرصهم علة الديمقراطية عويلاً وصراخاً على الحريات الضائعة في الشرق الأوسط ، ومارسوا ضغوطاتهم على السلطة الفلسطينية لاجراء الانتخابات ، وعندما جرت الانتخابات الفلسطينية وفازت فيها حركة حماس ، انقلبوا على الديمقراطية التي نادوا بها ، وأعلنوا حرباً مفتوحة ليس على حماس فحسب ، بل على الشعب الفلسطيني برمته ، واستجابت حماس لهذه الحرب ، وأعلنت انقلابها العسكري على شرعيتها في قطاع غزة في حزيران الماضي ، وهو انقلاب لا مبرر له على الاطلاق – مهما بلغ الفساد في مؤسسات السلطة – وهي بانقلابها هذا استجابت بقصدٍ أو بدون قصد للأهداف المعادية بضرب المشروع الوطني الفلسطيني للتحرر والاستقلال ، وتكريس فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية .مع التأكيد ان اسرائيل لا تستهدف قطاع غزة فقط، بل تستهدف الضفة الغربية ايضا بالاجتياحات وعمليات القتل ومصادرة الاراضي ومواصلة الاستيطان خصوصا في القدس الشريف، واذا كان انقلاب حماس غير مبرر فإن حصار قطاع غزة ، وحصار مليون ونصف مواطن فلسطيني فيه غير مبرر أيضاً ، ومشاركة الدول العربية في هذا الحصار لا يمكن تبريره أيضاً ، فلا يمكن ترك شعبنا في غزة نهباً للعوز والحاجة والتجويع ، ومواصلة العدوان العسكري عليه ، والذي يحصد الأرواح البريئة بشكل متواصل وشبه يومي .
واذا كانت حماس مطالبة بالتراجع عن انقلابها، فإن المحتلين والعالم أجمع وفي مقدمته الدول العربية مطالبون برفع الحصار عن قطاع غزة ، وبوقف العمليات العسكرية خصوصاً تلك التي تستهدف المدنيين ومنهم الأطفال والنساء والشيوخ والبيوت الآمنه والمنشآت المدنية .
وما استهداف المدنيين بغض النظر عن جنسهم أو دينهم أو لونهم إلا جريمة أخلاقية وانسانية تشكل خطوطاً حمراء في “أخلاقيات” الحروب يجب محاسبة منفذيها ومحاسبة المسؤولين الذين يقفون وراءهم .