القدس: 19-12-2019 من ديمة جمعة السمان: ضمن تواصلها الثّقافي مع الأهل في الدّاخل الفلسطيني، استضافت ندوة اليوم السابع الثقافية الأسبوعيّة الدّورية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس الدكتور نبيل طنوس من بلدة المغار الجليليّة، والمحامي حسن عبادي من حيفا، والمحامي أسامة الحلبي، حيث ناقشت كتاب “اقتفاء أثر الفراشة-دراسات في شعر محمود درويش” للدكتور نبيل طنوس، الصادر عام 2019 عن مؤسّسة محمود درويش.
افتتحت الأمسية ديمة جمعة السمان وتكلمت عن الكتاب وعن شعر محمودود درويش.
وكتب ابراهيم جوهر:
تقدّم الدراسات المجموعة بين دفّتي الإصدار إضاءات واجتهادات ستفيد القارئ والدارس الباحث، وهي تنير بعض الزوايا، وتقدّم بعض المفاهيم وكيفية دراسة شعر الشاعر، لكنها تبقي الباب مفتوحا لمفاهيم أخرى مغايرة لرموز الشاعر منها على سبيل المثال:
في قصيدته ذائعة الصيت “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، أورد الباحث تحليله لرمز “سيّدة تترك الأربعين بكامل مشمشها” على أنّ تلك السّيدة هي فلسطين، فالشاعر كتب القصيدة عام 1986م. وهي السنة التي يكون فيها قد مضى على النكبة 38 عاما….(صفحة 36 من الكتاب).
ولا أرى علاقة بين الرمز المذكور والقضية الفلسطينية. فالشاعر يعدّد على سبيل التّدليل بعضا ممّا على هذه الأرض ممّا يستحق الحياة، فاتحا نوافذ أمل باحثا عن مزيد من الحياة: “…نهاية أيلول. سيدة تترك الأربعين بكامل مشمشها. ساعة الشمس في السجن. غيم يقلد سربا من الكائنات…إلخ”
أرى أنّ “السّيدة” هنا في هذا السّرب التكويني من الحياة سيّدة تغادر الأربعين بكامل أناقتها وحسنها، وهي سيدة إنسانة حقيقية لا رمز فيها، بل فيها هذا السّر الباقي في محافظته على نسغ الجمال والحياة.
وفي الصفحة 181 يفهم الباحثُ قولَ الشاعر:
“أرى ما أريد من الليل…إنّي أرى
نهايات هذا الممرّ الطويل على باب إحدى المدن
سأرمي مفكرتي في مقاهي الرّصيف، سأُجلس هذا الغياب
على مقعد فوق إحدى السفن”
بقوله:”…سيرمي مفكرته التي تحتوي على ذكريات ماضيه في أحد المقاهي على الرصيف، وهكذا سينتهي الغياب، ويجلس على مقعد فوق إحدى السفن، ويخرج في نزهة”، وهذا التحليل للرمز – كما أرى – جانب الصواب المقصود….فرؤيا الشاعر الحالمة كانت تفيد بأنه سيُجلس الغيابَ فوق إحدى السفن؛لتبتعد به بعيدا فلا يعود لأنّه عاد إلى أرض وطنه.
وقالت مريم حمد:
استمتعت كثيرا بقراءة الكتاب، فكم هو جميل بأن نقرأ شعر محمود درويش بصورة تحليلية توضح للقارئ العمق والأبعاد والدلالات، وأنا أرى كقارئة بأن الكتاب أضاف الكثير للقارئ العادي الذي لا يملك القدرة على البحث والتحليل بالطريقة التي أوصلها لنا الباحث د. نبيل طنوس.
احتوى الكتاب على مجموعة من المقالات والدراسات حول قصائد للشاعر الكبير محمود درويش، وقد حاول الباحث من خلال كتابه هذا تحليل وتوضيح الحالات والرموز التي استخدمها الشاعر محمود درويش، وقد استخدم الكاتب عدة طرق بحثية للوقوف على بعض القصائد للشاعر.
تنوع الباحث في تحليله لشعر محمود درويش، فقد رجع الى المثولوجيا والمفاهيم الثقافية والفكرية والدينية، وهذا الجانب أعطى الكتاب قوة كبيرة بحيث أن الباحث أضاف معاني كثيرة للقارئ والمتلقي، خاصة الذي ليس لديه القدرة على التحليل والربط بالطريقة التي قام بها الباحث.
كما أنه استخدم التحليل السيميائي للنص، والذي يرتكز على الرمزية والدلالات؛ ليكشف عن الدلالات الشعرية المتوارية، فالباحث هنا بحث عن الإشارات في الحياة الاجتماعية وأنظمتها اللغوية وكذلك ربط ما بين شعر محمود درويش والحياة الاجتماعية والسياسية التي عايشها الشاعر، وهنا كان الكاتب والباحث موفقا بالكشف عن القيم الدلالية والعلامات واظهار المعنى غير المرئي للقارئ، وهذا الأمر يتطلب معارف كثيرة؛ لإدراك كل الإيحاءات التي أثارها الشاعر من خلال قصائده.
وقد سلط الباحث الضوء على قصيدة يأس الليلك، والتي لم ينشرها الشاعر محمود درويش في دواوينه، وقد جمع الباحث في تفسيره للقصيدة عدة جوانب من الماضي والحاضر والمستقبل، وقد أثار الباحث في دراسته لهذه القصيدة الكثير من التساؤلات، كما أن القصيدة بعنوانها جمعت ما بين تناقضين، وهو اليأس والليلك بمعنى تعبير سلبي وإيجابي معا، وهو تعبير للحياة المتضادة التي عايشها الشاعر والشعب الفلسطيني أيضا.
وقالت هدى عثمان أبو غوش:
“في اقتفاء أثر الفراشة”دراسات في شعر محمود درويش للكاتب والباحث دكتور نبيل طنوس، يحاول الكاتب أن يفكّ شفرة الرموز الشّعريّة المبهمة في شعر درويش،وقد إعتمد في تحليله إلى النّاحيّة العلميّة والفيزيائيّة، الدّينيّة، الفلسفيّة الأدبيّة، واللّغويّة وبالإستناد إلى المصادر والمراجع، ومن خلال تحليله نشعر كأنّ الكاتب يرسم لنا مفهوم الصورة الشّعريّة بدّقة، من خلال الإسهاب في التّحليل، كي ترسخ في ذهن القارئ، فمن خلال تحليله العميق تتجلى ثقافة الكاتب الواسعة المتعددّة، وتثري القارئ وتحثه على التّفكير؛ ليفك الرّموز حسب ثقافته، ونستنتج من هذه الدّراسة، أنّ الشّعر الرمزي الذّي تميّز به درويش اقتصر على طبقة معينة وليس للعامّة، فالشعر الرّمزي يُفسر حسب ثقافة المتلقي. فالوطن والحب تجلى بالرّمزيّة،والطبيعة صديقة الشّاعر حاضرة في شعره بكثرة، فمن خلالها يبوح بالحب وتارة بعلاقته بالوطن، يثيرني التساؤل، هل علينا فكّ الرّموز في قراءتنا للشّعر؛ لنفهمه أم نستطيع الإستمتاع بالشعر حتى لو لم نفهمه من خلال إحساسنا بالصورة الحسّيّة الجماليّة العامّة وإيقاع الأوزان؟ في قصيدته”تزاوج الحمام”لم يفكّ الكاتب بعض الرّموز، التّي تتمثل بالمفردات.
شارك عدد من الحضور في نقاش الكتاب.
وفي نهاية الأمسية تكلم دكتور طنوس عن كتابه بإيجاز.