القدس:23-4-2015 ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية الأسبوعية في المسرح الوطني بالقدس كتابين للأطفال للأديب الفلسطيني خالد الجبور وهما:
قصة الأطفال”العصفورة الخرساء” الصادرة عام 2014، عن منشورات الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل في رام الله، وتقع القصة التي زينتها رسومات لسناء بزور في 22 صفحة من الحجم الصغير.
والثاني:” رسمت في كرّاستي- شعر للأطفال” صدر عن الزيزفونة أيضا عام 2015، ويقع في 10 صفحة من الحجم الصغير، وصاحبت النصوص رسومات ندى مصلح، وصمم الكتاب شريف سمحان.
بدأ النقاش مدير الندوة ابراهيم جوهر حيث قدّم مداخلة قيّمة عن أدب الأطفال، وأشاد بكتابي الأديب الجبور
وبعده قال جميل السلحوت:
العصفورة الخرساء والعبر المستفادة
صدرت قصة الأطفال”العصفورة الخرساء” للكاتب خالد الجبور عام 2014، عن منشورات الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل في رام الله، وتقع القصة التي زينتها رسومات لسناء بزور في 22 صفحة من الحجم الصغير.
ملخص القصّة: تتحدث القصّة عن عصفورة فقدت ذكرها”زوجها” عندما ابتلعه صقر حوّام، وابتلعت أفعى صيصانها، فأصبحت خرساء حزنا عليهم، وسمع بقصّتها عصفور نحيل من عصفورة ثرثارة، وعرض عليها الزواج، فوافقت، وقادته إلى عشّها، واقترح عليها بناء عشّ جديد، ولمّا فقّس بيضها، واكتست صيصانها بالرّيش، صعدت الأفعى الشريرة تريد ابتلاع الصّيصان، إلا أن الزّوج”العصفور النّحيف” هاجم الأفعى بشراسة، ولم تتعاون معه بقيّة العصافير من شدّة خوفها، وما لبث أن سقط على الأرض بعد أن أصيب بكسر في جناحه، فقامت العصفورة الأمّ واستشرست في الدّفاع عن صيصانها، واقتلعت عينيّ الأفعى التي سقطت على الأرض، ولمّا رأت العصافير الأخرى شجاعة العصفورة الخرساء ساعدتها في الهجوم على الأفعى، واحتفلت العصافير بالنّصر على الأفعى المعتدية، وانطلق لسان العصفورة الخرساء يغرّد من جديد، وكأنّها تعزف نشيد النّصر.
الأسلوب واللغة: اعتمد الكاتب على السّرد القصصي الانسيابي، الذي لا ينقصه عنصر التّشويق، واستعمل لغة سهلة فصيحة ليسهل على الأطفال فهمها واستيعاب مضماينها.
مضامين تعليميّة وتربويّة:
القصّة ليست للتّسلية فقط، وإنّما هناك أهداف تربويّة وتعليميّة في ثناياها.
فعلى المستوى التعليميّ هناك معلومات عن العصافير، وكيف تبني أعشاشها، وأنّ العصافير عندما تكبر تعيش أزواجا، ويعيش كلّ زوجين في عشّ واحد، وأنّ الأمّ ترقد على بيضها، وقد يساعدها “الزّوج” في ذلك، وعندما يفقس البيض تخرج صيصان صغيرة عبارة عن كتلة لحميّة، ويقوم الأبوان باطعامها وحمايتهما، وتنمو هذه الصيصان وتكتسي أجسادها بالريش، ويشتدّ جناحا كلّ واحد منها، إلى أن تستطيع الطّيران، والتقاط طعامها، لتبدأ دورة حياة جديدة، ومن المعلومات أيضا أنّ للعصافير أعداء مثل الأفاعي والصّقور وغيرها من الطّيور الجارحة.
وعلى المستوى التّربويّ: هناك عدّة قِيَمٍ منها: أنّ من حقّ من يفقد شريكه أن يتزوّج مرّة أخرى، وأن يبدأ حياة جديدة، وهناك حثّ على الشّجاعة، فالشّجاع وإن كان ضعيفا، فإنّه يستطيع أن ينتصر على القويّ اذا ما تحرّر من عقدة الخوف، وأنّ في الكثرة قوّة اذا ما كان هناك قدوة يقتدى به، وأن النّصر يستحقّ الاحتفال به. كما أنّ هناك دعوة إلى التّفاؤل والمثابرة وعدم اليأس، وعلى المرء أن لا يستسلم لكبواته ولأحزانه.
الرّسومات: من المشاكل التي تواجه نشر كتب الأطفال في بلادنا فلسطين، هو عدم وجود رسّامين محترفين لكتب الأطفال، وكتيّبنا هذا ليس استثناء بالطّبع، فرسومات العصافير من الغلاف الأوّل تبدو وكأنّها رسومات لأطفال، ومناقير العصافير تبدو وكأنّها أفواه أطفال مبتسمين، وهل يوجد في الكرة الأرضيّة عصفور رأسه أكبر من حجمه؟
المونتاج: وهناك ملاحظات على المونتاج أيضا، فالصّفحة الأولى يجب أن تكون مخصًّصة لعنوان الكتيّب واسم المؤلف، وعلى الصّفحة الثانية تأتي المحتويات الأخرى مثل اسم النّاشر وعنوانة ورقم هاتفه، وحقوق الطّبع وغيرها، على أن تكون بداية القصّة مع بداية الصّفحة الثّالثة، وهذا ما جرت العادة عليه في النّشر للكبار وللصّغار، كما أنّ هناك خلل في مونتاج الصّفحة السّادسة، فالسّطر الأوّل انتقل من منتصفه الى السّطر الثاني قبل أن تنتهي الجملة.
ورصّ الأسطر الطويلة المعبّأ كلّ واحد منها بحوالي عشرين كلمة، وتراصّ هذه الأسطر لا يناسب الأطفال، ولا يجذبهم إلى الكتاب، وحبّذا لو كانت الكلمات بحجم أكبر، وتمّ تخفيف زحمة الأسطر والكلمات بنشر جزء منها على الصّفحة المقابلة بجانب الرّسمة.
وقال عبدالله دعيس:
قصة “العصفورة الخرساء” ترسم الطبيعة بريشة فنان، وتدخل إلى عالم الطيور فتصفه وصفا دقيقا لا يغفل أبسط الحركات والسكنات للطيور أثناء هجرتها، أو عند تناولها الطعام وبناء أعشاشها ودفاعها عن أنفسها وفراخها. وفي الوقت ذاته، تعطي القصة الطفل جرعة كبيرة من الدروس في الأخلاق وحسن التصرف والتعامل مع الآخرين والصبر والشجاعة. فالكاتب استغل شخصياته من الطيور التي وصفها بدقة متناهية، ليعكس تصرفاتها وحركاتها على عالم الإنسان، ولتجعل الطفل يقف متأملا فيها، متعلما منها دون ملل، فالكتاب لا يخلو من متعة وتشويق وفائدة تربوية للأطفال.
الكتاب يزخر بالمعلومات القيّمة الدقيقة عن عالم الطيور، والتي يقدمها للطفل بأسلوب شيّق جميل، منها:
– هجرة الطيور السنوية من الشمال إلى الجنوب وبالعكس طلبا للدفء والطعام.
– حب الطيور للهو واللعب والاستحمام في الماء.
– عادات الطيور في التقاط الطعام وتنظيف مناقيرها.
– الوصف الدقيق لحركة الطيور وطيرانها وتحريكها لأجنحتها أثناء وقوفها، ودلالة حركاتها المختلفة.
– تعلّق الطيور بشريكها وتعاونهما في بناء الأعشاش والاعتناء بالفراخ.
– ابتلاع الأفعى لفراخ الطيور.
– استماتة الطيور في الدفاع عن فراخها.
– تعرّف الطفل بالكثير من المعلومات التي تتعلق بالحياة، مثل التكاثر والموت والتعرّض للأخطار.
لم يقم الكاتب بسرد هذه المعلومات للطفل، وإنما فصّلها خلال قصته عن طريق الوصف الدقيق للطيور ضمن أحداث القصة بطريقة مشوقة مفعمة بالخيال.
لكن هدف الكاتب الأكبر، لم يكن تعليم الأطفال عن الطيور، وإنما غرس بعض القيم التربوية الإيجابية في نفوسهم، عن طريق عالم الطيور الذي ينطبق أيضا على الإنسان. ومن القيم التي نستخلصها من القصة ما يلي:
– الشعور مع الآخرين وتفقد أحوالهم ومحاولة مساعدتهم.
– ما يبدو من تصرفات الآخرين الغريبة قد يكون له سبب كامن وراءه، علينا اكتشافه من أجل مساعدتهم، وعدم الاستهزاء بهم.
– أن المصائب قد تحدث وتسبب الألم لنا، لكن علينا أن لا نترك لهذه المصائب الفرصة لتكبلنا وتأسرنا في أغلالها، بل علينا أن نتحلى بأمل لحياة جديدة قد تعوّض ما فات.
– يركز الكاتب على قيمة البطولة في شخصية العصفور النحيل الذي أنقذ العصفورة الخرساء من وضعها المزري، وبنى معها حياة جديدة ثم استماتا بالدفاع عن عشهما ضد الأفعى التي هاجمته.
– قيمة التعاون، حيث تتعاون العصافير لحماية عش العصفورة الخرساء عندما ترى بطولة العصفور النحيل والعصفورة الخرساء ودفاعهما عن عشهما.
– الإصرار والصبر والشجاعة والتعاون تتفوق على القوة المفرطة، فالعصافير الضعيفة التي لا تستسلم ولا تترك عشها نهبا للأفعى تستطيع في النهاية أن تهزمها.
– أهمية الإيجابية في النظر للأمور والابتعاد عن السلبيّة. فالعصفور النحيل الذي فقد شريكته كان إيجابيا مبادرا، بينما كانت العصفورة الخرساء سلبية استسلمت للحزن والأسى عندما فقدت شريكها وفراخها، لكن إيجابية العصفور النحيل تتغلب في النهاية وتعيد البهجة إلى حياة العصفورة الخرساء.
– التأمل في عظمة الله في الكون وإدراك عظم صنعه وحكمته.
القصة لا تخلو من التشويق والإثارة بالإضافة إلى المتعة والفائدة. فالكاتب ينقل الطفل إلى عالم الطبيعة الجميل، ويجعله يعيش بين الطيور الصغيرة التي ربما يراها لكنه لا يدرك أسرار حياتها، ويشوّقه لمعرفة المزيد عنها، وتصل قمة التشويق والإثارة عندما يُجري الكاتب معركة غير متكافئة بين العصفور النحيل والأفعى الشرّيرة، تنتهى بانتصار العصافير.
رسومات الكتاب معبّرة ومناسبة للأطفال وتتابع أحداث القصة بتسلسل.
ارتباط الكاتب بالطبيعة ووصفه الجميل لها، لهو شيء إيجابي يفتقده كثير من الأطفال الذين ألهتهم أدوات التكنولوجيا الحديثة، وأبعدتهم عن تأمل جمال الطبيعة والأرض التي تحيط بهم، وهذا عمل جليل ومحاولة لإعادة ربط الأطفال بالطبيعة والأرض.
وقالت نزهة أبو غوش:
كتب المؤلف خالد الجبور قصّة العصفورة الخرساء للأطفال، تلائم أطفال ما بعد سنّ العشر سنوات، من ناحية الّلغة، والمبنى، والمغزى.
عنوان القصّة ” العصفورة الخرساء” عنوان قصير موجز جذّاب معبّر يخاطب عقل الطّفل، ووجدانه. حيث أنّ العصافير معروفة بصوتها وزقزقتها الجميلة في الطّبيعة، والعنوان يستفزّ ويحفّز الطّفل للسؤال: لماذا صارت العصفورة الجميلة خرساء، لا تزقزق أبدًا، وهل يمكن أن تكون العصافير خرساء، مثل الانسان؟
بداية القصّة:
تبدو بداية القصّة طويلة نسبيًّا ، حيث أنّه يتطلّب في قصّة الأطفال أن تكون بداية قصيرة مكثّفة، ليلج الكاتب بعدها لإضافة عنصر التّشويق ويتصاعد بها إِلى لحظة التّأزّم، الّتي يتماثل بها الطّفل مع الشّخصيّة.
في قصّة العصفورة الخرساء، نجد أنّ الكاتب ظلّ يماطل بالبداية حتّى صفحة 8 من
الكتاب. حيث خلق حوارًا ما بين عصفورة ثرثارة وعصفور نحيل، يودّ معرفة سرّ العصفورة الخرساء. في رأيي كان من الأفضلّ لو تخلّى الكاتب عن هذه البداية، واختصرها بصفحة، أو نصفها.
عنصر التّشويق في القصّة
نجح الكاتب الجبور في اضافة عنصر التّشويق في قصّته، حيث أنّ الاسلوب كان جذّابًا يشدّ القارئ اليه بسهولة. ويستعطف وجدان الطّفل، وعقله، حيث أنّ العصفورة فقدت فراخها من خلال الأفعى الّتي ابتلعتها وملأت بطنها بها، في حين لم يقدر احدٌ من العصافير أن يدافع عنها. هنا يتبيّن للقارئ الطّفل بأنّه بدأ باكتشاف سرّ اصابة العصفورة بالخرس ، فيتألّم لألمها ويتعاطف مع مشاعرها.
هنا يمكننا القول بانّ القصّة غنيّة بالنّاحية العاطفيّة، الّتي وجب حضورها بقصّة الأطفال حسب مراحلهم العمريّة والفكريّة والعاطفيّة. إِذ يتوجّب علينا كمربين وأهل وكتّاب أن ننمّي هذا الجانب المهمّ في الطّفل؛ لتنمو بهم العاطفة وتكبر.
الحبّ الكبير الّذي حملته العصفورة لعائلتها، حبّ الزوج للزّوجة، حبّ المجموعة للفرد، وحبّ الفرد للمجموعة. كره مجموعة العصافير لعدوّتهم الأفعى المعتدية؛ كلّ هذه عواطف أبرزها الكاتب.
من النّاحية الفكرية، أو العقلية نرى أنّ القصّة حملت معلومات علميّة، نحو البيض الّذي تضعه العصافير، وعمليّة التفقيس، وبناء العشّ، ونتف العصفورة لريشها، فيها عملية الابداع والفن. والاتقان لتضحية الأمّ العصفورة، ومشاركة باقي العصافير لبعضها البعض، والمساعدة في الانقاذ من الافعى . والتفاف الأُسرة حول بعضها البعض؛ كلّ هذه الأُمور تقوّي النّاحية الاجتماعيّة عند الطّفل، والّتي يجب علينا العمل عليها لتنميتها لديه.
الحبكة أو التّأزّم، حبكها الكاتب بعد أن هيّأ لها بعملية تصاعديّة فكانت معقولة تجذب القارئ وتدمجه؛ من أجل ، تهيّئه ليتصوّر الحلّ النّهائي.
النهاية: نهاية مغلقة وهي الأنسب للطّفل، بحيث تجعله يغلق دائرة كانت مفتوحة، وهي نهاية مفرحة تضيف للطّفل معنويّة وسعادة. وتساعده على العمليّة النّفسيّة؛ من أجل اخراج الضّغوطات النّفسيّة، وتعطيه الأمان وتساعده على التّغلّب على المصاعب.
للقصة رموز متعدّدة ، حيث رمزت الأفعى للعدوّ المعتدي على الأرض.
العشّ، هو الوطن والأرض ألّذي نرفض التنازل عنه. العصافير، هي الشّعب المدافع عن أرضه بكلّ ما أُوتي من قوّة.
اللغة: لغة نحوية نادرة الأخطاء تناسب الأطفال الكبار. فيها صور بلاغيّة وتشبيهات واستعارات جميلة، وصف فيها الكاتب الطّبيعة وحركات العصافير الجميلة وغيرها.
أمّا الخيال فقد كان واسعًا وواقعيًّا ما يتناسب وعقل الطّفل وتصوّراته؛ حيث عكس هذا الواقع حياة الكاتب الجبور الّذي يقضي معظم وقته بين الحقول والبيئة الطّبيعيّة.
وشارك في النقاش عدد من الحضور منهم: محمد يوسف قراعين، رفيقة عثمان، سوسن عابدين الحشيم، رشا السرميطي، رفعت زيتون، رائدة أبو صوي، راتب حمد وطارق السيد.
مناقشة كتابين لخالد الجبور في اليوم السابع
القدس:23-4-2015 ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية الأسبوعية في المسرح الوطني بالقدس كتابين للأطفال للأديب الفلسطيني خالد الجبور وهما: قصة الأطفال”العصفورة الخرساء” الصادرة عام 2014، عن منشورات الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل في رام الله، وتقع القصة التي زينتها رسومات لسناء بزور في 22 صفحة من الحجم الصغير. والثاني:” رسمت في كرّاستي- شعر للأطفال” صدر عن الزيزفونة أيضا عام 2015، ويقع في 10 صفحة من الحجم الصغير، وصاحبت النصوص رسومات ندى مصلح، وصمم الكتاب شريف سمحان.بدأ النقاش مدير الندوة ابراهيم جوهر حيث قدّم مداخلة قيّمة عن أدب الأطفال، وأشاد بكتابي الأديب الجبور
وبعده قال جميل السلحوت:العصفورة الخرساء والعبر المستفادةصدرت قصة الأطفال”العصفورة الخرساء” للكاتب خالد الجبور عام 2014، عن منشورات الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل في رام الله، وتقع القصة التي زينتها رسومات لسناء بزور في 22 صفحة من الحجم الصغير.ملخص القصّة: تتحدث القصّة عن عصفورة فقدت ذكرها”زوجها” عندما ابتلعه صقر حوّام، وابتلعت أفعى صيصانها، فأصبحت خرساء حزنا عليهم، وسمع بقصّتها عصفور نحيل من عصفورة ثرثارة، وعرض عليها الزواج، فوافقت، وقادته إلى عشّها، واقترح عليها بناء عشّ جديد، ولمّا فقّس بيضها، واكتست صيصانها بالرّيش، صعدت الأفعى الشريرة تريد ابتلاع الصّيصان، إلا أن الزّوج”العصفور النّحيف” هاجم الأفعى بشراسة، ولم تتعاون معه بقيّة العصافير من شدّة خوفها، وما لبث أن سقط على الأرض بعد أن أصيب بكسر في جناحه، فقامت العصفورة الأمّ واستشرست في الدّفاع عن صيصانها، واقتلعت عينيّ الأفعى التي سقطت على الأرض، ولمّا رأت العصافير الأخرى شجاعة العصفورة الخرساء ساعدتها في الهجوم على الأفعى، واحتفلت العصافير بالنّصر على الأفعى المعتدية، وانطلق لسان العصفورة الخرساء يغرّد من جديد، وكأنّها تعزف نشيد النّصر.الأسلوب واللغة: اعتمد الكاتب على السّرد القصصي الانسيابي، الذي لا ينقصه عنصر التّشويق، واستعمل لغة سهلة فصيحة ليسهل على الأطفال فهمها واستيعاب مضماينها.مضامين تعليميّة وتربويّة:القصّة ليست للتّسلية فقط، وإنّما هناك أهداف تربويّة وتعليميّة في ثناياها.فعلى المستوى التعليميّ هناك معلومات عن العصافير، وكيف تبني أعشاشها، وأنّ العصافير عندما تكبر تعيش أزواجا، ويعيش كلّ زوجين في عشّ واحد، وأنّ الأمّ ترقد على بيضها، وقد يساعدها “الزّوج” في ذلك، وعندما يفقس البيض تخرج صيصان صغيرة عبارة عن كتلة لحميّة، ويقوم الأبوان باطعامها وحمايتهما، وتنمو هذه الصيصان وتكتسي أجسادها بالريش، ويشتدّ جناحا كلّ واحد منها، إلى أن تستطيع الطّيران، والتقاط طعامها، لتبدأ دورة حياة جديدة، ومن المعلومات أيضا أنّ للعصافير أعداء مثل الأفاعي والصّقور وغيرها من الطّيور الجارحة. وعلى المستوى التّربويّ: هناك عدّة قِيَمٍ منها: أنّ من حقّ من يفقد شريكه أن يتزوّج مرّة أخرى، وأن يبدأ حياة جديدة، وهناك حثّ على الشّجاعة، فالشّجاع وإن كان ضعيفا، فإنّه يستطيع أن ينتصر على القويّ اذا ما تحرّر من عقدة الخوف، وأنّ في الكثرة قوّة اذا ما كان هناك قدوة يقتدى به، وأن النّصر يستحقّ الاحتفال به. كما أنّ هناك دعوة إلى التّفاؤل والمثابرة وعدم اليأس، وعلى المرء أن لا يستسلم لكبواته ولأحزانه. الرّسومات: من المشاكل التي تواجه نشر كتب الأطفال في بلادنا فلسطين، هو عدم وجود رسّامين محترفين لكتب الأطفال، وكتيّبنا هذا ليس استثناء بالطّبع، فرسومات العصافير من الغلاف الأوّل تبدو وكأنّها رسومات لأطفال، ومناقير العصافير تبدو وكأنّها أفواه أطفال مبتسمين، وهل يوجد في الكرة الأرضيّة عصفور رأسه أكبر من حجمه؟المونتاج: وهناك ملاحظات على المونتاج أيضا، فالصّفحة الأولى يجب أن تكون مخصًّصة لعنوان الكتيّب واسم المؤلف، وعلى الصّفحة الثانية تأتي المحتويات الأخرى مثل اسم النّاشر وعنوانة ورقم هاتفه، وحقوق الطّبع وغيرها، على أن تكون بداية القصّة مع بداية الصّفحة الثّالثة، وهذا ما جرت العادة عليه في النّشر للكبار وللصّغار، كما أنّ هناك خلل في مونتاج الصّفحة السّادسة، فالسّطر الأوّل انتقل من منتصفه الى السّطر الثاني قبل أن تنتهي الجملة.ورصّ الأسطر الطويلة المعبّأ كلّ واحد منها بحوالي عشرين كلمة، وتراصّ هذه الأسطر لا يناسب الأطفال، ولا يجذبهم إلى الكتاب، وحبّذا لو كانت الكلمات بحجم أكبر، وتمّ تخفيف زحمة الأسطر والكلمات بنشر جزء منها على الصّفحة المقابلة بجانب الرّسمة.
وقال عبدالله دعيس:قصة “العصفورة الخرساء” ترسم الطبيعة بريشة فنان، وتدخل إلى عالم الطيور فتصفه وصفا دقيقا لا يغفل أبسط الحركات والسكنات للطيور أثناء هجرتها، أو عند تناولها الطعام وبناء أعشاشها ودفاعها عن أنفسها وفراخها. وفي الوقت ذاته، تعطي القصة الطفل جرعة كبيرة من الدروس في الأخلاق وحسن التصرف والتعامل مع الآخرين والصبر والشجاعة. فالكاتب استغل شخصياته من الطيور التي وصفها بدقة متناهية، ليعكس تصرفاتها وحركاتها على عالم الإنسان، ولتجعل الطفل يقف متأملا فيها، متعلما منها دون ملل، فالكتاب لا يخلو من متعة وتشويق وفائدة تربوية للأطفال.الكتاب يزخر بالمعلومات القيّمة الدقيقة عن عالم الطيور، والتي يقدمها للطفل بأسلوب شيّق جميل، منها:- هجرة الطيور السنوية من الشمال إلى الجنوب وبالعكس طلبا للدفء والطعام.- حب الطيور للهو واللعب والاستحمام في الماء.- عادات الطيور في التقاط الطعام وتنظيف مناقيرها.- الوصف الدقيق لحركة الطيور وطيرانها وتحريكها لأجنحتها أثناء وقوفها، ودلالة حركاتها المختلفة.- تعلّق الطيور بشريكها وتعاونهما في بناء الأعشاش والاعتناء بالفراخ.- ابتلاع الأفعى لفراخ الطيور.- استماتة الطيور في الدفاع عن فراخها.- تعرّف الطفل بالكثير من المعلومات التي تتعلق بالحياة، مثل التكاثر والموت والتعرّض للأخطار.لم يقم الكاتب بسرد هذه المعلومات للطفل، وإنما فصّلها خلال قصته عن طريق الوصف الدقيق للطيور ضمن أحداث القصة بطريقة مشوقة مفعمة بالخيال.لكن هدف الكاتب الأكبر، لم يكن تعليم الأطفال عن الطيور، وإنما غرس بعض القيم التربوية الإيجابية في نفوسهم، عن طريق عالم الطيور الذي ينطبق أيضا على الإنسان. ومن القيم التي نستخلصها من القصة ما يلي:- الشعور مع الآخرين وتفقد أحوالهم ومحاولة مساعدتهم.- ما يبدو من تصرفات الآخرين الغريبة قد يكون له سبب كامن وراءه، علينا اكتشافه من أجل مساعدتهم، وعدم الاستهزاء بهم.- أن المصائب قد تحدث وتسبب الألم لنا، لكن علينا أن لا نترك لهذه المصائب الفرصة لتكبلنا وتأسرنا في أغلالها، بل علينا أن نتحلى بأمل لحياة جديدة قد تعوّض ما فات.- يركز الكاتب على قيمة البطولة في شخصية العصفور النحيل الذي أنقذ العصفورة الخرساء من وضعها المزري، وبنى معها حياة جديدة ثم استماتا بالدفاع عن عشهما ضد الأفعى التي هاجمته.- قيمة التعاون، حيث تتعاون العصافير لحماية عش العصفورة الخرساء عندما ترى بطولة العصفور النحيل والعصفورة الخرساء ودفاعهما عن عشهما.- الإصرار والصبر والشجاعة والتعاون تتفوق على القوة المفرطة، فالعصافير الضعيفة التي لا تستسلم ولا تترك عشها نهبا للأفعى تستطيع في النهاية أن تهزمها.- أهمية الإيجابية في النظر للأمور والابتعاد عن السلبيّة. فالعصفور النحيل الذي فقد شريكته كان إيجابيا مبادرا، بينما كانت العصفورة الخرساء سلبية استسلمت للحزن والأسى عندما فقدت شريكها وفراخها، لكن إيجابية العصفور النحيل تتغلب في النهاية وتعيد البهجة إلى حياة العصفورة الخرساء.- التأمل في عظمة الله في الكون وإدراك عظم صنعه وحكمته.القصة لا تخلو من التشويق والإثارة بالإضافة إلى المتعة والفائدة. فالكاتب ينقل الطفل إلى عالم الطبيعة الجميل، ويجعله يعيش بين الطيور الصغيرة التي ربما يراها لكنه لا يدرك أسرار حياتها، ويشوّقه لمعرفة المزيد عنها، وتصل قمة التشويق والإثارة عندما يُجري الكاتب معركة غير متكافئة بين العصفور النحيل والأفعى الشرّيرة، تنتهى بانتصار العصافير.رسومات الكتاب معبّرة ومناسبة للأطفال وتتابع أحداث القصة بتسلسل.ارتباط الكاتب بالطبيعة ووصفه الجميل لها، لهو شيء إيجابي يفتقده كثير من الأطفال الذين ألهتهم أدوات التكنولوجيا الحديثة، وأبعدتهم عن تأمل جمال الطبيعة والأرض التي تحيط بهم، وهذا عمل جليل ومحاولة لإعادة ربط الأطفال بالطبيعة والأرض.
وقالت نزهة أبو غوش:كتب المؤلف خالد الجبور قصّة العصفورة الخرساء للأطفال، تلائم أطفال ما بعد سنّ العشر سنوات، من ناحية الّلغة، والمبنى، والمغزى.عنوان القصّة ” العصفورة الخرساء” عنوان قصير موجز جذّاب معبّر يخاطب عقل الطّفل، ووجدانه. حيث أنّ العصافير معروفة بصوتها وزقزقتها الجميلة في الطّبيعة، والعنوان يستفزّ ويحفّز الطّفل للسؤال: لماذا صارت العصفورة الجميلة خرساء، لا تزقزق أبدًا، وهل يمكن أن تكون العصافير خرساء، مثل الانسان؟ بداية القصّة: تبدو بداية القصّة طويلة نسبيًّا ، حيث أنّه يتطلّب في قصّة الأطفال أن تكون بداية قصيرة مكثّفة، ليلج الكاتب بعدها لإضافة عنصر التّشويق ويتصاعد بها إِلى لحظة التّأزّم، الّتي يتماثل بها الطّفل مع الشّخصيّة. في قصّة العصفورة الخرساء، نجد أنّ الكاتب ظلّ يماطل بالبداية حتّى صفحة 8 من الكتاب. حيث خلق حوارًا ما بين عصفورة ثرثارة وعصفور نحيل، يودّ معرفة سرّ العصفورة الخرساء. في رأيي كان من الأفضلّ لو تخلّى الكاتب عن هذه البداية، واختصرها بصفحة، أو نصفها.عنصر التّشويق في القصّةنجح الكاتب الجبور في اضافة عنصر التّشويق في قصّته، حيث أنّ الاسلوب كان جذّابًا يشدّ القارئ اليه بسهولة. ويستعطف وجدان الطّفل، وعقله، حيث أنّ العصفورة فقدت فراخها من خلال الأفعى الّتي ابتلعتها وملأت بطنها بها، في حين لم يقدر احدٌ من العصافير أن يدافع عنها. هنا يتبيّن للقارئ الطّفل بأنّه بدأ باكتشاف سرّ اصابة العصفورة بالخرس ، فيتألّم لألمها ويتعاطف مع مشاعرها.هنا يمكننا القول بانّ القصّة غنيّة بالنّاحية العاطفيّة، الّتي وجب حضورها بقصّة الأطفال حسب مراحلهم العمريّة والفكريّة والعاطفيّة. إِذ يتوجّب علينا كمربين وأهل وكتّاب أن ننمّي هذا الجانب المهمّ في الطّفل؛ لتنمو بهم العاطفة وتكبر. الحبّ الكبير الّذي حملته العصفورة لعائلتها، حبّ الزوج للزّوجة، حبّ المجموعة للفرد، وحبّ الفرد للمجموعة. كره مجموعة العصافير لعدوّتهم الأفعى المعتدية؛ كلّ هذه عواطف أبرزها الكاتب.من النّاحية الفكرية، أو العقلية نرى أنّ القصّة حملت معلومات علميّة، نحو البيض الّذي تضعه العصافير، وعمليّة التفقيس، وبناء العشّ، ونتف العصفورة لريشها، فيها عملية الابداع والفن. والاتقان لتضحية الأمّ العصفورة، ومشاركة باقي العصافير لبعضها البعض، والمساعدة في الانقاذ من الافعى . والتفاف الأُسرة حول بعضها البعض؛ كلّ هذه الأُمور تقوّي النّاحية الاجتماعيّة عند الطّفل، والّتي يجب علينا العمل عليها لتنميتها لديه. الحبكة أو التّأزّم، حبكها الكاتب بعد أن هيّأ لها بعملية تصاعديّة فكانت معقولة تجذب القارئ وتدمجه؛ من أجل ، تهيّئه ليتصوّر الحلّ النّهائي.النهاية: نهاية مغلقة وهي الأنسب للطّفل، بحيث تجعله يغلق دائرة كانت مفتوحة، وهي نهاية مفرحة تضيف للطّفل معنويّة وسعادة. وتساعده على العمليّة النّفسيّة؛ من أجل اخراج الضّغوطات النّفسيّة، وتعطيه الأمان وتساعده على التّغلّب على المصاعب.للقصة رموز متعدّدة ، حيث رمزت الأفعى للعدوّ المعتدي على الأرض.العشّ، هو الوطن والأرض ألّذي نرفض التنازل عنه. العصافير، هي الشّعب المدافع عن أرضه بكلّ ما أُوتي من قوّة.اللغة: لغة نحوية نادرة الأخطاء تناسب الأطفال الكبار. فيها صور بلاغيّة وتشبيهات واستعارات جميلة، وصف فيها الكاتب الطّبيعة وحركات العصافير الجميلة وغيرها. أمّا الخيال فقد كان واسعًا وواقعيًّا ما يتناسب وعقل الطّفل وتصوّراته؛ حيث عكس هذا الواقع حياة الكاتب الجبور الّذي يقضي معظم وقته بين الحقول والبيئة الطّبيعيّة.وشارك في النقاش عدد من الحضور منهم: محمد يوسف قراعين، رفيقة عثمان، سوسن عابدين الحشيم، رشا السرميطي، رفعت زيتون، رائدة أبو صوي، راتب حمد وطارق السيد.