مناقشة أولاد الحي العجيب في اليوم السابع
القدس: 20-12-2012بحضور الأديب الكبير محمود شقير ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافي في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس، قصته للأطفال”أولاد الحيّ العجيب” التي صدرت قبل بضعة أسابيع عن منشورات الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل في رام الله.
تقع القصة التي زينتها رسومات مشوار عساف وصممها شريف سمحان في 20 صفحة من الحجم المتوسط.
بدأ النقاش ابراهيم جوهر الذي أدار اللقاء فقال:
كيف انتصر (أولاد الحي العجيب ) في قصة محمود شقير للأطفال؟
يهتم الكاتب (محمود شقير) بتثبيت المساواة بين الإناث والذكور بشكل واضح في اللغة والدلالة الاجتماعية التربوية، فلا يذكر (الأولاد) إلا ويردف اللفظ بـ “البنات”.
إنه يسعى لتثبيت حقيقة المساواة، والمشاركة.
تعود القصة إلى الأجواء الساحرة في عالم الطفولة لقصص الخوارق والمعجزات التي يعشقها الطفل لما فيها من عوالم سحرية غريبة تنمي خياله وتطور لغته وتعلمه ما تريد من خلال أحداثها ومسلكيات أشخاصها.
العملاق الأخرس الذي يمثل (مملكة الصمت) رمز الصمت الذي يسعى الكبار لفرضه على عالم الصغار المرح المليء بالنشاط والأصوات، يعود في نهاية الأمر ليغير قوانين مملكته فيعزف ويغني. وهو نفسه الذي استعان بكتاب الشاطر حسن العجيب لينتقم من الأطفال لأنهم يمرحون ويضحكون .
الضحك حياة، وكذا اللعب، والكلام…لكن الكاتب يحترس لكي لا تضيع فكرته التربوية وسط زحام اللعب وتعالي الضحكات فيشير إلى شروط المرح واللهو…فلكل شيء قانون يفهم ويحس ويقدّر. فلا يجب التعدي على حق الآخرين بالراحة والهدوء ونحن نمارس حقنا في اللعب.
قصة تنتصر للحياة البريئة المليئة بالحيوية والنشاط بعيدا عن موت الصمت القاتل. لغتها قريبة من عالم الطفل وخيالها عامر بالصور التي تدعو قارئها للعيش معها ، ثم تعود به إلى عالمه الواقعي ليجد متعته في لعبه ، وفي حفاظه على حق الآخرين.
في القصة يتوازى عالمان؛ عالم الحركة والحوار واللعب والأحلام والأمنيات، يقابله عالم الخرس والصمت. وبعد تجربة عملاق الصمت متعة اللعب والغناء يقتنع بفائدة العزف والغناء والكلام فينقل الأمر إلى عالمه الذي لم يعد صامتا.
وقال جميل السلحوت:
يواصل الأديب الكبير محمود شقير التجريب في كتاباته للأطفال، فيأتينا بالجديد المثير واللافت، وفي قصته “أولاد الحيّ العجيب” يعالج أكثر من قضية تربوية موجهة للصغار وللكبار، وقد استغل في ذلك خرافة”الشاطر حسن” تلك الحكاية الشعبية المعروفة في التراث الشعبي العربي، فجعل للشاطر حسن دفترا يأتي بالعجائب والمستحيل، فيلبي طلبات كل من يحوز عليه، وفي ذلك إشارة الى أهمية الكتاب والعلم، ودعوة للأطفال وللكبار الى التعلم والبحث عن المعرفة في الكتب، كما في ذلك تنمية لخيال الطفل، ومن يتخيل يفكر، ومن يفكر يصل الى مبتغاة، وأديبنا الذي يحرص دائما في كتاباته أن يساوي بين الذكر والأنثى، ركز في قصته على ماهر وأخته وردة، والبنات والأولاد فهم يتحركون سوية، ويمارسون شقاوة طفولتهم سوية أيضا، والقارئ للقصة يرى أن الهدف الرئيس فيها هو ضرورة انتباه الكبار الى غريزة اللعب والحركة المستمرة عند الأطفال، وأنه لا يجوز قهر الأطفال وإجبارهم على الصمت، بل يجب تهيئة الظروف لهم لممارسة فطرتهم في اللعب الطفولي البريء، كما أن في القصة دعوة غير مباشرة للأطفال كي يتحاوروا ويفكروا في الطريقة التي توصلهم الى مبتغاهم، لذا فإنهم في القصة احتالوا بذكاء على الرجل العملاق الذي حولهم الى سناجيب بواسطة القوة الخارقة لدفتر”الشاطر حسن” فاستعادوا الدفتر منه، وعادوا بواسطته الى وضعهم الانساني، وحولوا الرجل العملاق الى مهرج يغني لهم ويدخل الفرح الى قلوبهم.
ملاحظة: لا أعلم لماذا لجأ الكاتب الى ابتكار”دفتر الشاطر حسن” في قصته كي يأتي بالأمور الخارقة؟ فالشاطر حسن حكاية شعبية موروثة ومعروفة، وهي خارقة بذاتها، لكنه لا يملك شيئا آخر يأتي بالخوارق، في حين لدينا موروث شعبي آخر يأتي بالخوارق مثل “فانوس علاء الدين” و”المارد الحبوس في قمقم” اللذين يلبيان كل ما يطلب منهما.
الرسومات والاخراج: لم تكن الرسومات المصاحبة للقصة موفقة، فالرسم على الغلاف الخارجي الأول يظهر الطفلة”وردة”كامرأة ناضجة، ووجها ماهر وأخته وردة يظهران على الصفحات الداخلية بأشكال مختلفة، وكأنهما وجوه لأشخاص مختلفين، في حين ظهر “رجل الصمت العملاق” انسانا عاديا، بل بدا قريبا للأطفال في شكله، وعندما تحول الى مهرج أصبح ذا وجه طفولي تماما.
أما بالنسبة للاخراج، ففي تقديري أن الناشر قد أخطأ في وضع الاعلان التجاري في منتصف الكتيب، ومع معرفتنا المسبقة بتكاليف النشر، وأهمية الاعلان التجاري في تمويل طباعة القصة ونشرها في كتيب، إلا أنه كان الأجدر به أن يضعه في النهاية على ورق مخروم من قاعدته، ليسهل التخلص منه عند الاحتفاظ بالكتيب على رفوف المكتبات.
وقالت رفيقة عثمان:
كانت فكرة الكاتب في القصَّة، هي الحث على التعبير عن النفس دائمًّا، بصورة لائقة، وحضاريَّة، ورفض الصمت الدائم، والخنوع، كذلك تشجيع المشاركة الجماعيَّة التي تحقق الاهداف في حق تحقيق حريَّة التعبير عن النفس، ورفض الصمت، وتغيير القوانين، والمواقف.
نهج الكاتب اسلوب الرمز، والخيال؛ لإيصال رسالته، وتعتبر القصَّة نسيجًا من الخيال، الذي يجبُه الأطفال، وخاصَّة في جيل مبكِّر، ابتكر الكاتب شخصيَّة البطل الخياليَّة العملاق، لقصته، والتي ترمز الى شخصيَّة قياديَّة مخيفة، ومتسلِّطة، والذي يظنها البعض، بأنها لا تُهزم ابدًا. شخصيّةَ العملاق التي تتحكم في منع الأفراد من التعبير عن النفس، وكانت الشخصيَّات المتحرِّكة الاخرى للأولاد من بنين، وبنات لها الدور الرئيسي في التغيير من طباع العملاق المخيف، حتى بعد ان حوَّلهم الى سناجب خرساء لا تنطق. العمل، والأمل، ورفض التحكُّم بحريّة الأفراد، كانت رسالة هادفة، ومنطقيَّة لتنشئة افراد يافعين في المجتمع، في ظل اوضاع اجتماعيَّة، وسياسيَّة غير مُرضية.
اللغة كانت سهلة، وسلسة، لأجيال ما قبل المراهقة وما فوق.
الشكل الفتي لقصَّة: تشتمل القصة على عشرين صفحة، الخط فيها واضح وكبير، يسهل على الأطفال قراءته، تبدو الصور واضحة، وجميلة، وخاصة صورة الغلاف اللامعة، ذات ورق من النوع الخفيف، والتي بظهر فيها الأولاد فرحين، ومبتهجين؛ إلا ان دار النشر عمدت في نشر صور لدعايات تجاريِّة لمنتوجات، وعصائر طبيعيَّة في منتصف أحداث القصَّة.
اجد بان دار النشر استغلت هذا الكتاب القيِّم في عرض هذه الدعاية؛ لترويج منتوجات “الجبريني”، لا ارى بأن موضع الدعاية مناسبًا في قصّة الأطفال، حيث تؤثر سلبيًّا على متابعة الأطفال للقصة في تسلسل أحداثها، وترابط الأفكار.
ألا يحق لأطفالنا ان يستمتعوا، وينعموا بقراءة قصَّة منفردة، دون زج، وإقحام الدعايات التجارية في منتصف الصفحات؟ مع احترامي الكبير لدار النشر، والتي تهدف لتنمية ثقافة الطفل، حبَّذا لو تعير اهتمامًا جدِّيًّا في الشكل الفني التربوي، وليس التجاري للقصص القادمة في المستقبل.
لا شك بأن القصَّة، تعتر ذات قيمة تربويَّة عليا، وتحت متناول يد الأولاد، لسهولة اقتنائها.
هنيئًا للأديب المقدسي محمود شقير على اهتمامه، وإسهامه بتنشئة اجيال تنشئة سليمة، وصحيحة، باختياره لمضامين تربويَّة مناسبة، للزمان، والمكان.
وقد شارك في النقاش عدد من الحضور منهم: محمد خليل عليان، سمير الجندي، طارق السيد، ديمة جمعة السمان، محمد موسى سويلم، خليل سموم، سامي الجندي، المحامي ابراهيم عبيدات،نبيل الجولاني، ود.وائل أبو عرفة.