طرحنا في الحلقات الثلاثة الماضية ضرورة التزام الطلبة بالدوام المدرسي والالتزام بالنظام، والحفاظ على ممتلكات المدرسة، والتعاون بين إدارات المدارس والهيئات التدريسية من جانب، وأولياء الأمور من جانب آخر، ورغم النواقص الموجودة في مدارسنا ودورها في إعاقة العملية التعليمية مثل: عدم وجود ملاعب في غالبية مدارسنا، وعدم وجود غرف صفيّة لائقة، وعدم وجود مختبرات ومكتبات ووسائل ايضاح، إلّا أن هذا يجب أن لا يمنعنا من تعليم بناتنا وأبنائنا ضمن الظروف المتاحة لنا، مع العمل على تحسين هذا المتاح حتى نصل الى ما نصبو اليه، وقد طرح أستاذنا عبد المجيد حمدان مشكورا قضية التعليم بالاقناع وليس بالتلقين في تعقيبه على الحلقة السابقة، وهذه قضية مهمة تحتاج الى نسف أساليب التعليم القديمة، لنتساوى مع الشعوب المتقدمة، والتي تسير فيها العملية التعليمية بشكل رائع، وبالتالي فإن ارتفاع مستوى التعليم فيها ملحوظ بشكل لافت، ويصل الطلاب فيها الى الجامعات بمستوى جيد جدا، وحتى أن المناهج الجامعية وطرق التدريس في جامعاتهم تختلف عمّا عندنا كثيرا، وعلينا الاعتراف بأن خريجي جامعاتهم مؤهلون ويمسكون نواصي العلم أكثر من خريجي جامعاتنا، ولذلك أسباب عديدة، ومنها التعليم بالاقناع وطرق البحث العلمي وليس بالتلقين كما هو عندنا، وقد يستغرب بعضنا أن تكليف الطالب بعمل أبحاث في الدول المتقدمة تبدأ من الصف الابتدائي الأول بما يتلاءم وعمر الطالب ومرحلته التعليمية، وعمل الأبحاث يعني تحريض الطالب على استعمال العقل والتفكير، وزيادة المعلومات، لذا فان الوظيفة المنزلية التي تعطى للطالب قد تتفوق على المنهاج الدراسي المقرر، ولها 40% من المعدل السنوي العام. أي أن الطالب الذي لا يقوم بالواجب البيتي الذي يكلفه به المعلم سيرسب في صفه حتما،
واذا ما بحث الطالب عن المعلومة بنفسه، فانها تترسخ في عقله ويصعب عليه نسيانها، وهذا يقودنا الى قضية تعزيز المعلومة بمكافأة الطلبة المتفوقين خصوصا في أبحاثهم، فلا غرابة مثلا أن تجد في شهادات الطلبة النهائية معدلات لبعض المواد أكثر من الحد الأقصى، كأن تجد معدل طالب في الرياضيات مثلا 120%. وفي المرحلة الثانوية تجد طلابا قد أنهوا أكثر من 15 ساعة معتمدة للجامعة قبل التحاقهم بها، وهذا ما شاهدته بنفسي في أمريكا.
والتعليم بالاقناع يصاحبه منهاج دراسي ملائم، ومن المحزن أن ترى أطفالا في مدارسنا يحملون حقائب مدرسية قد تفوق قدرتهم الجسدية في حملها، فالكتب المقررة مضخمة وفائدتها قليلة، بينما في الدول المتقدمة يركزون على المعلومة المفيدة وليس على عدد صفحات الكتاب، وقد يفاخر البعض منا بأنه يعرف على سبيل المثال أسماء عواصم مختلف دول العالم، دون أن يسأل أيّ منا نفسه عن الفائدة المرجوّة من تلك المعرفة، فهل يعلم العارفون منا أن الطالب الأمريكي ينهي الثانوية العامة وكل ما تعلمه من التاريخ لا يزيد عن أربع صفحات تتعلق بتاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، مثل سنة استقلالها وحدودها ومساحتها وعدد ولاياتها…الخ. بينما تجده يعرف في العلوم أضعاف ما يعرفه خريج مدارسنا. وفي الجامعة يعطى كلّ تخصص حقه في التوسع المعرفي.
وسيكون لنا حديث عن المناهج الدراسية أيضا.
16-9-2013