كرمة خولة سالم في اليوم السابعالقدس: 18-2-2016 من رنا القنبر- ناقشت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس، كتاب “كرمة” للكاتبة الفلسطينيّة ابنة دورا خولة سالم. ويقع الكتاب الصادر بداية العام 2016 عن مكتبة العماد للنّشر والتّوزيع في الخليل في 134 صفحة من الحجم المتوسّط، وهو عبارة عن مجموعة نصوص نثريّة.من المعروف أنّ الكاتبة خولة سالم ناشطة ثقافيّة، فهي المؤسّسة الرّئيسة لندوة الخليل الثقافيّة. وهي التي تشرف عليها وترعاها.بدأ النّقاش ابراهيم جوهر فقال:خولة سالم العواودة في ثلاثية كرمةتقدّم هويتها الأنثوية القوية رغم الاغتراب والنكران.في نصوص (كرمة) للكاتبة (خولة سالم العواودة) التي مزجت لغة الشعر بالنثر لتصير بوحا ذاتيا صافيا صادقا، يقرأ قارئ نصوص (كرمة) كاتبتها في ضعفها وفي تحديها وفي ضياعها واغترابها. وقد قسّمت الكاتبة كتابها إلى ثلاثة أقسام: شذرات- نزف الروح، وخواطر- وجع الاغتراب، ونصوص كرمة.الكاتبة هنا تقدّم هويتها الإنسانية بشفافية ووضوح بعيدا عن أي التباس: إنها تعشق الحياة وتتألم من الواقع العام والخاص الذي يحاصر الأنثى وأحيانا يمنّيها بلقاء إنساني طبيعي يحقق ذاتها فينكص ويتراجع ليبقيها رهينة الانتظار والصدق الذي يغلّف نفسها الشفافة.تشكو خولة سالم بقوة بعيدا عن الضعف. الشكوى هنا ليست استدرارا للعطف بل تبرير للتحدي. وهي حين تبوح إنما تعبّر عن تجربة إنسانية واقعية تحياها الفتاة في مجتمعنا. لم يكن بوحها ذاتيا صرفا بل هو يمثّل بنات جنسها.لغة الكاتبة حيّة معبّأة بحرارة الصدق والثقة. ومضامينها إنسانية ذات أبعاد عامة وخاصة. تنطلق من عالمها الواقعي الاجتماعي بكل ما فيه من منغّصات وسلبيات؛ لتنظر إلى اكتمال معادلة حياتها الإنسانية ممثّلة لبنات جنسها ولأبناء وطنها ممن يتوقون لاكتمال نشيد الحياة، لذا كانت في بوحها صادقة واثقة بدون ضعف ولا انكسار.الكاتبة خولة سالم في (كرمة) قدّمت الخليل بكرمتها الإنسانية: قوة وصلابة وشفافية وأصالة. وجمالا وفائدة وتنوّعا.لقد انتظرت الكاتبة حتى اكتملت الفكرة ونضجت الموهبة على نار المطالعة والتأمل والصبر والانتظار فكانت “كرمة” لتنبئ بقطوف دانية قادمة قريبا من بساتين جبل الخليل حيث الأصالة والصدق وعمق الانتماء ومعاني العطاء بإبداع جميل بجمال أرواح أهل الجبل.وقالت نزهة الرملاوي: كيف لا تكون الكروم عنوانا واضحا، يحمل في جعبته أحضان الطبيعة والتأملات الصوفية، والعواطف المتفاوتة بين الحب السكينة ولحظات الهدوء، والكره للزمن الضاغط على النفس، والوحدة الموحشة، وبين الفخر في الأنساب والتنصّل وتعييب بعض العادات الجاثمة في صدر قرانا ومشرقنا؟ كيف لا تكون الكروم باكورة الكتب لكاتبة ولدت وترعرت بين الكروم في أحضان دورا الخليل، حيث الشهد في عنبها والشهامة في أبنائها، فقد تمنت الكاتبة أن تحول بيت عائلتها إلى متحف لشدة إعجابها به، فماضيه الثري يخلب اللب والروح ويسحر العقل، تراب الأرض التي أقيم عليها بيت الأجداد وأشجاره المتنوعة ومحتوياته، عبق من الماضي تستذكره بكل قداسة، وتعتبر الحاضر أرقا وقلقا، فلا تستطيع أن تغادر طيف الماضي، لذلك نرى من خلال النصوص والشذرات التي قدمتها الكاتبة أنها تطرح تساؤلات عدة توجهها للقارئ، قد تكون ملاذا آمنا، أو هروبا بعد طرحها لموضوع ما، بحيث تقحم فيه القارئ ليجيب عليه إن اقتنع بما قرأ، مثل: فهل أنتم مثلي؟ قل لي بربك ما هذا التحرر الذي تدعيه؟ وقد نجد أن قلة من تلك النصوص خلت من الاسئلة، وبالنص المعنون ( أمة لا تستحق الحياة ) ص105، نجد النص عبارة عن أسئلة تدور في ذهن الكاتبة تتجاوز الخمسة عشر سؤالا، تميزت بالتشاؤم والنظرة السلبية القاتمة، للمحاور الإجتماعية، والسياسية، والعلمية، ولا تسعفنا بحلول لتلك الاسئلة، فنجد أن الكاتبة تعمم الموقف وتستعمل صيغة الجمع، وتمقت الماضي وتطلب الصحو منه متسائلة: متى نصحو من سباتنا وندرك أن العالم لا يتوقف؟متى نصحو من غيبوبة التخلف، والجهل والفساد والأنانية؟وتنتهي الكاتبة بسؤال يهزنا وهو: ما هذا الانحطاط الذي يلفحنا صبح مساء؟ وتطالب السماء مناجية أن نموت لأننا أمّة لا تستحق الحياة، وتطلب من التاريخ أن يمحو تاريخنا في السنوات التي أذلتنا، وأماتتنا وسلمتنا ( لأمّنا ) أمريكا تتحكم بمصائرنا، مع أن الكاتبة استعملت الأسلوب الساخر وألصقت صفة الأمومة بأمريكا، إلا أنها أخفقت بذلك لأن الأمومة تعني العطاء والحنان، ولا تتصف بالسيطرة والتحكم بدمى في يد الغرب والعجم “كما وصفت الكاتبة أمّتها التي لا تستحق الحياة”كما أشارت في الصفحة 21 بنصها (تيريزا) إلى الراهبة الوادعة المطمئنة التي غادرت العالم، فراحت الكاتبة تتساءل أين ( تيريزات الاسلام )؟ في الوقت الذي تعترف فيه بسؤال استنكاري ( ألم نكن خير أمّة أخرجت للناس )؟ إلا أنها ما رأت تيريزا مسلمة، مما أوقع الكاتبة في التناقض، حين قالت معترفة بصبر أمهاتنا وجهدهن: ” كم أشتاق لأن أرى أمهاتنا يقمن بدور يليق بصبرهن وجهدهن” وفي الوقت ذاته تسأل: لماذا لم أرى تيريزا مسلمة؟ اختارت الكاتبة الجمل البسيطة في معظم نصوصها، وحملت الكثير من المعاني العميقة، والأفكار المتمردة على المجتمع والآخر، وقد طغت روح الأنا على الصفحات بقوة، مثل: أشعر فيها بذاتي، أمرح مع ذاتي، ألهو، أتأمل.في النص المعنون ( غدر الجبناء وعز اللقاء) ص 76 نجد أن الكاتبة آثرت اللحاق بالقافية، مع العلم أن النص المشار إليه يفتقد عناصر القصيدة العمودية، أو قصيدة التفعيلة “الشعر الحر .”مما يؤخذ على الكاتبة تكرارها للكلمات بشكل لافت، ففي الصفحة 93 مثلا الجملة يبعدني عن ذاتي، وعطاء من الذات للذات، أمرح مع ذاتي، الغرق في ذواتنا، غرق في الذات، نعم تلك لحظات أشعر فيها بذاتي، أتنصل تماما ممّا هو خارج روحي وذاتي، لكنها عطاء للذات، أما كلمة ( الآخر ) فقد تكررت ثماني مرات في نفس الصفحة، واستعمال كلمة دواخل وأدخل ودواخلها ودواخلنا ويدخلني في نفس النص والصفحة، أيضا تكرر سؤال ماذا دهاك؟ في الصفحات 74 و 75 عشر مرات، وكلمة قدري ص 73 تكررت اثنتي عشرة مرة، مما يبعث على الملل أثناء القراءة، ونلحظ تدافعا كلاميا في نصوص الكاتبة ما بين الألم والحزن والموت والذكرى والحنين، إضافة الى توتر ملحوظ يتبين بقوة حين نقرأ بين السطور،ص 63: بركان مشاعر هادر أدمى مهجتي، أرهق روحي المتعبة، أخرج على صقيع وحدتي الموحشة، تتزاحم مسارات من الأفلاك في فضاءاتي، معلنة تمردا على كل ذاتي وكياني. ص92 . تميز الكتاب بالتنوع، فهناك الخاطرة المتميزة بفكرة تستحق الوقوف، وهناك الومضات السريعة السلسة الجميلة، وهناك العودة إلى التراث والماضي والبيت العتيق وخبز الطابون، والذكرى والحنين لمن كانوا ورحلوا. زودت الكاتبة كتابها بنص باللغة العامية ص78 بعنوان “رثاء الفهد” وقد لوحظ التكرار في الكلمات، رغم دفقات الحزن التي مرّ بها النص إلا أنه افتقد التألق الأدبي.افتقد الكتاب مفردات الأمل والشمس والتفاؤل الفجر النهار، وطغت عليه مفردات الأنين والموت والجراح والدموع والفقد سوف تدرك يوما أن الحياة لم تمنحك سوى الألم ص25مثقلة هي الكلمات بأوجاع الزمان كسيرة متعبة لا تبوح بالكثيرتعشق الراحة السكونوالقلم يضج بالعبث فيؤلمها رجته ألف مرةإن أرحم قلبا تعب من كثرة العويل ص26
وكتبت ديمة جمعة السمان:
كلماتها “تمرّد” لم تخل من الحكمة.. وحروفها “أصالة وكبرياء”.اصطحبتنا الكاتبة من خلال مجموعة نصوصها في رحلة بين أصالة الماضي وعبقه.. وتطوّر الحاضر وما يحمل في طيّاته من تساؤلات تفرض فلسفة تشتمّها عبر طرحها العميق..عناوينها تمسّ القلب.. مباشرة صريحة لا لبس فيها ولا تمويه.. قويّة.. صارمة كصاحبتها.. كنت أرى الكاتبة تطلّ بين السّطور تلوح بيدها تفرض رأيها، وتدلي بدلوها بثقة العارف.. صاحب التّجربة.. صاحب الفكر الواعي.. صاحب المبدأ.. فهي من قالت: ” لن أحيد قيد أنملة عن فكر أرتئيه.. أصوّب قلمي باتّجاه الفكر الذي أنشد.. وأمضي باتذجاهه واثقة.. غير أبهة بمن يخالفني فكرا.. بل وحتى منهج حياة.. إن لم يكن قلمي خلق ليصنع حراكا في داخلك.. وان لم يكن انبرى ليرسمك: لا أريد منه أن يحيا قط”.بهذه الكلمات حدّدت الكاتبة الهدف من قلمها.. فهي صاحبة رسالة تؤمن بها.. تريدها أن تصل ويكون لها التّأثير.. بهدف التّغيير.. والا فستحكم على قلمها بالاعدام.. فلا داعي لوجوده أصلا. هكذا هي خولة سالم.. تقسو حتى على نفسها في الحق.. تدافع عن المظلوم والمضطهد بكل الأدوات التي تملكها باندفاع صاحب قضيّة.. وقضيّة المرأة ومنطق الفتاة المنبوذة المهمّشة تقلقها.. الحرّيّة لا تتجزّأ.. والكلام على حساب الأفعال ترفضه.. الهروب من الماضي خطأ.. فالتّعلم من أخطائنا يمنحنا الثّقة للمضيّ نحو أهدافنا بثبات. بالحب نسمو ونرتقي.. والصّراع الأزليّ داخل النّفس البشريّة بين الخير والشّرّ في ظلّ الظّروف القاسية التي يحياها الانسان وقد تغلَب الشّرّ فيه.. ولكنّ النّخلة تعيش في ظروف صحراويّة أكثر قسوة.. ورغم ذلك تثمر، بالعطاء بالأمل والتّفاؤل نحيا.. والحياة تستمرّ، تمضي في طريقها تاركة وراءها من ليس أهلا لأن يعيش فيها.في كلّ نصّ من نصوصها تظهر لنا خولة سالم جانبا من شخصيّتها. الحنين.. والأصالة والتّمسك بالتّراث.. واحياء الذّاكرة يطلّ بقوّة من بين كلماتها.. فلا مستقبل لمن لا ماضي له. أمّا وهي تخاطب الموت.. وكأنّها تؤمن تماما بقول: (داوِها بالتي كانت هي الدّاء).. تخاطبه قائلة : (قم يا موت.. اجلد الميّت فينا) وتقول: “اجلد الحياة فينا.. ثم أكمل غفوتك لنبعث من جديد.” تنوّعت خولة سالم بنصوص ” كرمة” .. فلكلّ مذاقه ولونه وشكله.. ولكنّنا ما تهنا بين الكروم.. فنقطة النّهاية توحّدت مع نقطة البداية.. والحكمة كانت سيّدة الموقف.
وقال نمر القدومي:لن أُحلّق في فضاءات إفتراضيّة، لكن سأحمل جسدي عبر موجات واقعيّة، وأرسم للحياة نوتات موسيقيّة، وأهيمُ في عالم الرّوحانيّات الجميلة لتُغبطني فرحًا وسعادة أبديّة. الذّكريات قلاّدة في الجيد ثمينة.. الأحاسيس والمشاعر كنوز في القلب دفينة .. أمّا البر والوفاء فهي خصال في الجسد مضيئة. سأعتذر من “عزرائيل” إن أتاني لأواصل قراءتي للعمل الأدبيّ للكاتبة “خولة سالم” في باكورة مؤلفاتها “كرمة” الصادر عام 2016 عن دار العماد للنشر والتوزيع في الخليل، والتي تقع في 135 صفحة من القطع المتوسّط. تحلّت الكاتبة بعمق الفكر والجدليّة الذاتيّة، وارتأت لنفسها تلك الجرأة للبحث عن الأمان في جوف الزّمان ومصير الرّوح الحتميّة. صراعات تجوب الفؤاد وتهلك الجسد في رحلةٍ ما بين الوهم والخيال والواقع. كتاب حمل بين دفّتيه شذرات وخواطر ونصوصا أدبيّة غزيرة معظمها حزينة، توحي بذلك العبء الكبير الذي تحمله على كاهلها.زفرت الكاتبة زفرة غضب، وقلبها يئنُّ من شدّة التعب، فوضعت الحواجز أمامنا دون عتب. سبقتنا بكلماتها كَمَن يُلقي العصا أمام راعي غنماتها، فحصّنتْ نفسها كليّا من نقد أفكارها التي تخصّها وتحملها في جعبتها، غير آبهة بمن يخالفها الرأي أو ما يخطّه قلمها. أثارت الفضول وبحثنا وإيّاها عن الحلول، إنها مسألة حياتيّة لكلٍّ منها مدلول، وتساؤلات من عميق الفطرة تختصّ بالأصول. تجدها ديكارتيّة الأطباع، لن تتقبّل كلّ ما هو في حياتها، إلاّ بعد التّمحيص والتّفكير والتّأمل ومن ثَمَّ الإقتناع. القضاء والقدر يؤرقان حياتها، تراها حينًا تُعلن العصيان والتّمرد والرّفض، وأحيانًا أخرى تستسلم لما وراء الغيب. أجادت الصّور المجازيّة وعَلَت بجناحيها فوق السّحاب تتأمّل البشريّة، فهناك الأسّرار الغامضة تبحث عنها بغريزة قويّة، ورحلنا معها بشغف الوصول إلى نتيجة مصيريّة. سمعنا همساتها تُخاطب أرواحًا غابت عن أجسادها، وقطرات دموعها أمطار تفجّر الأرض أنهارا، فتأبى إلاّ أن تجد روحها التّائهة عنها. الحرب بين الجسد والنّفس علا وتيرها، وصوت الدّاخل الصّارخ عندها ليس كصوت خارجها.إستخدمت الكاتبة “خولة” المفردات الكثيرة، منها البسيطة ومنها ذات المعاني العميقة خلال نصوصها، وتجلّت البلاغة اللغويّة والصّور المجازيّة على غالبيّة مُؤلّفها. لا شكّ أنّها تتحلّى بثقافة مميّزة لمسناها من خلال قراءتنا، ترتقي بها لمُخاطبة شريحة إمتازت بخبرة سنين طويلة في الحياة، وخاضوا أيضًا ظروفًا قاسيّة. هناك العديد من الكلمات المتكرّرة يستطيع المُتصفّح أن يلاحظها بوضوح، وقد يعود السّبب في ذلك إلى تباعد الفترات الزّمنيّة في التّدوين وعدم المراجعة. كذلك من الممكن إختصار بعض النّصوص لتشابه المغزى والمعنى. الحقُّ يُقال أنّنا لا نستطيع الجزم أنَّ كلَّ المجتمع الذّكوريّ كما صرّحت الكاتبة يحتقر المرأة، فهناك من يحترم ويقدّر وهناك مَن بالفعل واصل درب غيره من الجهل المستفحل. وعليه نجد أنَّ غريزة الأنتقام ظاهرة في شخصيّتها، حيث تشتعل في داخلها بين الفينة والأخرى روحًا عنيفة وهجوميّة، وهي تُصرُّ أن تعيش حياتها الأنثويّة وفق قناعاتها التي تؤمن بها. كذلك تُحرّض مثيلاتها على التّحرّر من الكبت والقيود المجتمعيّة ومن إمرة أسيادهنَّ، وهذا بالتالي يتنافى مع العادات والتقاليد الدّارجة في البيئة القرويّة المحافظة.وما تنطق عن الهوى، فإيحاءاتها المتكرّرة بألوان متقاربة تجعل وتيرة الشّعور لدى القارئ واحدة، شذرات لها من الواقع بذرة أيتها الكاتبة، لا تنمو في عواطفك إلاّ إذا كان هناك مَن يرويها بسخاء وكرم، أو يبخل ويقتلع من أعماق الحياة جذور الوفاء. تارة تُدمن طيف الحبيب ويقتلها البعد عنه، وتارة أخرى تلوذ بالفرار وتخلع بمِشرطها ذلك القلب الذي يُفكّر به. هذا لم يمنعها من إحتراف الرّومانسيّة المُجرّدة المحفوفة بالكلمات المباشرة، والرّقي بمواقف أشخاص يعزّون عليها في حياتها، وتجارب عاطفيّة أبت إلاّ أن تطفو على بعض نصوصها.إستطاعت “خولة” أن تأسر قلوبنا بقلمها وتجرحنا، وأن تنصب خيامًا من العزاء في مآقي عيوننا ، وتحمل سكّينًا في قلبها يجتثُّ كلّ ذرّات حُبّنا. إنّها جبروت أنثى تتألّم ولا أحد يسمعها، تحاول أن تخطو بتأنٍّ في الحياة وتأتي الأمور بجديّة، وإذ بأحلامها تتبعثر بعد المناجاة، وتنزف الفراق وتبحث عن طيفٍ في عالم السّراب. لقد غاب كليّا عن النصوص دواء الرّوح والقلب، فقد اعتمدت الكاتبة على الحياة الماديّة المحيطة، وتجاهلت أنَّ الإنسان بأفكاره ضعيف، ولا يقوى على مجابهة الحياة وصعابها النّفسيّة والجسديَة، إلاّ بالخنوع طوعًا إلى شرائع السّماء. قال تعالى في سورة الحجر: ” وَلَقد نَعلمُ أنّكَ يضيقُ صدركَ بما يقولون فسبّح بحمد ربّكَ وكُن من السّاجدين “. إنّني أرى أنكِ وصلتِ إلى شفا هاوية بتلك الأفكار، بَيْدَ أنَّ الإستعانة بآيات وكلمات الله هي مصدر سعادتنا، وتقي أرواحنا وقلوبنا من المرض والأرق والنّزاع، ويورثنا رضى نشعر به ويستقر فينا. كان من المحبّذ أن نُقحِم بعض التّناص الدّينيّ الذي يخفّف من عبء الحزن الذي ساد جمهور القرّاء، وإيجاد توازن منطقيّ بين كمية العطاء وبين التّغذيّة الإسترجاعيّة لدى القارئ. في الحقيقة هناك الكثير ما يمكن أن نشيد به عبر نصوصكِ الجميلة والمعبّرة، وأتمنّى لكِ التّوفيق في أعمال أدبيّة قادمة، وإليكِ من “القدس” تحيّة وصندوقًا من “الحلقوم” الذي تشتهينه.
وقالت نزهة أبو غوش:تأخذنا الكاتبة خولة سالم في نصوصها إلى رحلة عميقة نحو الماضي. نحو الطّفولة السّعيدة بين الأجداد. بين الكروم، ورائحة الطّابون، والحارة، والقهوة والمهباش، والمزودة، والذّكريات الخالدة في تراثنا الأصيل. لقد استفاضت كاتبتنا من التّأمّلّ الصّوفي، والوحدة والسّكون؛ فجاءت حروفها نسيج فلسفة خاصّة بها. لقد نبع تحدّي الكاتبة لمجتمعها من ذاتها ومن معاناتها كفتاة في مجتمع ذكوريّ متسلط، يرى في المرأة كائنًا أقلّ منه مقدرة وأهميّة. لم تتوان خولة سالم – الأنثى- في طلب الحريّة للمرأة؛ لأنّها تستحقّ هذه الحريّة وبجدارة. رصدت كاتبتنا في نصوصها مصادر الحبّ والحياة؛ فنبعت من داخلها الحكمة الّتي تشهد بعمق رؤيتها، وبرصانة واتّزان عقلها. استنبطت الكاتبة خولة تجاربها، وحكمتها من البيئة والمظاهر المحيطة بها، حيث يتوهّم القارئ للوهلة الأولى بأنّ الكاتبة الفتاة الشّابّة خولة، هي امرأة تعدّت التّسعين من عمرها وقد حملت تجارب السّنين، وهموم وآلام شعبها ووطنها فوق أكتافها. تدخلنا الكاتبة إِلى مفترق شاسع ما بين حضارتنا كعرب، وحضارة الشّعوب الأُخرى الّتي طوّرت العلم والتكنولوجية؛ فأظهر نقدها شرخًا واسعًا ما بين الحضارتين. ثمّ تعرّضت لجانب آخر من النّقد للمعايير الاجتماعيّة البائدة الّتي يتمسّك بها شعبها ومجتمعها. في نصوصها…….. مجّدت الكاتبة الشّهيد، مجّدت الأرض، ومجّدت الوطن استطاعت الكاتبة أن تدغم الماضي بالحاضر بشكل سلس وبسيط يقنع القارئ. بأهميّة الماضي والحاضر والأمل بمستقبل أفضل. أرى أن الكتاب له قيمة فكريّة وفلسفيّة عميقة يستحق أن يُقرأ برويّة.
وقالت ديانا أبو عياش:تحت ضوء للشمس السّاطع جلست أتأمّل ما نزفه قلم كاتبتنا التي شوقتني للتّعرف عليها شخصيّا. في البداية ومنذ الوهلة الأولى لفت انتباهي عنوان الكتاب( كرمة ) وصورة الغلاف، فتساءلت :ما الذي يرمز له هذا الاسم؟ لماذا اختارته بالذات؟ ما علاقته بما احتواه؟ما علاقته بهذا البيت الفلسطينيّ الذي لم أرَ فيه سوى نافذة غرفتي الصّغيرة في بيت أبي، حيث عشت طفولتي بين أحضان أعزّ النّاس.فقلت في نفسي: الجنوب الفلسطينيّ هو النقطة التي سانطلق منها التحليق في نصوصك يا خولة، فوجدت نفسي تحوم حول نفسي في دورة مغلقة،في الحقيقة استوقفتني الكثير من النّصوص الواعية التي تصارع فيها الكاتبة عادات وتقاليد اكتسبت قدسيتها مع مرور الزّمن، ومجّدتها عنصريّة الذّكورة، فلم ترق للنّساء يوما، لكنّها كانت وما زالت بصمتهنّ، وقلة حيلتهنّ تضيف إلى أوجاعهنّ أوجاعا أخرى. بالمختصر المفيد تعزف الكاتبة بكل جدارة على أوتار قيثارتها ألحان الحزن، الموت، السّجن، الظلم، القهر، الغدر، الهمّ والوحدة، وتدعو إلى التّمرّد والحرّيّة لتغيير واقعها المؤلم.
وقالت رائدة أبو صويّ:عنوان مميز جدا. عناقيد العنب المعلقة كثريات الذهب على الغلاف ليست أكثر قيمة من محتوى الكتاب .استطاعت الكاتبة خولة سالم أن تنظم قلائد من اللؤلؤ، وتضعها حول عنق كل متصفح لهذا الكتاب .لقد أشبعت رغبتي كقارئة استمتع جدا بقراءة هذا النوع من الأصدارات .كنت اتنقل بين النفس من الداخل والمجتمع المحيط بها ، بين ما تطمح له من اشباع لرغبتها كأنثى وبين ما هو واقع ،بين مشاعر العشق والتمرد على عادات وتقاليد قديمة ونظرة دونية لجنس حواء، لدرجة أن الكاتبة كتبت في ص 116 أن الوأد تحت التراب أرحم من العيش في ظل مجتمع يحتقر المرأة ،في هذا النص أظن أن نظرة الكاتبة فيها الكثير من السوداوية .أنا مع الكاتبة في وجود بعض المظاهر السلبية في نظرة المجتمع الشرقي للمرأة، ولكن ليس الى درجة أن الوأد أرحم ،متى كان وأد النساء أرحم ؟الكاتبة كانت تتأرجح بين زمن الفيسبوك وشبكات التواصل، وفي أكثر من نص ظهر هذا الميل نحو الكتابة عن أثر التكنولوجيا في حياتنا، تارة ترانا استطعنا ان نستخدم الشبكات العنكبوتية بصورة ايحابية وتارة ترانا نقف مكتوفي الأيدي .الكتاب بحاجة لقراءته أكثر من مرة ،هو كعنقود العنب، أول اطلالته يكون حامضا (حصرم) ثم يصبح (حامض حلو) ومن ثم يصبح “حلوا”كتاب الكاتبة خولة سالم (كرمة) كان هكذا .في كل مرة أقرأ فيه أجد اختلاف ” كرمة” العنوان يدل على المضمون وكما يقال “المكتوب يقرأ من عنوانه.” الكاتبة نزفت (دبسا) لذيذا في كل نصّ من النّصوص والشّذرات.وكتبت رفيقة عثمان:
جمعت الكاتبة خولة سالم، مجموعة نصوص أدبيَّة مختلفة، في باكورة أعمالها الكرمة، والكتاب عبارة عن كرمة تحتوي على عناقيد عنب مختلفة الأشكال والالوان، والاحجام، والاطعمة. هكذا هو كتاب الكاتبة النصوص الأدبيَّة النصوص، التي تناولت فيها ما بين المقالة، والشعر، والاقصوصة. يميل هذا الأدب الفيسبوكي كما أسمته الكاتبة صفحة 111، حيث عبّرت الكاتبة الذي كان دافعًا أوَّليَّا للكتابة، والتعبير الإبداعية، حيث عبّرت الكاتبة بأنَّ استخدامها للقيسبوك كان دافعًا أوَّليَّا للكتاب الإبداعيَّة، والتي لاقت تشجيعً من الصديقات والأصدقاء. عكست النصوص الأدبيَّة أفكار وآراء ومشاعر الكاتبة بشكل واضح، ومباشر، ويمكن القول بأنها غالبًا تتصِّف بالمذكَّرات الخاصّة؛ والنوستالجيا ( الحنين الى الماضي)؛ لدرجة كبيرة من الشفافيَّة، والصراحة المتناهية. تدفَّقت العاطفة في نصوص الكاتبة خولة، وعبَّرت عنها بكافَّة أشكال المشاعر، والتي تراوحت ما بين الحزن، والألم، والفراق، والوحدة، والمشاعر الوطنيَّة، والهويَّة الذاتيَّة، والانتماء، المناجاة، والتأمّل، الشعور بالسعادة، وإن قلَّت في هذه النصوص، والشعور بالتشاؤم، والحزن، وعدم التفاؤل، نفحات دينيَّة.ظهرت الأفكار الفلسفيَّة، والتأثٌّر بالفلسفة الجدليَّة، والتأمل الذاتي، فهذا جزء يضيف للنصوص الأدبيَّة معنى وقوة، 119-120،و في نصوص الجدليَّات، وكان الحوار حاضرًا في بعض النصوص كما ورد صفحة 103 .اتَّسمت لغة الكاتبة، باللَّغة البليغة، والرصينة، والقوَّة التي تتماشى مع الاحداث الصاخبة والمُحزِنة، وهذا ساد في أغلب النوص. استخدمت الكاتبة في كافَّة النصوص اللغة الفصيحة ما عدا صفحة: رثاء الفهد صفحة 78-83، كتبتها الكاتبة باللغة العاميَّة، يبدو بأنَّ الرّثاء من قريب ممَّا يُسهِل لغة التعبير.حبَّذا لو تريَّثت الكاتبة خولة في النَّشر، لأنَّه وردت بعض الأخطاء اللُّغويَّة، والنحويَّة.
وشارك في النقاش عدد من الحضور منهم: محمد عمر يوسف القراعين، حسن أبو خضير وجميل السلحوت .