صدرت قصّة الأطفال“برتقال يافا” للدّكتورة روز اليوسف شعبان عن منشورات “أ. دار الهدى، ع. زحالقة” في كفر قرع، وتقع القصّة التي رافقتها رسومات مريم الرفاعي في 34 صفحة من الحجم المتوسّط.
معروف أنّ فلسطين كانت من أشهر مصدّري الحمضيّات قبل نكبتها الأولى في العام 1948، وقد وصلت صادرات حمضيّاتها التي تميّزت بمذاقها اللذيذ إلى أوروبا وغيرها من البلدان، وارتبط برتقال فلسطين بمدينة يافا، فعدا عن زراعة البرتقال في بيّارات يافا وقراها، إلّا أنّ ميناءها كان من أشهر موانئ شرق المتوسّط، وكانت الحمضيّات تصدّر منه من خلال السّفن التي ترسو فيه. وبرتقال يافا اكتسب شهرة واسعة لا تزال متداولة حتّى يومنا هذا، فترى بائعي الفواكه وتسمعهم وهم يسوّقون برتقالهم بقولهم:” برتقال يافاوي” أو “يافاوي يا برتقال.”
ويافا “أرض البرتقال الحزين”، تحوّلت بعد النّكبة وتشريد أهلها، واغتصاب أرضها، وإهمال مينائها، إلى حيّ بائس فقير، بعد أن كانت مدينة الرّخاء والفنون بأشكالها المختلفة. من هنا جاءت قصّة الكاتبة د. روز اليوسف شعبان، وكأنّي بها تمتثل لمقولة الأديب الفلسطينيّ الرّاحل سلمان ناطور:” ستأكلنا الضباع إن بقينا بلا ذاكرة، ستأكلنا الضّباع”!
وتأتي هذه القصّة للحفاظ على الذّاكرة، بتناقلها من جيل لجيل، ولتنفي مقولة الخائبين“يموت الكبار وينسى الصّغار”، وصحيح أنّ الكبار يموتون لكنّ المأساة تنتقل من جيل لجيل.
ففي القصّة التي نحن بصددها، تدور أحداثها في يافا وعلى شاطئها، والحوار فيها بين الحفيدة “رانية” وجدّها “سليم” بالدّرجة الأولى، لكن والدها “أحمد” وشقيقها “ماهر” ووالدتها لا يغيبون عن أحداث القصّة، وحتّى الجدّ الأوّل عبدالله المتوفّى لم يغب هو الآخر. فهذه الأسرة اليافاويّة العريقة، تملك بيّارات الحمضيّات المتوارثة، كما تملك السّفن التي تنقل البرتقال لتصديره إلى أوروبا، أي أنّها كانت تعمل في الزّراعة والتّجارة، ولها ماركتها التّجاريّة المسجّلة، والتي هي عبارة عن علم يحمل صورة برتقالة شمّوطيّة. وقد عمل الجدّ الأوّل دبّوسا ذهبيّا على شكل برتقالة “شمّوطيّة”، وتوارثه الأبناء عن الأجداد.
وفي القصّة تذكير بالنّكبة الأولى من خلال هذه الأسرة ومدينتها يافا، فقد شُرّد من مدينة يافا وقراها مئة وعشرون ألف فلسطينيّ، لكنّ الجدّ الأوّل عبدالله عاد متسلّلا إلى مدينته، ولمّا وجد سفنه مدمّرة، وبيّاراته مصادرة، لم يحتمل المأساة فمات بنوبة قلبيّة. وواصل ابنه”سليم” من بعده المسيرة، وبقي محتفظا بالدّبوس الذّهبيّ، ومن خلال القضاء استعاد جزءا من أرضه. وبينما كانت الأسرة تستجمّ على شاطئ البحر، عادوا إلى البيت فوجدوه منهوبا محطّما، ولم يعثروا على الدّبوس الذّهبيّ، فقد سرقه من دمّروا البيت، وهذا أدّى إلى سقوط الجدّ سليم في غيبوبة!
الرّسومات والإخراج: الرّسومات التي أبدعتها مريم الرّفاعي مناسبة وتلائم النّص، خصوصا أنّها مفروزة الألوان، وإخراج القصّة لافت وجميل؟
ملاحظات:
في الصفحة 13 وبينما كان الحوار بين الجدّ سليم والحفيدة رانية حول الدّبوس، وكيف يتوارثه الأبناء عن الآباء والأجداد، وأنّ الجدّ سليم سيورثه لابنه أحمد كما ورثه عن أبيه يحيى، يدخل أبو رانية”أحمد” دون تمهيد شاكرا أباه وداعيا له بطول العمر، ويعده بأنّه سيحافظ على الدّبوس عندما يؤول إليه، وهذا الدّخول بهذه الطريقة يصعب على القارئ الطّفل المستهدف بالقصّة في فهم من هو المتحدّث!
- في آخر سطر من الصفحة 16 تسأل رانية جدّها:” ما هي أنواع البرتقال التي كان يتمّ تصديرها”؟ فيجيبها الجدّ بتعداد أنواع البرتقال والحمضيّات! وبالتّالي يجدر أن يكون السّؤال حول أنواع الحمضيّات.
- في القصّة إفراط لغوي غير مبرّر، مثال على ذلك السطّور الخمسة الأولى في الصفحة 13، وكان بالإمكان اختصارها بجملة استفهامية واحدة من رانية وهي: ما هذا الدّبوس يا جدّي؟
8-010-2021