القدس: 21-2-2013 ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية الأسبوعية الدورية في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس مجموعة “خطوات على الثلج” القصصية للكاتب الفلسطيني عدنان داغر، التي صدرت بداية هذا العام 2013 وتقع في 110 صفحات من الحجم المتوسط.
بدأ النقاش رفعت زيتون الذي أدار الأمسية، فطرح عدة أسئلة حول الكتاب وكيفية اخراجه، والخط الصغير الذي طبع به، ثم تساءل حول مضمون الكتاب وما يريده الكاتب ويهدف اليه بنشره هذا الكتاب ؟
ثم تحدث جميل السلحوت فقال: بداية أود القول أن عدنان داغر نقابي ومناضل معروف تعرض للاعتقال والابعاد، فعاش سنوات خارج الوطن بعيدا عن أسرته ومدينته ووطنه وشعبه، وكتابه هذا مجموعة نصوص تصلح أن تكون مدخلا لفصول من رواية أكثر منها قصصا، فالطابع الروائي يغلب عليها، وان كان فيها بعض النصوص التي تتوفر فيها شروط القصة مثل”طفولة”، ولو أعطاها قليلا من العناية لكانت قصصا، وفي هذه النصوص يبوح بمدى تعلقه بمدينته رام الله، ويبدو أن الجوى بلغ مداه به أثناء ابعاده عن مدينته، فأشغل ذاكرته حول جماليات المدينة طقسا وفنا معماريا، وطبيعة خلابة، فسكبها حبرا ودموعا على الورق، ومعروف أن الذاكرة فيها جماليات أكثر من الواقع، حتى الوطن نفسه حلما أروع منه واقعا، وكثيرا لا يعرف المرء قيمة الشيء إلا بعد أن يفقده، والكاتب الذي أضناه الشوق لرام الله والتغني بجمالياتها، لم يفته التطرق الى العلاقة بين الرجل والمرأة، وقد تطرق كثيرا لهذه العلاقة، وكأني به يرفض حصر هذه العلاقة بما حددته الديانات والعادات، والتي حصرت هذه العلاقة بمؤسسة الزواج، وأبدى تعاطفا واضحا مع النساء الأرامل والمطلقات، منتقدا المؤسسة الزوجية غير القائمة على الحب والتفاهم والشراكة المتكافئة، وتطرق من خلال السرد الى عدة أشكال من العلاقة بين الرجل والمرأة، وإن كانت مخالفة لما هو سائد في مجتمعنا الذي تحكمة التشريعات السماوية والعادات والتقاليد، ومع ذلك فان الحالات التي قدمها موجودة في مجتمعنا وعند غيرنا من الشعوب المختلفة، وواضح أن كاتبنا يملك لغة أدبية بليغة فيها الكثير من التشبيهات والاستعارة والكناية، وقدرته على السرد واضحة، بحيث أن الكثير من نصوصه تصلح بأن تكون مشروع روايات وليس رواية واحدة.
وقال موسى أبو دويح:
كتب عدنان داغر قصصه القصيرة الّتي أسماها (خطوات على الثّلج)، وأخرجها في كتاب من القطع المتوسط والحرف الصّغير جدًّا، وعددها تسع وثلاثون قصّة، وجاءت في (108) صفحات، وصدرت طبعتها الأولى سنة (2013)م، وأهداها إلى كلّ الأعزّاء على قلبه.
يكاد يكون موضوع القصص موضوعًا واحدًا، يحدّثنا فيه الكاتب عن علاقة محرّمة، بين رجل أعزب وامرأة متزوّجة، ولها أولاد، أو علاقة بين رجل متزوّج مع امرأة أخرى غير زوجه، أو علاقة بين رجل ومطلّقة أو أرملة، خلا قصّتين هما: قصّة (خيبة) الّتي تتحدّث عن حرب الأيّام السّتّة، أو قُلِ السّاعات السّتّ في 5/ حزيران / 1967م، وقصّة (مات الزّعيم) الّتي تتحدّث عن موت الرّئيس جمال عبد النّاصر سنة (1970)م.
ومعلوم أنّ الإسلام رغّب في الزّواج وحثّ عليه؛ قال تعالى في سورة الرّوم الآية (21): (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). وحرّم الزّنى ولم يحلّه في ملّة قطّ، وشدّد في عقوبته؛ قال تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا). وقال عليه السّلام: (استوصوا بالنّساء خيرًا)، وقال: (ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصّالحة، إذا نظر إليها سرّته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته). وقال: (أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلُقًا، وخياركم خياركم لنسائهم). وقال: “الدّنيا متاع، وخير متاع الدّنيا المرأة الصّالحة”
جاءت القصص بلغة عربيّة جزلة فصيحة، وهي لغة شاعريّة، بل ضمّنها بأبيات من الشّعر الحرّ كثيرًا، والأخطاء فيها قليلة بالنّسبة لما يصدر في هذه الأيّام من كتب.
ومع كلّ هذا البيان، يشنّ الكاتب هجومًا على الزّواج، وعلى العادات والتّقاليد المتعارف عليها عند العرب والمسلمين؛ مثل: العفّة، والحياء، والطّهارة، وحفظ الأعراق والأنساب، ويصفها بالبالية، ويدعو إلى البهيميّة الأولى، وممارسة الفاحشة على قارعة الطّريق، دون حياء أو خجل؛ اسمعه يقول في صفحة (10):” لماذا علينا أن نتوارى عن الأنظار مثل لصّ يخشى أن يعيش في النّور؟! أهي العادات والتّقاليد البالية؟!”.
ويقول في صفحة (22): “لو أنّ الإنسان خلق بلا دين، ولا قوميّة، ولا عرق، ولا لون، ولا حدود جغرافيّة”.
ويقول في صفحة (25): “جدار من العادات والتّقاليد، وما يجب ولا يجب.. وما ينبغي له أن يكون. اليوم أنا أرملة.”
ويقول في صفحة (41): “يا الله، ليس أجمل من المرأة عشيقة وحبيبة، وليس أسوأ منها زوجة”.
ويقول في صفحة (52): (إنّه الدّين الّذي ورثه كلّ منّا عن الآباء والأجداد يا صديقي.. فرّقنا منذ أن التقينا”.
ويقول في صفحة (62): “فليذهب كلّ الوقار إلى الجحيم! وقاركَ المصطنع.. ووقاري الكاذب.”
ويقول في صفحة (63): (أنا في حاجة إليك.. ربّما بأكثر ممّا أنتَ في حاجة إليّ.. لكنّها عادات الشّرق وتقاليده البالية، تأبى إلّا أن تظهر في كلّ تصرّفٍ وسلوكٍ لامرأة شرقيّة مثلي. أتدري؟؟ تمنيت لو ألقي بنفسي بين ذراعيك. عارية من كلّ شيء). وتقول عن زوجها: “من غرائب حياتي أن أكون مع إنسان ساقه القدر ليكون أبًا لأولادي.. لكنّه لا يملأ من فراغ حياتي العاطفيّة والنّفسيّة أكثر ممّا يمكن أن تملأه بعوضة. أنا أهبك نفسي طواعية ودون إكراه. يا أيّها الرّجل الّذي يملأ أيّامي ويحتلّ أحلامي.”
ومن غريب ما جاء في الكتاب في صفحة (82)، على لسان أخت متزوّجة، ولها ولد أو أولاد، تقول لأخيها الأعزب: ” اسمع يا أحمد.. بل لا تتزوّج أبدًا! لا تتزوّج من أيّ امرأة، فالزّواج مملّ إلى حدّ القرف. الزّواج يودي بالحبّ إلى التّهلكة. والزّواج لعنة أبديّة تطاردنا ما تبقّى لنا من عمر. يا أحمد لا تتزوّج، أنا امرأة تعيسة، رغم الابتسامات المرتسمة على شفتين تغريان معظم شباب مدينتنا بالظّفر بقبلة منهما، وتشعران بالقرف من ثغر رجل (زوجها) تفوح منه رائحة التّبغ والعفن.”
وتقول عن عدم الزّواج: (فذلك خير من مرارة حياة يصير فيها “العيش المشترك” عذابًا لا يطاق). وغير هذا كثير.
أمّا الأخطاء في الكتاب فمنها:
1. صفحة (7): (رعتها أيادٍ خمسون عامًا)، والصّحيح: خمسين عامًا.
2. صفحة (9): (افتقدته سنين طوال)، والصّحيح: سنين طوالًا.
3. صفحة (21): (لم تكونا سعيدين بهذا النّتيجة)، والصّحيح: بهذه النتيجة.
4. صفحة (27): (لا أستطيع أن أكون معك حيثما حللت وأنّا كنت)، والصّحيح: وأنّى بألف مقصورة على شكل الياء لا بألف قائمة.
5. صفحة (36): (تصغي إلى وقع الخطى)، والصّحيح: الخطا بألف مقصورة قائمة لا بألف على شكل الياء.
6. صفحة (40): (أبهجني منظر جريان الماء تجرف في طريقها)، والصّحيح: جريان المياه أو جريان الماء يجرف في طريقه.
7. صفحة (45): (ثمّ اخترت طريقًا آخر مختلف تمامًا)، والصّحيح: مختلفًا تمامًا.
8. صفحة (50): (ويسير كلاًّ منّا)، والصّحيح: ويسير كلٌّ منّا. وفيها: (ونحن بعيدَيْنِ عن بعضنا)، والصّحيح: ونحن بعيدانِ؛ لأنّها خبر المبتدأ.
9. صفحة (75): (وأنا لا تنقصني الرّغة)، والصّحيح: الرّغبة.
10. صفحة (102): (لم أكن على مثل هذا الحال)، والصّحيح: هذه الحال.
هذه هي بعض الأخطاء الّتي لاحظتها أثناء قراءتي المستعجَلَة للكتاب، وكان بإمكان الكاتب أن يتلافى كثيرًا منها لو راجع كتابه بعد طباعته.
وختامًا هذا كتاب يمكن أن ينشر في الدّول الإسكندنافيّة كالسّويد مثلاً، ولا يمكن أبدًا أن ينشر في بلد عربيّ أو إسلاميّ؛ لأنّه يحارب الفضيلة، ويدعو إلى الفُحش والرّذيلة.
زبعد ذلك جرى نقاش مطول شارك فيه عدد من الحضور منهم: محمد عليان، نبيل الجولاني، د. اسراء أبو عياش، سامي الجندي وآخرون.