يحكى أنه كان لأحد الملوك سبعة أولاد، تزوج ستة منهم، واستنكف السابع عن الزواج، وفي أحد الأيام أراد الملك أن يزوج إبنه، فأمر أن تُجمع كل بنات الدولة الجميلات في ساحة القصر، وأن يقف الأمير الشاب على شرفة القصر ويرمي تفاحة، والفتاة التي ستقع عليها التفاحة ستكون عروس الأمير المنتظرة، وعندما جُمعت الفتيات ورمى الأمير التفاحة عليهن، جاءت عاصفة قوية حملت التفاحة بعيدا عن الفتيات، وأخذ الأمير يركض خلفها ليرى أين ستقع، وأخيرا وقعت التفاحة على شاطئ البحر، وعند المكان الذي وقعت عليه خرجت من البحر فتاة جمالها يسحر القلوب، فاقتادها الأمير وعاد بها الى القصر ، ومع جمال الفتاة الذي لا يوصف كان بها عيب واحد وهو أنها لم تكن تتكلم، وقد شاركت في أعمال القصر من طبخ وخلافه، وكانت تتقن كل عمل من أعمالها إتقانا يفوق أعمال الأميرات والوصيفات، مما جعلها موضع دهشة وإعجاب من قبل الجميع، وفي أحد الأيام أراد الملك أن يخرج للصيد هو وإبنه الأصغر، وطلب من الفتاة العجيبة أن ترافقهما فوافقت، لكنها أرادت أن تستحم قبل الرحيل، وبينما هي في الحمام أخذ الملك ملابسها وأحرقها، وعندما خرجت من الحمام، ورأت ملابسها وقد أُحرقت شتمت عورة أمُ الملك الذي اختبأ قريبا منها، فسمع شتيمتها وسر كثيرا حيث أنه للمرة الأولى يسمع صوتها، فتأكد أنها ليست خرساء، وعند مساء ذلك اليوم وبعد أن عادوا من الصيد جلس الملك وأفراد حاشيته يتسامرون، فطلب الأمير الصغير من أبيه أن يزوجه الفتاة، لكن الملك الأب رفض ذلك بإصرار ووبخ إبنه وقال : بأنه هو الذي سيتزوج الفتاة، فقال الملك لإبنه في محاولة للتخلص منه نهائيا : سأطلب منك أيها الإبن العاق ثلاث طلبات، إن نفذتها سأزوجك الفتاة، وإن لم تنفذها قطعت رأسك، فوافق الإبن بعد أن شاور الفتاة، ووعدته بأنه ستنفذ كل ما يطلب منه مهما كان تعجيزيا وصعب المنال .
أمّا الطلب الأول الذي طلبه الملك من إبنه فكان :
أن يحضر الأمير ثلاث حبات من العنب تطعم كل من في القصر دون أن تنفذ، فذهب الأمير للفتاة العجيبة، فقالت له أن يذهب إلى شاطئ البحر حيث وجدها، وهناك ينادي على قريبة لها تسكن البحر إسمها ” صالحة ” ويطلب منها أن تعطيه ما طلبه الملك، وسوف تحضره له في الحال ؟؟ وفعلا ذهب وأحضر ثلاث حبات من العنب، أطعمت سكان القصر جميعهم حتى شبعوا ولم تنفذ .
ثم طلب الملك من إبنه الطلب الثاني وهو : أن يحضر ثلاث حبات من الفستق يوجد بداخلها حرير يفرش القصر وباحاته ؟؟ فاستشار الأمير الفتاة، فطلبت منه أن يذهب إلى قريبتها صالحة ،يضا وينادي عليها… وسوف تعطيه ما طلب الملك ، ففعل كما قالت له، وأحضر ثلاث حبات من الفستق فرشت القصر وباحاته وأخرجت من الحرير ما يفرش مدينة بكاملها .
وأخيرا طلب الملك طلبه الثالث وهو : أن يحضر الأمير طفلا ابن ثلاثة ايام يحكي حكاية أولها كذب وآخرها كذب ؟؟ فذهب إلى شاطئ البحر بعد أن شاور الفتاة ونادى على صالحة، فلم تخرج.. ونادى ثانية فلم تخرج… ونادى للمرة الثالثة فخرجت وعلى يديها طفل صغير الحجم أعطته إياه، ولما سألها عن عدم خروجها منذ سماعها الصوت الأول قالت: لقد حملت عندما ناديت الصوت الأول، وولدت عندما ناديت الصوت الثاني، وألبست الطفل وأحضرته عندما ناديت الصوت الثالث ثم ودعته، فانصرف عائدا إلى القصر والطفل بين يديه . وفي الطريق تسرب الخوف إلى نفس الأمير وقال : هل يعقل أن يتكلم طفل كهذا ؟؟ فرد عليه الطفل قائلا : اذا كنت عاجزا عن حملي اتركني أمشي لوحدي، فاطمأن الأمير وسار في طريقه ،وعندما وصل القصر وضع الطفل عند الفتاة ، فألبسته أجمل الثياب، ووضعت على صدره خنجرا صغيرا ،وعند المساء اجتمعت العائلة المالكة والوزراء من أجل قضاء سهرة ممتعة . فطلب الملك أن يقص أحدهم عليه قصة، فقال الطفل الذي كان برفقة الأمير : أنا اقص عليكم ، فأصغى الجميع اليه وقال : عندما كان عمري يوم واحد اشتريت مئة فدان من الأرض ،وزرعتها سمسما.. فجاء الناس إليّ وقالو : لا فائدة من السمسم لو زرعتها بطيخا لكان أفضل، فجمعت بذور السمسم وزرعتها بطيخا ، فجاء الناس وقالوا : لو زرعتها قمحا لكان أفضل، فجمعت بذور البطيخ وعددتها فوجدتها على التمام والكمال أيضا… وجاء بعضهم وقال لي: فقاطعه الملك قائلا: أنت تكذب أيها الطفل، فقفز الطفل على الملك وصاح به قائلا : وما شرطك أيها الظالم، ثم غرس الخنجر في صدره فمات الملك، ونُصب إبنه الأمير ملكا بعده وتزوج الفتاة وعاش معها بثبات ونبات وخلفا صبيانا وبنات.