القدس: 18-3-2021، من ديمة جمعة السمان: ناقشت ندوة اليوم السابع المقدسية الثقافية الأسبوعية عبر تقنية “زوم” كتاب “زفّة وزغرودة يا بنات…أغاني وحكايا أعراس قرية بيت صفاف-القدس.” للكاتبة ماجدة صبحي، يقع الكتاب الصادر عام 2020 والذي يحمل غلافه الأوّل لوحة للفنّانة خلود إياد صبحي في 262 صفحة من الحجم الكبير، ولم يصدر الكتاب الذي كتب مصطفى موسى احمد عثمان تقديما له عن دار نشر.
افتتحت الأمسية ديمة جمعة السمان فقالت:
زفة وزغرودة كتاب أغاني وحكايا وأعراس قرية بيت صفافا – القدسموزع على ثمانية فصول. وكل فصل يحمل عنوانا شيقا يبحث في التراث.. تعيدنا إلى حياة الآباء والأجداد كي لا ننسى.
كتاب توثيقي قيم.. ما أحوجنا لمثل هذه الكتب التراثية التي تتناول تفاصيل حياة الماضي.. فمن ليس له ماضٍ ليس له حاضر ولا مستقبل.
بدأت الكاتبة ماجدة صبحي كتابها بالشكر والعرفان لكل من ساندها وقدم لها المساعدة في إخراج كتابها للنور.. وأنا بدوري أثني على كلامها وأشكر من ساعدها.. فما كان الكتاب سيخرج بهذا الاتقان دون تعاونهم ودعمهم.. وأخص بالذكر ملهمتها ابنة أختها ملك، التي طلبت منها أن تزوّدها ببعض الأغاني والأهازيج الشعبية لاستقبال ضيوف ” مهرجان زورونا”. فكانت الشعلة الأولى التي تسببت بولادة فكرة تأليف الكتاب.. ومن ثم تحولت الفكرة إلى واقع نناقشه اليوم.
لقد بذلت الكاتبة مجهودا كبيرا، واعتمدت على الروايات الشفوية والمصادر والمراجع التراثية والأدبية والثقافية والتاريخية.
قدمت الكاتبة لمحة عن مفهوم التراث الشّعبي، ولجأت لما كتبه الباحث الرّاحل صبحي غوشة الذي عرّف التراث بأنه ليس وحدات ثقافية منفصلة، إنما هو شريان حيّ متصل بوعي أو بغير وعي في دمائنا.
نعم.. نحن نرضع التراث ومن ثم نرضعه لأطفالنا.
التراث معتقدات وعادات وتقاليد واحتفالات ومواكب زفاف وجنازات وعمل وفلاحة وزراعة أرض نحن منها وهي منا. فالارض هي التراث المادي الذي ورثناه ونورثه.
أما د. فيكتور سحاب فقد عرف التراث على أنه مجموعة من الفنون التقليدية والشفوية والأدبية والأغاني الشعبية، كلها يتم توارثها جيل بعد جيل، وهي التي تميز الشعوب عن بعضها البعض.
ولكن لماذا بيت صفافا؟ هي قرية وادعة هادئة تقع جنوب غرب القدس التي تبعد عنها أربعة كيلومترات، ويبلغ عدد سكانها 13000 نسمة.
تطل شمالا على القدس، وجنوبا على بيت لحم، فكانت حلقة الوصل بين المدينتين اللتين ارتبط اسمهما بالديانات السماوية، فكان يؤمهما الحجاج من كل حدب وصوب، مما جعل أهل القرية على الإطلاع على كل جديد وتطور وحداثة وتبادل حضاري فلم تكن قرية معزولة، وهذا زاد من إقبال أهلها على العلم، وتم توفر فرص العمل لأبنائها.
قرية بيت صفافا قدمت التضحيات الجسام وشاركت بالثورات الفلسطينية، وانقسمت القرية إلى قسمين في عام النكبة، بينهما شريط حدودي أسموه الشيك أو السلك. وكانت مرحلة عاصرها أغان كثيرة تعبر عن أحزان أفراد العائلة الواحدة التي قسمها الاحتلال وفصل بينها.
وعلى الرغم من كل المفارقات والسياسات استطاع الصفافي أن يحافظ على لحمة وتناغم النسيج الصفافي وعلى انتمائه وهويته الفلسطينية الإسلامية، وأصر على الارتقاء على المستوى العلمي والوظيفي.
لفت نظري سبب تسمية ( الزغاريد)، وهي نسبة إلى صوت الفحل من الابل، ثم أصبحت مرادفة لذلك الصوت الذي تطلقه المرأة معبرة عن فرحتها.
كتاب جميل أصيل.. ولأننا شعب عريق، ولنا جذور وتاريخ، ولأننا أصحاب حق، ولأن الأرض لها حق علينا، سيبقى هناك دائما مساحة فرح.
وقال جميل السلحوت:
واضح أنّ الكاتبة قد بذلت جهدا كبيرا في جمع وتصنيف وتدوين هذا الكتاب الذي احتوى بين دفّتيه على شيء من تاريخ بيت صفافا إحدى قرى القدس الشّريف، كما احتوى على عادات وتقاليد وأغاني وحكايات الزّواج في هذه القرية المقدسيّة بدءا من كيفيّة اختيار العروس مرورا بطلبتها وحتّى ليلة الدّخلة وما بينهما.
ومعروف أنّ قرية بيت صفافا عاشت خصوصيّة قد لا تكون موجودة في أيّ مكان في العالم جميعه، ففي اتّفاقات رودس عام 1949 جرى تقسيم بيت صفافا إلى قسمين من أجل الحفاظ على مرور القطار بين القدس ويافا، والذي يخترق منتصف القرية الواقعة بين القدس وبيت لحم. وبالتّالي فقد بقي جزء من أهالي القرية تحت حكم اسرائيل في حين بقي الجزء الثّاني تابعا للضّفة الغربيّة، التي أصبحت جزءا من المملكة الأردنية الهاشميّة حتى احتلالها في حرب حزيران 1967 العدوانيّة.
وماجدة صبحي بعملها البحثيّ هذا، تدرك ما لم يدركه كثيرون، فهي تخشى على تراثنا الشّعبيّ من الإندثار والضّياع لأكثر من سبب، منها:” بعد ملاحظاتي الشّخصيّة أنّ بعض الأغاني القديمة بدأت تتفلت من ذاكرة النّساء، خاصّة بعد انتقال الأعراس من ساحات القرية والبيوت إلى القاعات المستأجرة…”ص12.
وهنا لا بدّ من التّنويه بأنّ التّراث الشّعبيّ يتعرّض للسّرقة والطّمس والتّشويه بسبب النّكبات التي حلت بهذا الشّعب، وتشتيت الملايين من أبنائه في أصقاع الأرض. ومن هنا يأتي انتباه الكاتبة ماجدة صبحي إلى هذه القضيّة الهامّة، حيث قامت بجمع ما تيسّر لها من تراث قريتها وتدوينه، فالتّراث جزء من الهويّة الوطنيّة لأيّ شعب، وهو شاهد على حضارته في عصور مختلفة. وفلسطين التي تعاقبت عليها حضارات مختلفة تكاد تكون متحفا كبيرا يشكّل شاهدا على مساهمة شعبنا الفلسطينيّ العربيّ في بناء الحضارة الإنسانيّة. وهنا يجدر التّنويه إلى أنّ التّراث الشّعبيّ ينقسم إلى قسمين هما:
أوّلا: التّراث العمليّ ويتمثّل بفنّ العمار كالأبنية بما فيها دور العبادة كالمساجد والكنائس، أدوات الزّراعة، أدوات الحصاد، أدوات المطبخ: الأكلات الشّعبيّة وغيرها.
ثانيّا: التّراث القولي ويتمثّل بالمثل والأقوال الشّعبيّة، الأغنية والحكايات الشّعبيّة وغيرها.
وقد كان تركيز كاتبتنا ماجدة صبحي على الأغنية الشّعبيّة وخاصّة ما يتعلّق بطقوس الزّواج من طلبة العروس وحتّى ليلة الدّخلة، وهذا جهد كبير ومشكور. فهل ننتظر جزءا ثانيا من الكتاب يطرق جوانب أخرى من تراث هذه القرية؟
ومع أنّ ما قامت به كاتبتنا من جهد في هذا الكتاب ليس جديدا، فقد سبقها آخرون بجمع الأغنية الشّعبيّة في قراهم وبلداتهم، إلا أنّ عملها هذا يشكّل حافزا ودعوة غير مباشرة للآخرين؛ كي يجمعوا تراثهم الخاصّ بقراهم وأماكن سكناهم، فلكل مكان خصوصيّته وهذا ما انتبه له الأقدمون، فأبو الفرج الأصفهاني في كتابه “الدّرّة الفاخرة في الأمثال السّائرة” يقول “فلكل مصر من الأمصار أمثاله الخاصّة فلأهل مكّة أمثالهم ولأهل المدينة أمثالها…..”
وكتبت رائدة أبو الصوي:
سبع ساعات متواصلة وكتاب زفة وزغرودة يا بنات أمام ناظري، أتصفح طياته، لم أشعر بالزمن.
الكتب رحلة في التراث. رحلة تحمل في أحضانها الماضي الجميل والحاضر . في بعض المحطات شعرت بالفرح وأنا أقف أمامها، والبعض الآخر شعرت بالوجع.
أثارت مشاعر الكاتبة والشخصيات التي ذكرتها الكاتبة بالكتاب عندي مشاعر متأرجحة.
الكتاب قيم جدا فيه يحمل رسالة التمسك بالجذور وبالتراث، لأن التراث هو الهوية.
استطاعت الكاتبة أن تجمع حصاد فترة زمنية لا يستهان بها، وسلطت الضوء على جوانب لم يسلط عليها الضوء من قبل .
في الكتاب تشويق وترتيب بالأفكار.
المحتوى ملائم جدا للباحثين من طلبة علم الاجتماع وملائم لمادة التربية الوطنية في المدارس.
.
الكاتبة كانت موفقة جدا في اختيار الكاتب مصطفى موسى عثمان رحمه الله لتقديم كتابها. فنظرته ثاقبة الكاتبة تمتلك ( كاريزما)
وكما ذكرت الكاتبة تعريف الدكتور غالي شكري للتراث:” التراث ليس وحدات
ثقافية منفصلة، انما هو شريان حي متصل بوعي أو بغير وعي في دمائنا.
وقالت مريم حمد:
ولأننا شعب عريق ولنا جذور وتاريخ لأن هذه الأرض لها حق علينا
سنبقى على العهد ما استطعنا.
ما دام فينا قلب ينبض بالحياة وذاكرة تقاوم النسيان، وسيبقى هناك دائما
مساحة للفرح، بهذه الكلمات اختتمت الكاتبة ماجدة صبحي كتابها الذي احتوى
على معلومات قيمة ودقيقة وثقت من خلاله الأهازيج التراثية والتراث الشعبي والثقافي لقرية بيت صفافا، وكثير من هذا التراث ينطبق على القرى المجاورة للقرية.
حاولت الكاتبة من خلال هذا الكتاب جمع كل الأغاني الشعبية في قريتها؛ لتعرف الناس عليها، وكان اصداره في وقت مهم جدا، خاصة مع الغزو الثقافي والإلكتروني لمجتمعاتنا، فهي بذلك وثقت جانبا تاريخيا وتراثيا هاما جدا.
وكما ذكرت بكتابها عن إبراهيم نصر الله أن الحكايات التي لا نكتبها تصبح ملكا لأعدائنا.
وقالت هدى عثمان أبو غوش:
بقلم ممزوج بالفرح والذكريات، وبرائحة الحب والأصالة، رغم وجه الحزن والألم على جسد الأرض الطيبة، أرادت الكاتبة ماجدة صبحي أن تشعل من خلال كتابها ذاكرتنا وذاكرة الجيل الجديد، الذي يجهل الأغنية التراثية الفلسطينية وحكايا الأعراس، والجدير بالذكر أنّ هناك الكثير من الكتاب الذين سبقوها ووثقوا جوانب من التراث الفلسطيني في عدّة كتب؛ كالباحثة النصراوية نائلة عزام لبس، والأديب المقدسي جميل السلحوت، والدكتور عبداللطيف البرغوثي،والباحث نمر سرحان وغيرهم. فاختارت الكاتبة قريتها، بيت صفافا من ضواحي القدس؛ لتقص علينا حكايا العرس الفلسطيني بكلّ مراحله ومراسيمه، بين دمعة وفرح وذاكرة عتيقة تبوح بهمسات جداتنا في مجتمع تقليدي فرض عليهن طقوس الزواج المبكر، وأثره على المرأة، وأثر التغيير السياسي الذي حدث في فلسطين من نكبة ونكسة وانتفاضة، وقد نتج عن ذلك شطر القرية إلى قسمين في ظلّ النكبة،ممّا أثر على الأغنية التراثية التي حملت الطابع الوطني الثائر،وعلى سير نسيج العلاقات الاجتماعية الصفافية بما يتعلق بالزواج.
استخدمت الكاتبة في كتابها”زفة وزغرودة يا بنات”عدّة وسائل من أجل إبراز جمال تراثنا الفلسطيني وعدم نسيانه، حيث قامت بتعريف معظم المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بالعرس الفلسطيني والأغنية التراثية؛ لترسيخها وفهمها بوضوح في ذهن القارئ. أجرت المقابلات الشخصية مع نساءالقرية واستعانت بالمصادر المختلفة، استخدمت الأسلوب السردي التصويري السلس البسيط المفعم بالتفاصيل الدقيقة والممتع، نجحت الكاتبة في تقريب المسافة بينها وبين القارئ من خلال مشاركتها بعض الصور من ألبوم ذاكرة عرسها قديما وعرس ابنها حديثا، وحتى لوحة ابنتها الفنانة التشكيلية خلود التي زينت غلاف الكتاب، فشعرنا أننا بالفعل في بيت الكاتبة وقريتها. حاولت إبراز التطورات الحديثة التي حدثت على الأغنية الفلسطينية والمراسيم والعادات التي تتعلق بالعرس حتى يومنا هذا بالاستعانة بالأمثلة.
بينت أثر السياسة اللعينة على حياة المجتمع الفلسطيني، حيث ظهرت بوابة مندلبوم والحواجز المختلفة حتى يومنا هذا وعلاقتها بالأعراس.”عرايس مندلبوم” و عروس من عند الحاجز أو خلف الجدار.
قامت بالإسهاب والإطالة في توثيق الأغنية التراثية، صوّرت تأثر أهل القرية بأغاني المدن كأهل الخليل(المهاهاة).
هناك بعض الألفاظ القليلة حبذا لو تم تفسيرها أو استبدالها بألفاظ أُخرى، مثل “لوكسات” واللوكس هو لفظ لاتيني معناه شعلة ضوئية.
“عجقة” لم تفسر الكاتبة هذا اللفظ العامي والذي يعني ازدحام واختلاط وتداخل مع ضجيج وعدم وضوح.
لم يتم الإشارة إلى أي دار نشر تم طباعته أو أية مؤسسة،أم أنه طبع على نفقة الكاتبة.
وقالت إيناس أبو شلباية:
الكتاب سلة فرح وحفظ تراث الأفراح في قرية بيت صفافا.
سأتكلم عن جزئية وهي شجرة البطم والبطم بعد البحث شجر معمر ينتشر في بلاد الشام. والبطم الفلسطيني هو شجر من فصيلة شجر الفستق الحلبي، ولكن الثمرات لا تؤكل، إلا أن الفلسطينيات كنّ ينتظرن موسم حصاد ثمر البطم، ويجففنه ثم يطحنّه
ويصنعن منه خبز البطم، ويضفنه الى “الدّقة” الفلسطينية، بالإضافة الى الصمغ
واستخدام خشبه المتين في صنع الأثاث.
استوقفني البطم لأنّه في بيت صفافا يوجد جامع البطمة وشارع البطمة وغيرها.
وقالت خولة سالم العواودة:
كتاب توثيقي للكل الفلسطيني، جاء يسرد كل ما يتعلق بالعرس الفلسطيني التراثي بكل جماله ورونق أغانيه وتفاصيله الجميلة.
يجمع بين دفتيه ذاكرة حية تخلد للأجيال ، ربما جاء حديث الكاتبة حول بيت صفافا كنموذج، ولكنه يكتب كل قرية فلسطينية تقريبا، حيث الشواهد حية جاءت على شكل أسماء شخوص حقيقيين وصور وتواريخ وأحداث عايشتها الكاتبة خلال مشوار بحثها المضني لأربع سنوات أو يزيد – حسبما ذكرت خلال السرد – حيث ارتأت توريثها كحالة أشبه بالسيرة الذاتية، ولكنها في الحقيقة سيرة غيرية أيضا، فلم تغفل الكاتبة عن أي نقطة مهمة إلا وأشارت أنها تؤرشف لذاكرة كل شخص فلسطيني عاصر تلك التراثيات الجميلة سمعها، غناها ، ترنم بها أو طرب لسماعها واستحسنها، فبقيت عالقة في ذاكرته، فجاءت الكاتبة بأسلوبها التوثيقي لتثير في نفوسنا شجنا وحنينا لكل تلك الأماكن والأزمنة، التي وصفتها بدقة العارف المتقن لتفاصيلها، كأنها بأسلوبها تأخذنا عبر قصص محكية، كثيرا ما كنا نسمعها من كبار السن ونظنها تخص بلدا أو حيّا ما، ولكنها اقحمتنا بكل جسارة في تفاصيل يومية عاشها معظمنا ولا زال يحتفظ بجزء ولو يسير منها.