صدرت قصة الأطفال “زغرودة ودماء” للأديب المقدسي جميل السلحوت هذه الأيام عن دار إلياحور للنّشر والتّوزيع في أبو ديس-القدس.
أدب الأطفال له خصوصية وطريقة تقديم مغايره مغايرة عن تلك التي تكون في أدب الراشدين، فالفكرة في أدب الأطفال تبقى عنصرا أساسيا في القصة، إضافة إلى المتعة التي يجب أن يجدها الطفل في القصة، فالعلاقة بين الفكرة وطريقة التقديم مهمة وأساسية؛ لتكون القصة منسجمة مع عقلية الطفل.
العنوان مثير، “زغرودة ودماء”، ورغم أن لفظ “دماء” قاس على الأطفال، إلا أن القاص خففه باللفظ الذي سبقه “زغرودة” وبهذا يكون قد (محا) وأزال القسوة من العنوان، يضاف إلى هذا الألوان والرسوم الجميلة التي لازمت أحداث القصة، وهذا يأخذنا إلى متن القصة، هناك زغرودة/فرح ومأساة/قسوة، لكن البداية كانت للفرح، بسبب نجاح “زيد”، لكن الفرح لم يتم التعامل معه بطريقة صحيحة، لأن أمّه “سوسن أخرجت علبة المفرقعات وأعطتها لشقيقه الطفل “رائد” ليفرقعها في الخارج، لكنها تفجرت في يده، ممّا تسبب ببتر ثلاثة أصابع، وهنا ينقلب الفرح إلى مأساة بسبب جهل “سوسن.”
واللافت في القصة أن القاص مهّد المتلقي لمعرفة أن هناك حدثا قاسيا، سيأتي فقد افتتح القصة بهذا الشكل: “قفز رائد ابن السنوات التسعة من فراشه مذعورا عندما سمع صرخة مدوية من والدته، رآها تقفز في الفضاء فرحة” الفاتحة توحي وتمهّد للطفل أن هناك أمّا لا تحسن التعبير عن فرحها، فعبرت عن الفرح بالصرخة التي أخافته وأرعبته.
وأيضا هناك تمهيد آخر يشير إلى جهل “سوسن” جاء متعلقا بسبب الفرحة: “..كم معدله؟
أمّ زيد: خمسة وخمسون” وهذا يعلمنا حجم الغباء والمغالاة في ردة فعلها،
وبهذا يكون القاص قد رسم طبيعة الشخصية التي تسببت بمأساة ابنها “رائد” بطريقة سلسة.
وفي نهاية القصة، نجد عقلية الطفل والطريقة التي يفكر بها، فعندما سأل “رائد” أمّه: “هل ستنبت لي أصابع جديدة بدل التي طيرتها المفرقعات” وهذا السؤال كاف بحد ذاته، ليعلم الأطفال أن اللعب بالمفرقعات خطر ويؤدي إلى كوارث،
دائما أدباء القدس يذكرون مدينتهم، ويؤكدون على حضورها في وجدانهم، يذكر القاصّ أن المستشفى الذي ذهب إليه الطفل “رائد” بعد الإصابة هو مستشفى المقاصد الخيرية في القدس: “الحقوني إلى مستشفى المقاصد” وهذا يحسب للقاص الذى أكد على فلسطينية المدينة.
القصة من منشورات إلياحور للنشر والتوزيع، القدس فلسطين، الطبعة الأولى .
29-11-2020