صدرت رواية «الخاصرة الرّخوة» للأديب المقدسي جميل السلحوت بداية العام 2020 عن مكتبة كل شيء في حيفا. وتقع الرواية التي أخرجها ومنتجها شربل الياس في 262 صفحة من الحجم المتوسط. أثارت الرّواية فور صدورها ردود فعل إيجابيّة واسعة، حيث كتب عنها العشرات، وذلك لما فيها من جرأة وعقلانيّة في الطّرح، وأشادوا بها شكلا ومضمونا، وهذا ليس غريبا على الأديب السلحوت، فكتاباته كلّها جريئة ولافتة. موضوع الرّواية: تطرح الرّواية قصص ثلاث نساء، كنموذج لمعاناة المرأة الفلسطينيّة بشكل خاص والعربيّة بشكل عام. فجمانة الفتاة المتعلّمة الجميلة المحافظة ترضخ لرغبة والديها وتقبل الزّواج من أسامة، خريج كليّة الشّريعة في الأزهر، وهناك تأثّر بالفكر الدّينيّ المتزمّت.. ولم يتعامل مع زوجته التي اصطحبها معه حيث يعمل بطريقة إنسانيّة، فكل شيء عنده حرام، التلفاز، المذياع، الكتب الأدبيّة والفكريّة، كلّها ممنوع مطالعتها، ومراجعة الطبيب أو المستشفى في حالة المرض حرام على المرأة. كظمت جمانة غيظها لأنّها كانت كالأسيرة في غربتها، وحملت وأنجبت ابنا، ولمّا عادت إلى البلاد بعد ستّ سنوات رفضت العودة إليه، وحصلت على الطلاق. والفتاة الثّانية هي عائشة التي تزوّجت رغما عنها وهي في الرّابعة عشرة من عمرها، وتمّ طلاقها والتّشهير بها بحجّة عدم عذريّتها، وتزوّجت مرّة ثانية من شخص في منطقة أخرى وهي في الثّامنة عشرة من عمرها، وعمر الزّوج أكثر من ضعف عمرها، فحملت وعند المخاض قالت الطبيبة أنّه لا تزال بكرا. والثّالثة صابرين الطالبة الجامعيّة التي وقعت في غواية زميل لها ثريّ جدّا، فحملت منه سفاحا، ممّا اضطره للزّواج منها خوفا من العواقب؟، وبعد أن أنجبت طلقها وواصل طريقه في المجون. من يقرأ هذه الرّواية سيجد فيها أنّ المرأة مظلومة في مجتمعاتنا الشّرقيّة، فالمتزّمتون دينيّا يتعاملون معها كوعاء لتفريغ شهواتهم وللإنجاب، ولا يحترمون إنسانيّتها. كما أنّ من يدّعون التّحرّر وبسبب التّربية الذّكوريّة يتعاملون مع المرأة كدمية يلهون بها متى وكيفما شاؤوا، ويتخلّصون منها متى شاؤوا أيضا. وهناك كثيرون ممّن يجهلون طبيعة المرأة من ناحية بيولوجيّة، ومقياس الشّرف هو العذريّة، والويل لمن تكون بكارتها مطّاطيّة، فعواقب ذلك وخيمة عليها وقد تودي بحياتها. والقارئ لرواية «الخاصرة الرّخوة» سيخرج بنتيجة مفادها أنّ التّزمّت الدّيني، يلتقي في نتائجه مع الإنفلات باسم التّحرّر في العلاقة مع المرأة، حيث يكون الطلاق نهاية حتميّة، ضحيّته المرأة والأطفال. فالمرأة هي الخاصرة الرّخوة للمجتمع بسبب عدم التّعامل معها بطريقة صحيحة. والأديب السلحوت المنحاز في كتاباته للدّفاع عن حقوق المرأة، طرح قضاياها بعقلانيّة وبأسلوب انسيابيّ سلس يطغى عليه عنصر التّشويق. يبقى أنّ نقول أنّ هذه العجالة لا تغني عن قراءة هذه الرّواية التي تعتبر قنبلة ثقافيّة، فجّرها الأديب السلحوت؛ لتثير جدلا واسعا غير مسبوق.