ديوان “ما زال في العمر بقية” في ندوة اليوم السابع

د

القدس: 22-8-2024 من ديمة جمعة السمان: ناقشت ندوة اليوم السابع المقدسية ديوان ” ما زال في العمر بقية” للدكتور عمر كتمتو، صدر الديوان الذي قدّمت له الدكتورة روز اليوسف شعبان، والدكتور محمد كريّم في العام 2023 عن دار الأقصى للدراسات والنشر في دمشق، ويقع في 127 صفحة من الحجم المتوسط، ومن تصميم وإخراج علي عبد الكريم الطيب.

افتتحت الأمسية مديرة النّدوة ديمة جمعة السّمّان فقالت:

“ما زال في العمر بقية” شهادة على القوة والصمود والاصرار على الحياة.

“ما زال في العمر بقية”  ديوان يجمع قصائد تحمل في طياتها الأمل.. للشاعر الفلسطيني العكاوي المغترب د. عمر كتمتو.

أهدى الشاعر ديوانه إلى زوجته الحبيبة والغالية إيلين كتمتو النرويجية الأصل.

وقدّمت للديوان الشاعرة الجليلية د. روز اليوسف شعبان، التي حثّت الشّاعر وشجّعته على جمع قصائده التي عاشت طويلا بين جدران بيته، تعتلي أرفف مكتبته قبل أن ترى النور. كان تقديما جميلا شاملا إنسانيّا. ولو أنّ ” التقديم” جاء تحت عنوان “مقدّمة”، وهو خطأ شائع يقع فيه الكتّاب، لأن الكاتب هو من يكتب “مقدمة” أو “توطئة”، وقد كتبها الشّاعر كتمتو فعلا تحت عنوان “توطئة”. وهذا خطأ يقع فيه العديد من الكتّاب.

أمّا الرّوائي د. محمد كريم فقد قدّم للكتاب تقديما جميلا أيضا تحت عنوان: ” بين يديّ هذا العمل”، يتحدّث من خلالها عن الشّاعر وتاريخه النّضالي، وبأسه الذي هزم المرض، مصرّا بإرادته القويّة على المضيّ بعطائه رغم الألم.

يقول الشّاعر في مقدّمة الكتاب أنّ غيابه عن شعره لم يكن بمحض إرادته، فقد كان طيلة تلك السّنوات يجمع نفسه في هذا الدّيوان بعيدا عن الدّبلوماسيّة التي سرقته من نفسه ومن قصائده عشرات السّنين، إذ شغل منصب سفير لوطنه فلسطين في الدّول الاسكندنافيّة طيلة تلك الفترة.

ديوان جميل.. جسّدت رمزيّة عنوانه فلسفة عميقة نقرأها بين السّطور، فهناك إصرار على الصّمود، كما أنّ العطاء والأمل لا ينقطعان طالما بقيت الحياة. العنوان يوحي بأنّ الكاتب يرى في كل يوم جديد فرصة للنّهضة والتّعبير.

يجسّد الشّاعر في الدّيوان لفكرة الوطن المفقود، ويجعل من قصائده وسيلة للتّعبير عن الحنين للوطن، والتّشبّث به رغم البعد، فيعكس مشاعر معقّدة، تتحوّل إلى شعلة مستمرّة طالما لا زال في العمر بقيّة.

كما أنّ الشّاعر جسّد ازدواجيّة الانتماء بين الوطن الأوّل فلسطين، ووطنه الثّاني سوريّة أيضا.

عكست الازدواجيّة تعقيد تجربة المنفى واللجوء، حيث يجد الشّاعر نفسه ممزّقا بين حنينه إلى جذوره وشعوره بالامتنان للمكان الذي احتواه وهو ابن السّادسة من العمر، ومنحه الأمان والحبّ.

هو لا يحنّ فقط إلى الوطن الأول، بل يحنّ إلى الوطن الثّاني أيضا كنوع من الاعتراف الجميل للارض، التي وفّرت له ملاذا بعد أن فقد وطنه الاول.

يستحضر الشّاعر في قصائده ذكريات جميلة من الوطنين، مرتبطة بالأماكن والأشخاص والأحداث التي عايشها، فتعزّز الصّلة بينه وبين هذين المكانين، ويوظّف الذّكريات في بناء الأمل، حتى ولو كان هذا المستقبل بعيدا عن الوطن.

وقفت مليّا عند قصيدة ” حوار مع الموت”، التي تحمل دلالات عميقة على المستويين النّفسي والفلسفي. شعرت بقوّة التّحدي والمواجهة، إذ أن الشاعر يتحدّى الموت، يتجاوز فكرة الموت كشيء مخيف. هذا التحدّي يعكس رغبة الشّاعر في السّيطرة على مصيره حتى في اللحظات الأخيرة قبل الرّحيل.

كما أنّ الشّاعر يصل إلى مرحلة من النّضج النّفسي، هي مرحلة التّصالح مع الفقد، فلم يعد الموت يرمز للفراق أو النّهاية المأساويّة، بل مجرّد خطوة تالية في رحلة الحياة. هذا التّصالح يمنحه نوعا من السّكينة والسّلام الدّاخلي.

القصيدة تحمل رسالة قويّة عن التّحدي والرّغبة في الحفاظ على الرّوابط الرّوحية مع الأحبّاء حتّى بعد رحيلهم.

أمّا عن اللغة التي كُتبت القصائد بها، فهي لغة شعريّة جميلة ومعبّرة. وعلى الرّغم من بساطتها، تحمل عمق المعنى والشّعور، بل تزيد من قوّة التّأثير بالمتلقّي لأنّها تلامس القلب، فهي تنبع من عمق التّجربة التي تحاكي المشاعر دون أيّ تكلّف.

وقال محمود شقير:

1

بعد هزيمة حزيران 1967 وصعود المقاومة الفلسطينية ردًّا على  الهزيمة سادت في بعض أشعار تلك المرحلة نزعة الحماسة والصوت العالي والمباشرة، ولم يسلم من تلك النزعة سوى الشعراء المتمكنين من فنهم المدركين لطبيعة الشعر ودوره في الحياة.

ثم تزايد على نحو واضح حضور هذه النزعة أثناء انتفاضة الحجارة عام 1987، بحيث كثر التغزل بالحجارة وجرى الإكثار من ذكرها في القصائد، إلى الحد الذي دفع الشاعر محمود درويش إلى القول في أحد الحوارات التي أجريت معه: “إن شعر الانتفاضة بحاجة إلى عشرة آلاف عامل لتنظيفه من الحجارة”.

الجدير ذكره؛ أن كثيرًا من تلك القصائد المباشرة تجاوزها الزمن، ولم يبق صامدًا في وجه الزمن سوى تلك القصائد التي كتبها شعراء متمرسون في فنهم حريصون على تجنيبه تلك السلبيات الضارة بالمستوى الفني للشعر.

2

يوحي عنوان هذا الديوان الذي نحن بصدده الآن أننا أمام شاعر كهل عركته الحياة بعد أن خاض غمارها طوال سنوات، وأنه ما زال مستعدًّا لمواصلة التجربة، حيث الأمل ماثل في الذهن برغم الأحزان والانكسارات والغربة وموت الأصدقاء.

وحين نقرأ قصائد الديوان نجدها بعيدة من الشعارات الرنّانة ومن المباشرة غير الفنية التي تأخذ الشعر من أحضان اللغة المهموسة إلى تخوم النثر العاري الذي لا يليق بالشعر.

حتى قصيدة “نداءات إلى صقر قريش” ص90 التي كتبها الشاعر بعد مذابح أيلول في عمّان عام 1970 ، فإنها نجت من النزعة التي وصفتها في أول هذا المقال، وأيضًا فإن قصيدة “المدينة” ص101 التي أتوقّع أنه كتبها أثناء أو بعد حصار بيروت عام 1982 ظلت بمنجاة من المباشرة غير الفنية ومن ضجيج الشعارات.

3

ولن نفاجأ حين نقرأ حنين الشاعر، وهو يعيش في الغربة، إلى موطنه الأول: عكّا، وإلى ذكرياته فيها، تلك الذكريات التي عاشها في طفولته هناك، حيث التفاصيل الحميمة قبل أن يغادرها قسرًا مع أهله من جراء الغزوة الصهيونية التي احتلت البلاد وطردت أهل البلاد.

وقد انبعثت هذه الذكريات مجدّدًا حين عاد الشاعر إلى عكا زائرًا، بعد سنوات من الغياب، وبعد أن أخذ الموت الأهل والأحباب.

لن نفاجأ كذلك ونحن نقرأ حنين الشاعر إلى موطنه الثاني: دمشق، بعد أن أخذته الغربة بعيدًا منها، ولم تترك له سوى تذكّر الأماكن التي أحبّها وألفها في المدينة، وكذلك حنينه إلى الأصدقاء، وبخاصة الشعراء منهم، الذين تخطَّفهم الموت ولم يعودوا على قيد الحياة، ما جعله يتأسى عليهم بعد أن أصبح وحيدًا في خضّم الحياة، لا يملك إلا أن يبثّ نهر بردى حزنه وشكواه.

4

يتألق الشاعر عمر صبري كتمتو في هذا الديوان، ويبدو متمكّنًا من فنه قادرًا على نقل مشاعره إلى المتلقي بسهولة ويسر، بالنظر إلى لغته الجميلة، المنسابة غير المتكلفة، وبالنظر إلى تأثيث قصائده بعناصر من التراث العربي، وبالحرص على عنصر الإيقاع في شعره، حيث الجمال الذي تبعثه في النفس القوافي التي تأخذ مكانها في القصائد من دون افتعال، وحيث الإيقاع الداخلي المتشكّل من  الشاعرية العذبة التي تبثها الصياغات اللغوية الرشيقة في نفس المتلقي.

ولعلّ ما يعزّز مكانة هذا الديوان في إطار الشعرية الفلسطينية والعربية الحضور المرهف للمرأة التي يمكن أن نرى فيها امرأة من لحم ودم، ويمكن أن نرى فيها ترميزًا للوطن. كذلك، تلك الرغبة المشروعة في فضح هزال النظام العربي الذي يخضع المواطنين بالقمع الذي تمارسه الأجهزة التابعة للقائد الفرد المتسلط عليهم، وهو الذي يتستّر بالدين للتغطية على ما يمارسه من فحش ومجون.

5

بقي أن أشير إلى التفاوت الملحوظ في طول القصائد، حيث القصائد المطوّلة التي تعبر عن الحنين وعن الذكريات وعن الموت والحياة، وعن التسلط والاستبداد، وهي موضوعات بحاجة إلى استقصاء وتجسيد للتفاصيل الضرورية للإضاءة الكافية عليها عبر السرد القصصي الأخّاذ.

فيما نجد في الديوان قصائد قصيرة تذكرني بالقصص القصيرة جدًّا، المكتوبة بإيقاعات جميلة، وهي المعنيّة بعرض موضوع واحد أو لمحة واحدة من تيار الحياة المتدفق، عبر عنصر السرد الشائق الذي لم تخلُ منه أغلب قصائد الديوان.

وقالت د. روز اليوسف شعبان:

تقديم لديوان ما زال في العمر بقيّة، للشّاعر د. عمر صبري كتمتو

شرّفني الشاعر د. عمر صبري كتمتو بكتابة تقديم لديوانه، ما زال في العمر بقيّة، الصّادر عن دار الأقصى للدّراسات والنشر، في دمشق، 2023، بموافقة  وزارة الإعلام واتّحاد الكُتّاب العرب.

وكنت قد تعرّفت على الشاعر في ندوة اليوم السابع المقدسية، التي تديرها الروائية المقدسية ديمة السمّان عبر الزوم، ثمّ شاءت الأقدار أن نكتب كتابنا المشترك” وطن على شراع الذاكرة“، وهو مجموعة رسائل متبادلة بيننا، كنت خلالها أنقل له صورا ومشاهد من عكا محملّة بشوق البحر وأمواجه للشاعر المغترب ابن مدينة عكّا، وكان بدوره يردّ على رسائلي، برسائل تحمل الكثير من الشوق والألم والذكريات التي لا زالت تداعب مخيلّته حتى الآن.

     لقد لمست في رسائله لغة شاعريّة انسيابيّة جميلة، مكتنزة بالاستعارات والمجاز، وتساءلت حينها: لماذا لا يصدر ديوانًا من الشعر ما دام يملك هذه اللغة المكتنزة بالصور الجميلة؟

 وكم سعدت حين رأيت ديوانه الثاني ما زال في العمر بقية، بين يديّ،  وكان قد صدر ديوانه الأول نداءات إلى صقر قريش، في دمشق عام 1972 عن اتّحاد الكُتّاب العرب.

    إنّ عنوان الديوان يوحي بقوّة العزيمة والإصرار والتحدّي والصبر  وعدم اليأس، التي تحلّى بها الشاعر عمر كتمتو، فما دام بالعمر بقيّة؛ سيستمر الشاعر في عطائه وإبداعه.

    وها هو في عمره هذا وقد جاوز الثمانين، يأخذنا في رحلة شعريّة عبر ذاكرته ووجدانه، لنرى عكّا بلدته الحبيبة من خلال بيته العتيق، بصّارة الحيّ القديم، شجرة التين بجانب بيته، مسرح طفولته، كرسيّ جدّه، أرجوحة كانت معلّقة بصحن الدار، كلّ ذلك نقرؤه من خلال قصائدَ تفيض عذوبةً وحسرةً وألمًا ووجعًا. فهل هناك أكثر من وجع فقد البيت والوطن؟ وفي هذا يقول الشاعر:

” كبر الصغار وغادروا الحيّ القديم

وأغلقوا باب الديار

وخلّفوا البيت العريق وراءهم

نارنجة أو ياسمينة

رسموا على جدرانه صور الطفولة”. ص 16.

   ثمّ يأخذنا الشاعر إلى وطنه الثاني سوريا، التي احتضنت اللاجئين الفلسطينيّين، وتعاملت معهم باحترام ومحبّة، ومنحتهم كافّة حقوق المواطنة، والشاعر يحفظ هذا الكرم لسوريا ولدمشق تحديدا، والتي عاش فيها منذ أن غادر فلسطين عام 1948، وكان عمره ست سنوات، حتى تعليمه الجامعيّ. فدمشق تسكن روحه، لذا من الطبيعيّ أن تحتلَّ دمشق مكانة في قصائده وأشعاره، فيتغنّى بها ويتذكّر رفاقه، رفاق الدرب والنضال، فيرثي بعضهم ويتمنى الخير والبقاء للآخرين.

    إن الموت الذي خطف رفاق الشاعر، جعله يقف أمامه متحديًّا إياه، فيحاوره في قصيدة ” حوار مع الموت” هذه القصيدة التي تفيض حزنًا ووجعًا وشاعريّة. يقول الشاعر:

“عندما يأتي اليّ الموت لن أبكي ولن أحزن

ولكني سأطلب منه وقتا كي أزور قبورَ من رحلوا

وأجمعَ  بعض أوراقي

وأشربَ نخبَ من وهبوا الحياة نقاءها”.

ورغم ابتعاد الشاعر عن سوريا واستقراره في بلغاريا طلبا للعلم، ثم استقراره  في أوسلو حتى يومنا هذا، إلا أنّ دمشق بقيت تسكن روحه ووجدانه، فيقول لها:”
أنا ما هجرتكِ، يا دمشقُ

وما عتبتُ

ولا ذرفتُ دموعَ صبٍّ

لم يجربْ بعدُ شفّةَ وجدِهِ

أو يلمسِ الأحجارَ فيك

ولم يُقبّلْ ياسمينةَ بيتِهِ

أنا لم أُبِحْ فيكِ الحراما

أنا ما رضيتُ لكِ افتراقًا

أو عذابًا أو سقاما

أودعتُ فيكِ أحبّتي

فالجرحُ جرحي

أستضيءُ بنوره دربًا

وأقتحمُ المدائنَ والظلاما

هذا هو الشاعر عمر صبري كتمتو، الشاعر المرهف، العاشق لوطنه فلسطين ووطنه الثاني دمشق، الشاعر  الذي يتعلّق بالحياة ويتغذّى بالأمل، رغم بعده عن وطنه وتنقّله في المنافي، وهو إلى جانب ألمه وما ألمّ  بشعبه،  نجده يتألم لما أصاب الشعوب العربيّة،  فيكتب للعراق يناجي شهرزاد، يبكي رفاقه في السجن، ويحترق قلبه وجعا على ما حدث لبغداد ولغيرها من بلداننا العربيّة.

كلّ ذلك بلغة جميلة رزينة السبك، في قالب شعريّ موزون، حرص الشاعر على إيقاع كلماته، فجاءت الاستعارات طوعًا بين يديه ولسانه، لتتشكّل قصيدةً موزونةً رقيقةً، تأخذ بروح القارئ إلى عوالم مليئة بالصور والمشاهد الشعريّة التي تتخلّلها السرديّة الحكائيّة في قوالب شعريّة جميلة.

مبارك للشاعر عمر صبري كتمتو هذا الديوان الجميل،  وفي انتظار المزيد؛ فما زال في العمر بقيّة والقادم أجمل بمشيئة الله.

وكتب د. محمد كريّم:

لم يبرح الدكتور عمر كتمتو، الدبلوماسي الرفيع والإنسان المرهف، يقول شعراً في فعله ونظرته للحياة والمجتمع. سرق النضال الوطني بأشكاله المختلفة، فضلاً عن الدراسة الأكاديمية المناضل عمر كتمتو، ليتناوبا على قذفه من عاصمة لأخرى حتّى حطّت رحاله في بلغاريا، فأتمّ دراسته الأكاديمية حتى حصل على درجة الدكتوراة في المسرح.

ثم تولّت الديبلوماسية الفلسطينية الشقّ الثاني من حياته، وهو المناضل الذي حاز- في استقطاب الصهاينة للكثير من الدول الاسكندنافية- ثقة دولٍ كانت تصطف في المعسكر الآخر، فقام بالجهد الذي لا يتوقّع أقلّ منه من هكذا قامة وطنية، فكان له كبير الأثر في تغير نظرة تلك الدول إلى قضيتنا وبالتالي تأسيس وجود فلسطيني ديبلوماسي في شمال القارة العجوز.

استهلك هذان المفصلان طاقة وفراغ الشاعر الشابّ، الذي نشر أولى قصائده وهو في السادسة عشرة، فمنعاه من كتابة الشعر، أو فلنقل تدوينه، في حين كانت حياته شعراً في شعر.

لن نستغرب، من مناضل خَبِرَ البأس والصبر من أن يعود بعد نحو عقدين من الانقطاع؛ ليقول “ما زال في العمر بقيّة”، وهو الذي صارع مرضاً فصرعه أو أوشك، بعد أن تولّى، ذلك المرض، رميه في المشفى مراتٍ ومرات. ولكن في النهاية انتصر ذلك الفلسطيني على ذلك المرض فقهره وزاد ليتحفنا، بشعر رصينٍ فيه الكثير من الصور الشعريّة، التي تنمّ عن عميق خبرةٍ ولغة أخّاذة.

كانت الصور الشعريّة، التي عجّ بها ديوان د.عمر، تحملك من وجعٍ إلى آخر، وجع الألم ووجع الوطن أو الوطنين. وجع فلسطين التي نذر نفسه لها، ووجع دمشق التي لم تغادر فؤاده.

أي حبٍّ وأيّ تصوير لتلك الآلام التي نثرها د.عمر غمامة تبكي فوق رؤوس من يقرأ هذه الصفحات لتؤكّد أنّ الجرح أعمق من أن تداويه السنون، وأنّ المرابطَ ما يزال على منهجيته وفي خطّه الوطنيّ الذي لن يشطب دوره فيه (والٍ) هنا أو (محتلٍّ) هناك.

ولم يخرج الوفاء الذي دأب عليه د.عمر عن سياقه، فلم ينسَ الكثيرين من رفاق دربه الذين قضوا شهداء، أو ما زالوا منتظرين، ببعض القصائد التي كتبها بماء العيون.

الحقيقة، كلّ الحقيقة أن د.عمر، ابن عكا التي ردّت الغزاة ينطلق مجدّداً من بين الرماد، طائر فينيق ليقول، لكل النّاس “ما زال في العمر بقيّة”.

اعتقدُ شبه جازمٍ، أن د. عمر بعد أن نشر ديوانه الأول في دمشق، والثاني في عكّا، والثالث في دمشق مجدّداً، سينشر الرابع غير بعيد في القدس أو بيروت، بعيداً عن سكن جسده في الشمال الأوروبيّ وقريباً من سكن روحه إن لم نقل روحه ذاتها.

ومن شيكاغو كتبت هناء عبيد:

هذا العمل هو الإصدار الرابع للدكتور كتمتو وقد صدر بعد ديوانه الأول نداءات إلى صقر قريش الصادر في دمشق عام 1972، ومسرحيته “بيت ليس لنا”  المهداة إلى روح صديقه الشهيد غسان كنفاني الصادرة في رام الله عام 2019 ثم العمل المشترك في أدب الرسائل مع الدكتورة روز اليوسف شعبان، (وطن على شراع الذاكرة) الذي صدر في مدينة عكا عن دار أسوار عكا عام 2022م.

الإهداء

أهدى الدكتور عمر العمل إلى زوجته حيث كتب

إلى زوجتي الحبيبة إيلين كتمتو

ثم جاء بعد الإهداء كلمة شكر وتقدير لكل من الشاعرة الأديبة الدكتورة روز اليوسف شعبان والأديب الشاعر محمد كريم لمساهمتهما في العمل، كما قدم شكره لدار الأقصى للنشر والقائمين عليها واتحاد كتاب العرب في دمشق ولمن قام بتصميم الديوان وغلافه.

توطئة

تحدث الدكتور عمر من خلالها عن غيابه عن الشعر بسبب الديبلوماسية التي أخدته بعيدًا حيث كان سفيرًا لفلسطين في النرويج، كما قدم من خلالها امتنانه لوطنه الأول فلسطين وعكا مسقط رأسه، وسورية التي أصبحت وطنه الثاني، ودمشق منشأه التي اكتسب فيها العلم واللغة العربية على يد أساتذة كبار أمثال الشاعر الفلسطيني أبو سلمى والدكتور مازن المبارك وعبقري نحو اللغة العربية الأستاذ سعيد الأفغاني والدكتورة عزيزة مريدن وغيرهم.

التقديم

كتبته الدكتورة روز اليوسف شعبان وذكرت فيه ندوة اليوم السابع المقدسية التي كان لها دورها في التعرف على الدكتور عمر صبري كتمتو، وعن مشيئة الأقدار في أن يتم عمل مشترك بينها وبين الدكتور عمر، وهو عبارة عن رسائل أدبية بعنوان “وطن على شراع الذاكرة”. وقد تحدثت أيضا بإسهاب عن هذا العمل بما يحمله من حزن وألم وشوق وحنين لمدينة عكا مسقط رأس الشاعر الدكتور عمر كتمتو، ثم حديثه عن سورية التي احتضنت اللاجئين الفلسطينيين.

تحت هذا العنوان أيضًا كتب الدكتور محمد عبد السلام كريم كلمته للدكتور عمر صبري كتمتو متحدثًا فيها عن روح الشاعر عمر الوطنية وحسه المرهف ومسؤوليته الكبيرة نحو القضية الفلسطينية.

الديوان

يبدأ الشاعر عمر كتمتو ديوانه بقصيدة “بصارة الحي القديم”، حيث الكلمات المنسكبة بقوالب شاعرية، والأحاسيس التي تأخذنا معها إلى حيث ولد في عكا وحكاياته الشعرية، التي نعيش من خلالها تفاصيل قد تكون صغيرة للبعض، لكنها عميقة الأثر في نفس كل من هجّر عن وطنه

يقول فيها:

تيممت أمي برمل البحر قبل صلاتها

فملح البحر يخدش ملمس الأنثى بحرقته

وشح الماء أتعبنا بذاك العام

حيث ولدت في عكا

وكنا بانتظار الغيث

نرنو للسماء

ونسأل ربنا العالي

أن يسقي لنا الأرض المقدسة الجليلة

كانت أمي بعد أن تنهي الصلاة

تضيء شمعًا في فناء الدار ثم تطرق باب جارتنا المسيحية

لتدعوها

فتأتي وهي تحمل في يديها

بعض حلوى للصباح

وتقول أمي

“بارد هذا الصباح”

لتجيب جارتنا

“لعل الله يرزقنا بخيرات ومطر!

فالغيث يكسر حدة البرد العنيد

ويرتوي صدر الحقول

ويطمئن له الثمر”

ثم يكمل قصيدته التي تخبرنا من خلال كلماتها الدافئة “بصارة الحي القديم” أنه” ما زال في العمر بقية” وهو العنوان الذي اختاره الشاعر عمر لهذا الديوان.

ثم تأتي قصيدة بعنوان “حوار مع الموت”

يتحدث فيها عن حنينه إلى كل من رحلوا فهو يطلب من الموت عندما يأتي أن يعطيه وقتًا كي يزور قبور من رحلوا، وهنا تتجلى روح الوفاء والإخلاص لدى الشاعر يقول:

عندما يأتي الموت

لن أبكي

ولن أحزن ولكني أطلب منه وقتًا

كي أزور قبور من رحلوا

وأجمع بعض أوراقي

ويتشظى حزن الشاعر لفراق الأحبة ويأخذنا معه في رحلة الوجع فيقول:

عبثًا أحاول أن أنام

وتصطلي فيّ الجراح

فبأيّ حزن يستطيع القلب

أن يحيا وينبض

بعد أن نهب الأحبة

ليل رقاده ثم استراحوا؟

ثم يعنون قسمًا آخر في الديوان بالوصايا

يبدأها بقصيدته

الإخوة

يتحدث فيها عن ذكرياته الدافئة مع إخوته فيقول:

جلسوا بقرب المدفأة

كي لا يحل البرد في أجسادهم أو يستقيم

وتزاحموا متدثرين بجلدهم

وتقاسموا خبز المساء

وبسملوا وتراحموا

أما في قصيدته الضحية

فهو يحدثنا عن الظلام الذي لن يعتقنا حتى بوجود الشمس، ويحاول أن ينتقي منا الضحية مهما حاولنا عبثًا أن نضيء الشمع في البئر الأخير.

ولم تخل قصائده عن مراحل العمر المختلفة وذكرياتها التي بدت حزينة، فبدل أن تحفل بالشقاوة، شابها حزن الفراق، فراق البيت العتيق الذي اشترك فيه معظم صبية مدن وقرى فلسطين، وبدل أن تنفتح الأبواب على الأمل والحياة، رُسمت طفولتهم على جدران الفراق.

لكن رغم كل الحزن إلا أن الأمل لا تنطفئ شموعه فهو يوصي نفسه بترويض مشاعره الرقيقة، والخروج من سجن الماضي الذي لا يرحم حتى تستمر الحياة بعنفوانها.

تتدفق أحاسيس الشاعر؛ ليرسل حنينه إلى أرواح أصدقائه ممن فارقوا الحياة، ويرسل أشواقه لمن ما زال على وجه الأرض منهم في قصيدته الرقيقة كفارة الشاعر، كما تتدفق مشاعره نحو دمشق التي لا تفارق وجدانه. يقول:

أنا ما هجرتك، يا دمشق

وما عتبت

ولا ذرفت دموع صب

تتشابه مدننا في أوجاعها، وتطرق باب آلامنا، فلكل منها ذاكرتها ولنا فيها أحلامنا، وقد كان لكل مدينة وقفتها في الوجدان، فها هي بغداد محور قصيدة شهرزاد حينما تحاورها لغة الأحزان المشتركة في التشريد والغربة، وحينما تتغنى الحروف بمجد الشواطئ والأنهار في تاريخ الأمجاد المكلوم

آه

ما أقسى الوتر!

شهرزاد!

عفرت في الساح أحلام قديمة

وانتهينا

رقدت بغداد فوق النهر عريانة

وتعالى في فناء القصر صوت

يا جمانة

عطري الثدي وغني

ما أجمل الوفاء في الصداقة، والإخلاص لها، خاصة حينما ترشقها الحروف الدافئة، وهذا ما وجدناه يتجلى بوضوح في روح الشاعر، فهناك قصائد أفردها للأصدقاء والصحب، تارة يستذكر فيها أوقاته الجميلة، وتارة يشكو لهم وجع الغربة والمنافي

آه صحابي

ها هنا أغفو

وتصحو في المآقي أدمعي.

وتتوضح لنا ملامح الصديق في كلمات الشاعر الرقيقة إذ يقول:

سمح ومن عينيه يبتسم الحياء

في وجهه

تجد البراءة رسمها

وتلوح منه الكبرياء

ثم يصور لنا وجعه المشترك فيقول:

تمضي بنا الدنيا

ويعبث في مصائرنا الزمن

ما بين حب صار ذكرى

وسرابا ووسن

وما أقسى الوجع حينما يتحول إلى نقمة بسبب الحنين إلى أشرعة غادرتنا بعد أن كانت تحملنا على جناحي طائر يحلق في حقول الوطن. يقول:

لكن هيهات أن تنهي حياتنا ففي العمر بقية

أنا ما زلت أعيش

وأقبع في زاوية من موطني

أشرب مر القهوة

أسحق بالمهباج الهال

وللعشق جولات وإن كان يطرق أبواب السراب، وقد تكون المعشوقة وطنًا أو مدينة، فالمكلوم ببعده عن الوطن لا يميز بين معشوقته ومدينته، فكلتاهما له وجوده في القلب والروح، لا يمكن أن تغتالهما المسافات أو الزمن. يقول:

أتوقع وجهك سمحًا

في موجة بحرِ سمحًا

قادمة صوب الشط المهجور

فأكتب شعرًا فوق الرمل

يمر عليه الماء

فيُمحى

ويستمر الحنين، والوجع والعشق في سطور مكتوبة بأنات الروح، وآهات الأشواق إلى مدن غادرها الجسد والتصقت بها الروح.

وليل الصبر رفيقًا ينشده الشاعر في كل مسارب أحزانه:

اصبر قليلا

ها أنت وحدك في الطريق

مكبلًا بالحزن مسكونًا بأبيات

رواها شاعر جزل

في هذا الديوان الشعري الرقيق، الحالم، نعيش كل قصيدة، ونتفاعل مع كل أحاسيس البعد عن حضن الوطن. نقف على أطلال ذاكرتنا المحملة بالطفولة المؤودة، والأحلام المكسرة على أعتاب وطن جريح، ينتظر عودة مهاجر، يحمل مفتاحًا يشع شوقًا إلى باب بيته حتى وإن تآكل من صدأ الانتظار، كل ذلك نعيشه من خلال انصهار أرواحنا مع قصائد شاعرية رقيقة، ولغة أنيقة رغم كل أوجاعها الكامنة في الحنين والشوق إلى ربوع وطن بات يمتثل أمام ناظرينا كطيف جميل، يعيدنا إلى دفء حضن أمّ ما تزال تغني أنشودة الأمل والحلم والحياة.

“ما زال في العمر بقية” ديوان شعري من أدب المقاومة، يحكي قصة شعب سيظل صامدًا حيًّا وإن وارى جسده التراب، فالحق عائد إلى أصحابه مهما طال الزمن. قصائد الديوان حيكت بلغة أنيقة رقيقة، وبمشاعر صادقة، وأحاسيس غربة موجعة، وقلم مهجر قسرًا عن أرض الآباء والأجداد.

“ديوان ما زال في العمر بقية” بكل تأكيد؛ إضافة أدبية نوعية إلى رفوف المكتبة الفلسطينية خاصة والعربية عامة.

وقالت هدى عثمان أبو غوش:

“ما زال في العمر بقية”عنوان يحمل إحدى قصائده، وفيه تحدّ للذكريات الأليمة، في هذه المجموعة من القصائد يعبّر الشاعر كتمتو عن ذكريات الماضي والحنين، والخذلان من خلال وصفه للحاكم المنافق الذي يستغل الدّين لمصالحه، كما ويعبر عن الحبّ، والغربة والمنفى، وعلاقته بوطنه فلسطين، فالشّاعر ابن عكّا، وبلده الثاني دمشق، وثمّ أوسلو،ومّما يذكر فإن الشّاعر هو السّفير الفلسطيني السّابق لدى النرويج.

جاءت القصائد بأسلوب سردي وطني قصصي، كان التّنوع في استخدام الضمير في قصائده، فتارة كان الضمير المتكلّم في عدّة قصائد؛ ليعبر عن فيض المشاعر ويبوح بالصورة الشعرية السّردية، وملامح الحزن، وتارة استخدم الضمير المخاطب،؛ كي يعبر عن الغضب والخذلان، وكذلك ليعبّر عن الحنين الجارف سواء الحبيبة أو للمدن، يقول في مخاطبة بيروت:” عودوا إلى صدري الحنون”، وأيضا استخدم ضمير الأمر.

استخدم المناداة للتعبير عن حاجة الأمّة إلى المخلّص بسبب ما حلّ فيها من خراب وفساد كما جاء في قصيدة “يا صقر قريش”.

وأيضا استخدم ضمير الجماعة(ص95)،وضمير الغائب.

استخدم الحوار العام كما في قصيدة” بصّارة الحيّ القديم ” الذاتي كما في قصيدة “حوار مع الموت” يقول:” أتراه يسمعني؟ ويستجيب لرغبة الكهل الذي يمشي”.

ذكر المكان في قصائده كي يصوّر حنينه وشوقه للمكان مثل:عكّا،العراق،دمشق،شام،حوانيت الأزقة والمقاهي، الحقول.

ذكر الطبيعة مثل:زهرة الدفلى، شجرة التّين، الأزهار.استخدم الأسلوب الإنشائي من تساؤلات وحروف النفي.

استخدم ألفاظا دينيا مثل:صلاة، تعمدوا، توراة، قرآن، آيات، أسفار،

تهجد،ىزكاة.

صوّر الطبيعة من خلال استخدامه للألفاظ المتعلقة بها مثل: (جداول،ىمياه،ىنهر،ىسماء،ىرياح،ىموج).

استخدم عنصريّ الزمان والمكان مثل:فجر،ىليل،ىمساء،ىفناء الدّار،ىخريف.

استخدم الطباق مثل:رحلت-تعود(ص37)،ىأموات-أحياء(ص88)،فالظلام ينام تحت الياسمين ثمّ يصحو(ص38).

وكتبت نزهة الرملاوي:

(ما زال في العمر بقية) جملة توحي بالارادة والتحدي والأمل ومقاومة الصّعاب، ومن أقوى على محن ومصائب الدّنيا غير الفلسطيني المعذّب، سواء كان في وطنه السّليب، أو كان نازحا أو منفيّا في بلاد الله.

يعتبر هذا الديوان الثاني والكتاب الثالث بعد المراسلات الرائعة في كتاب ( وطن على شراع الذاكرة ) الهادفة الرقيقة بينه وبين الدكتورة روز يوسف شعبان، والتي تراوحت ما بين الحنين للوطن وشقاء الغربة والتّهجير من الأرض، والشوق إلى البيت العتيق والبحر، الى لوعة الاغتراب في بلاد الله.

الشّعر مصدر من الشّعور والأحاسيس والتّعابير الجياشة، ولا ينبع إلا من شخصيّة مرهفة ذات قلب شفاف، شخصية صادقة، مصبوغة بالحزن لما آل إليه حال الوطن، ووجع وعشق وانتماء وفقد للأحبة، حمّلته حزن الدنيا وآهاتها، وشخصية تعبر عن الأمل والوفاء في صور ايحائية جميلة.

بينت قصائد الدّيوان وفاء الشّاعر للحبيبة، وتخليد لذكريات صنعتها لهما الحياة فأثارت عواطف عديدة، عاطفة الحبّ والشّوق والحزن، تخللها كلمات العتاب والانتظار، والدّموع والألم والفرح والرّجاء واللقاء.

ونرى أن استخدام الشّاعر لعنصر الزّمان، أثار بين دفتيّ الدّيوان حنينه لأيام الطفولة وأيام الصّبا والشّباب وما يكمن وراءها من عواطف متأججة ونضال وكفاح واشتهاء للحريّة، معبرا فيها عن مواقفه تجاه التخاذل والانقسام في الوطن.

 من الملاحظ أنّ الشاعر سكن مدنا سكنته كدمشق، التي وهبته العلم والأمن والجمال والحياة، فكان لها وفيّا، ألهمته أماكنها الحبّ والدفء، فذكر حوانيتها الشّامية ومقاهيها وأزقتها وياسمينها.

كذلك ذكرياته الطفولية في عكا التي هُجّر منها، حيث بقيت آثار التينة والبيت العتيق ولون البحر في خيال طفل بكى مع أمّه وأخته يوم الرحيل.

حمل الشّاعر في قلبه الهم العروبيّ فكان واضحا في قصائده، كاحتلال فلسطين وقضيتها واحتلال بغداد، ومقاومة بيروت.

من الملاحظ أن امتلاك الشاعر للغة جميلة صادقة وشعرا موزونا منسابا، ساعد في دخول القصائد إلى قلوب المتلقّين دون حجاب.

تمضي حياتنا بحلوها ومرّها، سنكتب تفاصيلها يوما ما دام في العمر بقيّة.

التعليقات

جميل السلحوت

جميل حسين ابراهيم السلحوت
مولود في جبل المكبر – القدس بتاريخ 5 حزيران1949 ويقيم فيه.
حاصل على ليسانس أدب عربي من جامعة بيروت العربية.
عمل مدرسا للغة العربية في المدرسة الرشيدية الثانوية في القدس من 1-9-1977 وحتى 28-2-1990

أحدث المقالات

التصنيفات