القدس: 15-6-2023–ناقشت ندوة اليوم السابع الثقافية المقدسية قصة ” الفراشات المضيئة” للكاتبة نزهة الرملاوي، تقع القصة الصادرة عن دار الهدى-كريم في كفر قرع في 40 صفحة مصقولة وملوّنة بريشة الفنانة إلهام المغيث نزال. دققها لغويا محمد عويسات، وأخرجها معتصم عاروري.
بدأت الحديث مديرة الندوة: ديمة جمعة السمان، قالت:
قصة ” الفراشات المضيئة” تعتبر قصة خيالية رمزية، تعكس الصراع بين الخير والشر، ينتهي بانتصار الخير. وهي دعوة إلى الأمل والتفاؤل.
وقد بدا واضحا بأن الكاتبة تقصد بالشّر الاحتلال الإسرائيلي المنبوذ من العالم، والذي انتهى به الأمر في فلسطين، فنهب ثرواتها ونكّل بمواطنيها.
قصة تحمل دلالات فلسفية عميقة، مع العلم أن الكاتبة استعانت ب (الفراشة) لإيصال فكرتها. إذ أن أهم دلالة ورمزية للفراشة أنها برغم ضعفها والمراحل والتحولات الصعبة التي تمر بها، غير أن رفرفة جناحيها المتكرر، يمكن أن يؤدي إلى تغييرات هامة في الحياة. بل وتعطي الانسان مثالاً حيّاً، أنه حتى مع وجود أعباء الحياة والتعب إلا أن العمل المتواصل والصّبر والسعي سيعطي نتائج قد تكون مبهرة.
وقد رسمت الفنانة إلهام المغيث على صدر محمد شقيق استبرق فراشة باللون “الأصفر”. وترمز الفراشة الصفراء -تحديدا- إلى رموز إيجابية مثل المزيد من الفرح، والضحك، والسعادة، وترمز أيضاً إلى رموز سلبية مثل الخطر، وسوء الحظ والموت أيضا.
وهذا ما حصل مع محمد شقيق استبرق عندما ذهب مع أبيه ليخلصاها من الأشرار الذين اختطفوها ووضعوها بالسجن بعد تعذيبها. إذ تعرضا للخطر وتم سجن محمد مع شقيقته.
وكانت قد تعرضت قريتهم التي تحمل اسم قرية السعادة إلى التخريب والسرقة والنهب والاعتداء على سكانها. مع العلم أن جميع سكان قرية السعادة كانوا يعيشون بسلام وهناء واستقرار قبل اقتحام قريتهم من قبل أفراد العصابة الأشرار.
إلا أن تكاتف جهود أهل القرية وتوحدهم كان السبب في الانتصار على الشر والتخلص من أفراد العصابة.
وهي إشارة إلى ضرورة السّعي إلى الوحدة الوطنية للتغلب على العدو.
كما أن القصة تضمنت بعض المعلومات المفيدة للفتيان، كما جاء غنية بالمفردات الجديدة غير المتداولة، مثل مرض السّرنمة، وهو مرض السير أثناء النوم. إذ كانت “استبرق” ابنة الأربعة عشر عاما تعاني من المرض المذكور، مما أدى إلى اكتشافها خطة العصابة بعد أن خرجت من منزلها ليلا وهي نائمة، وصحت على صوت زعيم العصابة بالصدفة، إذ كانوا يخطّطون لاقتحام القرية والتنكيل بسكانها.
وقد وفقت الكاتبة باختيار اسم استبرق لبطلة القصة، إذ أن الاستبرق هو ثياب أهل الجنة، الذي يتميز باللمعان.
كما أن القصة وصفت حياة الأسرة النموذجية التي تنمّي المواهب في أطفالها وتشجعهم على الابداع. إذ أن رسم الفراشات على الكرتون المقوى وتلوينها بالألوان اللامعة المضيئة كان سبب نجاة أهل القرية. إذ تم استعمال الفراشات المضيئة التي تحمل معاني الأمل والتفاؤل والفرح والسعادة للتغلب على الأشرار.
رمزية جميلة، استخدمتها الكاتبة لإيصال فكرتها للقارىء.
حاولت الكاتبة أن تحبك القصة بتسلسل درامي مقنع، وأضفت عليها روح المغامرة لتكون جاذبة وشيّقة للفتيان.
كما جاءت القصة بلغة فصحى قوية، تحمل رسائل وطنية واجتماعية بأسلوب غير مباشر.
وقالت روز اليوسف شعبان:
القصّة واقعيّة رمزيّة، سبكتها الكاتبة المبدعة نزهة الرملاوي بلغة جميلة وأسلوب شائق، لتروي لفتياتنا وفتياننا، قصّة هذه الأرض التي نهبها الأشرار واستولوا عليها، “بعد أن نبذهم العالم بسبب شقاوتهم، وجاءت بهم الى هذه البلاد كي يصبحوا سادتها”. ص 14. وقد تمكن الأشرار من سلب المزارع وجعل السكان عبيدا لهم ليعملوا لديهم بأجر زهيد.
تعيش الفتاة استبرق البالغة من العمر أربعة عشر عاما، مع أسرتها بفرح في قرية السعادة، وقد أهدتها جدّتها قبل وفاتها ألوانا سحريّة، كانت تستخدمها في تلوين فراشاتها التي كانت ترسمها بعناية، وتعلقها على جدران بيتها، وحين يُفصل التيار الكهربائي، تُظلم بيوت القرية ما عدا بيت استبرق الذي يبقي مضيئا في القرية.
كانت استبرق تعاني من مرض (السرنمّة) السير في أثناءالنوم ليلا، وذات ليلة حين كانت تمشي وهي نائمة صحت على صوت عصابة الأشرار وهو يخططون للهجوم على القرية المجاورة لقريتهم ونهبها وقلع مزروعاتها، أخبرت استبرق والدها بما سمعت، وقام الاب بدوره بتحذير أهل القرية المجاورة، وبوجوب وضع خطة مضادّة للهجوم لكن أحدا لم يصدقه، وبالفعل تعرضت القرية للنهب والدمار والتخريب، فندم أهل القرية لعدم تصديقهم لوالد استبرق وعدم تعاونهم في الدفاع عن القرية.
وفي المرة الثانية حين خرجت استبرق ليلا وهي نائمة، صحت على صوت زعيم الأشرار، يخبر رجاله بالهجوم على قرية السعادة، اخبرت استبرق والدها الذي أخبر بدوره اهل القرية، لكن مجموعة صغيرة فقط استعدّت للدفاع عن القرية. تمكّن اللصوص من دخول القرية ونهبها ما عدا بيت استبرق؛ فقد أعمت الفراشات المضيئة عيون اللصوص؛ ولم يروا البيت. في الليلة التالية ألصقت استبرق وعائلتها الفراشات المضيئة على جدران بيوت القرية فلم يتمكن الاشرار من رؤيتها وهكذا سلمت القرية من الدمار.
تبع والد استبرق وسكان القرية الاشرار وهم يلصقون الفراشات المضيئة عل ملابسهم؛ حتى تخفيهم عن عيون الأشرار، وطلب منهم أن يسيروا بين الاشرار ويهمسوا في آذانهم:” إنّ الفراشات المضيئة التي لا يرون ما وراءها، هي أرواح السعداء، عادت الى الأرض بعد أن صعدت إلى السماء بعيدا عن القهر والظلم، عادت كي تلقّن الاشرار درسا قاسيا وتفتك بهم”. ص33
تنتهي القصة بنجاح أهل القرية بالتخلص من الأشرار، واقتحام السجن، وإخراج المظلومين منه، ومن بينهم استبرق التي ضربها الاشرار، حين رأوها تمشي ليلا وهي نائمة، وكذلك أخوها الذي قبض عليه؛ حين حاول اقتحام السجن؛ لإنقاذ اخته. وعاش أهل قرية السعادة بسعادة وأمان.
تميّزت قصة الفراشات الملونة، بأسلوبها الرمزيّ الشائق، الذي يأخذ الطفل الى عالم الخيال ويعكسه على الواقع المعيش. ولعلّ اختيار الكاتبة لشخصية الفتاة استبرق، التي تحاول مساعدة أهل القرية وانقاذهم من الأشرار، لم يكن محض صدفة، وانما في إشارة ذكيّة منها إلى الدور القيادي الهامّ الذي تقوم به المرأة الفلسطينية، من أجل الدفاع عن بيتها ووطنها. كما أنّ اختيار الكاتبة للفراشات، كان اختيارًا حكيمًا، ذلك أن الفراشات محبّبة الى الأطفال بسبب ألوانها الجميلة، وطريقة خروجها للحياة من الشرانق، بخفّة وهدوء ورويّة دون مساعدة من أحد؛ حتى تقوى أجنحتها وتصبح قادرة على الطيران.
فهل أرادت الكاتبة بذلك أن تشير إلى أهمية ميلاد الشعب الفلسطيني من جديد، بهدوء ورويّة دون مساعدة من أحد؛ حتى يعتمد على نفسه ويغدو قادرا على النمو والتطوّر؟
وقد رمزت الكاتبة أيضا، إلى ضرورة وأهميّة التعاون بين أهل القرية؛ من أجل صدّ الأشرار، ولا بدّ من استخدام الحكمة والذكاء في ذلك، علما، أن تخلّص سكان قرية السعادة من الأشرار، جاء باستخدامهم الفراشات المضيئة، التي عمت أبصار الأشرار؛ بفضل الوانها السحرية التي لوّنتها استبرق بها، والتي أهدتها إياها جدتها قبل وفاتها. فهل أرادت الكاتبة بذلك أن تشير إلى التمسك بالموروث الشعبي والأصالة للتخلّص من الغرباء، ولحلّ المشاكل؟
قد يغدو الأمر بالنسبة للطفل طبيعيا، فهذا عالم من الخيال، يعج بالسحر والعجائب، لكن من الضروري أن نفتح أبوابا اخرى من التفكير والابداع والعلم والمعرفة؛ ليكون لدى أطفالنا سلاحا من المعرفة يواجهون فيه الأشرار، إضافة الى القيم، مثل: التعاون، المحبة، الفرح، والمساعدة والتلاحم في الدفاع عن الأرض. وقد ظهرت هذه القيم جليّةً في القصة.
من هنا يمكن القول إنّ قصة الفراشات المضيئة قصّة رمزيّة هامّة، تصوّر الواقع الفلسطينيّ الذي نهبت أرضه وقطّعت مزروعاته وسرقت كنوزه، كلّ ذلك، بأسلوب شائق ولغة جميلة تحاكي عالم الفتيان والفتيات وتداعب خيالهم.
وقالت هدى عثمان:
“الفراشات المضيئة”، قصة للأطفال، تدور حول محاولة الأشرار السّيطرة على قرية السعادة، تتوالى الأحداث ونتعرف من خلالها على الطفلة إستبرق ابنة الرابعة عشرة،التي تعاني من مرض السّرنمة (السير أثناء النوم)والذي يحدث عادة نتيجة الضغط النفسي أو التوتر والقلق وأسباب أخرى، وبسبب مرضها تكتشف أثناء سيرها الأشرار،ومؤامرتهم لقريتها، لكن بذكائها واستخدامها الفراشات المضيئة، وحكمة والدها استطاعا في النهاية النّجاة من عصابة الأشرار وسلامة بلدتهم.
جاء السّرد بلغة فصحى منسابة، ومتسلسلة، والحوار بالفصحىى،اعتمدت على الوصف،وصف الزّمان(ليلة مطيرة)،ثم الانتقال إلى (ليلة ربيعية)،وصف عائلة إستبرق،وصف صفات إستبرق التي تتميز بالجمال وبمرضها،كما نجد أن الأديبة اختارت أن تكون القصة برائحة الماضي والتراث،حيث القرية الفلسطينية التي تتمتع بالحقول والبساتين،الحظائر والاسطبل إلخ، وذكر مفردات هامة لها علاقة بالقرية مثل:معول،مختار،وفي هذه الجملة تصف جمال القرية وتراثها”..وأخرجن حبوب القمح والبقوليات،والزيت والزيتون، والتّين المجفف والمخلّلات من مخابئها المبنية تحت بلاط المنازل لاستخدامها”.
نجد بصمة أسلوب الأديبة نزهة الرّملاوي ظاهرة كما في قصصها أو روايتها للكبار،وهي رائحة الوطن،ففي هذه القصة، تمّ ذكر بعض الجمل والرموزالموحية لمخططات الصهيونية،حيث يمكن اعتبار القصة أيضا رمزية حول الصراع على امتلاك الأرض من قبل الأعداء، من بين تلك الجمل أذكر ما يلي:”ندخل الخوف إلى قلوب سكانها،نهجرهم من بيوتهم وأراضيهم فتصبح ملكا لنا”، كما حدث في النكبة.
“خرج الأسرى فرحين، وهتفوا للعدالة والحرية”جملة فيها إيحاء لخروج الأسرى من السجون الإحتلال.
“…ولك منّا كل الشكر أنّك جمعتنا من كلّ مكان، وقد نبذنا العالم بسبب شقاوتنا وجئت بنا إلى هنا؛ كي نصبح سادة هذه البلاد”. إشارة إلى تجمع اليهود من الشتات واستوطانهم فلسطين.
نجد مشاعر إستبرق وخوفها، وتساؤلها حول سيرها الغريب وحدها بالليل، والسّؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لم تعالج إستبرق أو لم نجد الوسائل الناجحة للوقاية من حالتها؟ هل ستترك القلق يلتهم القارىء حول مصيرها، هل يكفي إغلاق الأبواب، ومع ذلك خرجت إستبرق؟ من الجميل لو اكتملت القصة بإيجاد الحلّ لحالتها.
اهتمت الوالدة بأبنائها ومشاركتهم ومراقبتهم أثناء الرسم، وهذا لصالح القصة، ونجد غياب الهاتف النقال أو الحواسيب المختلفة، لأن الأديبة حملتنا لنفحات الماضي.
جاءت الأوراق سميكة، ملونة، والرسومات جميلة، والخط واضح للعين، إلا أنّه جاء على الغلاف الخارجي طبع ثمن القصة للمستهلك 48 شاقلا، وهو ثمن باهظ، مبالغا فيه، وليس بمتناول الجميع.
وقال عز الدين أبو ميزر:
القصة وكما وصفتها الكاتبة مزجت فيها الواقع بالخيال، والحقيقة بالمتصوّر، لتخرج لنا قصة، تنمي في النفوس قيما حرصت على إبرازها، والتنبيه إلى أمور لا يجب التغافل عنها وإهمالها، لأن في ذلك الوقوع في المهالك، وضياع ما يجب الحفاظ عليه، والمداومة على صونه. كتبت الكاتبة قصتها والتي تقول أنها للأطفال، بأسلوبها القوي الجميل، وبلغة رصينة ومتينة، لا أظن أن الأطفال يفضلونها ويستمتعون بقراءتها، فهي بمستوى اكبر مما يحبه الأطفال، ويتهافتون لسماعه، وإن حاولت أن تجعل من الفراشات السحرية الخيالية المضيئة جاذبا لهم. القصة مملوءة بالعنف والسطو والاعتداء والقسوة واشكال الرجال المجرمين الذين يخططون للسرقة والقتل والسجن وترويع الآمنين، ممن سمتهم قناصي الفرح، وينجحون في ذلك رغم تحذير اهل القريتن من قبل أبي استبرقَ لهما بالنية المبيتة في الاعتداء عليهما وعلى ما يملكون من مؤن وذراري وتخريب وهدم بيوتهم. والأولى بقصص الاطفال جلب الفرح لهم وإلى نفوسهم وإن كنا في فلسطين نشاهد ويشاهد أطفالنا على الحقيقة لا الخيال ما يفوق ما ذكرته كاتبتنا الجميلة حدود الخيال والتصور الذي وظفته في قصتها: الفراشات المضيئة والتي نحن بصددها
. القصة جميلة بحبكتها وسردها، وإن افتقدت التشويق اللازم والضروري.
القصة لليافعين وليست للأطفال فمستواها اللغوي يفوق مداركهم بتركيباته وصياغته. في القصة أكثر من خطأ لغوي صياغة وتشكيلا. ومن هذه الأخطاء على سبيل المثال لا الحصر : يقصون الحكاياتِ والأساطيرَ وليست الأساطيرِ بالكسر. تراقب أبناءَها بالفتح وليس بالكسر. أمسكا بعضهما ببعض، والصحيح أمسكَ وليس أمسكا بالتثنية وحتى في الجمع نقول: أمسك بعضهم ببعض. قرر قلة من الرجال الدفاعَ عن القرية وحراسةَ وليس حراسةِ بالكسر. ختاما أبارك للكاتبة هذا الجهد وهذا الإصدار، وإلى لقاء آخر جديد.
وقالت دولت الجنيدي:
هذه القصة الجميلة للاطفال هي قصة عائلة مكونة من اب وأم وابنة اسمها استبرق عمرها اربعة عشر عاما، وابن اسمه محمد، يسكنون في الطرف الجنوبي لقرية السعادة.
في فصل الشتاء يجتمعون حول موقد الحطب للتدفئة، وتحمل ام استبرق مغزلها وتغزل الكنزات لابنتها استبرق وابنها محمد، وتراقبهما وهما يرسمان الفراشات على كرتون مقوى،وعندما باغتهما الرعد، امسكا ببعضهما البعض ثم ضحكا ،والأم تبتسم وتسبح الله القدوس وتهدئ من روعهما وتشجعهما على العودة الى الرسم والتسبيح. استبرق تنتظر قدوم فصل الربيع كي تحتفي بميلاد الفراشات. وترسم هي وأخيها الفراشات على كرتون مقوى، والأم تقصها وتلونها بالوان مشعة. ألصقت استبرق واخيها الفراشات على جدران الغرف ونوافذها، وعندما انقطع التيار الكهربائي ،اضاءت الفراشات الغرفة، في حين ان بيوت القرية مظلمة، وبيتهم يرسل نورا يهتدي به المارون. وعندما عاد الربيع، خرجت استبرق لتشاهد انطلاق الفراشات من شرنقتها، وتتابع الفراشات وهي تطير من غصن الى غصن، وترسمها هي وأخيها محمد وتلونها بالوان سحرية مضيئة. استبرق تعاني من مرض السرنمة،اي السير وهي نائمة.تفتح باب المنزل، المغلق وتسير وهي نائمة وتخرج من البيت لا تعي ماذا تفعل او الى اين تسير .وعندما يصحو الاب ولا يجدها يخرج للبحث عنها وحينما يجدها،يحاول ايقاظها فتنزعج وتنفعل وتصحو من سباتها وتعود الى حالتها الطبيعية. وفي احدى الليالي عندما كانت تسير وهي نائمة ارتطمت رجلها بحجر ووقعت على الارض، وصحت من نومها لتجد نفسها بين الاشجار بعيدة عن بيتها ،وداهمها الخوف عندما رات مجموعة من الرجال الملثمين، يقتحمون المكان وينتشرون ،وسمعتهم يتآمرون على سكان القرية المجاورة وتخريبها وقطع اشجارها وتشريد سكانها وحبس من يعارضهم. وتعود الي بيتها وتخبر والدها،ويفشل الاب في اقناع اهل القرية التوحد والدفاع عن قريتهم لعدم تصديقهم ما يقول،وخرج عدد قليل من رجال القرية للدفاع عنها، غير ان المهاجمين نكّلوا بهم واعتقلوهم ووضعوهم في سجن بعيد.وفي ليلة اخرى عندما كانت استبرق تسير وهي نائمةبعيدا عن بيتها، صحت على صوت رجال يخططون لاقتحام قرية السعادة ،اي قريتها،وسرقة خيولهم وماشيتهم واغنامهم .وفشل الاب مرة ثانية في اقناع اهل القرية بما قالته ابنته والدفاع عن قريتهم، فهوجمت القرية من المغتصبين المهاجمين، وتمت سرقة الخيول والمواشي والأغنام والبيوت وروع الاطفال والنساء الا بيت استبرق بسبب وجود الفراشات المضيئة. وعندها باشر الاب وعائلته بتحضير فراشات الكرتون باعداد كبيرة وبالوان سحرية وعلقوها عل جدران البيوت والمدارس فلم يجد المهاجمون الا سرابا وتراجعوا الى الوراء، واعتذر اهل القرية من ابي استبرق وعائلته وتعاونوا معهم على إلصاق الفراشات على جدران البيوت والساحات لصد اي هجوم عليهم وازدانت القرية بأنوارها وزادت الألفة بين سكانها. وفي ليلة ثالثة خرجت استبرق وهي نائمة استفرد بها الاشرار وضربوها ووضعوها في سجن بعيد. فخرج والدها واخوها محمد للبحث عنها ودلتهم فراشة مضيئة سقطت منها في الطريق على اتجاه مسيرها.واقتيد محمد الى السجن حينما كان يفتش عن منفذ ينفذ منه الى داخل السجن.وعاد والده الذي كان يختبئ في مكان حصين وجمع اهل القرية ووضعوا على صدورهم فراشات مضيئة وبثوا بين الاشرار ان هذه الفراشا ت سحرية وهي ارواح السعداء وهي ستفتك بهم فخافوا وتراجعوا وحلت بهم الفوضى، وتركوا زعيمهم لوحده فهرب من وهج الفراشات وتركوا كل ما سرقوه من ذهب واموال وخيول وقطعان ماشية. وسار اهل القرية في نفق معتم حتى وصلوا السجن والصقوا الفراشات السحرية عليه فأضاءت لهم العتمة، فكسروا السلاسل وفتحوا الابواب المغلقة واخرجوا الاسرى وهتفوا للحرية وعادوا الى بيوتهم مسرورين بعد ان أعيدت المسروقات الى اصحابها. وتعاونوا في اعمار القرية وزراعة اراضيهم من جديد. وصعدت استبرق تلة الامل وتهادت فراشات الحب اليها فأطلقت ترانيم الفرح واجتمع المحتفلون في الساحات وأخذوا يغنون ويصفقون ويدبكون. استبرق في عماد الحب تشدوا مع الاطيار تراقص جدائل الشمس ومياسم الازهار تسامر اهداب الليل وبشائر النهار. كتبت هذه القصة بلغة سردية جميلة سهلة على اليافعين لمزجها بين الواقع ولخيال بعض كلماتها لا يفهمها الصغار.
ولكن القصة تستهويهم بخيالها الواسع وتعاون افراد الاسرة مع بعضهم ودور الأم في مساعدة اولادها في هواياتهم ودور الاب في تشجيعهم وحمايتهم والذود عنهم وتعلمهم ان في الاتحاد قوة وان العدو يقوى من خلال تفرقنا. وان الخائن منبوذ في وطنه بين الناس حتى ولو كانت اشاعة. ويعرفون من القصة ان يوجد مرض اسمه السّرنمة يسير المصاب به وهو نائم ولا يعي ماذا يفعل وما يحدث معه. ويتعلمون حب الجيرة وتعاون القرى مع بعضها حين التعرض لأي مكروه. وان في الاتحاد نجاة الطرفين.
كذلك يتعلمون اطوار حياة الفراشة كيف تكون بيضة على اوراق الشجر ثم تتحول الى شرنقة وتخلع قشرها فتخرج طرية وتفرد جناحها لينشف ومن ثم يساعدها على الطيران. هكذا نرى ان القصة هي تعليمية توجيهية تنمّي الخيال وتفرح الاطفال خاصة النشيد آخر القصة.
وقالت فاطمة كيوان:
لا شك أن شخصية المبدع هي نتاج واقعه وأفكاره وتجاربه ورؤيته وتداعيات ذلك كله؛ ولما كان الواقع الحالي الفلسطيني مرا وموجعا ومربكا فلا غرابة في أن نلتقي دائما مع كاتبتنا لترصد لنا بعض المحطات من هذا الواقع وهي المثقلة بالوجع والالم.. شانها شان اهل الديار من الوطنيين .. فجاءت قصتها ( الفراشات المضيئة)) لتلقي الضوء برمزية نوعية على الاعتداءات المتكررة التي يمارسها (الأشرار) كما أسمتهم تارة ( الفاسدون) وأخرى (قناصو الفرح )على قرانا وبلداننا في فلسطين ومحاولاتهم العبث ودب الذعر في قلوب الأهالي وتخويفهم وترويعهم وسلب ونهب كل ما تصل اليه الايدي من محاصيل ومواشي ومزروعات وحتى مصوغات للنساء ومدخرات للشدائد ..لا بل يتعدى ذلك لتخريب وتكسير وتقطيع الاشجار والعبث بالمكان بكل ما فيه .
هذا الوجع الحاضر دائما في قلب الاديبة ابنة القدس يجعلها تحاول دائما استقطاب القارئ للشعور بمأساتها هي وأبناء جلدتها ليتعاطف مع قضيتها . فهي تؤمن أن الجيل القادم هو الذي سيحمل وهج الانتصار والامل كما نثرته في الفضاء الفراشات المضيئة … وهي مصرة دائما على بعث الاشراق والضوء والتفاؤل انه ما زال هناك متسع للانتصار وما علينا سوى التفكير خارج الصندوق لايجاد حلول وابتكار خطط لمعالجة الأمور والمستجدات. المكان: بدات قصتها في قرية السعادة .. حيث تعيش (استبرق) وهي الشخصية الرئيسية مع والديها واخيها واهل قريتها بسلام وامان وسعادة .. وهي نموذج لقرانا الفلسطينية الا ان حاولت مجموعه من الأشرار اسمتهم الكاتبة ( قناصوا الفرح) وبدئوا باثارة الذعر ونشر الفوضى واستباحة المكان بكل ما فيه من بيوت واراضي ومحاولتهم استلاب الأرض من أهلها وتهجير السكان.— وجود بعض المشاكل الاجتماعية والخلافات بين الناس ساعدهم على الدخول لعدم وجود رد رادع من الأهالي وعدم تعاونهم هذا التمزق العائلي داخل مجتمعاتنا القروية، وهذا الشرخ منحهم تأشيرة الدخول بسهولة والعبث بأملاكهم وأرضهم .. ومحاولة انتهاك حقوقهم .. وفي هذا رمزية للشرخ بين الفصائل والانقسامات بين الساسة والمسؤولين . شخصيات القصة: الشخصية المركزية هي شخصية استبرق ابنة الرابعه عشرة التي تعاني من مرض ( السرنمة) أي السير وهي نائمة “، هي تحب الربيع والفراشات، ترى ما لا يرى تسمع ما لا يسمع ، حين تتوه في الطرقات بالليل دون وعي منها فتصبح كاشفه للاحداث دون قصد ، فهي كشفت تخطيط الأشرار المغتصبين وكشفت خبايا الليل والعصابات .. لكن بفطنتها وذكائها وتفكيرها غير العادي اضاءت بفراشاتها قناديل الامل وبريق الحياة بددت ظلام الليل بنور ووهج الوان فراشاتها التي زينت الجدران والنوافذ والحيطان لتتلاشى العتمة وتعمي ابصار الأشرار
. اما أسرتها المكونة من الاب والام والاخ محمد له دور البطل المستعد للمغامرة والمخاطرة بنفسه من اجل انقاذ اخته والدفاع عن شرفه وبلده .. الاب: رمز القوة والتحدي والتصدي والمثابرة في طرح الموضوع وكشف المستور ومحاولة تجنيد الأهالي وتوعيتهم لما يحصل .. فهو بمثابة قائد فاعل لمجتمعه وبلده.
الأمّ: القلب النابض للأسرة التي تخاف على ابنائها فتحاول تهدئتهم وحمايتهم والذوذ عنهم وعن بيتها بصمود شأنها شأن المرأة الفلسطينية في كل بلادنا.
الأشرار: وهم اسم على مسمى يحملون الشر والفساد ويقتلون الفرح والامل في قلوب الناس.
أهل القرية: بشكل عام نموذج للناس في مجتمعنا بحق وهم شخصيات ساذجة وعادية ليس لديها الشجاعه للتغيير او الرد الا بعد ان تلقى الألم مرات ومرات.
اللغة : لغة القصة فصحى وصعبة نوعا ما بتراكيبها خاصة على طلاب المرحلة الابتدائية .. باعتقادي القصة تصلح للفتيان اكثر حيث كان هناك أحيانا تمادي في الوصف للدخول لللاحداث مما يصعب على الطفل الاستيعاب للمشهد. نمو الاحداث: جائت الاحداث بالقصة متنامية بشكل جميل وجيد بصورة درامية متسلسلة نوعا ما بحبكة قوية تشد القاري لمتابعة القراءة والمشهد للاستدلال عن محور القصة وافكارها والقضايا المطروحة من خلال النص .. مثل خروج استبرق ليلا لاكثر من مرة والاحداث التي تصادفها كل مرة .. ثم العدوان وما يترتب عليه من تخريب واثارة الرعب بين الأهالي .. وبالبداية عدم اكتراثهم ومن ثم محاولة التصدي وابتكار آليات للدفاع عن القرية .. منها قضية نشر الفراشات على الحيطان والابواب .. قضية سجن استبرق ومحاولة الاب والاخ من تخليصها من يد السجان باقتحام الطفل محمد للسجن رغم الخوف والمخاطر التي تتهدد ذالك .. ومن ثم الانتصار بفك القيود وتحرير محمد واستبرق من السجن كل هذه الاحداث جائت بأسلوب متسلسل جميل متنامي .. ولكن كان من الممكن اختصار بعض المشاهد التي جعلت النص يطول ويتمادى ويأخذ حصة كبيرة نوعا ما لتوضيح الفكرة دون حاجة لذلك.. بعض الأفكار المطروحة بالقصة والتي يجب التنويه لها : قضية المرض ( السّرنمة) السير والانسان نائم .. وهو يعتبر نوع من الخلل يجعل الطفل لا يشعر بما يفعل ويأتي بعد وقت قصير من النوم وهناك منه الوراثي وعلى الاهل الالتفات والحذر والانتباه له جدا لأنه من الممكن ان يوقع الطفل بالعديد من المشكلات منها الجسدية ومنها النفسية وغيرها.. وهذا الموضوع قليلا ما طرح في القصص.. وهنا استغلته الكاتبة بذكاء لتوضح ان هذه الشخصية استبرق ذكية ولديها أفكار إبداعية رغم معاناتها من هذا الموضوع.. فقد كانت سببا لتنبيه اهل القرية لما يخططه الأعداء وكشف شرورهم ومكرهم . قضية الإشاعه وانتشارها والاشكاليات التي تحدثها والمشكلات التي يمكن ان تترتب عليها .. هذا شأن جميع مجتمعاتنا وخاصة القروية المغلقة نوعا ما التي تهتم بنقل الاحاديث والشائعات دون التحقق منها مما يؤدي لتشويه السمعه وخلخلة الروابط الاجتماعية وتفكيكها بين الاسر والعائلات.. وهذه التاثيرات السلبية تؤثر تأثيرا مباشرا على حياة الافراد والعائلات التي تتعرض أحيانا للمصائب جراء نقل اخبار وشائعات غير صحيحة ودقيقة، والقضية الأخيرة هي التفكير بشكل مختلف .. محاولة إيجاد وابتكار حلول غير عادية مثلما طرحت هنا استبرق قضية الفراشات المضيئة في محاولة منه للفت النظر للامل الموجود بالجيل الجديد. فالفراش رمز للتجدد والحياه
بالنهاية، لا يسعنا الا ان نقدم للكاتبة باقات من الورود دافئة الألوان معطرة بأجمل العطور، ومزنرة بالتهاني والتبريكات على هذه القصة وهذا الإصدار.
وقالت رائدة أبو صوي:
قصة الفراشات المضيئة هي أشبه برحلة عبر الخيال.
كان اختيار اسم استبرق لبطلة القصة اختيار موفق جدا، إذ أن اسم استبرق معناه التألق الكبير والاشراقة الواضحة واطلالة الضوء لمرة واحدة استبرق من اسماء البنات النادرة التي ذكرت في القرآن الكريم وتعني ايضا الحرير المنسوج بخيوط الذهب البراقة. قصة شيقة فيها فكرة واضحة جدا عن القضية الفلسطينية بتلميح جميل وصف للمكان الذي يرمز للوطن ووصف للمعتدي.
اختيار الفراشات لتوصيل الفكرة اختيار موفق الاطفال يعشقون الفراش كما الكبار الالوان الزاهية والعمر القصير.
القصة فيها سرد خيالي جذاب يدل على ذكاء الكاتبة، إذ وضعت النقاط على الحروف في اظهار اهمية الوحدة والشورى. كما تحدثت عن تأثير الاشاعة عندما اقنعت استبرق المعتدين بان ارواح السعداء تلبس الفراشات المضيئة وانها عادت الى الارض بعد ان صعدت الى السماء.
فكرة سير استبرق وهي نائمة جاءت سلاحا ذو حدين.
استطاعت الكاتبة ان تربط الاحداث وتجد طريق للاسترسال في السرد اما الحد الغير ملائم ممكن بعض الاطفال يتأثروا بالفكرة ويحاولوا السير بالليل. تقليد لبطلة القصة استبرق . وجهة نظر تقبل القبول او الرفض نهاية القصة سعيدة تبشر بالخير والتطرق للاسرى والحرية المنشودة اختيار ممتاز الله يفرجها ع جميع الأسرى وان شاء الله يعم السلام والامن والامان وتعود السعادة لفلسطين القرية السعيدة كما جاء في القصة ويبتعد عنها قناصو الفرح .
القصّة تستحق الاقتناء.
وقال عبد المجيد جابر:
التراكيب اللغوية والأساليب الفنية
في هذه العجالة سأتطرق فقط للتراكيب اللغوية والأساليب الفنية؛ لضيق الوقت، وسأترك بقية الجوانب في الدراسة والمناقشة للزملاء الكرام وللزميلات الكريمات.
ومن الأساليب الفنية التي وظّفتها الكاتبة في كتابها، ونلحظها بجلاء:
1.وظفت الكاتبة الصور الشعرية، والصور الفنية المشرقة، ومنها:
ص 4 “هطلت الأمطار وفرح الناس بهدايا السماءط
صورة السماء تهدي هدايا كما الصديق يُهدي هداياه لم يُحب.
وفي ص 4 “فيتدثرون حبَّاً ودفئاً”
فتصور الكاتبة الحب والدفء بأغطية تطرد البرد، وتجلب الدفء للمتدثر كما الحب يدفئ القلوب، ويريح النفوس.
وفي ص 4 “هناك في الطريق الجنوبي من قرية السعادة يتربع بيت إستبرق الجميل”.
صورة جميلة للبيت يتربع كما يتربع الرجل في جلسته.
وفي عبارة “قرية السعادة” انزياح تركيبي يثير خلد المتلقي.
إنّ اللغة الشعرية تستلذ لها الأسماع، وتُسكر الألباب، وتأخذ بمجامع القلوب، فالتركيب الجيد هو الذي يموج موجاً بالصور الشعرية الحافلة، التي تشكل نواة النص، فالكاتب المتصرف في فنون اللغة، والذي تتسم حروفه بدقة المعاني، ولطافة التخيل وملاحة الديباجة، كأنه شاعر يدمغ شعره المهفهف في دخائل كل نفس، ويوطد دعائم أبياته المطهمة العتاق في مدارج كل حس – كاتب ناجح، والتراكيب اللغوية التي تفتقد لهذه الصور البديعة يتخطفها الموت، ويكتنفها الظلام، ولا يترنم بها الناس في دروب الحياة ومتعرجاتها. لأجل ذلك أضحت الصورة الشعرية هي جوهر الشعر والتراكيب. ولعل الحقيقة التي يجب عليّ بسطها هنا أن الصور التي يعدها أصحاب الحس المرهف أغلى من أقبية الديباج المخوص بالذهب، ليست قاصرة على الشعر بل نجدها منثورة في حوايا النثر، والتفاتات أذهان كُتابه.
2.استخدمت الكاتبة في نصوصها مختلف الانزياحات: كالانزياح الاستدلالي والانزياح التركيبي… وهذا يولد الإثارة والدهشة في نفس المتلقي، ولا يسمح لنا الوقت في التمثيل على كل نوع.
ومثاله في النص:
ففي ص 4 “باغت الرعد هدوءهما”
فالعبارة فيها أكثر من انزياح واختراق، فالرعد يُباغِت “بكسر الغين”، والهدوء يُباغَت “بفتح الغين”
وفي ص 4 “إستبرق… تنتظر نوم الشتاء واستيقاظ الربيع” فهنا انزياحان تركيبيان، فالشتاء ينام، والربيع يستيقظ.
وفي ص 8 “غفت أعين الشتاء وعاد الربيع بألوانه الجميلة” فللشتاء عيون تغفو انزياحان تركيبيان، أو إن شئت فانزياحان استدلاليان
إن الارتباط الوشيج بين الشعرية والانزياح هو ما جعل الأخير مكونا رئيسا وملمحا عاما من ملامح التجربة الشعرية الأخيرة في القصيدة، ونرى أن الانزياح بأنماطه كافة، ومستوياته المتباينة قد أسهم في الصوغ اللغوي الماتع لتراكيب النص، وأكسبه طاقة تعبيرية، ودفقات شعورية، ارتقت بها إلى مستويات الحداثة الشعرية.
والمبدع في النص الأدبي لا يدمر اللغة العادية إلا لكي يعيد بناءها على مستوى أعلى، فعقب فك البنية الذي يقوم به الشكل البلاغي تحدث عملية إعادة بنية أخرى في نظام جديد.
وما تمارسُه المؤلفة من دورٍ إيحائيٍّ يصبُو إليه المبدعُ في وعيِه أو النصّ في لغتِه.
3. التناص الديني، ومنه:
ص 20 وهم في همهم غارقون
ص 22 عاث المغتصبون في القرية فساداً
تصويبات لغوية
ص 18 وأخبرهم بما سمعته ابنته من قبل الأغراب
والصواب: أن نحذف كلمة :قِيَل”
الترقيم
الفواصل
ص 8
وأخــذتْ تراقــبُ بيض الفراشات وهو ملتصق بأغصان الشجر، وتُشـاهد َ هجـوم البراقات علـى الأوراقِ وهـي تنقـضُّ عليهـا وتأكل بشراهـة. نظـرتْ إلى الشرانق بإعجـاب ُ وهـي تخلـع َ قشـورها الناعمـة ٍ بهـدوء، فيظهـرُ جسـمها طريـا، ثـم ُ يصبـح ً فراشـة ّ جذابـة ُ الألـوانِ، وراحـتْ تُراقـب مـدَ أجنحتها اللينة والمطوية حتــى تجــف وتَقــوى عـلـى الطيران.
والصواب: أن قبل كل من: “وهو” و”وهي” و” وهي” الثانية يجب أن يسبق كلاً فاصلة؛ لأن بداية كل جملة حالية. … ومثلها كثير في الكتاب.
ص 16 يُفكّـر بحـال ِ ابنتـه التـي تخـرج ِ مـن البيـت وتسير وهي نائمة، وبمـا قالتـه عـن الغُربـاء الذيـن يفكّـرونَ بتدميـرِ القريـة
المجـاورة،
والصواب بالترقيم: يُفكّـر بحـال ِ ابنتـه، التـي تخـرج ِ مـن البيـت وتسير، وهي نائمة، وبمـا قالتـه عـن الغُربـاء، الذيـن يفكّـرونَ بتدميـرِ القريـة المجـاورة،
ص 14 يضحك الجميع من حوله وقال: يجب أن تسبق لفظة و”قال” فاصلة ومثلها كثير في الكتاب.
علامة التعجب
ص 22 يا إلهي،
والصواب: يا إلهي!
ص 28 يا إلهي ما أوحش هذه الليلة،
والصواب: يا إلهي ما أوحش هذه الليلة!
الفاصلة المنقوطة
ص 26 وألصَقــا بعــضَ الفراشــات عـلـى بابِهــا لتشــع نــورا
والصواب: وألصَقــا بعــضَ الفراشــات عـلـى بابِهــا؛ لتشــع نــورا
وقالت رفيقة أبو غوش:
صدرت قصّة لليافعين بعنوان: “الفراشات المضيئة”، للكاتبة المقدسيّة ، نزهة الرّملاوي؛ رسومات الفنّانة إلهام نزّال، وتدقيق الأستاذ محمّد عويسات. كما ذُكر في مقدّمة القصّة، بأنّها مُستوحاة من الواقع.
تحتوي القصّة على سبع وثلاثين صفحة، من القطع المتوسّط، والغلاف من الكرتون الخفيف والأملس.
تغلّف القصّة صورة لفتاة يافعة، مرتدية ثوبًا مُطرّزًا بالتّطريز الفلّاحي الفلسطيني، واضعة يديها على خصرها، وعيناها المتموّجتان الواسعتان والدامعتان شاخصة إلى الامام؛ ويُطوّق عنقها سلسلة ذهبيّة تحمل فراشة ذات لونٍ ذهبي، وشعرها الأسود مسدول على كتفيها، محاطة بالفراشات المُلوّنة، على خلفيّة بلون أسود.
تمحورت القصّة حول استخدام الفراشات المُضيئة؛ لتطرد الأشخاص الشرّيرين، الّذين يهدفون لتدمير قرية السّعادة، والسّعداء، والبطلة إستبرق كشفت نواياهم أثناء وجودها ليلًا بعيدًا عن بيتها؛ بعد سيرها أثناء النّوم، فأخبرت والديها.
ساهمت إستبرق في تغطية جدران القرية؛ كي يتخلّصوا من الأشرار، وإعادة المُمتلكات والجواهر المسروقة؛ وبالتّعاون بين الأهل وأبناء القرية المُجاورة.
استخدمت الكاتبة لغة فصحى جزلة وألفاظًا قويّة، تخلو من اللّهجة العاميّة؛ لذا فهي تناسب جيل اليافعين وما فوق.
ورد صفحة 10 ” تعاني إستبرق من مرض السِّرنمة ( السّير أثناء النّوم)”
- ) ” Sleepwalking السّرنمة تعني: “هو أحد اضطّراب النّوم، يُمثّل هذا الاضطّراب حالة مختلطة من النّوم واليقظة، حيث يقوم المصاب بالاضطّراب بأداء وظائف أو أعمال عادة تحتاج إلى حالة كاملة من الانتباه واليقظة، مثل الجلوس، التّحدّث أو قيادة السيّارة وغيرها… نادرًا ما يتذكّر المصاب الأحداث الّتي جرت خلال المشي أثناء النّوم، وذلك بسبب تغيّر وعيه إلى حال يصعب معها تذكّر الأحداث”. (ويكبيديا).
اعتمدت الكاتبة في روايتها على شواهد الفتاة إستبرق، بينما في حالة اضطّراب السّرنمة يصعب تذكّر الأحداث بعد اليقظة؛ لذا تكون شهادة الفتاة إستبرق، غير مصدّقة، ومشكوك فيها، كما ادّعى أهالي القرية. بينما ذكرت القصّة بأنّ الفتاة إستبرق استيقظت بعد ارتطامها بحجر؛ ممّا يُبرّر تذكّرها للأحداث والأشخاص الغرباء (الأشباح) بعد يقظتها.
أضافت الكاتبة مصطلحًا طبيًّا؛ للتعريف بمعنى كلمة السّرنمة، وهذا يضيف من مفردات الفتيان وتوعيتهم نحو هذه الظّاهرة.
السّيميائيّة الأدبيّة في القصّة: ” السّيمائيّة لغويّا: السّيماء في معاجم اللّغة: هي العلامة، أو الرّمز الدّال على المقصود، لربط تواصل ما”. التحليل السيمائي للنّصوص الأدبيّة: يقصد بها دراسة النص من جميع جوانبه دراسة سيميائيّة تغوص أعماقه، وتستكشف مدلولاته المحتملة، مع محاولة ربط النّص بالواقع، وما يمكن الاستفادة واخذ العبر.” (أحلى منتدى: موقع إلكتروني).
اخترت أن أبحث في سيميائيّات قصّة “الفراشات المُضيئة”:
استخدمت الكاتبة كلمة الفراشة أو الفراشات؛ للإستدلال بما تعنيها الكلمة. كما ورد صفحة 32:
“اقتفيا أثر فراشة إستبرق السّحريّة، حتّى أوصلتهما إلى سجن كبير مظلم”.
إنّ استخدام الكاتبة لمصطلح ” اقتفيا أثر الفراشة” لم يكن عبثيًّا، فهي استخدمته كتناص، لديوان محمود درويش (اقتفاء أثر الفراشة)، “أثر الفراشة لا يُرى – ولا تقل … أثر الفراشة لا يُرى – أثر الفراشة لا يزول” وكأنّ درويش أراد أن يرمز “للتّحريض” بأن أثر درويش باقٍ، وإرثه الشّعري والثّقافي باقٍ، قاصدًا بأن يقول: لا تيأسوا (حسن عبّادي، منبر حر الثّقافة الفكر والأدب، موقع إلكتروني) مقالة حول ترجمة دكتور نبيل طنّوس لاشعار درويش للعبريّة.
انطلاقًا من تأثّر الكاتبة الحسّي بأشعار درويش، وظّفت هذا الرمز السّياسي والأدبي في القصّة. فالفراشة هي دلالة على الحريّة والانطلاق بالفضاء الرّحب للأعلى؛ ورفرفة جناحي الفراشة، يُحدثان أثرًا إيجابيًّا قويًّا في الكون، ويظلّ باقيًا أبديّا، على الرّغم من عدم رؤيته، وصغر حجم الفراشة.
كذلك ظهر تأثّر الكاتبة الرّملاوي، برمزيّة الضّوء، الّتي ذكرها الشّاعر درويش في نفس القصيدة أعلاه “أثر الفراشة كالشّامة تومئ في الضّوء”، يبدو التأثّر واضحًا، عندما استخدمت الكاتبة الفراشات المضيئة، كعنوان للقصّة، وكذلك تكرّر استخدام الفراشات المُضيئة مرارًا وتكرارًا كموتيف في القصّة؛ لأهميّتها في بناء السّرد، وفي نفس الكاتبة.
من الدّلالات الرّمزيّة، نجد بأنّ الفراشة والضّوء، كرمزين للأمل، والحريّة وعدم الاستسلام، والعمل حتّى يتحقّق الهدف؛ ليبقى أثره خالدًا. هكذا انتصرت الفراشات المُضيئة، في القضاء على الأشرار، كما ظهر في نهاية القصّة “باشروا في إلصاق الفراشات المُضيئة على جدران السّجن وبابه الكبير، فأضاءت لهم العتمة، نجح الأهالي في كسر سلاسله وفتح أبوابه الموصدة” صفحة 34. وصفت الكاتبة الفراشات، بقوّات قويّة وسحريّة كما ذكر صفحة 32 ” وطُلب منهم أن يسيروا بين الأشرار ويهمسوا في آذانهمأنّ الفراشات المضيئة الّتي لا يرون ما وراءها، هي أرواح السّعداء، عادت إلى الأرض بعد أن صعدت ‘لى السّماء بعيدًا عن القهر 32 ” ربّما من الممكن أن يكون الاستدلال لهؤلاء الأشخاص هم الشّهداء، والّذين عادوا ليقاوموا الأعداء، بأرواحهم الزّكيّة والقويّة؛ لخلودهم في الدذنيا والآخرة.
تبدو دلالة استخدام قرية السّعادة، بفلسطين الوادعة، ويُمثّل الأشرار رمزًا للأعداء المُحتلّين، وهدفهم تدمير وتحطيم الدّولة الوادعة.
تطرّقت الكاتبة الرّملاوي لمصطلحي: النّور والظّلام، هما مصطلحان متجاوران؛ حيث يظهر الأشخاص غرباء الأطوار في الظّلام، بينما يختفون في النّور، كما وضّحت الكاتبة عندما علّقت إستبرق وأخوها الفراشات على الجدران. تمّ الرّبط بين الظّلام والأشخاص الغرباء؛ هذه الدّلائل تشير إلى الخوف والقلق والرّعب، الّذي انتاب اهل القرية، أثناء حضورهم. بينما مصطلح النّور مرتبط بالأمل والفرح، وسكينة الرّوح.
من خلال الرّسومات الّتي صمّمتها الفنّانة، من زي النّساء الفلسطيني المُطرّز صفحة 4، من الممكن الاستدلال على مكان حدوث الأحداث، دون التطرّق للزمن. ( سيميائيّة الصورة).
نجحت الكاتبة في تصوير المشاعر المختلفة: من حزن وقلق وفرح، من خلال الوصف الدّقيق، والتصوير الّذي يعكس الأحداث الدراميّة في القصّة.
اتّشحت القصّة بنفحات دينيّة، والإيمان بالله سبحانه وتعالى، ويبدو ذلك من خلال استخدام الكاتبة بعض الأدعية، والتسابيح المختلفة، كما ورد صفحة 4 ” وراحت الأم تسبّح الله القدّوس.. وتهدّئ من روعهما، ودعتهما إلى التسبيح، والعودة إلى الرّسم ثانية.”. “فرح النّاس بهدايا السّماء”؛ كذلك استخدام اسم (إستبرق) فهو اسم مُقتبس من القرآن الكريم، وله دلالة ايجابية، لقوله تعالى “متّكئين على فُرش بطائنها من إستبرق وجنى الجنّتين دان” (الرّحمان 54). وردت كلمة إستبرق أربع مرّات في القرآن الكريم؛ معناها: ” الغليظ من الدّيباج، أو الحرير السميك المنسوج بخيوط الذّهب”؛ لا شك بأنّه اسم ذو دلالة جميلة موسومة بالجمال الرّوحي، والطّابع الدّيني.
من الدّلالات أيضًا ذكر السّجن في القصّة، لما تعنيه من قيد حرّيات الأطفال واليافعين؛ والتّعامل معهم بفرض عقوبات جسميّة ونفسيّة عليهم، بما لا يتناسب مع أعمارهم، وأظهرت الكاتبة قدرة الأهالي على تحرير أبنائهم من الأسر بالإرادة والحِكمة والتّعاون. “نجح الأهل في كسر سلاسله وفتح أبوابه الموصدة”. صفحة 34. سيميائيّة التحرّر والأمل نحو مستقبل زاهر للأبناء.
خلاصة القول: قصّة “الفراشات المُضيئة”.
قصّة “الفراشات المُضيئة” تعتبر قصّة رمزيّة مستوحاة من الواقع، منسوجة من وحي خيال الكاتبة؛ فهي تناسب مستوى اليافعين؛ نظرًا لجزالة اللّغة واستخدام المُحسّنات البديعيّة، ومن متطلّبات القصّة فهم المدلولات اللّغوية والفكريّة، وفهم ما وراء السّرد.
هي قصّة ذات عبر إنسانيّة واجتماعيّة وسياسيّة، تساهم في تنمية التّفكير، وتحليل المضامين، والغوص في سيميائيّة السّرد لدى اليافعين؛ وهي قصّة شيّقة، تعبّر عن المشاعر الجيّاشة، والتفكير في التّوصّل لحلول المشاكل الصّعبة.
هذه القصّة حثّت على التّعاون المُشترك؛ للنجاح والانتصار في ضدّ الأعداء، وتحقيق العدالة والسّلام، واسترداد الحقوق المسلوبة والمشروعة للشعوب المظلومة والمُحتلّة. كما ذكر صفحة 34 “تعاون الجميع في إعمار القرية وزراعة أراضيهم من جديد.”.
اشتملت القصّة على كافّة العناصر الأساسيّة للبناء القصصي من: (العاطفة والأسلوب والمعنى والخيال واللّغة).
اقترح توفير قصّة “الفراشات المُلوّنة” في مكتبات المدارس؛ نظرًا للنقص الموجود في قصص اليافعين باللّغة العربيّة.
وقالت نزهة أبو غوش:
بفراشاتها المضيئة، أضاءت الكاتبة لقرّائها الأطفال نورا يحمل الأمل لحياة ومستقبل أفضل يحمل الحريّة والأمان.
من خلال قصّتها دمجت الكاتبة الواقع بالخيال، حيث بيّنت لهم عن تكوين ونموّ الفراشة مذ كانت شرنقة على أوراق الأشجار، حتى طيرانها ورفرفتها بالفضاء؛ بينما أرى أنّ الخيال قد طغى على الواقع بكثير، وهو الخيال المحبّب لدى الأطفال، إذ على الكاتب أن يعمل على إخصاب خيالهم، وتوسيع آفاقهم.
بالفراشات الملوّنة بالألوان السّحريّة المضيئة الّتي صنعها الطّفلان الأخوان: إستبرق ومحمد؛ تمّ صناعة القصّة المحبكة فنيّا؛ حيث كانت الفراشات هي رمزا للأمل والمستقبل المشرق؛ كذلك تعريف الكاتبة معلومة علمية جديدة للأطفال، وهي مصطلح “السّرنمة” ملخّص كلمتي: السّير أثناء النّوم، وقد تبيّن أنّ الكاتبة قد استوحت قصّتها من واقع مرّ عليها أثناء عملها في التربية.
هذان العنصران كانا العمود الفقريّ للقصّة، وبهما نسجت الكاتبة خيوطها.
تعتبر أحداث القصّة رمزيّة، حيث ترمز بالأشرار الّذين سطوا على البلدة بالاحتلال الّذي داهم البيوت والمزارع والحظائر، وهدّد أمن المواطنين، وأرهب الأطفال. أمّا القرى المجاورة الّتي استنجد بها الأب؛ من أجل المساعدة في دحر المعتدين، فقد رمزت للبلدان العربيّة الّتي تستنجد بها دولة فلسطين؛ من أجل حريّتها واستقلالها. وقد أظهرت الكاتبة في القصّة أنّ الخلافات والشّقاق والنزاعات بين هؤلاء المستنجد بهم؛ هو من أوقعهم في الخطر ودمّر مصالحهم الشخصيّة؛ تماما كما يحدث في واقعنا السياسي اليوم.
ظاهرة التّشكّك بالآخر أنّه متعاون مع الاحتلال لأيّ تصرّف أو سلوك مغاير؛ هو أيضا ظاهرة موجودة في مجتمعنا وللأسف.
هديّة الأجداد أحفادهم بالألوان السّحريّة، هي رمز ما يبدأ به الأجداد، ويكمله الأحفاد.
لقد سيطر أيضا عنصر العاطفة بشكل قويّ في القصّة: عاطفة الخوف، والحزن، والألم، والرّغب، والندم؛ وأخيرا الفرح والسعادة.
هناك خصلة حميدة يتّبعنها النّساء الفلسطينيّات، وهي عمليّة ادّخار المؤن للأيّام الصّعبة؛ نتيجة لما مرّ عليهنّ من حروب ونكبات، وقد أظهرت الكاتبة هذا في قصّتها.
بالنّسبة لشخصيّات القصّة فقد بدت بعضها ايجابيّة نامية متطوّرة، وأخرى جامدة؛ حيث نلحظ أنّ شخصيّة الأبّ، شخصيّة نامية متطوّرة منذ البداية حتّى نهاية القصّة، حيث كان حلقة الوصل ما بين المواطنين؛ من أجل دحر الأشرار، كذلك شخصيّة الطّفلة إستبرق الّتي كان لها الدور الأساسي بكشف الأشرار، كذلك شخصيّة الابن الّذي كان يرافق والده ويساعده، والأشرار أنفسهم؛ أمّا بقيّة الشخصيّات: الأم. نساء القرى، أصحاب القرى المجاورة؛ فهي شخصيّات ثانوية.
الصورة في صفحة 19 توحي بشخصيّة الرّجل الفلسطيني الّذي يضع الحطّة الرّمزالمرقّطة بالأسود على كتفيه.
اختارت الكاتبة نهاية سعيدة للقصّة، حيث بثّت بخيالها الخصب أنّ هناك أرواحا سعيدة ستعيد السّلام لعالمهم، وستعيد الأشرار إلى البلدان الّتي قدموا منها. وبهذا تكون قد زرعت في داخلهم الأمل بمستقبل مشرق؛ وقد عملت على تذويت روح الانتماء للوطن ومحبّته والغيرة عليه من الغرباء.
أمّا من النّاحية اللغويّة، فقد كانت لغة القصّة قريبة أكثر للكبار منها للأطفال الصّغار؛ فقد كثرت بها التعبيرات المجازيّة والرّمزيّة نحو: خاوية على عروشها، وقد ، عاثوا فسادا، … وهي جمل مقتبسة من القرآن الكريم. توشّح وجهها بالاصفرار، قنّاص الفرح، داهمها الخوف، تقوّي عزائمها.
أرى بأنّ القصّة مناسبة من صفوف الخوامس وما فوق.
وقال مصطفى بدوي:
قصة جميلة جدا، كثيفة السرد ، سلسة التتبع، فيها تشويق للأخبار والحوادث، صورة ادبية جميلة تحتوي على رمزية عميقة تدعو للخير والمحبة والسعادة والسلام، وتبعث الامل في الحرية والفرح بنهاية جميلة لانتصار الخير على الشر وتكاتف المجتمع على دحر الشر. تحليل : القصة تخلط بين الواقع والخيال بطريقة فنية، حيث تسقط الخيال على الواقع لتجد حلولا سحرية. ولكن فيها مغزى توجه الاطفال الى ان حل المشكلات العصيبة يحتاج الى معجزات وليس كد وجهد وعمل، حيث ان انتظار الأرواح السعيدة لتطرد الاشرار وباستعمال الفراشات المضيئة التي ليس لها وجود في الواقع، حيث أن الفراش ينتشر في النهار ولا يضيء في الليل الا بأشعة فوق بنفسجية لا نراها وهي لتتعرف الفراشات على بعضها بعضا في الظلام، وعادة ما تقع الفراشات في النار او السراج لانها تنجذب للضوء بحثا عن الطعام. ونقطة اخرى وهي أن الاسم مختار بعناية اقتباس من القرآن الكريم، ليدل على الضوء ولمعان البرق. ايضا ان الفتاة التي تبلغ من العمر اربعة عشرة عاما ليست طفلة على الارجح، فهي بالغة تقريبا، فهي في الثالث اعدادي (المترك في الماضي) وان القانون في الغرب تم تعديلة بحيث يسمح لها مزاولة الجنس دون تدخل الأهل ولكن لا يسمح لها بالزواج (افساد الجيل ). فهذه القصة الخيالية تنفع الاطفال من عمر سبع سنوات الى عشر، مع التوضيح انها محض خيال من قصص قبل النوم. لم تذكر الكاتبة اسم والد الفتاة او والدتها واكتفت بتسميته ابو استبرق علما ان له دور مهم في القصة. ذكر الفراش في القرآن الكريم في سورة الواقعة من كثرة تناثره في الجو (يوم يكون الناس كالفراش المبثوث) سورة القارعة، من الخرافات حول الفراش ما يعتقد الهنود الحمر عن رسائل الارواح السعيدة وان الفراش له قدرات تتمثل في الفرح والحرية والابداع والتغيير والقدرة على التحول، خلاصة: تتطرق الكاتبة الى ان اهل القرى كانت تعيش بسعادة وفرح وامان الى ان جاء المحتل الغازي الشرير الذي يريد سرقة مقدرات اهل القرية وتدمير محاصيلهم وسلب سعادتهم، وكيف اكتشفت الفتاة سر وجودهم وعندما أخبرت إباها عن الموضوع تفاعل معها وأخبر اهل القرية الذين تجاهلوا الامر وسخروا منه ومن ابنته وهذا يدل على واقعنا الحالي من تفكك وعدم الثقة وعدم الرغبة في الاتحاد يدا واحدة ضد المحتل، وتخلص الكاتبة الى ان محاولة صد العدوان كانت بائسة وتلاها هزيمة وكأنها تلوح الى عام النكبة ومن بعدها النكسة. وتختم الكاتبة القصة باتحاد اهل القرى في التصدي للاشرار بالاستعانة بالأرواح السعيدة وهذا محض خيال حيث أنها تريد أن تقول نحتاج لمعجزة لنتحرر، وبرغم ذلك تختم بنهاية جميلة بطرد المحتل وعودة القرى الى جمال عهدها السّابق.