يثبت الاحتلال الاسرائيلي للأراضي المحتلة بتصرفاته الوحشية؛ بأنّه الاحتلال الأسوأ في التاريخ قديمه وحديثه، فتصرّفات هذا الاحتلال تؤكد أن قادة اسرائيل مصابون بجنون القوّة بسبب الدّعم الأمريكي اللامحدود لهم في مختلف المجالات، وما يصاحبه من خنوع مهين للنظام العربي الرسمي، وبالتالي فإنّهم يقومون بعمليّة انتحار ذاتي بطيء من خلال قراراتهم الجنونيّة، فهم يتصرّفون على الأرض وكأنّ الشعب الفلسطيني غير موجود، وأن لا حقوق له في وطنه التاريخيّ، وبناء على ذلك فانهم يتفنّنون باصدار القوانين العنصرية التي تدوس حقوق الانسان وكرامته وحرّياته.
ووصل الجنون الاسرائيلي الرسمي ذروته بالاعتداء على حرمات المسجد الأقصى، وتدنيسه من خلال السماح للمتطرفين اليهود الذين يدخلونه تحت حماية أمنية اسرائيلية، ويؤدّون طقوسهم الدينية فيه وكأنّه كنيس يهودي. وفي الوقت الذي تطلق حكومة اسرائيل العنان للمستوطنين في الضفة الغربية وجوهرتها القدس؛ ليعيثوا فيها قتلا وتدميرا وحرقا تحت حراسة الجيش الاسرائيلي، دون أن يتعرّضوا لأيّة عقوبات، فان الجنون وصل بالحكومة الاسرائيلية أن تقرّ قانونا يقضي بسجن الفلسطيني الذي يلقي حجرا على سيارة لشرطة الاحتلال أو جيشه لمدّة عشرة سنين، وعشرين سنة اذا كانت السيارة “مدنية”، أيّ للمستوطنين المسلحين.
لكنّ الحكومة الاسرائيلية” الديموقراطية” لم تقرّر بحق الفلسطينيين بالتظاهر ولو كانوا يعزفون الموسيقى ويوزعون الورود على المارّة؛ لأنّهم يرون الفلسطيني متهما حتى تثبت إدانته. ولم تكلف الحكومة الاسرائيلية نفسها بالبحث عن أسباب تظاهرات الفلسطينيين، ولم تبحث يوما خطّة لانسحابها من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليتمكن الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، حسب ما نصت عليه قرارات الشرعية والقانون الدولي.
وإذا ما كانت “الديموقراطية” الاسرائيلية ستسجن من يلقي حجرا على سيارة مدة عشرين سنة، فما هي العقوبة التي ستفرض على دولة تحتل أراضي الغير، وتستبيحها وتصادرها وتستوطنها وتقتل شعبها وتحاصره وتمتهن كرامته؟ ومعروف أن من يلقون الحجارة هم في غالبيتهم من الأطفال والفتيان، بينما الحكومة الاسرائيلية تمارس ارهاب الدولة وتخرق القانون الدولي ولوائح حقوق الانسان، وتدير ظهرها لقرارات الشرعية الدولية بما فيها قرار -181- للعام 1947الصادر عن الجمعية العمة للأمم المتحدة، والذي يعتبر شهادة ميلاد دولية لدولة اسرائيل، والذي ينص أيضا على قيام دولة فلسطينية بجانب دولة اسرائيل.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل كانت الحكومات الاسرائيلية ستواصل غطرستها وجنونها لو أن الولايات المتحدة الأمريكية، بصفتها الامبراطورية الأعظم في العالم تحترم القانون الدولي عندما يتعلق الأمر بحليفتها اسرائيل؟ وهل تعلم اسرائيل وحليفتها أمريكا أن سياسة الغطرسة لن تستمر الى الأبد، وستنعكس سلبا عليهما وعلى مصالحهما؛ لأن كثرة الضغط ستولد الانفجار حتما.
3-11-2014