عن دار الجندي للنشر بالقدس صدرت مؤخرا رواية
” أميرة ” للكاتب المقدسي الشهير جميل السلحوت، لتأتي إضافةً جديدةً، في سلسلة إصدارات طويلة للكاتب ..
كنتُ سعيدَ الحظ باضطلاعي على الرواية، وكان لي – أثناء تناولها – شرفُ الانبهار .. وكذلك الفرح والفخر معا!
الفرحُ .. بالعودةِ إلى سرد الزمن الجميل، من غير استعصاءٍ، أو نتوءات تعترض الذائقة، بحجج الحداثة،
و” جماليات ” الرمز، والتركيب .. لقد مارس الكاتب هنا الرسم بحذقٍ، فكانت رواية المشهد السينمائيّ المتحرك باقتدار، مع تضاريس النكبة، بجغرافيتها، وتاريخها .. ومع القراءة عاد للقلب الوجعُ المتواري، والبلادُ عادت ثانية بين يديّ تبكي، والأهل أمام ناظريّ رجعوا يغادرون، مع الروايةِ تحسُّ أن النكبة اليوم حدثت .. من بعد أن شتّت أقلام، وتاه كثيرون من الكتّاب في مسارب الحياة ومضامينها .. !
جميل السلحوت يعودُ إلى نبع أقلامنا الأول ” تبع النكبة ” يُعيد يافا وريفها، وكذلك حيفا، واللطرون، والقدس، وأريحا، مرورا بغزة، ومخيمات لبنان، في نسيجٍ درامي مترامي الأطراف بحجم ترامي أطراف زمان نكبتنا، وأمكنة نزوحنا!
والفخر .. وأنا مع الرواية يراودني الابتسام، مع شخوص الروايةِ وهم يتحركون، وينطقون، حتى لكأنني رأيتهم؛ يحركون الوسطى لملوك إسرائيل، وسمعتهم؛ يخبرون حكماءهم: أنَّ حروبكم هباء، وأنّ النكبة مهما طال بها الزمان؛ لن يجديّكم فيها الوقتُ نفعا . وعار رؤوسكم أيّها السارقين لم يزل يخيم!
والفخرُ أيضا .. لأنَّ رواية ” أميرة ” لن تقوى على قصفها الطائرات، وأن الذاكرة ما زالت على لهب ما جرى؛ تتقد!
الفخرُ .. لأنّ أصل الصراع بين رواية المسروق في تصديه لرواية السارق .. وها نحنُ لم نفارق .. وإن تهنا ولو إلى حين، نعاود الرويّ، بأجمل مما كان، وبألوانٍ أزهي سحرا!
لقد أمتعني جميل السلحوت .. وهو يطوفُ في ربوع البلاد المُضيّعة .. مكانا، وزمانا، وشخوصا .. رأيته … وهو لا يترك شاردة .. من النعيم الذي كان، ولا من فجيعة حدثت في نكبة المكان، بتصويرٍ هاديء .. ماتع، وإن كان مُدميا أحيانا!
هذه رواية ما جرى .. رواية النكبة باقتدار .. هديّةٌ قلم السلحوت إلى صبياننا، وهي أيضا مبراةٌ لذاكرة الكبار!
أهنئك صديقي على روايةٍ … تمنيتُ لو كنت أنا كاتبها!
13-10-2014