تجربة قاسية لمحمود شقير
قصة تربوية تعليمية
القدس 17/3/2005
ناقشت الندوة هذا المساء قصة ” تجربة قاسية ” للأديب محمود شقير التي صدرت عام 2001 عن دائرة التربية والتعليم في وكالة غوث اللاجئين الفلسطينية ” الانروا” وهي قصة للفتيان والفتيات، تقع في 43 صفحة من الحجم الكبير وصمم غلافها ورسوماتها الداخلية ماهر فارس.
جميل السلحوت قال :
كاتب القصة محمود شقير أديب متميز ، كتب القصة القصة، والقصيرة القصيرة جدا، والرواية والمسرحية، والمسلسلات التلفزيونية، ومن كتبه للأطفال:
* الجندي واللعبة صدرت عام 1986.
* الحاجز صدرت عام 1987.
* أغنية الحمار صدرت عام 1988.
* مهنة الديك صدرت عام 2000.
* قالت لنا الشجرة صدرت عام 2004 .
كما كتب للفتيات والفتيان:-
* قالت مريم… قال الفتى – 1996 .
* الولد الذي يكسر الزجاج – 2001 .
* طيور على النافذة -2001 .
* أنا وجمانة -2001 .
وتجربة قاسية التي نحن بصددها، قصة ذات أهداف تربوية وتعليمية وإنسانية، فبطلها احمد ابن الثالثة عشر تلميذ مجتهد يحلم بان يكون احد أبطال سباق السيارات، ويحلم مرة أخرى انه احد رواد الفضاء ” ص 5 غير أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن حيث توفي والده في حادث سير مروع.
واحمد هذا يحب الناس ويتحمل مسؤولياته، فعندما أراد المشاركة في رحلة مدرسية، لم يجد تكاليف الرحلة مع والدته التي كانت تخدم في بيوت الأغنياء، فشرع في بيع العلكة وقطع الحلوى والمحارم الورقية في شوارع المدينة الخلفية وأحيائها البعيدة عن الأسواق ” ص13 بعد دوامه المدرسي.
وهو عزيز النفس لا يقبل المساعدة من الآخرين، لذا فانه اخبر معلم اللغة العربية ومدير المدرسة انه ليس في حاجة إلى مساعدة، عندما عرضا عليه كل منهما على انفراد إذا ما كان بحاجة إلى المساعدة.
وعندما مرضت والدته ودخلت المستشفى، قرر الانقطاع عن الدراسة والعمل في كراج لتصليح السيارات ، ليكسب بعض المال للإنفاق على نفسه وعلى شقيقه وشقيقته ووالدته، ورغم تصرفاته الطفولية في الكراج إلا انه واظب على عمله، وتحمل توبيخ صاحب الكراج له، وظل يحلم بتحقيق أمنيته بان يصبح احد أبطال سباق السيارات أو رائد فضاء.
وعندما ” غادرت أمه المستشفى قبل ان ينهي أسبوعه الثالث في الكراج، وعتبت عليه لأنه ترك المدرسة ” ص 27 بدا مترددا في العودة إلى المدرسة ” لأنه أصبح قادرا على كسب المال ” ص 27 إلا أن تردده اخذ يقل ” بسبب ما يتعرض له من منغصات ” ص 28 ومع ذلك بقي مصرا على مواصلة عمله في الكراج حتى بعد مقابلة مدير المدرسة لامه، وحثه لها بان تقنعه بذلك.
ثم جاءت اللحظة الحاسمة، عندما صفعه المعلم على وجهه، لأنه كان يتحدث مع زميله في المدرسة مصطفى الذي جاء يزوره في الكراج بعد الدوام المدرسي، فلم يعد للعمل في اليوم التالي، وأمضى ثلاثة أيام يتجول دون هدف في شوارع المدينة، إلى أن زاره مدير المدرسة ومعلم اللغة العربية في البيت، وأقنعاه بالعودة إلى المدرسة.
القيم التربوية والتعليمية:
يلاحظ أن الكاتب ركز في القصة على بعض القيم التربوية والتعليمية مثل: حب المدرسة والتعليم، ومن لا يتعلم لا يجد عملا لائقا، مثلما حصل مع والدة احمد التي لم تكمل سوى المرحلة الابتدائية، كما انه تطرق إلى أهمية الرحلات المدرسية، وعن ضرورة التعرف على كل بقعة في بلادنا ” ص 10 وهناك تعليم لأصوات بعض الحيوانات مثل ” تغريد البلبل والحسون..، ثغاء الشاة، ونباح الكلب، ونهيق الحمار “ص 15 ، وهناك قضية التعاطف مع المرضى وحبهم” ص 16.
وهناك معلومة قانونية وحقوقية وهي حق التعليم الإلزامي، وعدم عمل الأطفال فانقطاع الأطفال عن المدرسة وذهابهم للعمل “لا يقرهما أي قانون، ولا تجيزهما أية مؤسسة معنية بالطفولة” ص 39 وهذه القضية مرّ عليها الكاتب مرور الكرام، ويبدو انه وقع تحت تأثير الواقع في بلادنا، حيث لا يوجد من ينفذ القانون بحماية الأيتام وتوفير العيش الكريم لهم لمواصلة تعليمهم، كما أن المؤسسات التي تعنى بالأطفال يقتصر دورها على الوعظ والإرشاد.
وفي القصة تركيز على ضرورة الترابط بين المدرسة والبيت لمتابعة التحصيل العلمي للأطفال، لذا فان المدير ومعلم اللغة العربية سألا أكثر من مرة عن احمد واحتياجاته، وسبب غيابه عن المدرسة، وهما اللذان أقنعاه بالعودة إلى المدرسة بعد غياب استمر خمسة أسابيع.
ويلاحظ في القصة أن الكاتب احترم تفكير وعقلية الفتى احمد ابن الثالثة عشرة، فجعله يجرب كيفما شاء، حيث جرّب بيع الأشياء البسيطة في الشوارع بعد الدوام المدرسي، كما تركه يجرب العمل في الكراج، ولم يكن دور والدته وعمته ومدير المدرسة ومعلم اللغة العربية سوى دور المرشد الناصح، إلى أن اقتنع بالعودة إلى المدرسة لان مصلحته فيها، وانه لن يستطيع تحقيق أمنياته بان يصبح بطل سباق سيارات، أو رائد فضاء إلا بالعلم، كما أن هناك معلومة تفيد بان عدد ساعات العمل اليومي هي ثمانية.
ملاحظة عابرة:
يبدو أن الكاتب وقع تحت تأثير متطلبات الناشر الذي طبع هذه القصة وغيرها من القصص، ضمن “مشروع تعليم حقوق الإنسان.. التسامح.. وحل النزاعات” حيث استعمل جملة:
“احمد يحب الناس” وأصبح يحب الناس أكثر، أو يحب الناس والمدرسة”، .. الخ. أكثر من عشر مرات وبطريقة مقحمة ومبالغ فيها في القصة بشكل مباشر ودون ضرورة، وكاتبنا معروف بإتقانه لفن القصة بطريقة إبداعية متميزة، ولو استغنى عن تكرار هذه العبارة لأوصل المعنى المراد منها دون ذكرها.
محمد موسى سويلم قال:
ترك المدرسة بسبب وفاة الأب مما يؤدي إلى أن تتحمل الأم مشاكل ومسؤولية الأسرة، وبروز الابن الأكبر في العائلة، بغض النظر عن سنّه، هو إحساس بالمسؤولية خاصة في مجتمعنا، وهذا جيد ولكن لسوء الحظ في تجربة قاسية ” يكون الابن الأكبر قاصراً ” وهنا تكمن الخطورة.
تسن القوانين والأنظمة، وبرفع سن التعليم الإلزامي، ولكن ما فائدة القوانين والأنظمة في ذاك الوضع ” السياسي.. الاجتماعي.. العائلي.. الإنساني” في تثبيت هذا القانون والدفاع عنه؟ ترى أين دور الوزارات المعنية والمؤسسات والجمعيات الخيرية المحلية والأجنبية ؟ أين الضمان المؤسساتي؟ أين المجالس المحلية والبلدية إذا تأخر شخص عن دفع فاتورة معينة ” يحجز على أمواله وقد يسجن، صدقت مسرحية دريد لحام في “كأسك يا وطن” حين قال له المحقق نعرف عنك كل شيء وين بتروح وين بتيجي وين بتقعد …” فقال دريد عندكم كل هالمعلومات وما بتعرفوا انو أولادي عيدوا حفايا”
ذكرتني القصة بالصناديق… صندوق الطالب الفقير.. صندوق الطالب الجامعي.. صندوق الأيتام ..
عمل الأم مضن ومرهق، ما الأمر؟ وما الخطأ في ذلك؟ الجميع يريد عملا سهلا نعم كما قال احد الحكماء ” أنت أمير وانأ أمير مين يسوق على الحمير ”
نعود إلى عمل الأطفال هذه مشكلة منتشرة كثيرا بين أطفالنا، على الإشارات الضوئية والمرافق العامة مثل مواقف الباصات وحول المقاهي، فمع وجود أنظمة وقوانين تمنع هذا العمل فما الحل.؟ لا يوجد سوى أنظمة مكتوبة على الورق، أما على ارض الواقع فحدث ولا حرج، ثم هل هؤلاء الأطفال هم باعة متجولون أم أطفال متسولون ؟ لا ادري أي مصطلح ينطبق عليهم، ثم قضية التسرب من المدارس، فماذا أقول؟.. الله يكون بالعون.
والتدخين والجلوس في المقاهي، أليست ممتعة؟ ونوع من إثبات الرجولة وعجز وتقصير من الأسس التربوية؟ ونجاح يضاف إلى النجاحات التي حققها ويحققها دعاة الحرية وحقوق الإنسان، لأنهم يحاربون العقاب ويدعون إلى الثواب ويدعمونه … ألا يعرفون أن إزالة العقاب ( وأنا لا اقصد الضرب هنا ) ودعم الثواب هو اختلال في الميزان.
“تجربة قاسية” قصة من واقع يمر به أطفالنا بحكم واقع نعيشه، فُرض علينا لظروف لم تستثن احداً، وتدق الجرس امام المسؤولين وصناع القرار من الوزارات المعنية، وانتهاء بالوالدين لمراقبة الابناء في حلهم وترحالهم، ثم هذا نداء الى كل المؤسسات حكومية والاهلية الى العمل على تنفيذ ومراعاة التنفيذ في الرعاية الجيدة لاطفالنا في كل مراحل العمر من رياض الاطفال الى المرحلة الجامعية .
طرحت “تجربة قاسية” موضوعا ليس سهلا الا وهو عمالة الاطفال وحمايتهم من العبث والعادات السيئة، والانحرافات الخلقية والسلوكية والانسانية، ثم عرجت على موضوع الاستغلال في الحاجة الانسانية بلا ضوابط او معايير .
طرحت موضوع الاصدقاء وهنا يحضرني قول الشاعر :
عن المرء لا تسل وسل عن قرينه
فكل قرين بالقرين يقتدي
ثم الا تعلم ان احد اسباب الانحراف والانجراف في المهالك هو وجود رفقاء سوء، فاين الضوابط الاسرية؟ واين الرعاية الاجتماعية؟ واين الاندية الثقافية والترفيهية والرياضية والاجتماعية والدينية؟
ثم طرحت قضية الدفء الاسري الذي استطاع هذا الدفء ان يلملم شعث الاسرة ، وحنان الام المتدفق، استطاع ايضا ان يجعل البيت مرجعا ومأوى.
عالجت تجربة قاسية مواضيع كثيرة في مجالات الرعاية الاجتماعية والتربية والحياة منها:
1. عمل الاطفال.
2. كثرة المؤسسات وقلة كفائتها .
3. التسرب المدرسي .
4. نقص في الضمان الاجتماعي الاسري.
5. عدم توفير المرشدين الاجتماعيين والمعالجين النفسيين.
6. عدم تحريك الاجهزة الحكومية لتوفير الاجواء المناسبة .
ان “تجربة قاسية” هي ضمن مشروع تعليم حقوق الانسان، التسامح، وحل النزاعات، السؤال هل هو مشروع تعليم؟ وكيف؟ ثم من هو الذي يقوم بعلمية التعليم ؟ هل هناك دعم لعملية التعليم ؟ هل هناك متابعة لهذه العملية ؟ اسئلة كثيرة …
هنا اذكر حادثة، ذهب احد الطلاب لمتابعة دراسته في الخارج، وشاءت الظروف ان يغيب تسع سنوات، وحين عاد ركب السيارة من القدس الى رام الله، وكان قد اشترى علبة كولا شربها في الطريق، وسأل السائق اين استطيع ان اضع العلبة الفارغة؟ تناولها السائق بغضب ورماها من الشباك، وقال له شو انت مش من هالبلد؟
لكاتبنا واديبنا وهو اب لنا في التعليم اقول له ما قال الشاعر :
اذا خضت في امر مروم فلا تقنع بما دون النجوم
فحقوق الانسان ، التسامح وحل النزاعات وحتى التربية وما يسمى بالديمقراطية بحاجة الى حماية وليس الى برنامج تعليمي فقط .
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم
ولا خير في قوم اذا جهالهم سادوا .
حذام العربي قالت:
لن اتطرق الى مضمون النص – او التعليق عليه سلفا
قرأت للكاتب فيما سبق واذكره ، ” ظل آخر للمدينة ” وكذلك ” الولد الفلسطيني ” لا يسعنى استحضار ما قرأت حينها ولكن اذكر انني احببت ما قرأت، لذلك فوجئت بهذا الكتاب .
اتمنى للقارئ ان لا يستهل تعارفه على انتاج هذا الكاتب من هذا الكتاب ، اذ قد يخرج بانطباع مغاير، جزئي وغير منصف عن انتاجه .
يوحي عنوان الكتاب ” تجربة قاسية ” بما كان يستحسن تبويبه به .
اخذا بعين الاعتبار جهة الاصدار وهي مشروع تعليم حقوق الانسان ، التسامح ، وحل النزاعات في الاونروا، فان الكتاب قد يشكل مادة تعليمة – تثقيفية، او قل مدخلا لورشة عمل تجريبية للفتيان/ت في مثل جيل احمد صاحب التجربة القاسية .
بثينة شقيرات قالت:
عندما قرأت القصة شعرت انها تتحدث عن قطاع واسع من طلاب مدارسنا، والذين تربطهم ببطل القصة ظروف مشابهة، او حتى احيانا نفس الظروف التي على خلفيتها يتركون التعليم ويتوجهون الى سوق العمالة، مما يعرضهم للعديد من التجارب القاسية، يكون حالهم في احسن الاحوال ما وصل اليه حال البطل، وفي العديد من الحالات يتعرضون الى ابشع واقسى ظروف وحالات الاستغلال الجسمي والنفسي والعنف الجنسي والسقوط في مستنقع المخدرات. تعاطياً او ترويجاً .
اذا نحن بحاجة ماسة الى قصص تربوية اجتماعية هادفة تلقي الضوء على الظروف الاسرية ، الاقتصادية الاجتماعية التي تدفع الى هذا الانحراف، او حتى تغذيه بشكل مباشر او غير مباشر، كذلك بحاجة الى ان نسلط الضوء على المؤسسات التربوية والاجتماعية التي يجب ان تكون في مركز الصدارة في حالة هذا الطفل، للدفاع عنه والى تامين قوته وقوت اسرته، حتى يتفرغ هو الى دوره الاساسي وهو التعليم، فاين هي قوانين التعليم الالزامي؟ واين هي مؤسسات الشؤون الاجتماعية وحق الاطار الاول في حياة الطفل وهو المدرسة؟ اين هو دورها الفعال في الوقاية من الوصول الى هذه المشاكل ؟…
اما القصة من حيث التحليل، فانا ارى ان الكاتب طرح قضية العمالة بشكل تسلسلي، فقد بدأ الطفل العمل بداية في البيع المتجول، مما اثر عليه بداية بشكل بسيط على مستوى التحصيل والعلامات، الا انه نظراً لظروفه لم يقم المدير أي اعتبار لذلك، وحسب القصة وكما استشعرت من رأي الكاتب انه يمتدح عصامية هذا الشاب وتحمله لمسؤولية اسرته، خصوصا عندما قام بتوفير مستلزمات الرحلة، ولم يترك امه تمتهن كرامتها لاستدانة المبلغ، وبما ان العديد من طلاب مدارسنا سواء على مستوى مدينة القدس، او حتى بشكل خاص مدن الضفة بسبب الظروف الاقتصادية يمتهنون هذا العمل، الا ان الخوف ان يكون هناك فهم تربوي خاطىء، لورود ذلك في القصة للدعوة والحث على العمل بهذه الطريقة بعد الدوام، لا سيما ان هذه المهنة لها احتكاك مباشر مع الشارع، مما يعرض الطفل الى خطر الاستغلال بكافة اشكاله .
وعندما تنازلت الام للطفل في المرة الاولى، ولم يكن هناك وكيل متنبه لهذا الخطر، ترك الطفل المدرسة في المرحلة الثانية من العمالة، وهي المرحلة الاخطر والاعقد، وعمله داخل كراج السيارات، حيث عاش التجربة القاسية بكل مرارتها من امتهان للكرامة ، مسبات ، توبيخ ، شتائم ، وحتى ضرب وصفع.
الا ان الطفل الفتى احتمل كل هذا تحت ذريعة الحب ، حب الناس ، الاشخاص وهو بتصوري شكل سلبي يعلم الطفل ان يستكين، ويستقبل الاهانة برحابة صدر على حساب الكرامة وعزة النفس، ونحن ما احوجنا الى اطفال لا يحتملون ان تمتهن كرامتهم، ولا يطيقون الذل والخنوع، حتى نربي نفسا قوية شامخة لا يسهل عليها التفريط بحقوقها تحت ذريعة التسامح،فالتسامح، والمحبة في كل الامور محصلتها شخصية سلسة سهلة القيادة خانعة لا تعوّد على اتخاذ قرار جريء .
اضافة الى ان الكاتب اعطى الطفل جيل 13 عاما وهي مرحلة تتفتح فيها طاقاته وقدراته، وتكون الشخصية فيها اقرب لعدم السيطرة على الانفعال والتوازن الشعوري، فكيف يكون طفل بهذا الجيل بهذه المواصفات من الشخصية، ويحتمل كل هذه الاهانات دون ان يرد ويدافع ؟ ؟ ! ! عكست القصة بشكل جلي وواضح وناجح بتصوري الصراع الذي يعيشه هذا الطفل الشاب، بين حاجته الماسة للعمل دون وجود معيل، وبين حاجاته النفسية الشعورية مثل اللعب ، الخيال في ص ( 21) يظهر هذا الصراع، حيث يقول لن العب بالعجلة مرة اخرى، ولن اتخيل نفسي بطلا او رائد فضاء، بمعنى انه الغى حاجاته النفسية الطبيعية مقابل سوف أُرضي معلمي، بمعنى حتى اواصل العمل للحصول على المادة.
اوضح الكاتب بشكل جميل مفهوم الاغتراب الذي يعيشه الطفل داخل المكان .. فالطفل … الشاب يضحك ويلاطف الزملاء ويحبهم، الا انهم ليسوا في مثل جيلة، عالمهم واحلامهم تختلف، واهتماماتهم ايضا تختلف، فهم لا يتحدثون عن الاشعار والكتب ورواد الفضاء مما يزيد الامر بالنسبة اليه تعقيدا واحساسا بالاغتراب النفسي عن هذه المجموعة التي لا يربطه بها سوى زمالة العمل.
عرض الكاتب بشكل سلس الطرق التي يتعلم من خلالها الاطفال التدخين ، شلة الرفاق ، زملاء العمل ، تبدأ بتجربة ثم تتحول الى عادة يكون ثمنها صحة الانسان في الدرجة الاولى، كذلك قدمت القصة الطفل بشكل ضعيف، فهو راضح لرأي وضغط مجموعة العمل في البقاء مدة اخرى .
الشخصيات في القصة :
* الام غير متعلمة، فهي بالتالي لا تستطيع الحصول على مهنة محترمة تحفظ كرامتها، الام سلبية في بداية الامر، لانها سمحت لابنها ان يعمل في ساعات بعد الظهر ، كان من الممكن ان تعطي الطفل دوراً داخل الاسرة، وليس العمل لكسب النقود .
* الاخوة الصغار يبحثون عن متعتهم الخاصة فقط دون وعي للظرف الواقعي .
* صاحب الكراج جشع استغلالي طماع ، ليس طيب القلب كما وصفه زميل احمد بل هو ” غول ”
* المدير + المعلمون دورهم اظهره الكاتب على انه ايجابي، ولكنه على العكس سلبي، بداية قدموا واجب العزاء، وكانوا فقط يسألون عن حاله دون الدخول في تفاصيل ظروفه، من المفروض ان يكونوا على قدر اكبر من المسؤولية والفعالية، ظهرت بعض الايجابية عندما دخلوا الى المقهى بشكل عفوي، ووجدوا الطفل احمد يجلس وبفمه سيجارة ، لاموه على ذلك، ومن ثم قاموا بزيارة اخرى للبيت .
الطفل / الفتى ” احمد ” مراهق في بداية مرحلة المراهقة، يغرق في الخيال والاحلام ( اليقظة ) يحل المشاكل احيانا بشكل خيالي ، تطورت شخصيته عندما تحمل مسؤولية العمل الاولى، البائع المتجول، ثم دخل عالم الكراجات والخدمة، هو سلبي باستخدامه الكثير من عبارات احب الناس، احب الاشخاص، بالرغم من الاهانة والقسوة التي عامله بها صاحب الكراج، بقي دون ان يدافع او يغير شيئا، في نهاية القصة بدأ التغيير واتخاذ القرار السليم بالرجوع الى المدرسة، حيث عاد يلوح له طيف البنت التي ترتدي لباس رواد الفضاء، لتأخذه معها، يرمز الى عودة الطفل الى عالم العلم والتعلم الذي حرم منه فترة من الزمن .
في النهاية القصة تربوية اجتماعية هادفة، وتحاكي هموم مجتمعنا ومشاكل مدارسنا
حليمة جوهر قالت :
” تجربة قاسية ” قصة واقعية ذات مغزى تعليمي وتربوي ، نجح الكاتب نجاحاً كبيراً في ايصال فكرته وهدفه التربوي من خلالها لفئة كبيرة من الطلاب الذين يتسربون من مدارسهم، بغض النظر عن اهدافهم واسبابهم.
والكاتب في قصته يتوجه بشكل مباشر وبحس الاديب المجرب الذي يدرك خبايا النفس التي يخاطبها ويكتب من اجلها – يتوجه الى الطلاب انفسهم، من خلال احمد النموذج الذي اختار له الكاتب ان تكون ظروفه الاجتماعية والاقتصادية صعبة جدا، تضطره للعمل بعد الظهر لتوفير رسوم رحلة .. ومن ثم تستهويه الفكرة، ويغريه توفر بعض المال بين يديه ، فينخرط في العمل في كراج ويترك المدرسة .. مستغلا في ذلك فرصة مرض امه ورقودها في ا لمستشفى .. ورغم ان احمد كان مجداً ومجتهداًً في مدرسته ، ولديه طموحات واحلام يود تحقيقها الا ان تعرفه على رفاق العمل وامام اغراء المبلغ الذي قبضه في اول اسبوع له، والذي لم يسبق له وان حصل عليه من قبل – جعله يماطل ويسوق الحجج ليبرر عدم رجوعه الى المدرسة التي يحبها ، .
وبذلك خاض احمد التجربة بحلوها ومرها، تعرف على رفاق جدد، واصبح يجالسهم في المقهى، وهذا الوضع ربما كان يسعده، ويشعره بانه اصبح رجلا يجالس من هم اكبر منه سنا، ويجاملهم بشرب كوب من الشاي او تدخين سيجارة ، ورغم ذلك وان كان احمد قد تناسى انه لا يزال طفلا في الثالثة عشرة، الا ان غريزة الطفولة التي تتشتت بداخله لم تتركه لحظة، فكلما سنحت له الفرصة، كان يلهو ويعلب لإشباع هذه الغريزة المحرومة من كثير من حقوقها.
وبين صراع احمد في عدم اتاحة الفرصة له بتلبية طموحاته، وبين منغصات صاحب العلم، راح يفكر باهمية المدرسة وضرورة الرجوع اليها .. لكن حاجته للمال تجعله اكثر ترددا وضياعا، حتى يقوم صاحب العمل بصفعه، فيقرر ترك العمل ..
وتبدأ مرحلة جديدة من الضياع في حياة احمد، وقد نجح الكاتب ايضا نجاحا كبيرا في تشخيص وصف مشاعر احمد وحالته النفسية في هذه المرحلة، والمتمثلة في الصفحات 36 و 37 وقد جعل احمد يستفيد في فراغه في التفكير بكل شيء.. في المدرسة .. والكتاب والمكتبة والفضاء .. بتضحيات ابيه وامه التي تعمل في نقل اكياس القمامة لكي يبقى في المدرسة،
في اعتقادي ان هذا الهدف الرئيسي الذي اراد الكاتب ايصاله للقارئ، علما ان القصة تمتلئ بالاهداف التربوية والقيم الاجتماعية والانسانية الاخرى، حيث نلاحظ بوضوح تركيز الكاتب على ان :
– ام أحمد لم يكن لديها شهادة تؤهلها للعمل ، فتضطر ان تقبل بالعمل في نقل القمامة .. الخ .
– التعليم الالزامي للأطفال وعدم السماح لهم بالتسرب من المدارس.
– علاقة المدير والمعلمين وتواصلهم مع عائلة احمد.
– اهتمام المدرسة وزملاء احمد به وحثهم اياه على العودة الى المدرسة.
– تكفل المدير بايجاد عمل مريح لام احمد .
ختاما اود ان اشكر المؤلف مرتين :
* مرة لانه قدم لنا عملا واقعيا يخدم أطفالنا.
* – ومرة أخرى لانني اواجه في عملي في المدرسة قصة مع احدى طالباتي تشبه الى حد كبير قصة ام احمد وابنائها، هذه الطالبة واخوها يعانيان من التأخر الدراسي بسبب ظروف اقتصادية صعبة يعيشانها نتيجة لوفاة الاب، وعدم مقدرة الام على العمل لانها لم تكمل تعليمها، وقد وجدت في قصة ابي خالد خير هدية اقدمها لهم مع مجموعة اخرى من القصص التربوية في محاولة لمساعدتها في دراستهما .
سمير الجندي قال :
جسد الكاتب حالة اجتماعية واقعية ، تحدث في مجتمعنا يوم يوم، والمتمثلة باستغلال الاطفال في ورشات العمل بصورة لا انسانية ، وقد صور لنا الكاتب تلك الحالة باسلوب جيد، ونقل لنا اهمية التعليم بالنسبة للمرأة ، حين لم تجد والدة احمد عملا يليق بها لانها لم تتعلم، ولم يكن لديها أي مؤهل علمي يسمح لها بوظيفة مناسبة ، وهذا حث واضح على اهمية تعليم المرأة نقله لنا الكاتب بكل براعة .
* كما اشار الى المآسي التي تتسبب بها حوادث السير والتي راح ضحيتها والد احمد
* ذكر الكاتب توجه الرحلة الى الشمال ! ولم يوضح أي شمال ! ! ولو انه ذكر اسماء المدن لكانت الفائدة اعم واشمل .
* كرر الكاتب عبارة ( حب الناس ) ولكنه لم يقرنها بالفعل الذي يدل على ذلك.
* وضح الكاتب اهمية التعاون ما بين البيت والمدرسة ،ذلك التعاون الذي من شأنه معالجة قضايا التلاميذ الاجتماعية والنفسية، واثرها على العملية التعليمية رغم تاخر هذا التعاون في معالجة قضية احمد، والذي جاء بعدد محدود اكثر من ثلاثة اسابيع على غياب احمد عن مدرسته ، علما بانه كان طالبا نشيطا مواظبا ، ورغم علم ادارة المدرسة ومعلميها عن احوال اسرة احمد فقد سحب الكتب نوعا ما قبل معالجة ذلك .
* لم يظهر ان احمد انسان ” عنيد ” ولم تقم الأم بمحاولة جدية لاقناع احمد بالعودة الى المدرسة، خاصة في الاسابيع الاولى لتركه المدرسة ، وبعد خروجها من المشفى/ وكان هناك تناقض في تصرفات احمد ، فهو طالب مجتهد ومواظب ويسمع كلام والدته ومعلميه، الا ان هذا الاصرار على العمل رغم قسوته لم يكن مبررا في سياق القصة، لذلك فانني ارى ان الكاتب قد سحب هنا ايضا قبل دخوله لحظة التنوير للوصول الى الخاتمة .
* اما بالنسبة للخيال الذي كان يغرق فيه احمد، فقد كان خيالا طفوليا حقيقيا
صور لنا الكاتب الحس الطفولي رغم ان احمد اصبح عاملا في ورشة السيارات، واخذ يشارك العمال اوقاتهم في المقاهي ، وحتى انه بدأ يدخن، الا انه لم يستسغ التدخين، وشعر بالاختناق، لانه لم يجد شيئا مشتركا مع اولئك العمال، فحديثهم غير حديثه ، واهتماماته غير اهتماماتهم ، فهو يحلم بانه يحلق مع فتاة في الفضاء، ويحلم بانه بطل سباق السيارات، ويتجول في طريقه الى بيت ( المعلم ) ينظر الى واجهات المحلات، أي ان فضوله الطفولي ظل ملازما له، وهذه ميزة للكاتب على قدرته في تجسيد نفسية ذلك الطفل الذي اراد ان يكون انسانا يعتمد عليه مثل الرجال، ولكنه ايضا جسد حنينه الى حياته الطفولية الحقيقية من خلال عدم تخليه عن احلامه.
* كانت بعض الرسومات غير موفقة مثل الرسومات ص 7 فلم يعبر الرسم عن المناسبة اطلاقا
خليل سموم قال:
o قصة متنوعة من صميم الواقع الفلسطينب ، ملأى بالقيم التربوية الايجابية ، تعالج قضية خطيرة ، هي قضية تسرب الاطفال من المدارس، وتغيبهم عنها للانخراط في سوق العمل .
o في هذه القصة جانبان ، جانب فني ادبي ، وجانب تربوي قيمي .
الجانب الفني الادبي
o حجم الكتاب جيد للطالب وكذا شكله .
o عنوان القصة ملائم ومطابق لمحتواها، وهو عنوان جاد وجذاب للاطفال
o حجم الصور داخل الصفحات جيد، وتبلغ نسبة مساحة الصور مقابل مساحة الكلام (55-45) ، وهذه نسبة جيدة للطالب .
o تتطابق الصور في كل صفحة مع مضمون الكلام ، ولكن في صفحة 31 لا تتطابق الصورة مع مضمون الكلام فيها ، وهي نفس الصورة صفحة 3
o في صفحة 16 جاء في الكلام : اضطجعت الأم في فراشها … ومعنى اضطجعت استلقت على جانبها، ولكن الرسام رسمها وهي مستلقية على ظهرها، وليست مضطجعة، وهذه معلومة خاطئة للأطفال.
o الكلمات واضحة للطفل من حيث حجم الحرف ونوع الحرف.
o حجم حركات الحروف صغيرة جدا بشكل لافت للنظر ، وهذا في غير مصلحة الطفل القارئ ، وفي بعض الاحيان ضربت الحركات بالحروف ، وبعضها جاء في غير مكانه الصحيح وبعضها كان في الاصل خاطئاً .
o لقد قدم الكاتب للطفل الفاظا واساليب تتناسب وقدرته اللغوية في إطار قاموسه من الالفاظ ، وقد اختار الالفاظ السلسة الواضحة والعبارات التي تؤدي المعنى دون تعقيد او صعوبة ، فلغة القصة سهلة للاطفال ، والكلمات منتقاة لهم بعناية شديدة، ولم يستعمل الكاتب الفاظا عامية ، وهذا شيء ممتاز ، بل بالعكس ، نراه يستعمل الفاظا مثل تلفاز ، بنطال ، فرامل .
o من بداية القصة يدخلنا الكاتب الى قلب المشكلة والصراع بلا مقدمات وبلا تمهيد ، فالولد احمد يقف مستاءا بسبب التعامل السيء لصاحب الكراج معه، ويتداخل الحاضر بالماضي عبر الذكريات ، ومن الذكريات ينتقل بناء الكاتب الى الواقع الحاضر.
o شخصيات القصة بسيطة ، وقد ظهرت طبيعية في تصرفاتها وكأنها كائنات حية تنبض بالحياة، لا كائنات من الشمع يحركها المؤلف على هواه .
o زمن القصة محدود، وكذلك مكانها ، وهذا مما يسهل على الطفل القارئ استيعاب محتوى القصة .
o عنصر الحوار في القصة متوفر بشكل جيد .
o تفتقد القصة بعضا من عنصر التشويق، فخلال قرائتها يشعر القارئ وكأنه يقرأ قضية اجتماعية عادية ، فهي اشبه ما تكون بعرض قضية منها الى قصة .
2- الجانب التربوي القيمي
* هذا الكتاب موجه لجمهورين في وقت واحد ، هما جمهور الاطفال ، وجمهور الكبار . فالقصة تناسب طلاب الصفوف : السادس ، السابع ، والثامن ، حيث تشهد هذه المرحلة كثيرا من التسرب من المدرسة ، والتغيب عن الدوام المدرسي . وهي كذلك تفيد الكبار ، وخاصة الاباء والامهات والمربين ، حيث تبين لنا القصة كيف يجب ان يكون اسلوب المدير والمعليمن في معالجة موضوع التسرب والتغيب عن الدراسة ، فهم لم يضربوه ، ولم يهددوه ، ولم يعنفوه ، لكنهم استعملوا معه اسلوب الاقناع ، وكذلك فعلت الام .
جاء في القصة صفحة 13 وصفحة 14 ما يلي : ورغم تعبه الشديد في البيع فقد كانت علاماته المدرسية جيدة، هذا التصريح من الكاتب خطير جداً على طلابنا القارئين للقصة ، فإنهم سيستنتجون بانه لا ضرر على صحتهم وعلى نتائجهم المدرسية في حال اشتغلوا بعد دوامهم المدرسي .
وكذلك عندما يقول الكاتب ان احمد جلب نقود الرحلة من عمله بعد الظهر . ففي الوضع الاقتصادي السيء الان في فلسطين فان كثيرا من الطلاب لا يشاركون في الرحلات لعدم توفر النقود اللازمة لذلك ، والكاتب في قصته هنا كانه يدعوهم بصراحة لان يشتغلوا بعد الظهر لتوفير نقود الرحلات .
ورغم ذلك ، وفي النهاية ، فان القصة – كما قلت في البداية – ملآى بالقيم التربوية الايجابية ، ولو انها جاءت بطريقة اقرب الى النصح والوعظ المباشرين .
ابراهيم جوهر قال :
القصة تبدأ بالحب وتنتهي به لتنبئ ان القسوة امر طارئ، وان الاصل في الوجود هو الحب ( الحب ) – منذ البداية احمد يحب الناس – ويحب كل ما يراه ) ص 3 وفي الصفحة الاخيرة (ص42) ” احتضنت ام احمد ابنها بحنان ، قبلت خده وقبل جبينها ، وعاودت احتضانه مرات ومرات ، قبلته وقبلها ، وقال انه يحبها ويحب كل الناس .
هكذا يظل احمد وفيا لأمّه منسجما مع نفسه ، بدأ محبا للناس، وانتهى كذلك محبا للناس ولأمه ولمستقبله الذي هو مستقبل الناس جميعا: العلم والحلم والطموح الى التغيير عن طريق الحلم ، والى جلب السعادة الى الذات والاخرين … فبعد ان يقبل امه يروح يحلم بالرحلة التي سوف يقوم بها هو والبنت ذات الملابس الفضائية الى ذلك الكوكب البعيد السابح في الفضاء .
هو والبنت : أي احمد ممثلا للذكور ، والبنت ممثلة للاناث في هذا السن ( سن أحمد ) سن الاحلام والتخطيط والطموح والمغامرة
سن المراهقة التي يشعر فيها الطفل بانه يمتلك العالم ، العالم الذي يريده ويتخيله بقدر ما يرفض العالم في الوقت نفسه : العالم الذي يعيشه ويعيش فيه .
احمد هنا يتصالح – بعد تجربة قاسية مع العالم بعد ان يفهمه ويخبره ويختبره ، وهو تصالح لصالحه ولصالح احلامه المستقبلية التي ستتحقق بالتعاون مع الجنس الاخر ، اذ لا تتحقق الطموحات والاحلام الا بهذا التعاون، وهل الطائر الا بجناحيه يطير؟ .
هذا ما يلمح به الكاتب دون تصريح مباشر .
احمد والفتاة عنوان المرحلة القادمة .
يركز الكاتب على الحب ، فما المواقف التي خبرها ؟ وما الحب الذي استوثق منه ؟ وهل استطاعت القسوة ان تمحوه ؟
يوازن الكاتب محمود شقير في هذه القصة ( تجربة قاسية ) بين الحب والقسوة مظهرا التناقض من جهة، وموضحا طبيعة الحياة التي تشمل في ثنايا خبراتها اليومية هذين العنيدين المتعاكسين والمصارعين ، لذلك كله قامت القصة على هذين المحورين ، ويمثل كل محور منهما مجموعة من الشخصيات والاماكن والمواقف كما يتضح من الجد ولين الآتيين .
جدول الحب ، وجدول القسوة :
جدول
الحب
الشخصيات الاماكن المواقف
الشجر والشوارع والبنايات
زملاء احمد المدرسة حاولوا التخفيف من استيائه قدر الامكان
مصطفى زميل احمد الذي يجلس بجواره الذي افتقده
معلم اللغة العربية الذي يبدي اعجابه دوما بموضوعات الانشاء التي يكتبها
ميدان سباق السيارات
الفضاء
القاء الاناشيد والاشعار امام تلاميذ صفه
الناس المدرسة مرة اخرى
مدير المدرسة وعدد من المعلمين الذين يزورون بيتهم لتقديم واجب العزاء تقديم واجب العزاء واستعدادهم لتقديم ما تستطيعه المدرسة من مساعدات
المدير ومعلم اللغة العرية يساعدان ام احمد في العثور على عمل لدى بعض الاسر الفضاء الذي يحتوي كوكبا مليئا بالذهب
الام التي تتعب وتعمل غير عابئة بالتعب والارهاق لانها تريد ان يظل ابناؤها معززين مكرمين المدن التي رآها في الرحلة المدرسية
اثناء معلم اللغة العربية عليه .
المدير ومعلم اللغة العربية تعاطف المدير معه وشكره له على اجتهاده
جو الرحلة المدرسية
تألق النجوم التي تظهر ثم تختفي خلف الغيوم .. واتساع الفضاء
بعد عمله لمدة اسبوع في الكراج شعر بالثقة في نفسه وازداد حبه للناس.
زملاؤه في العمل اهتمام زملائه به في العمل وعدم بخلهم عليه بالعطف
المدير ( مرة اخرى ) اذ يرسل في طلب الام توضيح المدير بان عمل الاطفال لا تجيزه اية مؤسسة معنية بالطفولة ، ولا يقره أي قانون
مصطفى زميل احمد في المدرسة زيارة مصطفى لاحمد في الكراج واشفاقه عليه وايصاله بأن سؤال المعلمين عنه والتلاميذ .
الام والاب يتذكر اباه الذي عمل نادلا في مقهى وامه التي عملت في التنظيف ونقل اكياس القمامة لكي لا يترك المدرسة ويبقى تلميذا فيها
الدفتر والكتاب
مباريات كرة القدم وغيرها من الالعاب
زملاء الصف
اشتياقه الى الدفتر والكتاب والمباريات الرياضية .. والى زملاء الصف وثرثراتهم وضحكاتهم العذبة بعد انتهاء الدروس
المدير ومعلم اللغة العربية زيارتهما لاحمد وحوارهما معه حول سبب تركه المدرسة، ووعدهما بايجاد عمل لانه اكثر راحة من عملها الحالي .
صاحب الكراج
الكراج
العمل المرهق لام احمد في غسل ادراج البنايات ونقل اكياس القمامة الى الحاوية
الانقطاع عن الذهاب الى المدرسة
موت ابيه بسبب حادث سير
تالم احمد
ادرك ان موت ابيه ترك فراغا كبيرا في البيت
ام احمد تقرر البحث عن عمل لتوفير ما يحتاجه اطفالها من مصروفات
الدوائر الحكومية والشركات لا تقبل ام احمد ، وكذا محلات الخياطة والنسيج
قرار الام الذهاب الى الجارة لاستدانة بعض المال
المدينة وشوارعها العمل بائعا متجولا لتحصيل قسط الرحلة المدرسية
مرض الام واصابتها بالتهاب حاد
انقطاعه عن الذهاب الى المدرسة
لعبه باطار احدى السارات وسؤال صاحب الكراج : هل جئت هنا لكي تلعب ؟
سؤال صاحب الكراج لاحمد الذي اخرجه من حلمه بقيادة السيارة بقوله: اين انت يا ولد ؟
شعور احمد بالحرج
وهو يتجه الى المغسلة وتفكيره بضرورة التصرف بشكل يرضي صاحب الكراج والتخلي عن احلامه وتخيلاته …
ذهاب احمد الى بيت صاحب الكراج لاحضار الطعام
عودة احمد بعد يوم مرهق طويل عمل فيه ثماني ساعات
زملاؤه في الكراج شعور احمد بالاغتراب وعدم المتعة في حديث زملائه الذين دعاهم الى شرب الشاي لانهم لا يتحدثون بما يتوافق مع احلامه ورغباته في : سباق السيارات ، ورواد الفضاء ، والكتب ، والاشعار والاناشيد .
تجربة السيجارة الاولى : اشعلها له زميله، ثم ما لبت احمد ان رماها في المنفضة لانها جعلته يسعل وجعلت الدموع تنزل من عينيه.
امه تعتب عليه لتركه المدرسة.
دخول معلم اللغة العربية المقهى ورؤية احمد يضع السيجارة بين شفتيه .
صاحب الكراج صفع صاحب الكراج لاحمد بعد وقوفه برهة مع زميله مصطفى الذي اخبره بسؤال زملائه التلاميذ عنه
لم يعد احمد الى العمل في صباح اليوم التالي بسبب تلك الصفعة المهينة .
التجوال ثلاثة ايام دون هدف في شوارع المدينة
مراقبة المدرسة والاستماع الى التلاميذ وهم ينشدون فيشعر كانه طائر وحيد ابتعد عن سربه .
عيشه حالة من التشوش وعدم القدرة على التفكير الصحيح .
اصبح لا يطيق الجلوس في البيت
طرح الاسئلة على نفسه وهو يمشي في الشارع بعد موجة من الاشتياق الى المدرسة ومكتبتها وتلاميذها …
لقد ظل الكاتب يردد موتيفا تكرر عدة مرات هو : احمد يحب الناس وبالنظر الى جدول الحب السابق نجد ان محتوياته من شخصيات واماكن ومواقف، تغلب على محتويات جدول القسوة، وتتفوق عليها من حيث عدد الشخصيات والاماكن والمواقف ، والكاتب هنا يشير الى ان الخير والتضامن والتعاطف والمتابعة والمساعدة بين الناس موجودة، وهم الكثرة الغالبة في مقابل قسوة صاحب الكراج ( وهو شخصية مفردة وان كانت تمثل شريحة المشغلين القاسين ) .
وبالمقارنة بين اماكن الحب والقسوة نجد الاولى تفوق الثانية عددا ورحابة، فالحب يتمثل في : المدرسة والمدن التي رآها في الرحلة المدرسية ، والفضاء الذي يظل يتخيله بينما القسوة تتمثل في الكراج المحدود، شوارع المدينة حين عمل بائعا متجولا.
لهذا كله يتفق الكاتب مع موتيفه المتكرر : أحمد يحب الناس ، ويبرر له هذا الحب الذي لا يبدو مسقطا او مقحما من خارج النص .
واذا كان الكاتب قد بنى قصته وفق تكنيك الاستراجاع الذهني موزعا قضيته بين الواقع اللحظي – الآني والماضي الذي اوصله الى هذا الواقع الآني ، فانه بناها ايضا موزعة في سير الاحداث التي تعصف بشخصية بطلها احمد، على الارض تارة وفي الفضاء تارة اخرى ليجعل الحلم في الفضاء والرغبة في العيش فيه ( بمعنى الاحلام والرؤى والامنيات ) تـنتصر على الواقع القاسي المظلم الذي يشد شخصية احمد، ويؤجل رغباته، ويحاصر طموحاته . لقد انتصر الشوق الى الحياة الافضل على الواقع القاسي .
ولم ينسى الكاتب اعمال العقل والتفكر وطرح الاسئلة من اجل الوصول الى القرار الذي يخلص شخصيتة من تجربتها القاسية.
ايها الطفل : اذا حصل وان ضللت الطريق ، فلا تعتقدن ان ذلك نهاية المطاف ، فبإمكانك الرجوع الى طريق تحقيق الامنيات الجميلة ، وسيكون هناك اياد رحيمة تتلقفك وقلوب محبة تدفئك، لتواصل درب تحقيق الاحلام الجميلة هذه رسالة الكاتب النبيلة التي اوصلها بالتلميح دون التصريح المباشر .
موسى ابو دويح قال :
كتب الاستاذ محمود شقير قصة بعنوان ” تجربة قاسية ” حاول ان يعالج فيها ظاهرة التسرب من المدارس ، وهي مشكلة نعاني منها كثيرا في مدارس القدس .
اختار الكاتب لقصته بطلا سماه احمد ، يموت ابوه في حادث سيارة ، وتضطر امه الى العمل ، تنقل اكياس القمامة من البيوت الى حاوية كبيرة ، وتنظف ادراج العمارات، حتى تستطيع اعالة احمد واخيه سفيان واخته رباب، وتعيل نفسها دون ان تسأل احدا.
تمرض ام احمد وتدخل المستشفى ، ويترك احمد المدرسة، ويعمل في كراج لتصليح السيارات ويعامله صاحب الكراج بقسوة ، الا انه يصبر ويستمر في العمل ، لانه يقبض في نهاية كل اسبوع مالاً .
تحاول عمة احمد، وامه ، ومدير المدرسة والمعلمون وبعض اصدقاء احمد ان يعيدوه الى المدرسة، فلم يستطيعوا، الى ان جاء اليوم الذي لطم فيه صاحب الكراج احمد لطمة شديدة، جعلته يترك الكراج، ويبقى هائما على وجه اياما، ، لا يدري ماذا يفعل ، الى ان جاء مساء يوم ، وجد احمد فيه امه ومدير المدرسة ومعلم اللغة العربية في انتظاره في البيت ، وبعد نقاش يقتنع احمد بالعودة الى المدرسة، ويعود في اليوم التالي .
القصة مزينة برسومات كثيرة، قد تكون مناسبة لاطفال في سن بين العاشرة والخامسة عشر ، فلست ممن يستطيع ان يحكم على اهل الفن ، وتقع القصة في ثلاث واربعين صفحة من القطع المتوسط ثلثها تقريبا كلام مكتوب ، وثلثها تقريبا رسومات ملونة .
لا ادري لماذا قال الكاتب في اول القصة: ” لذلك ، لم يتوقع – أي احمد – ان تصل الامور بينه وبين صاحب الكراج الى الحد الذي وصلت اليه، فهل هذه في رأيه بداية موفقة ؟ !
لماذا اختار الكاتب الكراج مكانا لعمل الطلاب المتسربين من المدارس ، مع ان اكثرهم في بلادنا يعمل في مقاهي ومطاعم وحوانيت ومدارس ومستشفيات يهود في اعمال التنظيف ؟ ! وقلة نادرة منهم تتجه الى الكراجات .
ولماذا اختار السيارات والكراجات مكانا وهواية يفضلها احمد ، مع ان اباه مات في حادث سيارة ؟ !
فاتني ان اقول من البداية ان الكاتب وفق باختيار اسم ” احمد ” لان عامة اهل فلسطين من المسلمين وهذا الاسم منتشر بينهم ومعروف .
احسن الكاتب على البنت الفضائية مرات كثيرة ، بل جعلها خاتمة القصة ، دليلا على اهميتها عنده ، بل انه كاد ان يجعلها حقيقية بقوله: ” لم تظهر البنت ، ربما لان احمد شعر بالنعاس ، فلم يواصل الانتظار ” فيفهم الاطفال ان احمد لو لم ينم ، لحضرت الفضائية وحلق معها واحضر الذهب ، وكذلك جعل الكاتب من هذا الخيال حقيقة عندما قال:” ينهض ( أي احمد) ويتجه نحو النافذة يلوح له شبح غامض عند زاوية الشارع ، يتساءل في دهشة : هل هي البنت ذات الملابس الفضائية ؟ يفتح النافذه ، لكي يبادلها الكلام ، غير انها تتلاشى على الضوء وتغيب ”
لم الاحظ في القصة أي خطأ في الطباعة او الاملاء او النحو ، وهذا امر حسن ولو كان حرف الطباعة اكبر لكان افضل بالنسبة الى طلابنا اليوم ” الذين لا يجيدون القراءة والكتابة كثيرا ”
وفي الختام ، عسى ان يكون جهد الكاتب مثمرا، في تخفيف ظاهرة التسرب من المدارس في هذه الايام، وعلى الاخص في مدارس القدس ، وان يعقل الطلاب وذووهم ، فيعطوا للتعلم والتعليم في المدارس مزيدا من الاهتمام ، حتى ينشأ من ابنائنا جيل يحب العلم والمدرسة ، ويواظب على الدراسة والفهم ، فنكون بذلك قد وضعنا اساسا لنهضة ، ترقى بمجتمعنا وتنقلنا من مجتمعات العالم الثالث النائم ، الى العالم الثاني القارئ ، ولا اقول العالم الاول ، لان ذلك يحتاج الى حين من الدهر .
-3- 2005
موضوع الندوة : قصة”تجربة قاسية” لمحمودشقير
الحضور الهاتف
* جميل السلحوت 6710427
* ياسين مكي 2797276
* شريف موسى شويكي 6261048
* محسن سلحوت 6719213
* خليل سرا 6272451
* صقر السلايمة 052239684\
* محمود شقير 6739104
* محمد موسى سوليم 2798550\6274808
* هالة البكري 0522797054\5857454
* كاميليا عراف بدر 0506247513
* جميلة خوصي 0522334607
* سمير جندي 054700764
عزام أبو السعود
موسى ابو دويج