سأبوح لكم بسرّ أرجو أن لا تفشوه، فقد كنت أعتقد أن”الكفرة” -والعياذ بالله- هم من كانوا ينشرون فتاوي يبتدعونها للاساءة الى المتأسلمين الجدد، مثل فتاوي جواز زواج الاناث الطفلات من شيوخ طاعنين في السّنّ، وأن المرأة تطلق من زوجها اذا ظهرت أمامه عارية، ورضاعة الكبير من ثدي زميلته في العمل أو الدراسة كي تحرم عليه!!! وأنه يتوجب على الرجل الشريف أن لا يحضر بعض الفواكه الى بيته قبل تقطيعها مثل الموز والخيار لأنها تشبه العضو الذكري مما يثير غرائز النساء، وزواج المؤانسة الذي لا يشترط المعاشرة الزوجية، وذلك بأن يتزوج الأثرياء الطاعنين في العمر والمصابين بالعجز بالزواج من شابّات فقيرات كي يخدمنهم مقابل اطعامهنّ، وهذا فضل للزوج المعاق ومصلحة للزوجة الشّابّة، وعدم الخروج على الحاكم الظالم….الخ من الفتاوي العجيبة الغريبة والتي أكد من يفقهون دينهم أنّها مدسوسة للاساءة للاسلام والمسلمين.
لكن ما أثار انتباهي وزعزع كياني أنا الفلسطيني الذي أفنيت عمري تحت احتلال بغيض أهلك البشر والشجر والحجر، أن أرى على شاشات التلفزة، وأقرأ في الصحافة الورقية، وأسمع من المذياع “رجال دين” لم يكن القرضاوي أوحدهم وان كان واحدا من كهنتهم ومعلمّيهم، يفتون بأنّ الله يُسخّر قوات حلف شمال الأطلسي “النّاتو” لخدمة المسلمين، وبذا فهم يجيزون للناتو غزو بلدان عربية واسلامية لاسقاط أنظمة الحكام الطغاة، ونصرة الشعوب المسلمة المغلوبة على أمرها، وهم بالتالي يدعون الرئيس الأمريكي لتدمير سوريا واحتلالها لاسقاط النظام الحاكم فيها، وأؤكد هنا أنني على قناعة تامّة بضرورة تنحي الرئيس بشار الأسد وأركان نظامه عن الحكم، فهذا النظام وبعد كلّ دماء الشعب السّوري الزكيّة التي أهدرت لم يعد مؤهلا للحكم، تماما مثلما هم من يسمون أنفسهم بـ “الجيش الحرّ” ليسوا البديل الصحيح لنظام الأسد، وذلك نظرا للجرائم والمجازر التي ارتكبوها بحق شعبهم ووطنهم، واذا ما قامت امريكا وفرنسا وغيرهما بتدمير واحتلال سوريا فإن السبب حسب مفتي”جهاد النكاح” فان الله مع من سخّرهم لذلك، وأن لا مصلحة للغزاة إلّا خدمة الله والمتأسلمين الجدد، وبالتالي فإن قادة بعض الدول العربية البترولية الثريّة سيموّلون الحرب على سوريا، لينالوا رضا الله ورضا عبيده من المتأسلمين الجدد، وأن لا صحّة لنظريّة نشر”الفوضى الخلّاقة”، ولا أطماع للغزاة في سوريا والمنطقة، وإذا ما قاموا وهم حتما سيفعلونها بتطبيق”مشروع الشرق الأوسط الجديد” واعادة تقسيم المنطقة الى دويلات طائفية متناحرة، فهذا تسخير من الله، وتنفيذ لإرادته وقضائه وقدره، ولا رادّ لقدر الله.
واذا كان الشيء بالشيء يقاس، فان المتأسلمين الجدد يرون أن تدمير واحتلال العراق وقتل مليون مدني عراقي، وترميل مليون ماجدة عراقية، وتيتيم خمسة ملايين طفل عراقي، قضاء وقدر من الله الذي سخّر الناتو لفعل ذلك، وهذا يتناسب مع عقلية جورج دبليو بوش الذي أعلن مرارا أنه يتلقى تعليماته يوميا من الرّب، وبالتالي فان تدمير واحتلال وقتل الشعوب في العراق وأفغانستان يأتي ضمن طاعة الرّب.
والأخطر من كل هذا هو أنّ أصحاب الفكر التكفيريّ من أصحاب نظرية”التسخير” يستبيحون دماء من يخالفونهم الرأي وإن كانوا من بني قومهم ومن أتباع دينهم.
ولمّا كان أصحاب الفكر التكفيريّ يؤمنون بصحّة دعواهم وصحّة إيمانهم فليتهم يدعون الله لـ”يسخّر” الناتو أو غيره لتحريرنا وتحرير الأقصى من الاحتلال.
7 أيلول-سبتمبر-2013