يتحدّث كثيرون عن ضرورة قيام دولة الخلافة الاسلاميّة التي ستحقّق النّصر والرّخاء للشعوب العربيّة والاسلاميّة! وستقهر قوى البغي والامبرياليّة العالميّة! فهل سيتحقّق ذلك؟ وهل هناك فهم صحيح للمصطلح؟ وللاجابة على هذه الأسئلة دعونا نستذكر أنّه جاز ويجوز تفسير القرآن الكريم لغويّا، لأنّه منزل باللغة العربية، وبالتّالي يمكننا تفسير كلمة “خلافة”لغويّا، فما معنى كلمة خلافة في اللغة العربيّة؟
جاء في معجم المعاني الجامع والمعجم البسيط :” الخِلافَةُ: الإمارةُ
الخِلافَةُ : الإِمامةُ، مصدر خلَفَ
عَاشَ فِي عَصْرِ الخِلاَفَةِ : أَيْ فِي مَرْحَلَةِ حُكْمِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، أَي الَّذِينَ تَوَلَّوْا إِمَامَةَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نيابة عن الغير، إمّا لغيبة المنوب عنه، أو لموته، أو لعجزه، أو لتشريف المستخلَف خلَّفه على أهله ومالِه فأحسن الخلافة .
يُفَكِّرُ الأَمِيُر فِي خِلاَفَتِهِ : فِي مَنْ سَيَتَوَلَّى الإِمَارَةَ بَعْدَهُ .
جَاءَ لِخِلاَفَتِهِ : لِلنِّيَابَةِ عَنْهُ.”
وحسب التّفسير اللغويّ فإنّ أبا بكر –رضي الله عنه- خليفة رسول الله –صلى الله عليه وسلّم، لأنّه خلفه في قيادة الدّولة، وعمر بن الخطابّ –رضي الله عنه-خليفة خليفة رسول الله، وعثمان بن عفّان –رضي الله عنه- خليفة خليفة خليفة رسول الله، وهكذا. وإذا قفزنا عن مرحلة الخلفاء الرّاشدين إلى العصر الأمويّ، فهل يمكننا اعتبار معاوية بن أبي سفيان الذي ابتدع النظام الوراثيّ في الحكم خليفة لرسول الله؟ وإذا كانت الخلافة وراثيّة، فلماذا لم يوصِ الرسول صلى الله عليه وسلّم بالخلافة من بعده لسبطيه الحسن والحسين مثلا؟ وهل الحكم الوراثي ابداع عربيّ اسلاميّ أم تقليد لممالك العجم؟
وإذا ما أخذنا بمقولة من يعتبرون خليفة المسلمين “خليفة الله في الأرض” فهل تمّ قَتلُ الخليفةِ الثّاني والثّالث والرّابع بأوامر ربّانيّة؟ وهل تمّ قتلُ عليّ بن أبي طالب وولديه الحسن والحسين بأوامر ربّانيّة؟ وهل هدم الحجاج االكعبة المشرّفة واستباح المدينة المنوّرة ونساءها بأوامر ربّانيّة؟
وهل ما تقوم به داعش “دولة الخلافة الاسلامية في العراق والشّام” من تدمير وقتل وسبي يأتي بأوامر ربّانيّة، أم بناء على فتاوي وآراء بشر مثلنا؟
وممّا جاء في القرآن الكريم:
“وَ إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَليفَةً”. “البقرة”
“وَهُوَ الَّذي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ”.”الأنعام”
ويستفاد من هاتين الآيتين أنّ الله استخلف الانسان في الأرض ليعمّرها، وهذا دليل “على منتهى اللطف الإلهي على البشر حيث أنّه قيّض لهم جميع إمكانات الحياة”.
وهل كان الحكّام المسلمون من بداية الدّولة الأمويّة، وحتى نهاية الدّولة العثمانيّة خلفاء لرسول الله صلى الله عليه وسلّم؟ أم خلفاء الله في الأرض؟ أم أنّ هناك خطأ في المصطلح؟ وهل من يدعون إلى دولة “خلافة على نهج النّبوّة” يعتقدون بوجود أشخاص قادرين ومؤهّلين للحكم على نهج النّبوّة؟ وإذا كانوا موجودين فأين هم؟ وهل أبو بكر البغدادي واحد منهم؟
وهل وجود من يطلقون على بعض الحكّام “أمير المؤمنين” يجعل من هؤلاء الحكام خلفاء للرّسول صلى الله عليه وسلّم، أو خلفاء الله –سبحانه وتعالى- في الأرض؟
ودعونا نتساءل حول المصطلح، فبالتّأكيد أنّ القدامى من الحكام ومن البشر من أطلقوا على أنفسهم وأطلق أتباعهم عليه لقب”خليفة” وهذا مصطلح بشريّ، فكيف يصبح مقدّسا؟ وهل من يطلق على الحاكم: “الملك أو السلطان، أو الامبراطور، أو الرئيس….الخ” يكفر بالله، ويعتبرّ مرتدّا عن الدّين؟
12-6-2016