سكنٌ وطمأنينة
لا يحتاج المرء إلى كثير من الذّكاء ليعلم أنّ الزّواج سكن وطمأنينة،” هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ”، وفي الزّواج ستر للرّجل وللمرأة، وبالزّواج يخلّفون البنات والأبناء، وفي هذا حفاظ على الجنس البشريّ من الانقراض. وكي تتحقّق أهداف الزّواج؛ ليستمرّ بحبّ وسعادة وهناء، يترتب على الزّوج والزّوجة أن يعرف كلّ منهما ما عليه من واجبات تجاه شريكه، قبل أن يعرف ما له من حقوق، وإذا ما حدثت خلافات بسيطة بين الزّوجين، وكثيرا ما تحدث، حتّى أنّ بعض علماء الاجتماع يسمّونها “ملح الحياة الزّوجيّة، فعلى كلّ منهما أن يتحمّل شريكه وأن يختصر الأمور، وإلّا إذا تصاعدت الخلافات فقد تكون عواقبها وخيمة على الطّرفين، وأوّل ضحايا سيكونون أطفالهم إن كان لديهم أطفال.
الطّلاق: ومثلما أحلّ الإسلام -الذي هو دين الغالبيّة العظمى من أبناء شعبنا وأمّتنا-، فقد أحلّ الطّلاق اذا استعصت الحياة بين الزّوجين، وانقلبت حياة كليهما أو أحدهما إلى جحيم، و” الطَّلاق مشروع استنادا على الأدلَّة من القرآن والسنَة وبإجماع العلماء، حيث قال -تعالى-: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)،[١٣] وقال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ). وقد نفّر الدّين من الطلاق، فقد قال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- “أبغضُ الحلالِ إلى اللهِ الطلاقُ”. ومع بُغضه وعدم التّشجيع عليه إلّا أنّه يبقى حلالا، إذا كان فيه مصلحة للزّوجين، وقد يقول قائل عكس ذلك، ويُنظّر بذلك حسب ثقافته ووعيه، وقد أعجبني في ذلك قول أحدهم، أنّ الإنسان في حالات مرضيّة معيّنة يدفع للأطبّاء وللمستشفيات مبالغ مالية؛ كي يستأصلوا له أحد أعضاء جسده إذا كان يشكّل خطرا على حياته، كأن يقطعوا يده أو رجله أو غير ذلك، فما بالك إذا أصبحت الحياة الزّوجيّة جحيما فلا مناص من الطّلاق، ولا يفهمنّ أحد هنا أنّ الطّلاق حقّ للرّجل وحده كونه صاحب العصمة غالبا، بل للمرأة حقٌ هي الأخرى بخلع زوجها في المحاكم الشّرعيّة ولأسباب كثيرة لسنا في مجال ذكرها.
حقوق المرأة المطلقة: للمطلّقة حقوق كثيرة منها الحصول على مهرها المعجّل والمؤجّل، ونفقة عدّتها، ولها حق حضانة أطفالها بعد طلاقها، فهي الأولى والأقدر على رعايتهم، وإذا ما تزوّجت ثانية وقبل الزّوج الجديد حضانتها لأطفالها، فإنّهم يبقون في حضانتها، وإن رفض، أو ماتت الأمّ فإنّ حضانة أطفالها تنتقل إلى والدتها، وإن كانت الجدّة للأمّ متوّفاة أو عاجزة تنتقل حضانة الأطفال للخالة، وإن انتفى كلّ ذلك تنتقل بعدها لحضانة الجدّة من جهة الأب. وعلى الزّوج أن يدفع نفقة أطفاله كما يقرّرها القاضي حسب مداخيل أبيهم. كما على الزّوج أن يوفّر سكنا لطليقته حاضنة أطفاله. وهناك حقوق أخرى لا مجال لذكرها هنا.
ومن غريب عادات ما أنزل الله بها من سلطان، أنّ بعض الرّجال يرفض أن تعيش طليقته مع أبنائها البالغين، ومنهم متزوّجون في بيت واحد، بحجّة أنّ البيت له، وهؤلاء بشكل وآخر يقودون أبناءهم إلى عقوق والدتهم، ولن يطول الزّمن بهم حتّى يعقّوا أباهم الذي علّمهم كيف يعقّون أمّهم إن استجابوا إليه.
15-سبتمبر-2022