تسود السّلبيّات في مراحل الهزائم، ويعمّ الفساد، وممّا يغذّي نار الهزيمة هم أؤلئك الأفّاكون الكاذبون في مختلف المجالات، وثقافة الهزيمة تخلّف وتفرز سلبيّات كثيرة، ليس أقلّها فئة الّلصوص والسّراق، الذين ينهبون خيرات ومقدّرات شعبهم، ويتحالفون مع الأعداء بحجّة العقلانيّة! وهؤلاء يطلق عليهم أثرياء الحروب، الذين يكذبون ويكذبون ويصدّقون أكاذيبهم من كثرة تكرارها، ومع الأسف فإنّ ثقافة الهزيمة تقلب الحقائق، فترى في الكذب فضيلة! وتجد من يستحسن ذلك، كالمثل القائل:”الكذب مِلْحُ الرّجال”، ويسود هذا السّلوك ليصبح ملح النّساء أيضا! بحيث لم يعد غريبا تسويق الكذب، وتبرير الكذب له دوره في ثقافتنا الشعبيّة، ومع أنّ المتلقي يدرك أنّ ما يسمعه كذبا، إلا أنّه يسكت لأسباب كثيرة لسنا في مجال ذكرها، وللتّحذير من الكذب فإن الحكاية الشّعبيّة تقول:” التقي ثلاثة أشخاص، الأوّل أعمى، والثّاني أطرش- لا يسمع جيّدا، والثّالث أقرع فقال الأعمى: إنّي أرى من بعيد جيشا عرمرما يتقدّم نحونا! فقال الأطرش: إنّني أسمع وَقْعَ خطواتهم وهدير آليّاتهم، وقال الأقرع معقبا على ما قالاه: لقد وقف شعر رأسي من شدّة الخوف.”
ونرى في حياتنا اليوميّة العاديّة أشخاصا ذوي مراكز رفيعة، وبعضهم يكذب على شاشات التّلفزة….مستخفّا بعقول المشاهدين والسّامعين وهو يتحدّث عن بطولاته وابداعاته المزعومة! دون أن يرفّ له جفن…ومن هؤلاء من اشتروا شهادات علميّة عالية كشهادة الأستاذيّة “الدّكتوراة” ويصدّقون أنفسهم وهم يكتبون أمام أسمائهم “د.” ويعرّفون على أنفسهم “بالدّكتور” وبعضهم يعمل على هذه الشّهادة، مع أنّه غير مؤهّل لذلك… ومع ذلك نجد من يتساءل عن أسباب ترهّل بعض مؤسّساتنا، وعدم نجاحاتها، مع أنّه يعرف مكمن الخلل لكنّه لا يتكلم فيه.
وبعض مدّعي الثقافة على سبيل المثال، يزعمون علاقات صداقة ومعرفة تامّة برموز ثقافيّة مبدعة بعد وفاتها، كالشّاعرين الكونيّين الرّاحلين محمود درويش وسميح القاسم، ويزعمون أنّهما كانا معجبين “بخربشاتهم”، وكأنّ المتلقّي لا يستطيع تمييز الغثّ من السّمين؟ وبعض مدّعي “النّضال ليسوا بعيدين هم الآخرون عن ذلك، فينسبون لأنفسهم “بطولات وهميّة” هم أبعد ما يكونون عنها. والأمثلة كثيرة.
13-4-2015